سودانايل:
2024-12-12@02:50:27 GMT

سيما أوانطة …هاتوا فلوسنا !

تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT

بقلم: حسن ابوزينب عمر

(1)
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا البيت لا يبتنى الا على عمد ولا عماد إذا لم ترسي اوتاد فان تجمع أوتاد وأعمدة يوما فقد بلغوا الذي كادوا إذا تولى سراة القوم أمرهم نما على ذاك أمر القوم فازدادوا الأفوه الأودي (شاعر جاهلي) وضع الحكم الثنائي الاستعماري لبنات قوية لإدارة أهلية راشدة أمينة ناشطة في تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها وهي ضبط النزاعات المحلية وتحقيق التعايش السلمي وحل نزاعات الأراضي والمراعي وحفر الآبار لكن وحدها جائت الحكومات الوطنية لتزرع اول بذرة فساد في رحم الإدارة الأهلية فحكومات ما بعد الاستقلال وبالذات العسكرية من عبود الى نميري الى البشير الى البرهان استغلت هذه المكونات وتلاعبت بها حينا لتثبيت دعائم حكمها وحشد التأييد الجماهيري لإظهار قوتها أمام خصومها في الانتخابات وحينا بإلغائها وشطبها من الوجود كما تؤكد مسيرة مد وجزر هذه المكونات على مدار الحكومات المتعاقبة .



(2)
في عصر الفريق عبود (1959-1964) قامت لجنة القاضي محمد أحمد أبو رنات بتفتيت الإدارة الأهلية وتوزيع سلطاتها على مؤسسات المركز باعتبار ان الادارة ارث استعماري .. بعد ثورة أكتوبر تعرضت الإدارة الأهلية لهزة سياسية اذ تعالى صوت للصفوة المثقفة يقول ان الإدارة الأهلية لا تتناسب مع التطور والتنمية المنشودة في السودان ..في عهد حكومة مايو (1969-1985 ) ألغى الرئيس نميري الإدارات الأهلية وقضى على سلطة سيطرة نظار القبائل على الأراضي واستعاض عنها بقانون الحكم الشعبي المحلي لعام 1971 تحت حجة انها امتداد للتربية الاستعمارية وطريقة متخلفة من الحكم فات أوانها حسب وصف أبو القاسم محمد إبراهيم .

(3)
وحده شذ نظام البشير (1989 - 2019 ) وأتى بما لم يأت به الأوائل فبعد سقوط مايو استعادت الإدارة الأهلية روحها وهي رميم فقد صممت الإنقاذ منهجا جديدا للفساد للتعامل معها باستثمارها في مشاريعهم السياسية وفي حشد التأييد الشعبي وتجنيد المقاتلين في حرب الجنوب فتضاعف صرف الحكومة على زعماء الإدارة الأهلية بالهبات والهدايا والعطايا لكسب تأييدهم والفوز بولاءات المجتمعات التقليدية التي يتزعمونها كما عملت الإنقاذ على استقطاب عدد من القبائل وقامت بدعمهم بالمال والسلاح واستخدمت وظائف الإدارة الأهلية التقليدية كوظائف حكومية تختص بها القبائل الموالية للنظام .

(4)
بنجاح ثورة ديسمبر 2019 استمر تسيس الإدارة الأهلية وزاد الاهتمام بدورها في حشد التأييد من قبل المجلس العسكري الانتقالي الذي خطط لتكون بمثابة حاضنة سياسية له ضد خصمه قوى اعلان الحرية والتغيير فتطورت هدايا الاسترضاء من بندقية واحدة لخفير الناظر في عهد الحكم الثنائي الى العطايا المالية والأوسمة ثم الى سيارات الدفع الرباعي التي تعتبر صيدا ثمينا مغريا لا يقاوم لزعيم في منطقة رعوية بدوية وكان عراب هذا المنهج فريق الخلا محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي استثمر بكاسي (دبل كابينة اليابانية) لشراء الذمم وتحويل الولاءات واللعب بالثوابت والقناعات كما كان يفعل البرغوث ليونيل ميسي بخطوط الوسط والدفاع .

(5)
نحن في ولاية البحر الأحمر أكبر ضحايا حرب داحش والغبراء أو حرب البسوس البجاوية التي طرفاها اثنين من هذه القيادات هما ترك وشيبة ضرار في صراع عبثي عدمي نعيش فصوله القميئة مع غروب الشمس وشروقها ..الحكومة تسد أذنا من طين وأخرى من عجين تجاه عواصف الصحراء هذه ففيها ما يكفيها طالما يتنافس الطرفان في صراخ الحناجر (جيش واحد شعب واحد) ..قيادات البجا الأخرى وحكمائها لا يكترثون وكأن الأمر لا يهمهم أما العامة فهم في عالم آخر من التخدير ..هؤلاء ناشطون في ساحات التجمعات والاستقبالات ومهرجانات الوداع والرقص فقد أعربت أحد الناشطات من خوفها في نقد لاذع أن بعض الشباب ذوي الكفاءات النادرة سحب بلاط رقصة الرقبة من تحت أقدام البنات.

(6)
ان المرأ يرفع حواجب الدهشة كيف ان ما يربوعن مئتي شاب يتدافعون الى المطار البعيد زرافات ووحدانا في حماس تام لاستقبال أحد قيادات الإدارة فاذا كانت لديهم هذه الطاقة والحماسة والهمة فلماذا لا تظهر في العمل الجاد materlized on the ground كالتعليم والبيئة ومكافحة المخدرات وامراض العصر الخطيرة التي تهدد بإبادة البشر في الأحياء الهامشية المنسية والأيام تتعاقب والقوم لازالوا سادرون في غيهم وسط الاستقبالات والوداع ومهرجانات التكريم التي لا يعرف أحد من يكرم من. هل تحولنا الى مخلوقات وكائنات تعيش بسطح وجودها وبقشرة جسمها؟ .

(7)
يقول الدكتور مصطفى محمود ان الشعب الذي ينفق أحشائه وهمته وحماسه في الاستقبالات ومهرجانات التكريم الوهمية ثم يعود الى بيته جثة خاوية جوفاء ليست فيها همة لشيء هو شعب يحتاج الى تحليل نفسي فهل هو خطأ في التربية والتعليم ..هل هو خطأ سياسي تنظيمي ؟

(8)
ان العمر قصير والانسان لم يولد ليعيش عبثا ويموت عبثا ..ما نعانيه يدعو لأن نعمل شيئا في حياتنا قبل أن نغادر الفانية التي لخص متطلباتها النهائية الشاعر صلاح أحمد إبراهيم ذات مرة في (كفن من طرف السوق وشبر في المقابر) ..لابد من هزة للذوق العام وتغيير في الفهم وفي الوعي وفي الادراك . لقد عشنا زمانا كانت الإدارة الأهلية تؤدي رسالتها المقدسة في حفظ الأمن والأمان بحكمة وعزم الرجال وكان الشيوخ يرسمون بعصيهم على تراب الأرض أشكالا هندسية ايذانا بإيجاد حلول لمشكلات أهلية معقدة موظفين الأعراف المحلية من (قلد وواجاب) لحقن الدماء بعد فشل أجهزة الشرطة.

(9)
لا أدري هل انقلب علينا الزمان أم انقلبنا نحن على الزمان ونحن ننام ونصحى على المناطحات والمناكفات وهذه التفاهات والسخافات والقاذورات والعنتريات التي ما قتلت ذبابة أما آن لها أن تترجل في مجتمع تفطم النساء فيه أطفالها بعد أربعة أشهر من الولادة لانعدام اللبن في الأثداء وتسجل فيه وفيات الأطفال أعلى نسبة ربما على نطاق العالم ..حاضرنا بائس وغدنا متشح بالسواد فأي رسالة يسعى الفرقاء لإيصالها فقد بلغ الوجع نهاياته يا طرفة بن العبد أولست القائل وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند

oabuzinap@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإدارة الأهلیة

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … نظرية الديك

#نظرية_الديك

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 31 / 7 / 2017

من نماذج التدبير المنزلي الذي كانت تتمتع به أمهاتنا العريقات ، استخلاص الشيء من الشيء ،وعدم رمي أو إتلاف أي شيء حتى يعلن استسلامه نهائياً وخروجه من الخدمة بمعلولية لا يمكن إصلاحها..
مثلاً كانت أمي تجمع خيطان أكياس الطحين لغايات التلحيف وإصلاح الملابس لما تتمتع به هذه الخيطان من متانة وجودة منقطعة النظير ، وبسبب استهلاكنا العالي للطحين وقلة استخدامنا للخيوط ، كانت تتوفر لدينا كميات هائلة من هذه الخيطان التي لن نحتاجها لألف عام على أقل تقدير ،لذا كانت تضطر أمي لوضعها ككتلة واحدة قرب السياج في حال احتجناها لــ”ترقيع” شوالات القمح المخزوقة أو “تلبيق” مفارش للزيتون ..وكان لدينا ديك “على نياته” يترك ساحة الدار الواسعة والحاكورة الممتدة ويبدأ “يحاشك” قرب كتلة الخيطان ، فتعلق أظافره فيها وتلتف حول رجليه فيبدأ بالصياح و”النطز” برجل واحدة في باحة الدار ، فتأمرنا أمي أن نحضر الديك مغفوراً ، فتقوم بقص الخيطان الملتفـة بشدّة وتخليص رجليه من القيد وتفلته من جديد..
في اليوم التالي يقوم نفس الديك بنفس الحركة ، يترك الخيارات الواسعة ومكان “رشّ الشعير” ويلوذ قرب السياج يبحث عن رزق نادر ، فتعلق رجلاه ثانية بالخيطان ويبدأ “ينطز ويقع على صباحه” حتى ينتبه له أحدنا ويقوم بقص الخيطان “المحزّزة” على رجليه وبين أصابعه ورميه في الفضاء من جديد…
حتى وأنا في أيام التوجيهي كلما سمعت الديك يقول” قااااق..قاااااق… بصوت حزين ونبرة رجاء ” أقول في نفسي “شلبك حاله لعين الحرسي” ، أرمي كتاب الأنثولوجي وأقوم بتخليصه بإشراف الوالدة رحمها الله..بقي الديك “غير الفصيح” على هذا الحال إلى أن ارتأينا ذبحه وطبخه على “أكلة مفتول”شتوية حتى نريّحه من رأسه اللي مش مريّحه!.
**
نحن نقوم بما يقوم به الديك سالف الذكر …نصيح من سوء أداء مجلس النواب ورؤساء البلديات ، وعندما تحل البلديات والمجالس النيابية ويتم تخليصنا من شلبكتهم..نعود في الانتخابات التالية ونترك كل الخيارات الواسعة والأسماء الوازنة المتاحة و نختار الأمّي والضعيف والفاسد وقليل الكفاءة ونترك المتعلم وصاحب الخبرة والقدرة على التغيير ..”فنتشلبك” ثانية وثالثة ورابعة بسوء اختيارنا ونبدأ نصيح و”ننطــُزُ” ونريد من يخلصنا منهم..
الآن وأنا أتابع الانتخابات البلدية ألاحظ “نظرية الديك” تطبّق بحذافيرها ، حيث ما زال البعض ينجر وراء العشائرية و”الدرهبّع القبلي” والاختيار المدمّر فقط لأن العشيرة اختارت فلان…أقول في نفسي : والله آخرتنا على “طبخة مفتول”!!.

مقالات ذات صلة عشرات الشهداء والجرحى في قصف إسرائيلي استهدف فلسطينيين أثناء شرائهم الطحين 2024/12/09

وغطيني يا كرمة العلي

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

#161يوما

#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي

#أحمد_حسن_الزعبي

#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

مقالات مشابهة

  • شاهد | “أردوغان” من كثرة حبّه لفلسطين يرتدي سروال صهيوني…كاريكاتير
  • مركز أبحاث أمريكي: ما التحديات التي ستواجه ترامب في اليمن وما الذي ينبغي فعله إزاء الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … رمضانك يا شام
  • سوريا … إضاءات …نقلا عن عدة مصادر
  • تكتيكات المقاومة النَّوعيَّة…”مسارات موت” لآليَّات جيش العدو الصهيوني
  • أحاديث في الإسلام السياسي … مُقدمات مُمهدات ….
  • الجيش جيش السودان … لا جيش الكيزان
  • زلزال سورية…هل يضرب السودان؟
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … نظرية الديك
  • 61 عاما من الحكم…التسلسل الزمني لانهيار نظام البعث في سوريا