ملابسات استشهاد أسير فلسطيني تحرر بعد 19 سنة بسجون الاحتلال
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
طولكرم- تشابهت الظروف بين الاعتقال الأول للأسير الفلسطيني محمد عارف عام 2002 والأخير قبل أسبوع، ففي المرة الأولى عاد حرا بعد 19 عاما من الأسر، بينما استشهد في الثانية في خبر هز عائلته وأعطى مؤشرا خطيرا على استهداف حياة الأسرى بشكل مباشر ومتعمد.
وفي بيان مشترك لهما- تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أعلنت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، الأربعاء الماضي، استشهاد الأسير محمد وليد حسين عارف (45 عاما) داخل مشفى "رمبام" الإسرائيلي الذي نقل إليه من مركز تحقيق "الجلمة" الإسرائيلي، دون ذكر تفاصيل حول ظروف استشهاده.
لكنهما لم يسقطا عامل التعذيب كمؤشر واضح على استشهاده باعتباره "أحد أبرز السياسات الممنهجة التي يمارسها الاحتلال ضد المعتقلين الفلسطينيين".
أسرة الشهيد محمد عارف تؤكد أنه كانت لديه جلسة محاكمة وأنهم فجعوا بخبر استشهاده (الجزيرة) نية مبيتةوجاء اعتقال عارف (أبو البراء) بعد عام كامل من المطاردة، وعلِم ذووه بالخبر حينئذ بعد نحو شهرين، فقد ارتقى صديق كان معه آنذاك شهيدا، وظل مصيره بالنسبة لعائلته مجهولا حتى وصل إليهم خبر اعتقاله وخضوعه كل تلك المدة لتحقيق قاس، ومن ثم الحكم عليه بالسجن 19 عاما.
وأعاد الاحتلال اعتقاله في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي "بطريقة لا تقل ترهيبا وعنفا"، وصلت حد إعلان استشهاده بعد أيام فقط، لتفجع أسرته بغياب أبدي لم تتوفر لهم معرفة ظروفه إلا من خبر نعيه شهيدا وأنه يحمل الرقم 48 بين الشهداء الأسرى منذ الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يقول شقيقه الأصغر "أسيد" إن الشهيد اعتُقل بعد أن طوقت القوات الخاصة الإسرائيلية بعد منتصف الليل منزلهم بمخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة طولكرم واستدعته عبر الهاتف ليحضر إليهم على عجل ومعه هاتفه الخلوي وهويته الشخصية فقط، وإنهم اعتقلوه دون أن يودع والديه المسنين ولا طفلته أو أشقاءه، ومعه نجل شقيقه الأكبر.
إعلانويضيف للجزيرة نت أنهم لم يعرفوا أي خبر حول مصيره طوال أسبوع كامل، وأنهم كانوا ينتظرون عقد جلسة محكمة له، أمس الخميس، ليفجعوا بخبر استشهاده الذي وقع عليهم "كالصاعقة"، واتهم الاحتلال "باغتياله وتصفيته بنية مبيتة وبشكل متعمد".
وأكد أسيد، أن شقيقه الشهيد كان يتمتع بصحة جيدة ولم يكن يعاني أية أمراض، كما أنه ومنذ الإفراج عنه قبل 3 سنوات لم يمارس أي نشاط سياسي أو حزبي، ونفى أية مزاعم سيدعيها الاحتلال حول ظروف استشهاده لاسيما وأنه لا يزال يحتجز جثمانه وسيقوم بتشريحه وفق ما علمت أسرته.
وشدد على أن "حقد الاحتلال على شقيقه واغتياله للفلسطينيين كل يوم ليس غريبا، وهو السبب الحقيقي وراء تصفيته، لكن هذا لن يشكل حالة ردع لأن هناك المئات مثل أبو البراء".
إعدام مباشر"الإعدام المباشر" هو ما خلصت إليه أيضا مؤسسات الأسرى -في بيانها- بتأكيدها أن التعذيب أصبح سياسة ممنهجة غير مسبوقة وتفضي إلى قتلهم، خاصة المرضى منهم والذين لم يعد بالإمكان إحصاؤهم، وقالت "الظروف القاسية والمرعبة والكارثية التي يتعرض لها الأسرى وما يكشفونه عقب الإفراج عنهم من شهادات صادمة، تؤشر على أنهم يواجهون خطر الاستشهاد".
وحسب المصدر نفسه، فإن "محمد عارف هو الشهيد رقم 48 منذ بدء حرب الإبادة في سجون الاحتلال ومعسكراته، وهم فقط من تم الحصول على بياناتهم، وهناك العشرات من معتقلي غزة ارتقوا ويواصل الاحتلال إخفاء بياناتهم".
وفي حديث سابق للجزيرة نت، أكد عبد الله زغاري رئيس نادي الأسير الفلسطيني أن "الإبادة الجماعية وراء ارتفاع أعداد الأسرى الشهداء، وأن إسرائيل تمارسها ضدهم وخاصة أسرى غزة الذين تخفيهم قسرا".
بينما قال ثائر شريتح مسؤول الإعلام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين -في تصريح صحفي له- إن "الأسير الشهيد محمد عارف تعرض لعملية اغتيال حقيقية ناجمة عن التعذيب والضرب والمعاملة اللاإنسانية من قبل السجانين".
إعلانوفي حي جبل النصر بمخيم نور شمس وُلد الشهيد عارف لأبوين مكافحين وعائلة ملتزمة، وأسرة مكونة من 9 أبناء (5 بنات و4 فتيان) كان هو أوسطهم. ونشأ بين أزقة المخيم وعُرف منذ صغره بانضباطه وسلوكه القويم، فتربى في مسجد "أبو الأرقم" ونهل من علم القرآن وآدابه وحفظ أكثر من 20 جزءا منه، حفظا وتجويدا، وعلّمه أيضا.
أمير الأسرىوفي مدارس وكالة أونروا بالمخيم، التحق الشهيد بداية وأنهى الثانوية العامة الفرع الأدبي في مدرسة "إحسان سمارة" في طولكرم، وأكمل بعدها دراسته الأكاديمية بجامعة القدس المفتوحة في تخصص المحاسبة الذي أنهاه داخل سجنه، حيث اعتقل في الفصل الأخير، وواصل تعليمه الجامعي فنال شهادة البكالوريوس في التاريخ أيضا داخل معتقله.
وفي سن مبكرة بدأت معاناة الشهيد مع الاحتلال، إذ اعتقل لعدة أشهر وهو ابن 16 عاما قبل اعتقاله الثاني عام 2002 من حي المنشية وسط المخيم، وحكم بالسجن المؤبد الذي استأنفه وحُوّل لـ19 عاما، مع هدم منزل عائلته، وأفرج عنه عام 2021.
وداخل سجنه شغل الشهيد محمد عارف منصب "الأمير العام" وتحمل -بحكم نشاطه وإتقانه اللغة العبرية- مسؤولية قيادة الأسرى، واستطاع رفقة أسرى آخرين تحقيق إنجازات كبيرة لهم. وبعد الإفراج عنه، انشغل برعاية أرض له وابتعد عن العمل السياسي والحزبي، وظل معروفا بشخصيته القيادية والمحبوبة بشكل كبير داخل المخيم وفي عموم طولكرم، وعرف بتأثيره ونشاطه المجتمعي.
ومن بلدة عنبتا القريبة من مخيمه تزوج الشهيد وأنجب طفلته مسك (عامان) وزوجته حامل بطفله براء كما أراد تسميته وتكنّى به سلفا.
وفزعت عائلته وأهالي مخيم نور شمس لاستشهاد الأسير عارف ووصفوا ذلك "بالفقد العظيم"، ونشروا له بوسترات ويافطات وأقاموا "بيت تهنئة" لاستقبال المعزين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
البرغوثي وحامد وسلامة... أبرز الأسرى بسجون إسرائيل يترقب الفلسطينيون الإفراج عنهم (إطار)
يترقب الفلسطينيون الإفراج عن الأسرى من داخل السجون الإسرائيلية مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد، وسط حالة غموض تكتنف قوائم أسماء الأسرى المقرر أن تُفرج عنهم تل أبيب وموعد الإنجاز.
ويعتبر تبادل الأسرى أحد الركائز الأساسية التي تستند إليها الصفقة، حيث سيجري تطبيقه في المراحل الثلاث المقررة للاتفاق، وذلك من الجانبين الفلسطيني بغزة والإسرائيلي.
ولم يصدر عن الجانب الإسرائيلي أو حركة « حماس » أو الوسطاء قوائم رسمية تشمل جميع أسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم خلال مراحل الاتفاق الثلاث.
وترصد الأناضول في هذا الإطار أبرز أسماء الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد.
وهو الحكم الذي شكل خلال مفاوضات تبادل الأسرى في السنوات الماضية عقبة أمام إنجاز أي صفقة حيث تصر حركة « حماس » على الإفراج عن المحكوم عليهم بالمؤبد فيما تصر تل أبيب على رفض أن تشملهم المفاوضات.
ولا تتوفر معلومة مؤكدة حتى اليوم بشأن ورودهم في الاتفاق الجديد، غير أن وسائل إعلام عبرية تقول إن إسرائيل مضطرة لإطلاق سراح بعضهم للإفراج عن العسكريين الذكور الأسرى لدى الفصائل الفلسطينية في غزة.
الأسماء الثقيلة
وبحسب معطيات جمعية نادي الأسير الفلسطيني، فإن إسرائيل حكمت على نحو 600 أسير بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، ويأتي في مقدمتهم:
– عبد الله البرغوثي (67 مؤبدا)
يعد عبد الله البرغوثي صاحب أعلى حكم في السجون الإسرائيلية، حيث صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد 67 مرة.
والبرغوثي، القيادي في كتائب القسام، من بلدة بيت ريما بمحافظة رام الله، واعتقل في العام 2003.
– إبراهيم حامد (54 مؤبدا)
والأسير إبراهيم حامد، هو الثاني داخل السجون الإسرائيلية من حيث مدة الحكم الصادر بحقه، بعد البرغوثي.
وقضت محكمة إسرائيلية بسجن حامد القيادي في كتائب القسام، 54 مؤبدا، وهو من بلدة سلواد شرقي رام الله.
– حسن سلامة (48 مؤبدا و30 عاما)
من سكان قطاع غزة، اعتقل عام 1996، وحكم عليه بالسجن 48 مؤبداً وثلاثين عاماً.
وسلامة، من قادة كتائب القسام، واتهمته إسرائيل بالمسؤولية عن سلسلة عمليات أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين.
– عباس السيد (36 مؤبدا)
كما يعد عباس السيد من أبرز المعتقلين الفلسطينيين، وهو قيادي في كتائب القسام، من مواليد مدينة طولكرم (شمال).
واعتقل السيد في العام 2002 وحكم بالسجن لمدة 36 مؤبدا و200 عام.
– مروان البرغوثي (5 مؤبدات)
ومن أبرز أسرى المحكومين بالسجن المؤبد، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني « فتح »، مروان البرغوثي (63 عاما).
ويعد البرغوثي أحد أبرز قيادات حركة « فتح »، ويقبع في سجن « هداريم » شمالي إسرائيل، ومحكوم بالسجن المؤبد 5 مرات.
واعتقلته إسرائيل عام 2002، وأدين بتهمة « المسؤولية عن عمليات، نفذتها مجموعات مسلحة، محسوبة على حركة فتح، وأدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين ».
وبحسب صحيفة « يديعوت أحرونوت » العبرية، فإن تل أبيب ترفض الإفراج عن عدد من هؤلاء الأسرى من بينهم مروان وعبد الله البرغوثي وحامد.
– أحمد سعدات (30 عاما)
كما ترفض إسرائيل إلى جانب الأحكام المؤبدة الإفراج عن الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، الذي تتهمه إسرائيل بأنه « العقل المدبر والمخطط » لاغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي عام 2001، وفق المصدر ذاته.
واعتقل سعدات عام 2006، وحُكم عليه بالسجن 30 سنة في 2008، ورفضت إسرائيل الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى المعروفة بصفقة شاليط عام 2011.
أسرى نفق الحرية
كما أُعيد للواجهة خلال هذه الفترة، وفق ما تداوله إعلام إسرائيلي، الحديث عن الإفراج عن أسرى من بين المعتقلين الـ6 الذين استطاعوا في شتنبر 2021 الهروب من سجن جلبوع الإسرائيلي (شمال)، عبر نفق حفروه.
أهم الأسرى الذين تم الحديث عن إمكانية الإفراج عنهم كان زكريا الزبيدي القيادي في حركة « فتح »، الذي كان محكوما بالمؤبد قبيل مشاركته بالعملية.
وأما الأسرى الخمسة المتبقين فيتبعون لحركة الجهاد الإسلامي وهم: مناضل نفيعات (موقوف)، ويعقوب قادري (المؤبد مرتين و35 عاما)، وأيهم كمامجي (المؤبد مرتين)، ومحمود عارضة (مؤبد و15 عاما)، ومحمد عارضة (3 مؤبدات و20 عاما).
كلمات دلالية الأسرى، طوفان الأقصى، فلسطين، السجون الإسرائيلية