سودانايل:
2025-01-11@08:43:01 GMT

استغلال الهامش لفرض التهميش والفوضى

تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT

كثيرا ما يرفع شعاراعطاء الهامش المظلوم حقه في تقاسم الثروة السلطة وكل شئ .نعم للهامش حقوق لم يتحصل عليها . حتى في سويسرا واسكندنافية يحس اهل الهامش انهم مظلومون ويجأرون بالشكوى . في اغنى الدول واكثرها تحضرا لا يمكن ان تعطى نفس المستوى المعيشي للجميع . حتى شعار الاشتراكية العلمية يقول..... من كل حسب مقدرته لكل حسب عمله .

عمل جراح القلب قد يكون اسهل كثيرا من عمل السمكري، الا أن القيمة الاقتصادية والعمل الاجتماعي المضمن في عمل الجراح قيمتة السوقية اكبر من السمكري الذي يصنع ،، الشرغرغ ،، وابريق الوضوء . حسب الاقتصاد الماركسي العرض والطلب لا يحددان قيمة البضاعة المقدمة للسوق . وهذه البضاعة قد تكون انتتاج جراح القلب او السمكري . الا أن قانون العرض والطلب له تأثير قد يقل او يزيد .
على الحكومات العادلة والمتطورة اعطاء الجميع منفذا الى التعليم المجاني الوظيفة العلاج المجاني المسكن المعقول والندية عند الوقوف امام ممثل جهاز القمع في الدولة ممثلا في الامن والشرطة ، القاضي او الدستور. كل هذا يحتاج للمال الذي من المفروض أن تكسبه الحكومة من الرسوم الضرائب الجمارك على الجميع واستثمارات الحكومة . من المفروض أن يدفع الغني اكثر من الآخرين .في الحكومات الفاسدة مثل الانقاذ يدفع الاغنياء اقل او لا يدفعون تماما كما في زمن الكيزان . الحكمة تقول..... الضرائب مثل الموت يتعرض لها الجميع . في زمن الانقاذ كان الكوز لا يدفع الضرائب ، بل ينهب الضرائب مال الزكاة ويسرق مال الحجاج !!
السيدة نيامكو صابونيمولودة في الكونقو كانت وزيرة الاندماج والمساواة وهى في العشرينات من عمرها ، ثم صارت رئيسة الحزب اللبرالي الحاكم في السويد .. اتت الى مدينتنا للحوار انبرى لها الاجانب وخاصة العرب وتكلموا عن التهميش في السويد . فالوا انهم لا يتحصلون على الشقق في الاحياء الفاخرة . ردها كان ..... الشركات تستثمر فلوسها لتتحصل على الربح . لايمكن للحكومة ان تتدخل، عليك ان تتحصل على الدخل العالي ويمكنك شراء اى شقة تريد . شاب عربي في الثلاثين من عمره قال انه تحصل على التزام من الاعانة الاجتماعية بدفع اجار الشقة التي يتحصل عليها . بعض الشركات لاتريد أن تعطيه شقة في الاماكن المميزة !! الحواب كان لماذا يحتاج شاب في الثلاثين للمساعدة الاجتماعية ؟؟توجد دائما عند مكتب العمل وظائف شاغرة . الدولة تتكفل بتعليم الجميع حرفا تسعدهم على الحصول على وظائف جيدة .
عندما وصل الكيزان الى السلطة قالوا مفتخرين نحن نتشرف باننا لسنا من ابناء العاصمة .نعم العاصمة .... تصور . من اتوا من الهامش هم اول من اضر بالهامش . لقد حاربوا التعليم المجاني حاربوا العلاج الحكومي الذي وطن العلاج في الهامش في شكل الحكيم مساعد الحكيم الشفخانات القابلات القانونيات بعقائدية عالية . تخلصوا من الخطط الاسكانية حيث يملك المواطن قطع سكنية حسب النقاط التي يتحصل عليها المواطن . مشاريع الاعاشة لاهل الاقاليم صارت اثرا بعد عين . لم يعد النظام القضائي ملزما بتوفير محامي للمتهم على حساب الدولة كما كفله القانون السوداني . والغريبة هى أن المحامين لايعلمون طالب مساعدتهم بهذا الحق . لأن ما تدفعه الدولة اقل من ما يحلبونه من المساكين .
الهامش هو من حارب الديمقراطية بشراسة وروح عدائية . من الذي اتى بالحكومات . اليوم قد يوجد 20 الى 25 % من سكان السودان في مديرية الخرطوم . قديما كانت مديرية الخرطوم وهذا يشمل امدرمان كرش الفيل بحري وما حولهم تمثل ب9 دوائر انتخابية . دارفور وحدها رفدت البرلمان ب اربعين دائرة ذهبت الى حزب آل الدجال ود الفحل ،، المهدي ،،. نائب توريت في جنوب السودان فاز ب12 صوتا ، لأن كل من صوتوا في دائرته 20 شخصا . دارفور كردفان الشماليىة النيل الابيض شرق السودان كانت مقفولة للطائفية التي كانت ولا تزال اليوم وغدا تتحكم في سياسة السودان . من المفروض أن يحس اهل العاصمة جنوب السودان وجبال النوبةجنوب النيل الازرق واماكن اخرى ان عندهم حق ضائع عند الهامش .
اورد المفتش الانجليزي في كتاب حكاوي كنتربري السودانية .....حسب القانون ابتعد المفتش من مكانة الاقتراع . الشاويش المسؤول عن النظام لاحظ أن احد المرشحين كان يدفع 20 قرشا للناخب . يدخل النائب وبدلا عن وضع الورقة في الصندوق يضعها في جيبه ويسلمها للمرسح بعشرين قرشا . المنافس الثاني رفع السعر لخمسة وعشرين قرشا . قام الشاويش بالقبض على المرشحينوهددهم بالسجن سلموه الاوراق ومبلغا كبيرا لاكطلاق سراحهم . باع الشاويش كل الاوراق للعمدة بمبلغ كبير . عرف المفتش من مفتش آخر أن الشاويش قد اشترى اراضي كثيرة في المركز المجاور . ويتكلمون عن التهميش .
اكثر من تهمش عن قصد هم اهل الجنوب . لان الجنوب بالنسبة لى كان الوطن الاول فقد كنت كل حياتي ادافع عنه . بالرغم من كل الظلم القتل التشريد، اثبت الجنوبيون انهم انبل اكرم من الجميع .... طوبى لاهل الجنوب .
التمكين كان المقصود منه انتزاع حق الاغنياء وساكني المدن بدون وجه حق . في كثير من الاحيان تم اعتقال من يمتلك وكالة الشركات العالمية ولم يطلق سراحه او سراح احد ابناءه والتهديد بالاغتصاب وتم تنازله عن الوكالات . تم تغيير العملة . حرموا اصحاب المال من مالهم واعطوا اهل الهامش المال ب ،، الطرناتة ،، .اضطر اهل المدن لبيع مساكنهم وشركاتهم بعد ان ورطهم اهل الهامش في مزالق منصوبة .
اهل الهامش لم تكن عندهم المقدرة أو الخبرة على ادارة الشركات . تعلموا الحلاقة على رأس الشعب المسكين . كان هنالك اكثر من 257 تاجر جملة يستوردون حسب القانون . صار الكوزالذي اتى من الهامش يكون المنظمات مثل منظمة الشهيد دمعة الجريح الخ وسمح لهم بالاستيراد بدون رسوم اوجمارك ، وحتى بدون رخصة استيراد . تم اخراج تاجر الجملة من السوق وافلاسه المتعمد . لم يبق سوى 27 تاجر جمله مروض!! رجل الاعمال الناجح حتى ولو صاحب كافتيريا يأتيه كوز ،، واصل ،، يخيره بين الشراكة او الافلاس . اذا رفض رجل الاعمال ، يسلطون عليه رجال الضرائب الانفايات ومصلحة الصحة ..... ويتكلمون عن الهامش !! اهل الهامش لم يرجعوا ابدا لاستثمار المال المسروق في الهامش . استثمروا في ماليزيا اوربا او الامارات الخ .
يخلط الاغلبية بين الحكومة الدولة والمجتمع . الكثير من يرفعون شعار الليبرالية الاشتراكية الشيوعية الخ يتكلمون عن فصل الدين عن الدولة هذه غلطة كبيرة . الصحيح هو ان يكون طرحهم عند ما يصير واضحا ان الدين يستغل بطريقة خاطئة في الحكم ، هو منع الحكومة من اسائة استغلال الدين كما حدث في زمن المهدية طائفة الختمية والكيزان . كانت عندنا لعنتين الانصار الختمية واليوم لا يمكن حصر هذه الكوارث .
المجتمع هو من يحدد النظام التشريعي القضائي التفيذي في الحكومة او السياسة . التجارة الزراعة التعليم الرياضة الصيد السياحة الترفيه الاديان كريم المعتقدات الفنون الموسيقى النقابات العلاج التعليم الثقافة العادات الخ لا يمكن فصلها عن الدولة . قد يتم تأطير مراقبة العادات الضارة مثل الختان الفرعوني الدجل الخرافات من ظار كجور وتقديس رجال الدين والغناء الهابط وما لايلتزم بالذوق والاخلاق المطبوعات التي تضر بالنشئ والشبابا الرياضة ترصد التفلتات التى تسئ الى الدين وكريم المعتقدات الخ .
القوانين المكتوبة لا تساعد تماما في تعافي المجتمع . المجتمعات تكونت قبل الحكومات . المجتمعات تضع القوانين الغير مكتوبة التي لا يمكن للقانون المكتوب ان يتطرق لها . رفض ترك المقعد في الحافلة لحامل ، معاق او شيخ طاعن في السن لا يعرض الانسان للعقوبات القانونية مثلا . الشخص الذي يبحلق في النساء بطريقة متواصلة وغير كريمة يتعدى على القوانين الغير مكتوبة .عندما يموت الجار قد يؤجل الجيران حفلات زواجهم ويخفضون صوت المذياع الذي يصدح بالاغاني .
العادات والاعراف قد تطغى على العبادات والشرع. اذكر أن جداتنا ينظرن بحب الى ما يعرف بالنجم القطبي ،وهو اول نجم يظهر في السماء بحجم كبير وواضح . يطلقون عليه.... نجمة الضيف .ولا تنطفى النيران الا بعد اختفاء نجمة الضيف في نهاية العشاء . ويحق للضيف أن يحصل على اكل ساخن طالما نجمة الضيف ظاهرة في السماء . وبعد اختفاء نجمة الضيف يحق للضيف بعض اللبن القرقوس، الرقاق والتمر او ما تيسر الخ . من المتعارف عليه قديما أن لا يسمح لاهل الميت من اشعال النار وعمل الطعام في اليوم الاول . عند الانتقال الى دار جديدة يتكفل الجيران باطعام الاسرة القادمة لانها تكون مسشغولة بتنظيم الدار الجديدة . من لا يهتم من الجيران يلفت نظره واذا تكرر الغلط قد يجد الانسان نفسه معزولا .انها القوانين الغير مكتوبة .
من يتعدى على القوانين الغير مكتوبة يتعرض له الحضور بالنقد وابداء عدم رضاءهم وربما الضرب . شعارهم هو ما يحدث في البيت شئ خاص ، ما يحدث في خارج البيت مسؤولية الجميع . المجتمع يعاقب ألمتعدي على قانون المجتمع في سجن من العزلة والرفض . من القوانين الغير مكتوبة قد تتحول الى قانون مكتوب عندما ادى الامر الى الجروج والموت . كان متعارفا عليه أن يترجل الناس عن جمالها عند دخول الحلة او البلدة حتى لا يكشفوا البيوت وساكنيها . تجاهل بعض اهل البادية الامر وربما بسبب الفضول للاطلاع على طريقة سكن اهل المدن الكبيرة ، واحساس اهل البادية ببعض الروح العدائية وربما الحسد لاهل المدن الكبيرة ، لانهم مختلفون . انتهى الامر بمعارك في امدرمان . تم سن قانون طبقه البوليس بواسطة بطل امدرمان ومفتشها ،، برامبل ،، يمنع الناس من ركوب الجمال في حرم المدينة .وانتهت المشكلة .
الحكومة السودانية كانت تتحصل على 50 % من دخل مشروع الجزيرة العملاق مصانع السكر محالج القطن مزارع الخروع العيش الفول السمسم مشاريع الكناف مصانع النسيج المناجم مثل الكروم الذهب النقل النهري الطيران بانواعه المواني النهرية البحرية والبرية . النقل النهري السكك الحديدية الفنادق النقل الميكانيكي المخازن والمهمات المستشفيات المدارس التعليم العالي وكل ما يخطر على البال !! كل هذا يحدث تحت مراقبة لصيقة وتحت الاورنيك 15 .
من الذي قضى على كل هذه الروعة والابداع ، انهم من اتوا من الهامش وهم يرفعون راية التهميش كقميص عثمان رضى الله عنه . انهم الكيزان الذي افتخروا بانهم ليسوا من رجس وكفر اهل المدينة !! قضوا على الاخضر واليابس. بعد التعدي على ممتلكات الحكومة لم يعد عند المواطن استثمارات ليدفع عليها رسوما ،جماركا وضرائبا . الكوز معفي من الدفع ومصرح له بالنهب ومطاردة ممتلكات الامة حتى خارج الوطن. خير مثال هى العمارات في اغلى المواقع في عاصمة بريطانيا التي لا تغرب عنها الشمس . المؤلم ان ،، الكفار ،، قد اكرموا صدقوا واوفوا ، والكيزان ومن اتى من الهامش سرقوا نهبوأ وغدروا . البريطانيون هم من اشترى تلك الكنوز وسجلوها وحافظوا عليها لشعب السودان .
من سيطر على السياسة السودانية منذ عهد الحكومة الانتقالية وقبل الاستقلال ؟؟ انها الطائفية اللعينة واتباعها المغيبون . كره الميرغني خصمه عبد الرحمن المهدي ، خاف الميرغني من تنصيب عبد الرحمن المهدي ملكا على السودان كما سعى له الانصارمن الهامش بحرابهم وسيوفهم . قال الميرغني ..... انا عشت في التركية والمهدية والتركية كانت خيرا من المهدية . وانا اقبل هايلاسلاسي ملكا على السودان ولا اقبل بعبد الرحمن المهدي ملكا على السودان . باع الميرغني نفسه واتباعه لمصر . قامت مصر بسمكرة الحزب ،،الاتحادي ،، طبعا الاتحاد مع مصر ام الدنيا في اكتوبر 1952 في بيت محمد نجيب رئيس مصر الجديد بعد الاطاحة بالملك فاروق .
غضب عبد الرحمن محمد احمد عبدالله ود الفحل . استدعى عبد الرحمن 4 الف من اهل الهامش لقتل محمد نجيب وكل من تواجد في القصر الجمهوري احتفالا بافتتاح البرلمان السوداني في الأول من مارس 1954 .من الغرائب انه تم ذبح ميرغني عثمان صالح وهو الابن الاكبر لعثمان صالح رجل الاعمال ومن اكبر الانصار وداعمهم ، فقط لانه كان قد عاد من مصر ويرتدي طربوشا كالعادة مع البدلة.
عندما اتى عبد الرحمن المهدي باربعة الف من اهل الهامش الى امدرمان كان عدد رجال الجيش في كل السودان يتكون من 7 الف جندي وظابط فقط . البوليس لم يزد تسليحه عن عصا صغيرة . انها جريمة بشعة ، احضارآولائك المساكين ليتحولوا الى قتلة سيحاسبوا يوم القيامة ، وضحايا ماتوا وهم مخدوعين بانهم شهداء في طريقهم الى النعيم !!من هو المسؤول ويتحمل اوزارهم ؟؟ ولا يزال آل المهدي والميرغني يسيرون حياة البسطاء ويمتصون دماءهم .
بالرغم من كل الجرائم والذنوب التي ارتكبها حميدتي الا ان جرائم محمد احمد عبد الله ود الفحل ، عبد الله التعايشي والميرغني يتفوقون عليه بسنين ضوئية . هؤلاء قد مارسوا الدجل سفكوا الدماء اباحوا الاغتصاب استعباد زوجات وبنات المسلمين . ود الفحل افتى بأن كل عقد نكاح حتى اذا كان امام شهود بواسطة مأذون او قاضي ، لا قيمة له لانه كان قبل زمنه . وكل ما هو قبل زمن ود الفحل باطل . حتى المذاهب الاربعة قد حرمت . قال ود الفحل .... هؤلاء رجال اجتهدوا وهو ياتيه الامر مباشرة من الرسول صلى الله عليه وسلم . التعايشي يقول ان سيدنا حبريل يزوره ويصلي على فروته . الميرغني يكتب انه ،، الختم ،، او خاتم الاولياء ولا ولى بعده .
هنالك سجن في وسط امدرمان عرف في المهدية بسجن الساير . ادريس الساير كان لصا، قاطع طريق سكير زاني الخ . يقول ان المهدي قد انقذه من الضلال وجعله اميرا على السجن . كان يطالب المساجين واهلهم بدفع المال والا مات المساجين جوعا .يقول ... انا لا عندي تجارة ولا زراعة انتو تجارتي وزراعتي . اورد هذا ابراهيم فوزي في كتابه السودان بين يدي غردون وكتشنر . ابراهيم فوزي باشا هو الذي قضى سنينا في السجن مع تشالز وينفيلد الالماني الخليفة شريف ابن عم المهدي الباشا الياس امبرير اول من ناصر دعم المهدي بماله واشهر لص في السودان المصري الملقب ب،، زغبير ،،. ادريس الساير كان يطلق اللصوص للسرقة ويعودون الى السجن ليعطوه المال . اشهر اللصوص كان،،زغبير،، المصري . كلمة زغبير صارت مرادفة للهروب الاختفاء وسرعة الحركة في قاموس السودان .
عندما كثرت سرقات زغبير حكم عليه بالقطع من خلاف . هنالك صورة فوتوغرافية له بعد دخول الانجليز وهو في سجن السايروهم مقطوع . الغريب انه صار تاجرا ثريا ومعروفا في امدرلامان .
عرف ادريس باسم الساير . من العادة عند قبيلته ان تتزوج الفتاة بعد أن تضع طفلا . الزوج لا يتزوج فتاة لم تؤكد انها قادرة على الانجاب . يعرف الطفل ب ،،ود خالو .
عندما تقدم رجل للزواج بخالة ادريس التي لم تنجب . اصرت والدة ادريس على تطبيق ،، الساير ،، وهو القانون المتفق عليه في زواج ام الطفل قبل من لم تلد .
الجحافل التي صحبت المهدي والخليفة في هجومه على المدن والقرى في السودان ، اغلبها كان يفكر في النهب السرقة والاغتصاب . كما يحدث اليوم فقد صاروا اثرياء وبعضهم امراء يسيطرون على الحياة ومصير الآخرين . يكفي ان 60 % من سكان السودان قد ماتوا بسبب المهدية . حتى دول الجوار لم تنعم بالسلام بسبب المهدية . مئلا الآلاف من اتو من ،، الهامش عادوا الى ديارهم . الكثيرون منهم كالعادة حملوا معهم ما نهبوه من ذهب ومال . صاروا ملئ السمع والبصر . حكوا عن انتصاراتهم نهبهم وعن دار صباح التي يسهل قتل اهلها نهبهم واغتصاب نساءهم .
بعد هزيمة التعايشي وهروبه من امدرمان عاد اغلب من اتى الى القتل النهبوالاغتصاب الى ديارهم . صاروا يتباكون على الاندلس الذي فقدوه. تربصوا انتظروا وحلم حتى احفادهم بالعز الثروة السلطة الخ في دار صباح .
اورد يوسغف ميخائيل القبطي المولود في الابيض والذي صار مقدما عند الخليفة على المسالمة، انه بعد سقوط الابيض وقف النساء في طابور لمدة ثلاثة ايام. تم تفتيش النساء...... بت الريف تفك السروال والسودانية تحل القرقاب . نهبوا كل الذهب والمال.
بعد موت محمد شقيق المهدي في الجنزارة في الهجوم الاول الفاشل على الابيض صار التعايشي الاقرب الى المهدي . الفكي المنا كان الرجل القوي وله حليف في شخص محمد اخ المهدي المقتول . الفكي المنا من ساعد المهدي في احتلال الابيض ومن شجعه منذ البداية . تحصل الفكي المنا على قدر كبير من الاموال الذهب والغنائم وعاد الى اهله . اوغر التعايشي صدرالمهدي على الفكي المنا من الجوامعة و مدير كردفان محمد سعيد واحمد ود دفع الله والبقية الذين عفى عنهم المهدي بعد استسلامهم .تم قتلهم بعد تسليمهم الى الغديات. سمعنا ان المسلم لا يكذب ولا يخون العهد.... تصور !
ارسل التعايشي من لحق بالفكي المنا وتم قتله واستردت الاموال والغنائم التي كانت بيت القصيد عند اغلبية من انضم الى ،، المهدي ،، من اهل الهامش. سلم محمد سعيد ومدير مكتبه مصطفى وود دفع الله والآخرين الى الغديات الذين قتل زعيمهم عندما انتفضوا ضد الحكومة عندما صارالباشا الياس امبرير الجعلى حاكما على دارفور ورفضه الغديات وغيرهم، لأنهم لا يدفعون الطلبة للجلابي . واستبدل الياس ام برير بمحمد سعيد باشا التركي . غضب الياس ام برير واتصل بالمهدي ليحتل الابيض ، .
تمت مذبحة المتمة البشعة ومذبحة الزيداب التي ارتكبها على فرفار وقتل فيها حتى الاطفال بعد قتل عبد الله ود سعد وآلاف الجعليين . واستبيح العرض والمال الدم الخ . صار كل الجعليين واهل الوسط مدانين في نظر اهل الهامش .انتهى الباشا الياس امبرير محمولا على عنقريبه بسب مرضه وتقدم عمره سجينا في سجن الساير بعد مصادرة كل ماله . قال الباشا وقتها نادما مثل الاغلبية على مناصرة المهدي والتعايشي .... من ناصر ظالما سلطه الله عليه . تم قتل الاسرى بالرغم من وعد المهدي بالعفو عنهم عند التسليم !! ويقولون عنه مهدي الله .
بعد هزيمة الشايقية تحالف شاويش معاسماعيل باشا. وحارب معه الجعليين بعد قتل اسماعيل باشا . الجيش الغازي مارس الاغتصاب لان هذا ما وعدهم به الباشا وكانوا يدفعون لهم خمشين قرشاً علي كا أذن سودانية يقطعونها بعد قتل صاحبها . بل لقد قطعوا اذان من لم يكن قد مات. وعندما انتقم محمد الدفتردار لصهره اسماعيل باشا قتلوا كل من وجدوه امامهم واغتصبوا الرجال والنساء.
وبما إن اهل بربر وملكها قد تضايقوا من غارات الشايقيه وقطعهم للطريق ومنافسه شندى والمتمه فلقد استدعوا الباشا لاحتلال السودان . وشاركوا وشمتوا عندما تعرض الجعليين للقتل والاغتصاب والاسر . وقام الدفتردار بارسال سبعه ألف من الجعليين كرقيق الى مصر بعد هزيمه المك نمر . وأتبعهم بأربعه ألف بعد هزيمه المك مساعد . وشارك الشايقيه فى الحرب ضد الجعليين بعد ان تحالفوا مع الاتراك .
ويذكر يوسف كاتب الخليفه وكاتم اسراره فى كتابه انه بعد كتله ود سعد فى المتمه ان الانصار وجيش محمود ود احمد قد جردوا النساء من ملابسهن وساقوهن امامهم كالقطعان وعندما كانوا يسمحون لهم بورود الماء كانوا يسخرون منهم ويشتموهن . وذكر ان اهل بربر قد شمتوا فيهم لان الجعليين قد شاركوا فى كتلة بربر والقتل والاغتصاب فى بداية المهديه .
يوسف ميخائيل ولد فى الابيض وقد انضم هم واخويه للمهدى فلقد ذكر كذلك انه بعد استسلام الابيض . ان النساء وقفوا فى صف لمدة ثلاثه ايام فى الحر والهجير وقام الحاج خالد ورجاله بتفتيشهم لنزع اى ذهب او اى نقود مخبيه وكانوا يجبرون النساء على خلع القرقاب وبنات الريف يحلون السروال .
ويذكر كذلك كتلة ابو حراز وكيف استباح الانصار العرض والمال . وبعد هزيمه أهل التياره وقتل اهلها من تجار ودناقله واولاد ريف ومغاربه وخواجات ان وضع النساء أسياف رجالهم على نحورهن وسقطن عليها حتى يتجنبوا الاغتصاب .وستعود لمذبحة ابو حراز والتيارة .
الغريبة أن حاج خالد الذي صار اميرا لبيت المال كان ختميا . ابنه خلف الله خالد والد زميل الدراسية في امدرمان وشرق اوربا الخير خلف الل خالد كانوا ختمية . خلف الله هو ممثل الختمية في الحكومة الاولى كوزير للدفاع لانه كان ظابطا. عندما اختلف الميرغني وتحالف مع عبد الرحمن المهدي ترشح العم خلف الله خالد العمرابي ضد الازهري في الدائرة التي فاز فيها عبد الخالق محجوب فيما بعد .

من موضوع حميدتي ودق البلد بالولد بتاريخ 18 مارس 2020.
اقتباس
ويشيد حميتي بالمناضل الحلو ويصفه بالوطني . عن اى وطن يتكلم حميدتي الم يكن حميدتي يحارب لقتل شعب النوبة بعد ان حرق دارفور ، كما طلب منه ؟ هذا لايعني ان حميدتي يعرف انه كان يحارب الوطنيبين في جبال النوبة . الوطنية والوطن كلمة مطاطة في السودان . الجنوب كان وطنا للجميع لقد فصله من كان حميدتي يحارب لهم وباسمهم . وحميدتي لن يستطع ابدا ان يسيطر على كل جنجويده لانهم ،، لحم راس ،، . والحال لا يمكن ان يستمر هكذا ، سيتمرد جنوده بعد فترة . حفظ الله ما تبقى من السودان
كركاسة
لا تيأس او تحزن عندما تتساقط اوراق الاشجار وتتعرى الاغصان . اوراق الاشجار ستعود اكثر خضرة وجمالا . الاشجار تعيش اكثر منا . بعض الاشجار تعيش لآلاف السنين . حياة الانسان قصيرة . كل يوم نضيعه لن يعود ابدا . الغد يوم جديد له اجندته وظروفه . فلنستفد من كل ساعة المن يومنا !!
شوقي

 

shawgibadri@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: عبد الرحمن المهدی من الهامش اکثر من لا یمکن انه کان

إقرأ أيضاً:

الإسلاميون في السودان: لم تعثروا وكيف ينهضون (١-٦)

الدكتور الدرديري محمد أحمد

هذا مقال يتناول، في ست حلقات، أسباب تعثر الإسلاميين في السودان ويستشرف آفاق نهضتهم. وهو لا يجيء من قلمٍ في الرصيف، وانما ينحته في جدار التجربة إزميلُ من عايشها وسلخ فيها عمرا. ولئن اتبع الكاتب منهجيةً علميةً في تناول الوقائع – رصدا وتحليلا – فهو إنما ينطلق من إيمانٍ بصلاح الفكرة وبأن انبعاثها من جديد قدراً مقدورا.

وقد شَرعتُ في كتابة هذا المقال قبل عدة أشهر. غير انني توقفت عن المضي فيه حين بدا لي أن الأَمثل في تناولِه أن تُجرى بشأنه مداولة داخلية. ذلك حتى لا يُبذل في الفضاءات العامة التي لا تُؤمن فيها إساءة استخدام مادته بالاجتزاء المتعمد والاقتباس المخل. غير انه لما تفجر الصراع الحالي داخل حزب المؤتمر الوطني، وتعاورته الألسن والأقلام والوسائط، رأيت أنه انفتح الباب لتدارس كَبوة الإسلاميين السودانيين جهرةً ووصف الدواء لها علانية. فالغوص في لُب المشكل أفضل من ترك الناس يتبارون في حشد الشكليات. بل ربما يعين ذلك طرفي الصراع أن يسموَا بصراعهما ويسعيا لاتخاذ مسار يضمن نجاة الجميع والوصول بالسفينة لبر الأمان. كيف لا، والطرفان من أهل الحكمة والسبق وقد بذلا في هذه المحنة ما بذلا.

كذلك فان من مبررات هذا التناول العلني أن عبارة “الإسلاميين” لم تعد قاصرة على تنظيم بعينه. فحزب المؤتمر الوطني وكيان الحركة الإسلامية ليسا تنظيم الإسلاميين السودانيين كافة؛ وان كانا الأوسع بين تنظيماتهم. والمؤتمر الشعبي ليس هو كيانهم المؤثّل؛ وان كان بقية مما ترك شيخهم الأكبر. ويقال مثل ذلك عن الإصلاح الآن، وكيانات أخرى مؤثرة وسط الشباب او الشيوخ.

بل تشمل العبارة كيانات لا تمت للحركة الإسلامية الحديثة بآصرة. ومن ذلك الأحزاب التاريخية الكبرى، والسلفيين، والصوفية، وبعض الحركات المسلحة. كذلك يشمل وصف الاسلاميين السواد الأعظم من أهل السودان ممن لم يعرفوا انتماءاً حزبيا او حركيا او طائفيا؛ ذلك لكونهم انفتحوا على الأطروحة الإسلامية بعد أن رفضوا الأطروحة المقابلة. إذ هالَهم ما أتته “قحت”، فعلا منكرا، عندما حكمت؛ واستبشعوا ما جهرت به “تقدم”، قولا زورا، حين ناصرت الدعم السريع. بل ان المعنيين بهذه الاطروحة بالدرجة الأولى هم ذلك الطيف الواسع من الشباب ممن انحازوا للتغيير في أول عهده، في أبريل 2019، يلتمسون فيه بديلا وطنيا أطهر أو نموذجا إسلاميا أنقى؛ أو ممن نفروا خفافا وثقالا بعد الحرب مساندة لجند “الله والوطن”، فقاتلوا وقُتلوا واتخذ الله منهم شهداء.

فبعد ان كان شأن الإسلام في السودان، في خمسينيات القرن الماضي وستينياته وحتى سبعينياته، دعوة سرية تدار في الصالونات المغلقة، فإنه انداح في الآفاق دعوة جهرية تهتز لها المنابر، وتتصدر أخبارها الصحف، وتخصص لها الحوارات المتلفزة، وتمور بمستجداتها الاسافير. كيف لا وقد جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا.

وهكذا فان تناول قضايا الدعوة الاسلامية في الفضاء الطلق لا ينبغي أن يستغرب بعد اليوم.

بل ان دعوة الإسلام في السودان، ومنذ أن نضَت عنها ثوب العالمية وألتفّت بالعلم السوداني، إكتسبت طابعا وطنيا جعل أهل الملة الأخرى يألفون أطروحتها ويأنسون لها. ومن ثم فإن كَبوة الإسلاميين الراهنة تهم هؤلاء وتشقيهم؛ ونهضتهم القادمة تعنيهم وتسعدهم. فبتعثر الاسلاميين تعثر الوطن كله، وسينهض ان هم نهضوا. فالقبطية مارثا جوزيف، والكاثوليكي جون زكريا، والبروتستانتي شول ميوين؛ من قيادات المؤتمر الوطني. وقد يكون البعض منهم أعضاء في هيئة الشورى – التي يسهر الخلق جراها ويختصموا – ومطلوب منهم فيها رأي وموقف، ولهم فيها صوت قد يكون مرجحا. وبعض القيادات المسيحية من الكيانات الأخرى في جبال النوبة ظلوا على حلفٍ لم ينفصم مع المؤتمر الوطني. ومن هؤلاء القس دانيال كودي أنجلو، والدكتورة تابيتا بطرس شوكاي، والأب جوناثان حماد؛ وآخرون من دونهم.

وهكذا فإنه ما من أحد في هذا الوطن، ممن يعنيهم أمر نهضته، الا وهو معني بشأن الإسلاميين كونهم فصيلا وطنيا يعد تعافيه بعضا من التعافي الوطني الكبير. فمثلما أن كل أمريكي معني بمآلات الأمور في الحزب الجمهوري وبسلامته العامة، ومثلما أن مسار حزب المحافظين يهم كل بريطاني؛ فانه لكل سوداني شأن بجميع أحزاب السودان الكبرى. فما لم تتعافَ قوى السودان الوطنية كافة فانه لا ترجى للسودان عافية.

سيعرض هذا المقال في حلقاته الأربعة الوسطى لكبريات القضايا التي أدت إلى تعثر الإسلاميين في السودان. ذلك دون أن يوغل في تفاصيل الماضي، فيبالغ في تمجيد النجاحات أو يعمد لتبرير الإخفاقات. فغايته هي ان يستخلص من ذلك الدروس، ويستنطق منه العِبر التي تضيء الطريق. وفي الحلقة الأخيرة يُختتم المقال بمقاربة أولية يراها الكاتب – إن هي طورت – أساس النهضة الآتية للإسلاميين. أما هذه الحلقة الأولى فهي تمهيدية تقتصر على مسألتين: أُولاهما هي مطالبة خصوم الإسلاميين لهم بالاعتذار عن أخطاء الثلاثين عاما الماضية. وثانيتهما هي دمغهم بعبارة “الإسلام السياسي”، ومشتقاتها السوقي منها والفصيح. ذلك أن الرؤية في هاتين المسألتين، اللتين تنفذان لمختلف جوانب هذا الموضوع، تَصلح – إن هي اتضحت – مدخلا لما عداهما. كيف لا والأُولى منهما تتناول فقه المراجعات، والثانية تتطرق لأُسِ فقه الدعوة الإسلامية في السودان. ونبدأ بالمسألة الأولى وبالله التوفيق.

في الفقه الإسلامي يقصد بالتوبة الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى، ورد الحقوق والمظالم ان وجدت. وتعتبر التوبة واجبة على كل من ارتكب ذنبًا، وبابها مفتوح حتى تبلغ الروح الحلقوم. هذا عند علماء الشريعة. أما في التصوف فان للتوبة مراتب. فالإقلاع عن المعاصي الظاهرة هو توبة العامة. اما توبة الخاصة فتشمل الذنوب الباطنة مثل الكِبْر والرياء والحسد. وتوبة خاصة الخاصة هي التوبة عن الالتفات إلى غير الله أو الانشغال بالدنيا.

وكل ابن آدم خطاء. فالخطأ من الجِبِلّة البشرية التي لا فكاك منها. “ولقد أضل منكم جِبِلًّا كثيرًا”. فلا عصمة لأحد من الخطأ الا الرسل عند تبليغ رسالاتهم. ومن ذلك قوله تعالى عن سيدنا محمد ﷺ: “وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلهَوَىٰٓ * إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحَىٰ”. بل حتى في البلاغ، فإن الله يتوعد الرسول توعدا شديدا إذا تَقوّل: “وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ”. وقد وردت في القرآن الكريم أمثلة لأخطاء الأنبياء، فيما هو دون البلاغ، لتكون دروسًا خالدة نتأملها ونتعلم منها. فقد أخطأ آدم عليه السلام حين أكل من الشجرة “فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْه”. وأخطأ يونس عليه السلام حين خرج مغاضبا “فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰات”. وأخطأ نبينا محمد ﷺ عندما عبس في وجه ابن أم مكتوم، فعاتبه ربه “عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلْأَعْمَىٰ”.

فاذا جاز مثل ذلك في حق الأنبياء، وأنزل الله فيه قرآنا يتلى بُكرةً وعشية، فكيف بحسن الترابي رحمه الله، وعمر البشير، وعلي عثمان، وعلي الحاج، ونافع علي نافع، وغازي صلاح الدين، وعلي كرتي، وإبراهيم غندور، وأحمد هرون، وإبراهيم محمود؛ بل كل من تولى شأنا عاما خلال أعوام الإنقاذ الثلاثين!

ولا شك في ان قيادات الإسلاميين قد ارتكبوا أخطاء أثناء إدارتهم الشأن العام. فما بلغ من تلك الأخطاء مرحلة الاتهام بجريمة، وجب أن يحاكموا عليه فيُبرّأوا من التهمة أو يدانوا بها. فمن يُبرّأ فهي شهادة شخصية له، ومن يدان ويعاقب كان ذلك زاجرا لغيره جابرا لذنبه – ان شاء الله. وما كان من أخطائهم دون ذلك لكنه بلغ درجة مخالفة العهد والميثاق الذي بينهم وبين اخوتهم، حاسبوهم عليه وربما أخرجوهم بسببه من جماعتهم. ومن شاء منهم أن يتوب عن خطئه، جُلّه ودِقّه، فله ذلك بالاستغفار ورد الحقوق عينا، او بالاعتذار. إلا أنه إذا كانت التوبة بالاستغفار والاعتذار من الأفعال الجائزة عندنا في حق الفرد، فهي ليست من الأفعال التي تأتيها الجماعة.

فالجماعة لا تتوب ولا تستغفر، ولا هي تعتذر. فما يَصلُحُ لها ويُصلِحُ شأنها هو تصحيح المسار من خلال مراجعات شاملة تستهدف كل أوجه نشاطها السياسي وغير السياسي لتفضي لتقويم المنهج كله؛ منعا لأخطاء الماضي من أن تتكرر، وتضييقا للمنافذ التي تفضي للخطأ مستقبلا. ذلك هو الأنفع، للجماعة خاصةً، وللناس كافةً.

غير أن التوبة في حالة الفرد، والمراجعات في حالة الجماعة، مهما كان ما فيهما من صدق وتجرد، لا تعصمان الفرد أو الجماعة من الوقوع في أخطاء جديدة. فالحقيقة الأزلية التي لا مراء فيها هي ان “كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابون”. وكل جماعةٍ خطاءه، وخير الجماعات المُراجِعة لخطئها المُصحِحة له. وهكذا، يستمر هذا السير السرمدي ما دمنا أحياء. نخطئ اليوم، أفرادا وجماعات، فنسدد ونقارب ما استطعنا. ثم نخطئ مجددًا غدا، أفرادا وجماعات، ونعيد التصحيح.

ما أراه يحدث اليوم من الإسلاميين، مثلهم في ذلك مثل خصومهم، هو الاهتمام بأخطاء الأفراد وليس أخطاء الجماعة. اذ عقدت الدولة محاكمات لبعض القياديين ووجهت لهم اتهامات بالحق أو الباطل. وتبين ان جل ذلك من الكيد السياسي. وحققت أجهزة الاسلاميين الخاصة مع بعض القياديين بشأن وقائع معينة حصلت في آخر يوم من أعوام حكم الانقاذ الثلاثين فشكلت لجانا للتحقيق ومجالس للمحاسبة. غير أن الأهم من ذلك والأجدى هو المراجعات التي تُجرى لتُقيم نهج الجماعة تقييما شاملا وتقومه. فنُجرِى مراجعات لوجهتنا الاستراتيجية، حتى نعلم هل لا نزال نيمم شطرها أم ضللنا عنها. وما إذا كانت الوجهة التي قررناها عند التأسيس قبل نحوا من ثمانين عاما لا تزال صالحة، أم وجب اتخاذ غيرها. ونجري مراجعات لكياناتنا وهياكلها التنظيمية، وما إذا كانت لا تزال صالحة لزماننا ولظرفنا الراهن. ومراجعات لوسائلنا في الوصول للحكم، والصواب في ذلك والخطأ. ومراجعات لتجربتنا الطويلة في الحكم والمعارضة فنعرف كيف نعظم النجاح وكيف نتوقَى الفشل.

ولن تتأتى مثل هذه المراجعات الشاملة الا إذا صدقت النوايا، وتجرد الناس من حظوظ الأنفس، ولم يخشوا في الحق لومة لائم.

فاذا كان من حقنا ألا ننزلق لخانة جلد الذات والاعتذار كجماعة، وهي الخانة التي يرجو خصومنا جرنا إليها؛ وإذا كان لنا ألا نستسلم لحملات استهداف القياديين زورا وبهتانا، وهو ما يرجو خصومنا إلهاءنا به وإقعادنا بسببه؛ فانه يتعين علينا ألا نتوقف عن إطلاق المراجعات الاستراتيجية والفكرية والمنهجية والتنظيمية الشاملة. وألا نتردد في نشر نتائجها للكافة.

ننتقل بعد هذا لنناقش الاتهام الموجه للإسلاميين بتسييس الدين، وتسميتهم بالإسلام السياسي.

تسيسُ أمرٍ ما يعني جعله موضع جدل وخلاف. ومثلما سُمي الإسلاميون في كل مكان “الإسلام السياسي” لوصمهم بجعل الإسلام قضية جدل سياسي، دُمغ الإسلاميون السودانيون بإفساد الحياة السياسية بإقحام الإسلام فيها. واصبحت هذه المسألة محورا للخلاف بين الإسلاميين وخصومهم. لكنه عند التمعّن فيها نكتشف أنها مغالطة fallacy تقوم على تشويه الحقائق التاريخية.

ففي السودان التاريخي، كان الإسلام جزءًا لا يتجزأ من الدولة التقليدية؛ فالسلطنة الزرقاء في الوسط وسلطنة الكيرا في الغرب استمدّتا شرعيتهما من الإسلام. فطبقتا شرائعه والتزمتا نهجه في الحياة العامة نحوا من ثلاثة قرون. لاحقًا، عزّزت الطرق الصوفية ارتباط المجتمع بالدولة والإسلام، ثم جاءت الدولة المهدية التي جمعت بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية المستندة إلى الإسلام. ولم ير الناس في ذلك الا أنه ما يُصلِح دينهم ويَصلُح لدنياهم. إذًا، كان الإسلام في حياة الناس وفي دولتهم ومجتمعهم، وكان محلّ إجماع ولم يكن مثار خلاف. فما الذي غيّر هذا الواقع؟

جاء التحوّل مع دخول المستعمر الذي أرسى أركان الدولة القُطرية الحديثة على الفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي مغيبا الإسلام عن الحياة العامة. استسلم الناس لهذا التغييب على مضض، مدركين أن سببه هو وجود المستعمر نفسه. لذلك لم يطالب الناس المستعمر بإعادة الإسلام إلى الحياة، بل طالبوا برحيل الدولة الاستعمارية نفسها. وكان الاعتقاد السائد أن الإسلام سيعود تلقائيًا لبلاد السودان مع زوال الاستعمار، فيتحاكم الناس للقرآن ويستمدون قوانينهم من شرع الله.

ولكن بعد رحيل المستعمر، تفاجأ الناس بأن الإسلام لم يعد للحياة العامة كما كان. ذلك ان المستعمر خلف وراءه من النخب من يرون ما يرى ويسيرون في الناس سيرته. وبقي الإسلام غريبا في الدولة القُطرية المستقلة مثلما كان غريبا في العهد الاستعماري. الا أنه رغم عدم مواثبة النُخب الوطنية لاستعادة الدين للحياة ولتحقيق الاستقلال الفكري والثقافي عن الغرب فإن السودانيين عامة، والإسلاميين خاصة، لم يقفوا من تلك النخب التي تولت زمام الأمور عقب خروج المستعمر ذات الموقف السلبي الذي وقفوه من المستعمر. فهم يقدرون لها نضالها في سبيل الاستقلال ومواقفها من قضايا التحرر العالمي، ويرون انها انما غفلت عن أمر الدين بسبب الغلالة الكثيفة التي أحاطه بها الغرب. وفي هذا يقول الدكتور الترابي: “لعل العناصر العلمانية عن أيديولوجية والتزام عقائدي قلة في صفوف الأحزاب التقليدية، وانما هو الجهل بشمول الدين، والغفلة عن مقتضاه السياسي، في مجتمع انفصل فيه الدين عن السياسة تاريخا، وشاعت فيه الثقافة الغربية التي تكرس ذلك الفصل”. لكنه عندما تعالت أصوات تقول أن تحديث الحياة وعصرنتها لا يتأتى الا بإقصاء الإسلام عنها، ارتفعت المطالبة الشعبية بأسلمة الحياة. فظهرت جماعات وأحزاب إسلامية، قوامها الفقهاء ورجالات المجتمع. تلك الأحزاب والجماعات هي نواة إسلاميي اليوم. وهكذا ولد في بلادنا الفصام النكد بين الأغلبية الشعبية العارمة التي ترفض التعايش مع الخطيئة التي أرتكبها المستعمر، وبين الأقلية المتغربة التي لا تزال تأمل، جيلا بعد جيل، في استدامة ما أوجده المستعمر.

من الظلم للحقيقة ان يقال عن هذه الأحزاب او الجماعات، التي نشأت بعد ذهاب الاستعمار لتطالب الحكام الوطنيين بإعادة الأمر الى نصابه غير المختلف عليه، أنها هي التي “سيّست” الإسلام. فتسييس الإسلام في السودان كان بمحاولة إخراجه من الحياة وليس بمحاولة إعادته لها. فمن سيّس الإسلام هو المستعمر الذي جعله موضعا للخلاف بأن أقصاه عن شئون الدنيا. ومن سيّس الإسلام هم ربائب الاستعمار ممن سعوا لجعل اقصائه ذاك هو الأصل.

يتضح مما تقدم أن هدف الإسلاميين السودانيين هو العمل لأن تلتزم الدولة والحكم دين الأمة وقيم المجتمع كما كان عليه الحال قبل المستعمر. وحيث ان نمط التدين الذي كان سائدا كان نمطا تقليديا لا يتحقق بمعاني الأصل أو يستجيب لدواعي العصر فانه كان لابد لحركة الإسلام الحديثة من أن تعمل أيضا لتجديد الدين. فتلك سنة ماضية ينبري لها القادرون أفذاذا وجماعات كل ما بَلي الدين. اذ روى أبو هريرة عن النبي ﷺ “إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها”. هذه هي الفكرة والغاية التي من أجلها صار الإسلاميون في السودان إسلاميين. فما هو الإطار الفكري الذي اتخذوه، وما هو النهج التنظيمي الذي سلكوه لتحقيق هذه الغاية. ذلك هو موضوع الحلقتين التاليتين من هذا المقال.

نقلا عن السوداني

   

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: المصافحة من الأفعال المسنونة التي تغفر الذنوب وتحط بها الأوزار
  • حكومة مدنيه في اراضي الدعم السريع هي الوحيدة التي ستحفظ وحدة السودان، فمم وًلماذا تخافون ؟
  • الازمة الدستورية خانقة التي يمر بها السودان
  • دعاء يوم الجمعة للأحباب.. أفضل الأدعية المكتوبة التي يمكن ترديدها
  • الصنابير التي تنقط واحتلال جرينلاند وقناة بنما.. ترامب عاد والفوضى تسود
  • فرحة تحرير مدني
  • مارسيليا يعين المهدي بن عطية مديرا رياضيا لقيادة مشروعه الجديد
  • المطلوب من أمريكا، التعامل مع مصدر الأسلحة التي تقتل الشعب السوداني
  • الإسلاميون في السودان: لم تعثروا وكيف ينهضون (١-٦)
  • بيان لسفيرة الولايات المتحدة: الطرفان المتحاربان يتحملان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان