وصايا الرسول.. رد المعروف في الإسلام
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
حثنا النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث على أهمية ردِّ المعروف، ووصفه بكونه من خصال المؤمنين الذين يتمسكون بالقيم الإنسانية التي تضمن سلامة العلاقات بين الناس، في حديثٍ نبوي شريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ" (جامع الترمذي).
يُعدُّ هذا الحديث دعوة عظيمة لرؤية ردِّ المعروف كفريضةٍ أخلاقية لا تقتصر على المكافأة المادية فحسب، بل تشمل أبعادًا روحية ومعنوية أعمق. فكلُّ فعلٍ حسنٍ يُقدَّم للإنسان من غيره ينبغي أن يُقابل بعرفانٍ وامتنانٍ. وهذا ينعكس بشكل مباشر على استقرار المجتمعات وترابط أفرادها.
مفهوم ردِّ المعروف في الإسلام
ردُّ المعروف في الإسلام لا يقتصر فقط على تقديم العطايا والهدايا، بل يتضمن أيضًا المكافأة بالكلمة الطيبة والدعاء والاعتراف بالجميل. وهذا ما أكَّده النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف، حيث أشار إلى أهمية الدعاء لمن أسدى إلينا معروفًا إذا لم نتمكن من مكافأته بأمور مادية.
الإسلام يركِّز على العلاقة الإنسانية ويُشجِّع على الاعتراف بفضل الآخرين، وهو ما يسهم في بناء مجتمع يتسم بالعدل والتكافل والترابط. فعندما يقدم شخص معروفًا لشخص آخر، يَجب على المتلقي أن يعبر عن امتنانه بأفضل الوسائل المتاحة، والتي قد تشمل، في حالة عدم القدرة على المكافأة المادية، الدعاء الصادق له بالخير والبركة.
دور الدعاء في ردِّ المعروف
كما ورد في الحديث، يُعتبر الدعاء من أبرز وسائل ردِّ المعروف. فقد نجد أحيانًا أن الشخص الذي أسدى إلينا معروفًا لا يتوقع مكافأة مادية، بل يكفيه دعاء من القلب، وهو ما يُعدُّ تعبيرًا صادقًا عن التقدير والاحترام. الدعاء في هذه الحالة يصبح بمثابة "مكافأة معنوية" تعكس أرقى أشكال التقدير.
أهمية ردِّ المعروف في تعزيز الروابط الاجتماعية
يُعتبر ردُّ المعروف من الأسباب التي تُسهم في تقوية الروابط الاجتماعية بين الأفراد في المجتمع. فالردَّ على المعروف لا يقتصر على الأفراد الذين يرتبطون بعلاقات قرابة أو صداقة، بل يمتد ليشمل جميع الأشخاص الذين يحيطون بنا، سواء في العمل أو الحياة اليومية. فعندما نردُّ على المعروف بحسنٍ، نزرع في قلوب الناس حبَّ الخير والإيجابية.
إنّ رد المعروف هو تعبير عن التقدير للآخرين، وعندما نُظهر هذا التقدير، ينعكس ذلك إيجابيًا على أنفسنا وعلى من حولنا، مما يساعد على تعزيز التعاون والاحترام المتبادل، وهكذا يصبح ردُّ المعروف مبدأً من مبادئ الأخلاق التي تساهم في تحقيق السلام الاجتماعي.
في الختام، نجد أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لردِّ المعروف تُعدُّ من أسمى الدعوات التي يجب أن يتحلى بها المسلم في حياته اليومية. من خلال ذلك، لا نُظهر فقط تقديرنا للآخرين، بل نساهم أيضًا في بناء مجتمع متماسك مليء بالمحبة والاحترام المتبادل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النبي صلى الله عليه وسلم خصال المؤمنين رد المعروف الإسلام الدعاء صلى الله علیه وسلم المعروف فی
إقرأ أيضاً:
صلاة الحاجة.. معجزة قضاء الحاجة وتحقيق الأمنيات
تلجأ قلوب المسلمين إلى الله في كل وقت وحين، خاصة عند اشتداد الكروب أو الرغبة في تحقيق أمر معين، ومن العبادات التي سنَّها النبي ﷺ للتقرب إلى الله في مثل هذه الأحوال صلاة الحاجة، التي يؤديها المسلم طلبًا لقضاء حاجته، سواء كانت متعلقة بأمور دنيوية أو حاجات أخروية.
وقد أجمعت آراء جمهور الفقهاء على استحباب هذه الصلاة، مستدلين بأحاديث النبي ﷺ التي توضح مشروعيتها وكيفية أدائها.
مشروعية صلاة الحاجة وحكمهاأكدت دار الإفتاء المصرية أن صلاة الحاجة من العبادات المستحبة، وليست فرضًا أو واجبًا، وإنما هي من السنن التي وردت عن النبي ﷺ، حيث شرعها الإسلام لتكون وسيلة للمسلم يلجأ بها إلى الله تعالى، متضرعًا إليه بالدعاء لطلب العون والتوفيق في أمر من أمور حياته.
وأوضحت الإفتاء أن جمهور الفقهاء أقروا مشروعيتها، مستدلين بما رواه الترمذي وابن ماجه عن النبي ﷺ أنه قال:
"من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحدٍ من بني آدم؛ فليتوضَّأ وليُحسن الوضوءَ، ثم ليصلِّ ركعتين، ثم ليثنِ على الله، وليصلِّ على النبي ﷺ، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل برّ، والسلامة من كل إثم، لا تدعْ لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا حاجةً هي لك رضًا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين."
كيفية أداء صلاة الحاجةأوضحت دار الإفتاء أن المسلم إذا أراد أداء صلاة الحاجة، فإنه يبدأ بالوضوء وإحسان الطهارة، ثم يصلي ركعتين يقرأ فيهما فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن الكريم، وبعد التسليم يرفع يديه بالدعاء ويبدأ بالثناء على الله تعالى، ثم يصلي على النبي ﷺ، ثم يدعو بالدعاء الوارد عن النبي ﷺ، وهو الدعاء الذي ورد في الحديث السابق.
وأشارت الإفتاء إلى أنه لا يوجد وقت محدد لصلاة الحاجة، فهي تصح في أي وقت من الليل أو النهار، إلا في الأوقات التي ورد النهي عن الصلاة فيها، وهي بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، وعند استوائها في كبد السماء حتى تميل، وبعد صلاة العصر حتى غروب الشمس.
أهمية الدعاء واليقين بالإجابةشددت دار الإفتاء المصرية على أن صلاة الحاجة ليست مجرد ركعتين يؤديهما المسلم، بل هي وسيلة روحية عميقة تقرب العبد من ربه، إذ تعتمد على الإخلاص في الدعاء، واليقين بأن الله تعالى يسمع ويرى ويستجيب متى شاء.
وأضافت أن من آداب الدعاء التي ينبغي للمسلم التحلي بها أثناء صلاة الحاجة:
الإخلاص لله تعالى، واستشعار الحاجة إليه وحده.استقبال القبلة ورفع اليدين بالدعاء.البدء بحمد الله والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي ﷺ.الإلحاح في الدعاء وعدم استعجال الإجابة، لقول النبي ﷺ: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوتُ فلم يُستجَب لي." (رواه البخاري ومسلم).حسن الظن بالله واليقين بأن الخير فيما يختاره الله للعبد.هل يمكن تكرار صلاة الحاجة؟أكدت دار الإفتاء أن صلاة الحاجة لا تُقيَّد بعدد معين، بل يجوز للمسلم أن يصليها مرة أو يكررها أكثر من مرة، مادام لم يتحقق له مراده بعد، شريطة أن يظل متوكلًا على الله، راضيًا بقضائه، متيقنًا أن الله يُدبِّر الأمر لما فيه الخير لعباده.
وختمت الإفتاء المصرية بيانها بتذكير المسلمين بأن الدعاء هو جوهر العبادة، وأن الله لا يرد يد عبدٍ رُفعت إليه بالدعاء، داعيةً الله أن يتقبل دعاء المسلمين، ويقضي حوائجهم، وييسر أمورهم، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.