هل تعجّلت السعودية والإمارات بإعادة علاقاتها مع النظام السوري؟
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
واصلت فصائل المعارضة السورية للأسبوع الثاني على التوالي التوسع في محافظات سوريا، فبعد سيطرتها السريعة على حلب وكامل محافظة إدلب، وحماة، بدأت معركة دخول محافظة حمص.
وشكّل الانهيار السريع لقوات النظام السوري، تساؤلات حول مستقبل البلاد التي أعادت حكومة رئيسها بشار الأسد شرعيتها الدولية، ونجحت في إقناع دول خليجية بتطبيع العلاقات معها عقب قطيعة دامت لسنوات.
وجاء التطبيع الخليجي والعربي مع النظام السوري، بعد تحقيق الأخير انتصارات واسعة، واستعادته السيطرة على غالبية المناطق باستثناء محافظة إدلب.
واللافت أن الانهيار غير المسبوق لقوات النظام، وخسارته مناطق لم يفقدها طيلة سنوات الحرب الـ13، جاءت بعد نحو عام ونصف فقط من عودته إلى جامعة الدول العربية عقب تعليق للعضوية دام 12 سنة.
وتأتي انتصارات "إدارة العمليات العسكرية" في قوات المعارضة ضمن عملية "ردع العدوان" لتفتح تساؤلات هامة حول موقف الدول العربية التي طبعت مع الأسد، لا سيما السعودية والإمارات.
ورصدت "عربي21" تغيرا في المواقف غير الرسمية منذ بدء معركة "ردع العدوان" حتى اليوم، حيث بدا أن الرياض وأبو ظبي في تضامن تام مع النظام السوري، إلا أنه وبعد سقوط حلب سريع تغيرت المواقف، لا سيما الإعلامية.
كيف كان المشهد في البداية؟
في الساعات الأولى من المعركة، هاتف الرئيس الإماراتي محمد بن زايد نظيره السوري بشار الأسد، وأكد دعمه لدمشق.
كما هاتف وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان نظيره السوري بسام صباغ، في انحياز معلن للنظام.
بدوره، تبنى الإعلام السعودي والإماراتي رواية النظام السوري حول المعركة، وأطلقت قناة "العربية" مسمى "جبهة النصرة" على الفصائل المشاركة في عملية "ردع العدوان"، وهو ما دفع ناشطين للقول إنها محاولة من القناة التابعة للحكومة السعودية لربط المعارضة بالإرهاب.
وانحازت صحيفة "عكاظ" إلى النظام السوري بشكل لافت، وتبنت بث جميع بياناته التي صدرت عن "القوات المسلحة السورية" بأخبار منفصلة. كما أوردت خبرا تحت عنوان "مقتل 4 مدنيين في هجوم إرهابي" في حلب.
الإعلام الإماراتي بدوره كان موقفه أكثر انحيازا إلى النظام السوري، وتبنى روايته بالكامل، لا سيما عبر قناة "سكاي نيوز عربية".
بعد حلب وحماة؟
تغير الموقف بشكل كامل بعد سقوط حلب وحماة بيد المعارضة، فبالرغم من عدم صدور أي تصريح رسمي من قبل الإمارات والسعودية، إلا أن إعلام البلدين بترويج أخبار تقدم فصائل المعارضة، وتخلى عن الأوصاف التحريضية ضد المشاركين بـ"ردع العدوان".
وباتت قناة "العربية" بشكل خاص متهمة من قبل إعلام النظام السوري بأنها "رأس حربة" إعلامي لفصائل المعارضة، بعد تركيزها بشكل كبير على العملية، ومرافقة "كاميرتها" للفصائل خلال دخول حماة.
واتخذ إعلاميون بارزون من السعودية والإمارات مواقف أكثر وضوحا بالانحياز إلى المعارضة السورية، على الرغم من الموقف الرسمي المعلن والذي لا يزال منحازا إلى النظام.
وقال الأكاديمي عبد الخالق عبد الله، إن "المعارك في سوريا والتقدم السريع لقوات هيئة احرار الشام تشكل انتكاسة كبرى لإيران".
وأضاف بشكل صريح أن "أي تراجع لنفوذ إيران في المنطقة مرحب به".
المعارك في سوريا والتقدم السريع لقوات هيئة احرار الشام تشكل انتكاسة كبرى لايران واي تراجع لنفوذ ايران في المنطقة مرحب به pic.twitter.com/q5ZGO8A0F5 — Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) December 5, 2024
الصحفي السعودي طارق الحميّد، رئيس تحرير "الشرق الأوسط" سابقا، ومقدم البرنامج بإذاعة "العربية"، أبدى ارتياحا لتقهقر النظام السوري.
وقال "في السياسة يخطئ من يتجاهل الحقائق على الأرض. سوريا غير أفغانستان، وغير لبنان، و العراق. أو اليمن. والواجب الاستفادة من أخطاء كل ما سبق. وتذكر أمر واحد مهم أنها ربما تكون المرة الأولى لسوريا بدون ميلشيات إيرانية. مع ضرورة العمل والتأكد أن لا تكون هناك ميلشيات من دول أخرى".
في السياسة يخطئ من يتجاهل الحقائق على الأرض. سوريا غير أفغانستان، وغير لبنان، و العراق. أو اليمن. والواجب الاستفادة من أخطاء كل ما سبق. وتذكر أمر واحد مهم أنها ربما تكون المرة الاولى لسوريا بدون ميلشيات إيرانية. مع ضرورة العمل والتأكد أن لا تكون هناك ميلشيات من دول أخرى. — Tariq Alhomayed طارق الحميّد (@tariqalhomayed) December 5, 2024
وبعد إطلاق المعارضة السورية معركة "ردع العدوان"، وقبيل صدور مواقف رسمية من السعودية والإمارات، قال الأكاديمي السعودي المقيم في الولايات المتحدة سلطان العامر، إنه "سيكون خطأ لو حذت السعودية حذو الإمارات والتعجل بالاصفاف إلى جانب الأسد".
وتابع "الصبر والتمهّل ومراقبة الأمور أفضل بكثير من التسرّع، خصوصا أن الأسد لم يقدم شيئا يذكر منذ تم التطبيع معه، فمخدراته لا زالت تغرق الشارع السعودي.".
سيكون خطأ لو حذت السعودية حذو الإمارات والتعجل بالاصفاف إلى جانب الأسد. الصبر والتمهّل ومراقبة الأمور أفضل بكثير من التسرّع، خصوصا أن الأسد لم يقدم شيئا يذكر منذ تم التطبيع معه، فمخدراته لا زالت تغرق الشارع السعودي. — سلطان العامر (@sultaan_1) November 30, 2024
"معركة مشروعة"
الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي هشام الغنام، اعتبر أن معركة "ردع العدوان" مشروعة لفصائل المعارضة، وأن النظام السوري هو الطرف المعتدي.
الغنام الذي يشغل مناصب في مؤسسات بحثية عديدة، أبرزها الإشراف العام على برامج الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب في "جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية"، قال إن النظام هو من قام بقصف مناطق المعارضة، وإيقاع ضحايا مدنيين خلال الشهور الماضية، وهو ما دفع المعارضة للرد.
وألقى الغنام باللوم على الرئيس يشار الأسد، إنه رفض نصائح الدول العربية بالمصالحة مع شعبه، ووقف تصدير المخدرات إلى دول الخليج، ورفض إعادة المهجرين إلى منازلهم.
وبشكل محدد حول علاقة السعودية بسوريا، قال الغنام "السعودية، التي قادت إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية في 2023، كانت تأمل في الحصول على تنازلات بشأن تهريب المخدرات وعودة اللاجئين وخلق بيئة آمنة لهم، لكن دمشق لم تحقق تقدمًا يُذكر على أي من الجبهتين".
مأزق الأسد: ثمن رفض التسويات السياسية
رغم الجهود الإقليمية والدولية لإعادة دمجه في المشهد السياسي، يجد نظام الأسد نفسه محاصرًا بفعل سياساته الرافضة للتسويات. #السعودية، التي قادت إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية في 2023، كانت تأمل في الحصول على تنازلات بشأن تهريب المخدرات… https://t.co/pWpuI9QUWg — د. هشام بن عبدالعزيز الغنام (@HeshamAlghannam) December 2, 2024
تطبيع بعد انقطاع
في 2011، سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من دمشق، وأغلقت سفاراتها، وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري.
وبعد قطيعة دامت سنوات، استقبلت السعودية وزير الخارجية السوري السابق فيصل المقداد عام 2022، تبعه استئناف العلاقات رسميا، وزيارة الأسد بنفسه إلى الرياض لحضور القمة العربية العام الماضي، بعد إعادة مقعد سوريا.
وسبق السعودية في التطبيع مع النظام السوري، كلا من الإمارات والبحرين، واللتان أعادت العلاقات مع دمشق نهاية العام 2018.
وبالنسبة لبقية المواقف الخليجية من النظام السوري، لم تغير قطر موقفها المنحاز إلى المعارضة، واستمرت في القطيعة التامة مع النظام، وهو موقف تتخذه الكويت بدرجة أقل، فيما لم تعلن سلطنة عمان من البداية القطيعة مع دمشق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سوريا النظام الأسد الخليجي السعودية الإماراتي سوريا الأسد الخليج السعودية الإمارات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السعودیة والإمارات مع النظام السوری الدول العربیة ردع العدوان
إقرأ أيضاً:
الحوثيون يحذرون السعودية والإمارات من مساعيهما لنقل الحرب إلى الداخل اليمني
حذرت جماعة الحوثي، السعودية والإمارات، من مساعيهما لـ "إشعال حرب بالوكالة عبر أدواتهما المحلية" الممثلة بالحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، في الوقت الذي اتهمت واشنطن بعرقلة عملية السلام في اليمن.
جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا، عقب إنهاء زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن يوم أمس.
وقال البيان، إن جماعة الحوثي وخلال اجتماعاتها مع المبعوث الأممي، أكدت أن السلام خيار استراتيجي مستدركة أنه "لن يكون كذلك في حال تم اعتباره مجرد محاولة لطرف العدوان للهروب من تبعات الجرائم التي اقترفها بحق الشعب اليمني، ونقل الحرب إلى الداخل اليمني".
وأضاف أن الجماعة تعلن دعم جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والمساعي الحميدة، التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، وفق وكالة سبأ الحوثية.
واعتبرت الجماعة، "خارطة الطريق، التي تم التفاهم بشأنها بين صنعاء والرياض، وأعلن عنها بشكل رسمي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بتأريخ 23 ديسمبر 2023، الخطوة الأولى الجادة نحو التوصل إلى السلام" مؤكدة استعدادها للتوقيع عليها، والبدء بتنفيذ المرحلة الأولى من الخارطة، مشيرة إلى تراجع الرياض عن المضي فيها "تحت الإملاءات الأمريكية".
واستهجن البيان، "ما تقوم به الإدارة الأمريكية من ضغوط متواصلة على الأمم المتحدة والداعمين لتجفيف المساعدات الإنسانية، واستخدامها كعقاب على الشعب اليمني المساند للشعب الفلسطيني في غزة، الرافض لما يتعرض له من إبادة".
وقال البيان، إن الرياض خضعت للمساعي الأمريكية للربط بين عملية مسار السلام في اليمن والتوتر الحاصل في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن إنهاء التوتر في البحر الأحمر لن يكون واقعا إلا "بوقف جرائم الحرب والإبادة؛ التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة، مقابل وقف التوتر في البحر الأحمر".
وجدد البيان، التأكيد "على أن وجود قوات غير يمنية في عدد من محافظات اليمن وجزره يمثل احتلالا متكامل الأركان، لا يمكن القبول به، وإنما مقاومته بكل الوسائل الممكنة".
ودعت الجماعة، "الأمم المتحدة للإيفاء بالوعود المسبقة، التي تم الاتفاق عليها، بشأن فتح وجهات سفر جديدة من مطار صنعاء".