حققت الشركة العمانية "عدسة" إنجازًا تقنيًا بارزًا بإطلاق قمر صناعي متخصص في الاستشعار عن بُعد ومراقبة الأرض من منصة الإطلاق الصينية في نوفمبر الماضي، يعكس هذا الإنجاز تقدم سلطنة عمان في مسار التطور التقني والابتكار، واستثمارها في الفرص التي يتيحها الاقتصاد الرقمي وتطبيقات علوم الفضاء. تسهم الأقمار الصناعية في تطور العديد من القطاعات، مثل النقل والاتصالات، وتدعم تحقيق أهداف الاستدامة، بما في ذلك الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

جاءت هذه الجهود منسجمة مع "رؤية عمان 2040"، التي شهدت إطلاق مبادرات وبرامج طموحة لتعزيز مكانة سلطنة عمان في مجالات التكنولوجيا والفضاء، كان أبرزها المرسوم السلطاني (90/2020) الذي نص على إنشاء المركز الوطني للفضاء والتقنية المتقدمة والذكاء الاصطناعي تحت إشراف وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، يتولى المركز وضع برنامج وطني للفضاء، ودعم تطبيقات علوم وتكنولوجيا الفضاء، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذه المجالات.

من بين الإنجازات المهمة أيضًا إطلاق السياسة الوطنية للفضاء عام 2023، التي تهدف إلى تحويل سلطنة عمان إلى بوابة إقليمية في خدمات وعلوم الفضاء، ويعكس ذلك التزامًا بتنفيذ برامج التحول الرقمي (2021-2025) التي تضمنت مبادرات مثل التحول الرقمي الحكومي، والصناعة الرقمية، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تعزيز البنية الأساسية التقنية.

دعمًا للتحول نحو اقتصاد المعرفة، استثمر جهاز الاستثمار العماني في شركات عالمية بارزة مثل "سبيس إكس" الأمريكية، وشارك في تأسيس صندوق الاستثمار في تقنيات المستقبل بالتعاون مع البنك الصيني التجاري الدولي.

علاوة على ذلك، أطلقت سلطنة عمان برامج تأهيل الكفاءات الوطنية من خلال التدريب ومعسكرات العمل والمسابقات. استهدفت حلقات العمل في مجال الفضاء تطوير مهارات المشاركين في التقنيات الفضائية، إعداد خطط أعمال للشركات الناشئة، ودراسة الأسواق الإقليمية لابتكار خدمات جديدة.

وفي إطار جهودها لتعزيز البحث العلمي، أطلقت سلطنة عمان بالتعاون مع جامعة التقنية والعلوم التطبيقية برنامجًا لدرجة الماجستير في التحول الرقمي والابتكار، يُعد الأول من نوعه في المنطقة، كما أقر مجلس الوزراء البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة (2024-2026)، الذي يتضمن مبادرات مثل إنشاء منصة وطنية للبيانات المفتوحة ومركز بحثي للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تطوير "استوديو" للذكاء الاصطناعي لربط المتخصصين بالشركات الباحثة عن حلول تقنية.

تمثل تطبيقات الأقمار الصناعية ركيزة أساسية لتعزيز الاستدامة البيئية، ودعم تحول قطاع النقل والخدمات اللوجستية نحو الأتمتة والرقمنة، كما تستهدف سلطنة عمان زيادة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10% بحلول 2040.

تشير التوقعات العالمية إلى أن اقتصاد الفضاء سيرتفع من 630 مليار دولار في عام 2023 إلى 1.8 تريليون دولار بحلول 2035، كما يُتوقع أن يلعب الفضاء دورًا أوسع في التصدي للتحديات العالمية، مثل التغيرات المناخية والإنذار المبكر للظواهر الطبيعية، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير التقنيات والخدمات.

مع استثمارها في علوم الفضاء والذكاء الاصطناعي، تمهد سلطنة عمان الطريق نحو تحقيق قفزات نوعية في الاقتصاد الرقمي. يُتوقع أن تسهم هذه الجهود في تعزيز ريادة الأعمال وتشجيع الشركات الناشئة على استغلال الفرص الهائلة التي توفرها صناعة الفضاء عالميًا، بهذا التوجه الطموح، ترسخ عمان مكانتها في مصاف الدول التي تقود الابتكار التقني والرقمي عالميًا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

تاريخ نشأة الكيو آر كود والباركود.. تطور تقنيات التشفير الرقمي

يُعتبر كل من الباركود Barcode والكيو آر كود QR Code من التقنيات الثورية التي أحدثت نقلة نوعية في عالم التجارة والصناعة، حيث سهّلت عملية تتبع المنتجات، تخزين البيانات، وتحسين الكفاءة في مختلف القطاعات. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل تاريخ نشأة كل من الباركود والكيو آر كود، وكيف تطورت هذه التقنيات حتى أصبحت جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية.

نشأة وتطور الباركود Barcode الفكرة الأولية.. أربعينيات القرن العشرين

بدأت فكرة الباركود في الأربعينيات من القرن الماضي، عندما فكّر مهندسان أمريكيان، نورمان جوزيف وودلاند Norman Joseph Woodland وبيرنارد سيلفر Bernard Silver، في إيجاد طريقة لتحسين عملية الدفع في المتاجر من خلال تقنية تسمح بقراءة بيانات المنتجات بسرعة ودقة.

كانت الفكرة الأولى مستوحاة من نظام شفرة مورس Morse Code، حيث حاول وودلاند رسم خطوط مشابهة لشفرات مورس على الرمال، وبدأ العمل على تطويرها إلى نظام عملي يمكن قراءته آليًا.

أول براءة اختراع 1949 - 1952

في عام 1949، تقدم وودلاند وسيلفر بطلب للحصول على براءة اختراع لنظامهما الأولي، الذي كان يعتمد على دوائر متحدة المركز يمكن قراءتها باستخدام الأشعة الضوئية. حصلوا على براءة الاختراع رسميًا عام 1952، لكنها لم تُستخدم على نطاق واسع بسبب عدم توفر التكنولوجيا المناسبة لقراءتها بكفاءة في ذلك الوقت.

التطوير الفعلي والانتشار.. سبعينيات القرن العشرين

ظل نظام الباركود دون استخدام عملي حتى سبعينيات القرن العشرين، عندما طوّرت شركة IBM رمز الباركود الشريطي UPC - Universal Product Code، الذي اعتمد على خطوط طولية يمكن قراءتها بسهولة باستخدام أجهزة ماسح ضوئي تعتمد على الليزر.

في عام 1974، تم مسح أول منتج يحمل باركود في متجر بمدينة أوهايو الأمريكية، وكان المنتج عبارة عن عبوة علكة من نوع Wrigley’s Juicy Fruit، مما شكّل نقطة الانطلاق لاستخدام الباركود على نطاق واسع في قطاع التجزئة.

نشأة وتطور الكيو آر كود QR Code الحاجة إلى رمز أكثر تطورًا

مع التقدم التكنولوجي في التسعينيات، بدأت الحاجة إلى تطوير رموز قادرة على تخزين بيانات أكبر من الباركود التقليدي. كان الباركود قادرًا على تخزين معلومات محدودة جدًا مثل رقم المنتج، مما جعل الشركات تبحث عن بديل أكثر كفاءة ومرونة.

تطوير الكيو آر كود في اليابان - 1994

في عام 1994، طوّرت شركة Denso Wave اليابانية، وهي إحدى الشركات التابعة لمجموعة تويوتا، تقنية الكيو آر كود Quick Response Code. تم تصميم هذا الكود ليكون أكثر قدرة على تخزين المعلومات، وسهل المسح من عدة زوايا، مما جعله مثاليًا للاستخدام في المصانع لتتبع قطع غيار السيارات والمكونات المختلفة.

الفروقات بين الكيو آر كود والباركود

على عكس الباركود الشريطي، الذي يعتمد على خطوط رأسية، فإن الكيو آر كود يتكون من نمط ثنائي الأبعاد 2D Matrix Code يسمح بتخزين كمية أكبر من البيانات، مثل:

- نصوص وأرقام.

- روابط مواقع إلكترونية.

- معلومات الاتصال.

- ملفات الوسائط المتعددة.

الانتشار السريع والاستخدامات الحديثة

أصبح الكيو آر كود أكثر شيوعًا مع انتشار الهواتف الذكية التي تحتوي على كاميرات قادرة على قراءة هذه الأكواد بسهولة. ومع تطور التطبيقات المختلفة، أصبح الكيو آر كود يُستخدم في عدة مجالات، منها:

- التجارة الإلكترونية: لتسهيل عمليات الدفع عبر الهواتف الذكية.

- التسويق والإعلانات: للوصول إلى المحتوى الرقمي بسهولة.

- القطاع الصحي: لتخزين السجلات الطبية والوصفات الإلكترونية.

- السفر والنقل: لاستخدامه في تذاكر الطيران ووسائل النقل العام.

أهمية الباركود والكيو آر كود في العصر الحديث تحسين تجربة العملاء

ساعدت هذه التقنيات على تسريع عمليات الدفع في المتاجر، حيث يمكن للعملاء مسح الكود بدلاً من إدخال البيانات يدويًا، مما يقلل من وقت الانتظار في نقاط البيع.

تعزيز الأمن ومكافحة التزوير

يُستخدم الكيو آر كود في عمليات التحقق من المنتجات، مثل التحقق من الأدوية الأصلية، إذ يمكن للمستهلكين مسح الكود والتأكد من مصدر المنتج.

دعم التحول الرقمي

مع توجه العالم نحو الرقمنة، أصبحت هذه الأكواد أداة أساسية لربط العالم المادي بالرقمي، سواء من خلال روابط للمواقع الإلكترونية أو تسهيل عمليات الدفع الإلكتروني عبر تطبيقات الهواتف الذكية.

المستقبل المتوقع لتقنيات التشفير الرقمي

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، من المتوقع أن يتم تطوير أكواد أكثر تطورًا يمكنها تخزين بيانات أكثر أمانًا، وتحسين طرق التفاعل بين المستخدمين والشركات. على سبيل المثال، بدأت بعض الشركات في تطوير كيو آر كود ديناميكي يتغير مع مرور الوقت لتعزيز الأمان وتقليل مخاطر القرصنة الرقمية.

الخاتمة

منذ اختراع الباركود في أربعينيات القرن الماضي وحتى تطوير الكيو آر كود في التسعينيات، تطورت تقنيات التشفير الرقمي بشكل كبير لتلبية احتياجات التجارة والصناعة الحديثة. واليوم، أصبحت هذه الأكواد جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، سواء في عمليات الشراء، التحقق من المنتجات، أو حتى الوصول إلى المعلومات بسهولة. ومع استمرار الابتكار، من المتوقع أن تشهد هذه التقنيات مزيدًا من التحسينات لتوفير مزايا أكثر تطورًا في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • أوزبكستان تعزز تعاونها الرقمي مع الإمارات
  • مقترح لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في النقل الدولي واللوجستيات لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف
  • باريس تحتضن اجتماعاً دولياً لبحث مستقبل «الذكاء الاصطناعي»
  • مقترح لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في النقل الدولي واللوجستيات
  • خطر كبير على الطائرات.. والفاعل قادم من "الفضاء"
  • إشهار مكتب الهوية الترويجية لسلطنة عمان وإطلاق استراتيجيتها
  • تاريخ نشأة الكيو آر كود والباركود.. تطور تقنيات التشفير الرقمي
  • بالتفاصيل.. تعرف على حالات فقد الجنسية العمانية
  • حالة الطقس وفق خرائط الأقمار الصناعية.. «الأرصاد» تحذر من 3 ظواهر جوية تضرب المحافظات اليوم| عاجل
  • مستشار بـ«الاتصالات»: 400 ألف طالب وخريج استفادوا من مبادرات الوزارة