توصية إلى المجتمعين في عنتيبي: مسار مستقبلي لنزع الشرعية عن حكومة الأمر الواقع في السودان
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
مع اجتماعكم اليوم في مدينة عنتيبي، عاصمة أوغندا، لمناقشة مستقبل السودان في ظل أوضاعه المتأزمة، يقف على المحك ليس فقط مستقبل الحكم المدني والديمقراطية، ولكن أيضًا وحدة البلاد واستقرارها. يتطلب الوضع الراهن تفكيرًا استراتيجيًا واتخاذ خطوات حاسمة لنزع الشرعية عن حكومة الأمر الواقع التي تعمل من بورتسودان.
هذه الحكومة، التي يقودها الفريق عبد الفتاح البرهان، لا تتمتع بتفويض شعبي أو إجماع وطني، كما أنها تتبنى سياسات تزيد من حدة الانقسامات في السودان، سواء عبر قرارات تمييزية، مثل حظر إصدار الوثائق الثبوتية لفئات معينة من المواطنين، أو عبر خطوات اقتصادية كإصدار عملة جديدة دون أي تغطية جغرافية شاملة. إن هذه السياسات تمثل تهديدًا مباشرًا للوحدة الوطنية، مما يتطلب موقفًا حازمًا من المجتمعين في عنتيبي تجاهها.
توصيات عملية للتحرك
1. الاعتراف بحكومة مدنية بديلة:
ضرورة تشكيل حكومة منفى مدنية تمثل تطلعات الشعب السوداني وتضم كافة القوى المناهضة لحكم الأمر الواقع. هذه الحكومة يمكن أن تُعزز شرعيتها الدولية من خلال أداء أدوار أساسية تشمل:
o متابعة وتنسيق الجهود الإنسانية لحماية المدنيين.
o بناء تحالفات مع المجتمع الدولي لضمان الالتزام بحقوق الإنسان ودعم الحلول السلمية.
o التحدث بصوت موحد للمطالبة بوقف الحرب وعودة المسار الديمقراطي.
2. تصعيد الجهود الدبلوماسية:
الضغط على الدول المؤثرة في المنطقة لسحب دعمها لحكومة بورتسودان، وإقناعها بأن حكومة الأمر الواقع تمثل عقبة أمام تحقيق استقرار مستدام في السودان.
3. تعزيز الحراك الشعبي:
دعم الحراك الشعبي السلمي داخل السودان، والذي تقوده لجان المقاومة والقوى المدنية، من خلال توفير منصات إعلامية ودعم تقني يتيح له نقل معاناته إلى العالم.
4. توسيع العقوبات الفردية:
التركيز على فرض عقوبات تستهدف المسؤولين المباشرين عن الانتهاكات الإنسانية وجرائم الحرب، بدلًا من فرض عقوبات تؤثر على الشعب السوداني ككل.
5. تعزيز جهود العدالة الدولية:
دعم توثيق الانتهاكات ورفع قضايا ضد المسؤولين عن الجرائم في المحاكم الدولية.الإسلاميون: العقبة أمام التحول الديمقراطي
من الواضح أن الإسلاميين في السودان، سواء كانوا ظاهرين أو يعملون في الخفاء، لن يتركوا للقوى المدنية مجالًا لبناء سلطة تقف في وجه الوضع الراهن. هم يدركون أن أي تحول ديمقراطي حقيقي سيُقصيهم من مواقعهم، لذلك سيسعون بكل ما أوتوا من قوة لإفشال أي محاولات للانتقال نحو حكم مدني.
على المجتمعين في عنتيبي أن يدركوا هذه الحقيقة ويعملوا على بناء جبهة صلبة ضد هذا التوجه. يجب أن تكون رسالتكم واضحة: لا عودة إلى الوراء، ولا تسوية تُبقي على أي نظام سلطوي يخدم أجندات الإسلاميين أو يعيد إنتاج ديكتاتوريات الماضي.
إن مستقبل السودان لا يزال معلقًا بخيط رفيع بين الحرب والسلام، وبين الشرعية والدكتاتورية. نجاح جهودكم اليوم يتطلب وحدة في الرؤية والتصميم على دعم الشعب السوداني في كفاحه من أجل الحرية والديمقراطية. أنتم الآن أمام فرصة تاريخية لتغيير مسار هذا البلد ووضعه على طريق السلام المستدام.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأمر الواقع فی السودان
إقرأ أيضاً:
مدني النخلي.. صوت الثورة والسلام في الشعر الغنائي السوداني
مدني النخلي، شاعر سوداني بارز، استطاع عبر كلماته أن يعبر عن هموم السودانيين وأحلامهم، حيث ترك بصمة خالدة في الأغنية السودانية الحديثة. لم يكن مجرد شاعر غنائي، بل كان أيضًا ناشطًا ثقافيًا مؤمنًا بدور الفن في التغيير الاجتماعي والسياسي. في هذا المقال، نلقي الضوء على سيرته، إبداعاته، ومواقفه المميزة في دعم الثورة والسلام.
النشأة والبدايات
وُلد مدني النخلي في مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض، وهي بيئة ثقافية غنية ألهمت العديد من الشعراء والمبدعين. منذ صغره، كان لديه شغف بالكلمة، فبدأ بكتابة الشعر مبكرًا، مستلهِمًا من التراث السوداني ومن واقع الحياة اليومية.
أعماله وتأثيره في الساحة الفنية
تميّزت مسيرته الإبداعية بتعاونه مع عدد كبير من الفنانين السودانيين، حيث تجاوز عددهم العشرة، ما أسهم في انتشار أعماله وخلودها في وجدان السودانيين. ومن أبرز أعماله، أغنية "أرح مارقة" التي أصبحت أيقونة للثورة السودانية، رغم أنها كُتبت في التسعينيات احتجاجًا على نظام البشير، لكنها اكتسبت زخمًا أكبر خلال ثورة ديسمبر 2018، حيث رددها الثوار في الشوارع كسلاح معنوي في وجه الطغيان.
دوره الإعلامي والمجتمعي
إلى جانب الشعر، كان مدني النخلي حاضرًا في المجال الإعلامي، حيث قدم برنامج "كلام شباب" على إذاعة البيت السوداني بين عامي 2005 و2011، الذي منح الشباب منصة للتعبير عن قضاياهم وإبداعاتهم. كما أسس مبادرة "مجال الشوف" عبر إذاعة "هوى السودان"، التي اهتمت بتسليط الضوء على قضايا المناطق المهمشة وإبراز ثقافاتها.
مواقفه الإنسانية ودعمه للسلام
لم يكن النخلي مجرد شاعر سياسي، بل كان ناشطًا في قضايا السلام. منذ الثمانينيات، رفض الحرب الأهلية في جنوب السودان، ودعا إلى التعايش والحوار. شارك في مبادرات مجتمعية للسلام، وأسس مع مجموعة من الشعراء جمعية "أصوات من أجل السلام" عام 2006، التي نظّمت مهرجانات فنية في مناطق النزاع، إيمانًا بدور الثقافة في رأب الصدع الاجتماعي.
التكريم والإرث الثقافي
حظي مدني النخلي بتقدير واسع داخل السودان وخارجه، حيث نال جائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2004، ووسام الثقافة السوداني من وزارة الثقافة عام 2010. كما أدرجت بعض قصائده في مناهج جامعة الخرطوم كنماذج للشعر المرتبط بالقضايا الاجتماعية والوطنية.
يظل مدني النخلي واحدًا من أكثر الشعراء تأثيرًا في المشهد الثقافي السوداني، حيث لم تقتصر إبداعاته على الشعر الغنائي، بل امتدت إلى النشاط الثقافي والاجتماعي، ما جعله صوتًا صادقًا للثورة والسلام. ستظل كلماته محفورة في ذاكرة السودانيين، تروي حكايات الأمل والنضال.
زهير عثمان
zuhair.osman@aol.com