سام برس:
2025-04-29@01:20:50 GMT

الطب النفسي .. ثقافة غائبة !

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

الطب النفسي .. ثقافة غائبة !

بقلم/ د. عبادة دعدوش
بين ما هو مرغوب وما هو مطلوب، يقف عائقٌ ما هو ممنوع خلف عقول تقليدية سيطرت عليها منظومة فكرية قديمة تبتعد عن التطور والحداثة، مُعلنة بذلك أنّ أيّاً كان ما يصب ضمن الإطار النفسي أو المعالجة النفسية فهو ترفٌ ومضيعة للوقت والمال لا أكثر، وهذا ما أدى إلى زيادة معدّلات الأمراض النفسية والمشكلات التي تطورت لتشمل الاجتماعية وتخلق بيئة غير آمنة نفسيّاً لأفراد المجتمع.



الطب النفسي أو ما يسمى (psychiatry) كما نعلم أنه أحد فروع الطب ويختصُّ في دراسة الاضطرابات والمشاكل النفسية وتشخيصها ثم علاجها إضافة إلى الوقاية منها.

هناك العديد من العلاجات النفسية والاختصاصات وتخصّصات كثيرة في هذا المجال مثل علم النفس والإرشاد والصحة النفسية، لكن بالنسبة للطب النفسي على وجه الخصوص، فهو يدمج بين الدواء النفسي والعلاج، مع وجود المزيد من أنواع العلاج، وهو يحتاج إلى اهتمام بالغ من حيث السمات والمهارات التي يملكها المختص.

أهمية الطب النفسي:

يمكن للطب النفسي أن يساعد أي شخص على التعامل مع ضغوطات الحياة وصراعاتها التي يمكن أن تؤثّر فيه، على سبيل المثال: قد يساعد على حلِّ الخلافات الأسرية وتخفيف القلق أو التوتّر الذي يُسببه العمل أو الذي يحدث نتيجة أيٍّ من المواقف الأخرى.

إضافة إلى أن العلاج النفسي يُكسِبُ الفرد إمكانية أن يفهم المريض نفسه، وكذلك أهدافه الشخصية وقيمه بشكل أفضل إلى جانب تطوير المهارات لتحسين العلاقات.

وبعد أن تعرفنا على أهمية الطب النفسي، يمكن أن ترى مدى النتائج التي سيخلقها الاهتمام به كعنصر مساعد لاكتشاف الذات وتطوير سلوكيات الأفراد في المجتمع، الأمر الذي سيخلق ثقافة مجتمعية متطورة حول كل ما يتعلّق بالعلوم النفسية ودراسة المشكلات والاضطرابات وحلها.

لكن السؤال الأهم هنا: هل ثقافة الطب النفسي ثقافة أصبحت غائبة تماماً عن مجتمعاتنا العربية، وماهي الأسباب الأكثر شيوعاً لغيابها؟

هناك عدة أسباب أهمها وأولها هو المنظومة الذهنية التقليدية التي يعيش فيها المجتمع والتي أعطت للطب أو العلاج النفسي فكرة أنّه عيبٌ ما، أو أنّ من يتحدّث به فهو مجنون، وهذا ما أودى بالكثير من الأفراد إلى الكتمان والحدّة بالتعامل، فضلاً عن العيش مع الاضطرابات والصراعات اليومية بحالات مزمنة أودت بالبعض من ضعاف النفوس إلى الانتحار وارتكاب الجرائم.

السبب الثاني الذي يعاني منه الأغلبية ممّن اقتنعوا بفكرة العلاج النفسي، هو ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية ممّا يجعلهم في حيرة بين ما هو أساسي وما هو ثانوي، ففضلوا تأمين احتياجاتهم الأساسية واضعين بذلك حالتهم النفسية في المرتبة الثانية، وهذا ما يخلق هوّة كبيرة خلّفت نتائج سلبية أثرت على أداء الأفراد وجعلتهم في حالة اكتئاب وإحباط مستمر، فتناقصت إنتاجيتهم وعلاقاتهم بشكل واضح.

في الآونة الأخيرة ومع تزايد المشكلات وسوء الظروف المحيطة والأزمات الاقتصادية والسياسية أصبحت الحاجة إلى دراسة الطب النفسي كاختصاص ضرورية للفرد وللمجتمع بأكمله، لأنه أصبح الحلقة الأولى لبناء جسد وأسرة وعمل وعلاقات صحية غير متأثرة بشكل كامل بالمحيط المعيش، ولأننا قد ننصدم ببعض العادات أو العقلية القديمة التي ترى أن هذا العلم هو ترفٌ لا يحتاج للاهتمام، فإنهم يمتنعون عن دراسته والتطور فيه وحتى أنه يُبعد من هو بحاجة للمعالجة عن مراكز العلاج النفسي والتحسين من حالته الصحية والنفسية فيزيد الأمر سوءاً.

لا أرى في الطب أو العلاج النفسي سوى ضرورة ملحة لمجتمع يعيش اليوم في نزاع وصراع مستمر مع الأزمات والغلاء والأمراض وغيرها من الظروف القاسية التي تجعله بحالة غضب وقلق وتوتر دائم ينسيه متطلباته واحتياجاته النفسية والسماع لصوت روحه المتعبة التي تحتاج إلى الراحة وإلى إعادة بنائها بطريقة سليمة.

صحيح أن التكاليف الباهظة للعلاج قد تمنع الأفراد من زيارة مراكز العلاج، لكنها لا شيء أمام النتائج السلبية التي ستخلفها عدم المعالجة، والتي ستهدم الفرد وتودي به للهاوية في حال بقي يعيش مريضاً وفي حالة نفسية سيئة تؤثر عليه وعلى الآخرين من حوله، فيصبح إنساناً غير مقبول في المجتمع، وغير صبور، وعصبي، مكتئباً لا يملك أهدافاً ولا يسعى لتحقيق أي إنجاز.

ولأن العقل السليم في الجسم السليم، فمن الضروري الاهتمام بالصحة النفسية ليصبح الفرد أكثر إنتاجية وبصحة جسدية سليمة بعيداً عن أي تقاليد قديمة ترى في الطب النفسي أنه ترف أو مشكلة.

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: الطب النفسی

إقرأ أيضاً:

اجتماع برئاسة وزير الصحة يناقش سير العمل بمستشفى إسناد للطب النفسي

الثورة نت/..

ناقش اجتماع برئاسة وزير الصحة والبيئة الدكتور على شيبان مستوى الأداء والخدمات الطبية والعلاجية في مستشفى إسناد للطب النفسي وعلاج الإدمان.

وتطرق الاجتماع بحضور مدير دائرة الرعاية الاجتماعية العميد دكتور مهند المتوكل وقيادة وكوادر المستشفى احتياجات المستشفى من الأدوية والأسرة والصعوبات التي تواجه سير العمل.

وفي الاجتماع أكد الوزير شيبان حرص الوزارة واهتمامها بتوفير الأدوية الخاصة بعلاج مرضى الحالات النفسية في المراكز التخصصية بالطب النفسي ومنها مستشفى إسناد.

وأشار إلى أهمية تكامل الجهود والتعاون بين الوزارة والمستشفى والجهات ذات العلاقة لتلافي السلبيات وتقديم الخدمات الطبية للمرضى بالشكل المطلوب.

من جانبه تطرق مدير دائرة الرعاية الاجتماعية إلى جهود قيادة المستشفى في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمرضى.. مؤكدا أن كثير من الحالات المرضية التي وصلت إلى المستشفى قد تماثلت للشفاء بعد تلقي العلاج والمتابعة.

وكان وزير الصحة والبيئة أطلع على سير العمل في عدد من الأقسام الطبية التخصصية في المستشفى، مستمعا من مدير دائرة الرعاية الاجتماعية إلى شرح حول الخدمات الطبية والعلاجية والأنشطة المصاحبة التي يتم تقديمها للمرضى.

مقالات مشابهة

  • وهبي: لا يمكن توفير طبيب شرعي لكل إقليم بسبب ضعف أجور التشريح التي لا تتجاوز 100 درهم
  • «الإمارات للدراسات» ينظم جلسة «عام المجتمع: كيف يساهم الأفراد في مجتمعاتهم؟»
  • اجتماع برئاسة وزير الصحة يناقش سير العمل بمستشفى إسناد للطب النفسي
  • دور الأخصائي النفسي في المؤسسات.. ندوة علمية بجامعة بني سويف الأهلية
  • حبس المتهمة بطعن نائب رئيس مدينة السنطة 4 أيام وعرضها على الطب النفسي
  • أمين بغداد يعيد الأمل لمواطن بعد هدم كشكه
  • طب بنها تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين
  • الصليب الأحمر توضّح بشأن دورها في نقل الأفراد من غزة عبر كرم أبو سالم
  • الوهم النفسي
  • بعد تقرير الطب النفسي.. جنايات المنيا تحيل أوراق قاتل شقيقه وزوجة أبيه للمفتى