المساجد هدف الصهاينة من اليوم الأول
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تقرير/ يحيى الشامي
تاريخيًا، كانت المساجد والمقدسات الإسلامية في فلسطين شاهدة على عمق الهوية الثقافية والدينية للشعب الفلسطيني. ولأنها كذلك، فقد ركّز عليها العدو المحتل باكرًا حين مارس عليها صنوف الاعتداءات بهدف تهويدها ومحوها. ونذكّر هنا بحادثة إحراق المسجد الأقصى الشهيرة (صباح يوم الخميس 21 أغسطس 1969/ 7 جمادى الآخرة 1389هـ).
إحراق المسجد الأقصى عام 1969
المدينة المقدسة برمتها تتعرض معالمها الإسلامية للتهديد بشكل يومي، ويمارس العدو المحتل صنوف الانتهاكات على قاصديها يوميًا. هذا الوضع يعكس استراتيجية العدو الإسرائيلي في السيطرة على المدينة، ومحاولة فرض واقع جديد يهدف إلى تهويدها. وجدير بالذكر هنا أن المسجد الأقصى، برمزيته الدينية الكبيرة في الوعي الإسلامي، اتخذ منه اليهود المحتلون معيارًا لقياس ردّة الفعل، ليس الفلسطينية وحسب، بل في عموم العالم الإسلامي.
ويظهر ذلك جليًا من خلال تتبع حوادث الاعتداء المختلفة على المسجد الأقصى في سبعة عقود من الاحتلال، والنتيجة الكارثية تظهر نجاح اليهود في كي الوعي الإسلامي وترويضه بالتدريج على القبول بالانتهاكات، والتي أضحت مؤخرًا مجرد خبر يومي لا يثير المشاعر الدينية ولا يستنهض الغيرة القومية. وهذه واحدة من نتائج العمل التراكمي لليهود على تغفيل الأمة وتخديرها وفصلها عن مقدساتها ورموزها.
وهنا الدور يناط بوسائل الإعلام العربية التي قدمت الخبر مجردًا عن سياقه الصدامي الحضاري الديني. والأصل أن أخبار الاعتداءات على المسجد الأقصى يجب أن تحظى بخصوصية بالغة في التقديم والترتيب، إذ إن الاعتداء على المقدسات لا يُمثل فقط اعتداءً على مبنى عادي أو حتى موقع عبادة، بقدر ما هو هجومٌ على الهوية الإسلامية بأكملها.
إبادة الفلسطينيين وإعدام هويتهم:
في غزة، وقبل معركة الطوفان، شهدت المساجد والمقدسات هجمات متكررة، حيث يتم استهدافها بشكل مركز مع كل عدوان إسرائيلي. في العدوان على غزة في عام 2014، تم تدمير عدد من المساجد بشكل كامل وعلى نحو متعمد. ودائمًا كانت إحصاءات الدمار التي طالت المساجد تنسجم تمامًا مع أهداف الإسرائيلي ونواياه في استئصال جذور الوجود الفلسطيني بهويته الإسلامية، وصولاً إلى خلق واقع جديد يتجاهل تاريخ الشعب الفلسطيني المسلم وحقوقه، واستبداله بالمغتصبين اليهود.
في معركة الطوفان، وفي فصول الاعتداءات والإبادة الجماعية الصهيونية على غزة وسكانها وهويتها، وجد العدو الصهيوني فرصته لتطال نيرانه كل مساجد القطاع بالتدمير الجزئي أو الكلي. في أحدث بياناتها، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بقطاع غزة، قبل أيام، أن جيش العدو الإسرائيلي دمر خلال حرب الإبادة الجماعية على القطاع 79 بالمئة من مساجد القطاع و3 كنائس، واستهدف 19 مقبرة.
وقالت الوزارة في بيان لها: “جيش الاحتلال الإسرائيلي دمر 814 مسجداً من أصل 1245، بما نسبته 79 بالمئة، وتضرر 148 مسجداً، بالإضافة إلى 3 كنائس، واستهدف 19 مقبرة من أصل 60 بشكل ممنهج ومتعمد.” وأضافت: “تكلفة الخسائر والأضرار التي تعرضت لها الوزارة نحو 350 مليون دولار.” وتابعت: “خلال حرب الإبادة، قام جيش الاحتلال بنبش القبور وسرقة الآلاف من جثامين الأموات والشهداء، والتمثيل بها بعد قتلهم بطرائق همجية وحشية.”
ولفت بيان الأوقاف إلى أن العدو الإسرائيلي دمر 11 مقراً إداريًا وتعليميًا، ما نسبته 79 بالمئة من إجمالي المقرات بالقطاع البالغة 14 مقرًا. وقالت الوزارة إن الجيش الإسرائيلي قتل 238 من موظفيها، واعتقل 19 آخرين خلال عملياته البرية بالقطاع.
حرب على الهوية الإسلامية لن تنتهي في فلسطين:
إن التحديات التي يواجهها الفلسطينيون في سياق الحرب على هويتهم ودينهم ومعالمهم الإسلامية هي جزء من صراع حضاري وحلقة من حرب قديمة متجددة على الإسلام والمسلمين. هذه الحرب لا تستهدف فقط المباني، بل تهدف إلى محو الذاكرة الجمعية للفلسطينيين واستئصال جذور وجودهم الإسلامية. وهي بالأولى تعبير عن صدام ديني، ليس الفلسطينيين إلا أول ضحاياه، ويأتي الدور حتمًا على الجميع بدءًا من دول محيط فلسطين.
لم يكن حرق المسجد الأقصى إلا مشهدًا ضمن مسلسلٍ لا ينتهي، قامت عليه ما تُسمى إسرائيل، بدأ صباح الواحد والعشرين من أغسطس عام 1969 حين أضرموا النار في المسجد الأقصى. شجعهم أن نار إحراق المسجد لم تصل حرارتها إلى صدور الأنظمة العربية، ولم تبعث فيهم أي حمية لبيت مقدسهم المبارك. نتيجة لذلك الهوان، تلا الحرق اقتحاماتٌ لباحات المسجد الأقصى، وتجريف لمعالمه وطمس لآثاره وحفر أنفاقٍ أسفله تهدده بالسقوط، بينما يقاوم الفلسطينيون وحدهم بما تيسر من حجارة، يمنعون تدنيس وتهويد ما تبقى من شرف الأمة، فلا يجدون من حكامها سوى الصمت والتطبيع!
ولأن الصهاينة يتحركون من منظور ديني، تجدهم في غزة يقصفون أينما سمعوا مساجد يُذكر فيها اسم الله، بذريعة أو بدون مبررات. تارةً يفتشون عن المساجد، يقصفون جوامع غزة التي تأوي النازحين بحجة أنها تأوي مقاتلي حماس، كما فعلوا في وقائع عدة منها قصف جامع شهداء الأقصى ومسجد الشيخ رضوان ومسجد العطار. وكان حقدهم بيّنًا في قصفهم للجامع العمري التاريخي الشهير، الطاغي بقدمه على زيف تاريخهم ووجودهم المؤقت.
تدمير العدو الإسرائيلي للمساجد في غزة
في جوامع الضفة، يتعمّد الصهاينة بين فينة وأخرى اقتحامها تدنيسًا لها واستهزاءً واستفزازًا لمشاعر الفلسطينيين، في مشهد بات جزءًا من يوميات أهالي الضفة القابعين تحت قبضة المحتل وسطوة المستوطنين اليهود. كذلك الحال في جوامع جنوب لبنان في بلدة مجدل سلم، وجامع الزهراء وجامع الظهيرة، الذي تغنوا على دخانه وتعمدوا نشر مقاطع الفيديو المصورة لهذه الانتهاكات، ومنها مشاهد صعود المنابر والغناء منها، وكذلك إحراق المصاحف داخل المساجد، والذي تكرر في غير مسجد من غزة، واليوم في قرى جنوب لبنان.
العدو يدنس مسجدا بالضفة الغربية، ويرفع «العلم الإسرائيلي» على مئذنة مسجد معاذ بن جبل في مخيم الفوار بمدينة الخليل
العدو يدنس مسجدا بالضفة الغربية، ويرفع «العلم الإسرائيلي» على مئذنة مسجد معاذ بن جبل في مخيم الفوار بمدينة الخليل
من نافل القول إن استمرار الاعتداءات على المساجد والمقدسات الإسلامية وتكررها على هذا النحو الواضح المتعمد والممنهج وغير المسبوق يعكس عقيدة العدو الإسرائيلي المحرفة وخرافاته التوراتية الباطلة في تحقيق مشروع الصهاينة “إسرائيل الكبرى” عبر التأسيس لواقع جديد يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني بهويته الإسلامية. لكن في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل معقودًا على صمود الفلسطينيين في الدفاع عن هويتهم ومقدساتهم، وعلى فعل المحور المساند والمنخرط بالفعل في معركة تتجلى أكثر بطبيعتها الدينية الحضارية، وفيها امتحان عسير وفرز خطير، لعله غير مسبوق في تاريخ الصراع.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العدو الإسرائیلی المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
لجنة نصرة الأقصى تُدين العدوان الصهيوني على سوريا وتدعو للخروج المليوني الجمعة المقبلة
الثورة نت|
ناقشت اللجنة العليا لنصرة الأقصى في اجتماعها الأسبوعي اليوم برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء – رئيس اللجنة العلامة محمد مفتاح، المستجدات المتصلة بمسار نصرة أبناء الشعب الفلسطيني في غزة.
واطّلعت اللجنة على تقرير بشأن نتائج الإيجابية الكبيرة المحققة العمل في مسار التعبئة والاستنفار نصرة لغزة على المستويين الرسمي والشعبي في العاصمة صنعاء والمحافظات خاصة في محافظة ذمار.
كما اطّلعت اللجنة على مسار العمل في حملة المقاطعة والتعبئة الفكرية والثقافية وآلية العمل في الجامعات والمدارس والمعاهد حول أهمية سلاح المقاطعة وفهم واستيعاب أبعاد الصراع مع العدو الصهيوني والأهمية الكبيرة لنصرة وإسناد الشعب اليمني للمظلومين في قطاع غزة وفصائل المقاومة الفلسطينية والأقصى والقضية الفلسطينية بصورة عامة.
وسجلّت اللجنة العليا تقديرها العالي لمساري التعبئة والاستنفار والمقاطعة والتعبئة الفكرية والثقافية وما تحقق من نتائج إيجابية في جانب التعبئة والاستنفار وبوجه خاص في محافظة ذمار.
ووقفت اللجنة أمام تطورات الأوضاع في الأراضي العربية المحتلة في ظل استمرار العدوان الإجرامي على قطاع غزة المحاصر وتجويع أبنائه حد الموت وكذا عمليات الإسناد للقوات المسلحة اليمنية التي استهدفت أهدافًا حيوية للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلة وكذا استهداف مدمرات وسفن إمداد أمريكية.
وجددّت اللجنة إدانتها الشديدة للمجازر اليومية المستمرة للعدو الصهيوني ضد أبناء غزة وسياسية التجويع التي يتبعها العدو وتنتهك كافة الأعراف والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية.
وحيتّ عاليًا صمود وثبات أبناء غزة على أرضهم بالرغم من الإجرام الوحشي الصهيوني وسياسة التجويع وكذا العميات العسكرية الناجحة والمؤثرة لفصائل المقاومة ضد قوات العدو وآلياته العسكرية.
وأشادت اللجنة بالعملية الناجحة التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية بعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة ضد سفن إمداد أمريكية أمس في خليج عدن ومدمرتين كانتا ترافق السفن.
ونوهت بأهمية العملية التي تأتي في غضون عشرة أيام من العملية التي استهدفت سفن إمداد ومدمّرات أمريكية إلى جانب العملية المنفذة صباح يوم أمس الثلاثاء ضد أهداف عسكرية في منطقتي “يافا وعسقلان” بطائرتين مسيرتين.
وباركت اللجنة العملية التي نفذتها القوات المسلحة بالاشتراك مع المقاومة الإسلامية في العراق مطلع الأسبوع الجاري واستهدفت هدفًا حيويًا جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الطائرات المسيرة، إضافة إلى العملية التي استهدفت هدفًا حساسًا في منطقة “يفنة” في أسدود جنوب “يافا” بفلسطين المحتلة.
وأدانت اللجنة العدوان الصهيوني السافر على الجمهورية العربية السورية واستهداف مقدرات حيوية للشعب السوري الشقيق.
واستنكرت اللجنة الصمت العربي والإسلامي إزاء هذا الانتهاك الخطير لأراضي وسيادة سوريا بالتزامن مع توسع إجرامي للعدو الصهيوني في الأراضي السورية.
وطالبت اللجنة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بإدانة العدوان الصهيوني على الجمهورية العربية السورية واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق العدو إزاء انتهاكه وتوسعه في الأرض السورية والذي تجرّمه وتحرمه القوانين والمواثيق الدولية.
وأقرت اللجنة العليا البرنامج التنظيمي للمسيرة الجماهيرية الكبرى التي ستقام بميدان السبعين عصر يوم الجمعة المقبل والمسيرات في مختلف المحافظات والمديريات الحرة نصرة ودعمًا لغزة ورجالها البواسل بعنوان “ثابتون مع غزة ومستمرون في مواجهة المشروع الصهيو أمريكي”.
ودعت اللجنة أبناء اليمن إلى الخروج والمشاركة المليونية وإرسال رسالة للعالم أجمع بأن الشعب اليمني لن يكل ولن يمل عن نصرة المظلومين الذين تعرضوا لظلم وخذلان القريب قبل البعيد.
وكانت اللجنة العليا اطّلعت على محضر اجتماعها السابق وأقرته.