لبنان ٢٤:
2025-02-11@12:50:36 GMT
التحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة نوه بتعديل قانون النقد والتسليف
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
عقدت الهيئة الإدارية لـ "التحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة" اجتماعا دوريا برئاسة المنسق العام الوطني مارون الخولي ناقشت خلاله مشروع تعديل قانون النقد والتسليف، ورأت انه "يمثل خطوة أساسية نحو تعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة في مصرف لبنان"، واكدت في بيان أن "هذا التعديل يجب أن يكون جزءًا من برنامج تأسيسي يُطلق بعد تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي يتمكن من قيادة عملية الإصلاح وفق رؤية متكاملة بعيدا من أي تشكيك أو اعتراض بحجة الانتقاص من صلاحيات طائفة الحاكم".
ورأت أن "مسودة التعديلات تركز على محاور جوهرية تواكب احتياجات المرحلة الراهنة، وإن هذه التعديلات المقترحة على قانون النقد والتسليف تمثل فرصة تاريخية لإعادة هيكلة مصرف لبنان وتحديث آليات عمله بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية. ومن أبرز هذه التعديلات: تعزيز الشفافية والاستقلالية والمراقبة في عمل المصرف المركزي، تطوير الحوكمة في مهام الحاكم والمجلس المركزي بما يشمل نشر المحاضر والقرارات لضمان المحاسبة، إنشاء هيئة تدقيق مستقلة للإشراف على التزام أجهزة المصرف بالقوانين وقواعد السلوك،وضع سياسات محاسبية حديثة تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ضبط تمويل مصرف لبنان للدولة والقطاع العام ضمن معايير صارمة تضمن الشفافية والفعالية، بالاضافة الى تحديث القوانين القديمة التي باتت غير ملائمة للتطورات النقدية والاقتصادية وإلغاء اللجنة الاستشارية واستحداث لجنتين متخصصتين هما لجنة السياسة النقدية ولجنة إدارة المخاطر".
وأكدت أن "هذه التعديلات تمثل ضرورة وطنية لمعالجة الفوضى الإدارية والمالية التي أدت إلى أزمات حادة منذ العام 2019"، وشددت على "ضرورة فصل الصلاحيات في مصرف لبنان لضمان توزيع المسؤوليات والحد من تضارب المصالح الذي شكّل بيئة خصبة لسوء الإدارة والإفلات من الرقابة في العقود الماضية".
وأشارت إلى أن "الإصلاحات المقترحة تتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي، الذي ركز على تعزيز الشفافية والتي تهدف إلى تفادي تكرار الأخطاء الجسيمة التي شهدناها خلال الاعوام الماضية، بخاصة ما عُرف ب(نموذج رياض سلامة) الذي تسبب بتراكم الخسائر، واستغلال الصلاحيات المطلقة للحاكم في غياب أي رقابة فعلية"، وأوضحت أن "رفض بعض جمعيات المودعين لمشروع قانون التعديل هو موقف غير واقعي، حيث لا علاقة لمصالح المودعين بالتعديلات المقترحة. هذه التعديلات لا تضر بمصالحهم أو ودائعهم، بل تهدف إلى تعزيز الشفافية وضبط الحوكمة في إدارة المصرف المركزي".
وختمت، مطالبة الأطراف السياسية والمصرفية ب"تغليب المصلحة الوطنية واعتماد مقاربة موضوعية لإقرار التعديلات، بما يضمن بناء نظام نقدي حديث وشفاف يعيد ثقة المواطنين والمؤسسات الدولية بلبنان. وإلى ضمان أن تكون الإصلاحات المرتقبة مدخلاً لتأسيس نظام نقدي أكثر شفافية واستدامة، يواكب تطلعات الشعب اللبناني في استعادة الاستقرار المالي والاقتصادي".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حكومة ميقاتي.. ما لها وما عليها اقتصادياً ومالياً
كتبت سلوى بعلبكي في"النهار": حكومة ميقاتي، والحق يقال، قامت بما استطاعت من أمور إيجابية، برغم تقصيرها في إنجاز بعض الأساسيات.لم تأت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بالحلول الجذرية للمشاكل المزمنة والمستجدة التي يعانيها اللبنانيون، إلا أنها برغم التلكؤ في معالجة بعضها، استطاعت الإمساك بالبلاد وقيادة دفتها، على رغم الشغور الرئاسي وحرب "الإسناد" التي شلت الوضع الاقتصادي كليا وخلّفت خرابا ودمارا وتشريدا لربع الشعب اللبناني من بيوتهم وقراهم.
وبالإضافة إلى المعاناة السياسية الداخلية التي أنتجت مقاطعة لجلسات مجلس الوزراء، بقي ابتعاد الدعم العربي والدولي عن مساندة لبنان فعليا والحظر السياسي يقبضان على المساعدات المالية والاقتصادية، باستثناء الإغاثية منها.
بيد أن حكومة ميقاتي، والحق يقال، قامت بما استطاعت من أمور إيجابية، برغم تقصيرها في إنجاز بعض الأساسيات. وأبرز ما أنجزته في الأشهر الأولى لتسلمها مهماتها، هو إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، بما يعطيها الحق في التفاخر بأنها أنجزت الاستحقاق بالحد الأدنى من الانتقادات والشكاوى التي تصاحب عادة أي استحقاق نيابي. واستطاعت الحكومة أيضا استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ونجحت تدريجا في تحقيق استقرار سعر الصرف ومكافحة التضخم المفرط ووقف طباعة الليرة، وتحقيق وفر مالي للخزينة، واستعادة ثقة المجتمع الدولي بالحد الأدنى، على الرغم من عدم تطبيق خطة واضحة للتعافي المالي والاقتصادي.
في المقابل، لم تفلح الحكومة في تحقيق مهمة أساسية ألقيت على عاتقها هي وضع قانون "كابيتال كونترول" وإعادة أموال المودعين بوتيرة سريعة، رغم المجهود الذي بذلته الحكومة لمحاولة التوصل إلى قانون يضمن الحد الأدنى من حقوق المودعين، ولا سيما الصغار منهم، وقد ذكر ميقاتي أن مشروع القانون الذي أعدته الحكومة يشمل إعادة أموال 97% من المودعين. ويتيح القانون المقترح لمن لديه وديعة بـ500 ألف دولار وما دون استعادة 86% من قيمتها تدريجا، وقد تعرّض مشروع القانون للانتقادات وخصوصا من جمعيات المودعين وبعض النواب.
وفي ملف الكهرباء، كان لافتا تحسن الجباية تدريجا، توازيا مع تحسن ساعات التغذية أخيرا، ولكن تبقى مؤسسة كهرباء لبنان في حالة عجز ولديها التزامات يجب تأمينها، وفي مقدمها ثمن النفط العراقي. كذلك فشلت الحكومة في تعيين هيئة ناظمة للكهرباء، وفي توقيع الاتفاق مع مصر والأردن لاستجرار الطاقة بسبب "قانون قيصر" الأميركي.
والواقع أن الكهرباء كانت السبب الأساسي للعجز الكبير في المالية العامة، حيث تم إنفاق نحو 25 مليار دولار على قطاع الطاقة، منها 20 مليارا لمصلحة كهرباء لبنان حصرا، بين عامي 2010 و2021، وفق تقرير التدقيق الجنائي لشركة "الفاريز"، الذي أوضح أن الدولة اللبنانية حصلت على 50 مليار دولار من مصرف لبنان (أي فعليا من الاحتياط الإلزامي للمصارف وأموال المودعين) ذهب نصفها للكهرباء والطاقة منذ 2010 إلى 2021.
وبالعودة إلى الأمور المالية، ووفق الأرقام الرسمية، يتبين أنه عندما تسلمت حكومة ميقاتي مهماتها في 10 أيلول 2021، كان رصيد الخزينة لدى مصرف لبنان حينها قليلا، والعجز كبيرا، وإيرادات الخزينة ضئيلة ويتم استيفاؤها على سعر 1500 ليرة لكل دولار. وكان مصرف لبنان يقوم مرغما بتمويل العجز والدعم وتغطية النفقات عبر طباعة العملة أو استخدام احتياط مصرف لبنان بالعملات الأجنبية لتمويل نفقات الدولة ورواتب القطاع العام، وهو ما تسبب بارتفاع التضخم إلى نسب غير مسبوقة، وتراجع في احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية. ومعلوم أن الدعم الذي كان قائما للمحروقات والأدوية والقمح والمواد الغذائية بقرار سياسي من حكومة الرئيس حسان دياب ورئاسة الجمهورية، تم فرضه بالضغط على حاكمية مصرف لبنان. توقف الدعم تدريجا بعد تأليف حكومة ميقاتي، وتحسنت الإيرادات والجباية، فيما تحول العجز في حسابات الخزينة بالتدرج إلى فائض متراكم، بلغ مجموعه في نهاية 2024 نحو ملياري دولار "فريش"، وهذا الفائض هو الأول في تاريخ الحكومات في العقود الثلاثة الماضية. وتاليا استطاعت الحكومة، رغم الظروف الصعبة والعدوان، تحقيق فائض في حسابات الخزينة خلال 3 أعوام يوازي نحو ملياري دولار نقدي، وهو متوافر حاليا في حسابات الخزينة في مصرف لبنان، وقد لقي ترحيبا وإشادة من المؤسسات الدولية، وتاليا تستطيع الحكومة الجديدة أن تباشر عملها ولديها رصيد جيد في مصرف لبنان، تقابله التزامات متعددة.
تحقيق هذا الفائض على عهد ميقاتي، ناتج من إجراءات اتخذتها حكومته وترجمت بالموازنات المدروسة التي تم إقرارها والعمل بموجبها، فتحسّنت الإيرادات والجباية وضُبط الإنفاق، ولكن دون التقصير في الأمور الصحية والتربوية والتقديمات الاجتماعية، بدليل رفع التقديمات المدرسية والتغطية الصحية للموظفين على نحو ملحوظ. كذلك رُفعت الرواتب والأجور في شكل تدريجي ومدروس، والأهم أن هذه الزيادات لم تؤثر على التضخم، وظل سعر الصرف مستقرا منذ عامين، وضُبط التضخم وتم التركيز على استعادة الثقة وتأمين الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وقد بلغ مجموع إيرادات الخزينة عام 2024 ما يوازي 4.1 مليارات دولار، قابلتها نفقات عن العام عينه توازي 3.5 مليارات دولار (من دون احتساب سندات الخزينة المستحقة)، فيما بلغ الفائض المحقق أكثر من 550 مليون دولار نقدي. وكان متوقعا أن يرتفع الفائض أكثر لولا العدوان الإسرائيلي الذي تسبب بخسائر كبيرة أثرت سلبا على الاقتصاد اللبناني، فانعكست انخفاضا في الإيرادات وارتفاعا في النفقات، ولا سيما ما تعلق منها بإغاثة النازحين وإيوائهم.
يشار إلى أن إجراءات المالية العامة التي اتخذتها الحكومة جعلت السيطرة على سعر الصرف واستقراره ممكنة. وقد مكّنت إجراءات الحكومة المالية بالتعاون الوثيق مع مصرف لبنان من تعزيز الاحتياط بالعملات الأجنبية لديه التي ارتفعت من 8 مليارات دولار إلى أكثر من 10 مليارات دولار نقدي خلال أقل من عامين، وعززت إمكانات المصرف المركزي لتحسين الدفعات الشهرية للمودعين، ولو في شكل محدود.
إلى ذلك، نجحت الحكومة في إدارة الأزمات وآخرها العدوان الإسرائيلي المدمر، وذلك ضمن الإمكانات المتاحة، ونجحت نسبيا في المحافظة على مرجعية الدولة وكيانيتها، رغم التأخر الكبير في انتخاب رئيس للجمهورية. كذلك نجحت في وضع المالية العامة على السكة الصحيحة. إلا أن الحكومة لم تبادر، وفي أوقات متفاوتة لم تستطع القيام بالإصلاحات المالية المطلوبة، ولا سيما ما يتعلق منها بالمودعين، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي و"الكابيتال كونترول". وكان لتحقيق الفائض في الموازنة انعكاسات سلبية، ومنها تخفيف الإنفاق على المشاريع الإنمائية والبنى التحتية.