بقلم / عمر الحويج

قلت في التمهيد لهذه المقالات أن هناك ثلاث إرتكازات اعتمدتها الثورة المضادة وحلفائها وأجترحتها صناعياً ، من حويصلات فكرها الظلامي العدواني الإقصائي ، ونهضت على بنائها ، رسمياً وإعلامياً ، قبل الحرب وواصلتها بحماس أكبر بعد الحرب ، لتمرير خطابها الهجومي الإنتحاري ، اللا أخلاقي ، وغير المستوي على قدمين ، ضد مشروع ثورة ديسمبر المجيدة ، التي إنبثقت وهلت لإستكمال مشروعها الحداثوي النهضوي الإنمائي ، بقيام الدولة المدنية الديمقراطية ، وهي إجمالاً ثلاث مسارات أو إرتكازا ت هجومية ، منبعها الخيال الرغبوي المتخيل ، في سبيل العودة للسيطرة على الثروة والسلطة ، يتمركز أول البؤر الرافعة لهذه الإرتكازات ( والمصطلح مأخوذ من لغة هذه الحرب اللعينة التي أشعلوها عمداً) وهي النكران التام ، والإختفاء القسري هلعاً ، والمتستر خلف جدر الظلام ( وهاهو شيخهم التكفيري يكشف المنكور علناً) دون إظهار أية دور للحركة الإسلاموية ونظامها البائد التخريبي ، قبل الحرب وبعد إشعالها للحرب ، وإندساسها المشين خلف جيشنا الوطني ، المختطف من قبل عناصرها الأمنية ، الذين ينفذون لها خططها التآمرية كاملة غير منقوصة .


ثانيها الهجوم المباشر والشرس على قوى الثورة بكافة فصائلها ، وعلى ذات الثورة وفكرتها ، متخذة من قوى الحرية والتغيير "سابقاً" ، وحكومتها الإنتقالية زمانها ، وتحولها إلى تقدم "حالياً" ، وإن تغير الإسم وبقي المضمون ، مستغلة أخطاء الأولى الفارغ جرابها وخوائه من الحنكة الثورية ، فأتخذوا منها ، كبش فداء ومدخل للوصول لأهدافهم الخبيثة ، وللنخر والهدم في جسد الثورة 'القرنعالمية' نالتها عن جدارة واستحقاق . والتي لم يسبقها في زخمها وقوتها ، وبسالة شبابها من الجنسين ، وقوة شعاراتها ، إلا الثورة الفرنسية .، وإن فاقتها بشعاراتها الجذرية وبسلميتها الراسخة .
وثالثها خطتها الخبيثة لتوسيع هوة الخلاف بين قوى الثورة ، والجهد المفرغة نتائجه ، لعزل اليسار العريض وخاصة الشيوعي من معركة التغيير التي خاضتها وتخوضها كل قوى الثورة مجتمعة ، التى أسهمت في انضاج وإنجاح الثورة ، وتناولت الإرتكازتين الاولى والثانية (في 2 -3) وفي الإرتكازة الثالثة ، فضلت أن أحيلكم إلى مقال سابق وأعيد نشره " مع قليل تصرف" نشر في هذا الموفع ، وثورة ديسمبر المجيدة ، في قمة وهجها وتألقها وكان بعنوان ( عنزة ولو طارت ) ، ولأني رايت المقال أشمل في تناوله لجذور الأزمة القديمة المتجددة التي أدت تراكماتها لحرب الدمار الشامل في 15 إبريل 2023 م .

عنوان المقال السابق [عنزة ولو طارت] :-
ولأن كل ما جرى بيدكم لا بيد غيركم أو عمروكم ، بل كلكم . دعونا نرفع الصوت عالياً وجهيراً ، ولنبدأ بجماعة المركزي للحرية والتغيير ، كفاكم تستراً خلف تحالفات الأسماء الرنانة ، ففي النهاية ، فأنكم كتحالف ، ما أنتم إلا حزب الأمة القومي بنسخته التاريخية ، ونقولها تأدباً وإن جاز علينا التأدب أكثر ، نقول فقط نسختها القديمة بقياداتها الديناصورية ومتبوعاتها الجنرالية ، والأقربون من أهل الدار الناطقين بإسمها ، وورثة إمامها الراحل من أبنائه وبناته ، الذين نازعتهم ، حداثتهم بحكم أعمارهم ، مع قديم تركيبة حزبهم التوارثية والتراثية ، وعلاقاتهم العائلية من الناطقين بطرفهم وليس بإسمهم ، وإنتهازية من هم في وسطهم وحولهم ، فظلوا يتحدثون بلغة الثورة ، ولكنهم يتصرفون فعلاً لا قولاً بل عمداً ، بلغة الثورة المضادة ، وياله من نزاع داخلي مزدوج وضار ومؤذٍ ، لطرفي المعادلة ، مع إسكات صوت الشباب في حزب الأمة ، الذين شاركوا جيلهم ثورتهم التجديدية والجذرية ، الحجل بالرجل ، وبهتاف الدم والرصاص ، وذات التضحية والبسالة ، فأرفعوا صوتكم عالياً يا "عروة الصادق وآخرون من جيلكم من أصوات الشباب في حزب الأمة موصوف الأصالة والمعاصرة ، وأين أنت يادكتور أبراهيم الأمين ، فالإنسحاب من المشهد غير مجدي ، فالثورة والوطن وحزب الأمة الجديد ، والتداول السلمي للسلطة يحتاجكم كحزب وفاعلية ، والمستقبل لكم ومعكم .
أما الوجه الآخر ، المتخفي خلف المركزي للحرية والتغيير ، وقبله حزب الإتحاديين ، حتى يرسون على بينة خلف الحداثة ، أوخلف خليفة الخلافة . وثالثهم ، حزب المؤتمر السوداني ، أخاطبكم بود ومحبة ، فأنتم من شباب الثورة ، ليس في ذلك من شك ، وإن طاش سهمكم . وخاب سعيكم ، ولكم وعذراً أقول ، لن تعيشوا طويلاً ، إذا ظللتم في مربع ، موروثكم القديم ، من الذين أدمنوا ضياع فرص السودان في النهوض ، وأنتم تستندون في كل فكركم وسياساتكم ونشاطاتكم على نقض وليس نقد ، كل ما يمت لليسار العريض بصلة ، وخاصة طرفه الفاعل معكم في الساحة ، الحزب الشيوعي ، وكله عندكم أفعاله ، عنزة ولو طارت ، وكله عند العرب صابون ، وتوجيه إتجاهاتكم الفكرية والنظرية وحتى العملية ، فقط للإنتقاص منه بلا فكر ولا نظرية ، إنما بالتعييب والتعريض والتحريض والإساءة ، لفعله الصحيح ، لا غير حين يكون ، ولم ترتقوا بحزبكم من مربع أركان النقاش الجامعية ، مما أدى بكم الإرتماء في حضن اليمين الديناصوري الطائفي ورئيسه ، الغارق بين ساحلين متباعدين ، الأصالة والمعاصرة ، وفكر الفلول الإسلاموي ، فلا تتورطوا في خطأ أسلافكم الذين ، تركوا خلفهم ، وواروا الثرى ، ذكرى نضالاتهم الباسلة ضد الاستعمارين المصري والانجليزي الاحتلالي ، ورفعهم لعلم الإستقلال ، ثلاثي الالوان والأبعاد ، الذي تحن وتتفاعل معه جموع الثوار ، لتحقيق آمالها وأحلامها ، ليواصلوا به ما أنقطع من نضالات الأقدمين ، في ثوراتهم المتتابعة ، منذ المهدية الأولى والعظمى "وإن أجهضها من داخلها الموتور ، وفي زمانها القصير ، ربانها العنصري المغرور " وواصلتها ثورة 24 بفدائية أبطالها الأولون ، ودعم المسيرة مؤتمر الخريجين ، وساهم قدر إمكانياته في فتح أبوابها لتسير قافلة الوعي الوطني ، وما تلاها من ثورات ، في أكتوبر وأبريل ، حتى ديسمبر المجيد ، وبلادنا الولودة بالثورات زادها ألقاً ، أكتشاف العالم الحديث أنها ، في إضافة لنا داعمة ، أننا منبت أصل البشر والبشرية ، صدقاً كان أو إدعاءً لم يتثبت منه بعد ، فهو موضع فخرنا وأعتزازنا ، فدعونا نكون قدر هذا المقام العالي المكانة ، بالمغزى والمعنى .

ودعوني حتى لا أفارق نبش هذا الحديث الخشن ، كثيره (فشة بطن) وقليله (حراق روح) بسبب التآكل الذي تنهشون به جسد ديسمبر المجيد حتى أصل به إلى قدماء الرفاق ، الذين إبتعَّدت عنهم بجسدي نصف قرن من الزمان ، وإن كنت محسوباً منهم وعليهم ، وإن لم يعودوا بأصالة القديم ، ولكنهم بإمتداد تاريخ حزبهم مواصلون ، بعاطفتي وفكري لا أزال ، فأنتم يا رفاق كنتم جمل الشيل لبلادنا بنشر الوعي فينا وشعبنا . وإن كان هذا وحده يكفي ويفيض ، فغيره كثير وعميق ، فقد ظللتم بصبر سِلمي طموح ، لم يصدقه المناوئين يوماً ، فاق صبر أيوب ، تتحملون وجه قباحة وفسالة ، فُصَّاح السودان القديم وثرثاريه ، حيث ظلوا يتعيشون زماناً طويلاً ولازالوا ، في جذب مواليهم ومؤيديهم وداعميهم وطباليهم ، من شتمكم وسبكم لاغير ، وغيرهم من الذين في دمهم ودواخلهم جرثومة تمشي مهلاً ، سُمُها وسَمِها ما رغبت ، إنتهازية كانت ،أو وصولية أو طفولية فكرية ، أورغبة مريضة في التسلق ، يدعمهم ويشد من أزرهم ، بعضهم البعض ، تلك التكوينات الحزبية المعروفة لكم ، والمعادية لكم بالطبع والتطبع ، أيدلوجياً وحزبياً وتنافسياً ، فأنتم الوجهة والجهة لكل هؤلاء ، القابلة ذواتهم للتنفيس عن عقدهم العنقودية المتشعبة ، والتنفيذ لرغائبهم الحلزونية الملتوية ، فهم لن يسكتوا عنكم ، فأصبروا وصابروا ، تصلون شعبكم ، ففي تاريخهم الطويل الممتد ، كل صحيحكم في نظرهم ، هو عنزة ولو طارت ، وتذكرون حملات اليمين ضدكم بقيادة الإسلامويون طيلة سنوات السودان القديم بعقوده السبعة ، وهم وقد وجدتموهم وغيرهم ، وقد إشتد عودهم وساعدهم ، وتعلَّى بنيانهم بسبب إلصاق تهمة الإلحاد بكم ، فكانت منذ القدم السحيق ، في العالم الإسلامي بضاعتهم الرابحة في الخيارات الفلسفية و الإختبارات السياسية ، حتى جاء دورهم في أرضنا وشعبنا المقدام ، خاضوا حكمهم بإيمانهم المُدَثِر ومتستر بالدين ، والمدَّعى زيفاً ونفاقاً باسلامويتهم ، وهي النازية بعينها الشريرة ، وببدها للعنف باطشة وطويلة ، سنوات ثلاثينيتهم العجفاء ، التي عرتهم وكشفتهم ، وتأكد لشعبنا ، أنهم لاغيرهم ، هم الإلحاد ( شخصياً وفعلياً ) يمشي على ساقين ..!! ، فالإلحاد في أخلاقهم وسلوكهم وأفعالهم ، وليس في أقوالهم .. هي لله هي لله لا للسلطة لا للجاه .

إلا أن أربابهم وصنائعهم ، ومن فتح لهم آذانه ، وتماهى مع ترهاتهم وأكاذيبهم ، لازالوا أنتم الشيوعيون وصوتكم "ياكم" أنتم ، عنزة ولو طارت ، ولم يتغير رأيهم فيكم حبة خردل . فكانت دعواتكم الخيّرة وإنسانية ، المطلوبة لعباده من الفقراء والمسحوقين من أهل السودان الحبيب ، وتمنياتكم الخيرة والنبيلة له بالتغيير الجذري ، لينتقل هذا البلد من موقعه الكيئب المزري والمأسوي ، بطلب التغيير الذي يستحقه ليتحول ، إلى بلد زاهر وواعد وناهض ، فحوَّلوا هذه الدعوة الرائدة والقائدة والناجزة ( الآتية حتماً بنضال شرفاء بلادنا ) ، ووجدوا فيها بديلاً آخر غير تهمة الإلحاد المقبورة ، التي سقطت من جيوبهم ، الملأى بالنقد الأجنبي ، والعمارات الشاهقات ، وشنط السمسونايت ، الممتلئة بما خف وزنه وغلا وعلا سعره ، وقصورهم وشركاتهم الفارهات . فقامت دعاويهم الجديدة ، حين وجدوها في صحيحكم ، الذي ظل عنزة ولو طارت ، لإعطاء معاني ما أنزل الله بها من سلطان لهذا المعنى اللغوي البلاغي ، الواضح والبسيط ، فهم يستخدمونه طق حنك ، في أحاديثهم الرسمية وحتى العادية ، وفي كتاباتهم بحرفها ونصها ورسمها وبأسمها " التغيير الجذري" وليس لفظاً غيره ، خاصة متحدثيهم ومثقفيهم وكتابهم ومحلليهم ، صباحاً ومساءاً ، إلا أن معناها ، يأخذ منحاً ومعناً آخر ، في اللغة العربية والبلاغة ، حين يصل إلى مسامعهم الطرشاء ، إن أتى من جهة جبهتكم ، فالعبارة تظل عنزة ولو طارت . فهنا وبقدرة قادر يصير لها مستوى آخر من المعنى ، فهي عندهم هنا ، تعني العنف والسلاح والقتل والفوضى والإنحلال وسيداو واليونميس وسجائر أبو كديس ..!! ، وكل موبقات الدنيا ، ويجملونها حتى لا تكذب ، بما في جعبة ذاكرتهم المحشوة زيفاً ، بمثل أقوالهم .. أنظروا إليهم يعنونكم ، ماذا فعل أصحابهم الشيوعيين في بلاد السوفيت القديم ، وماذا قدموا في بلاد الواق واق البعيدة ، وماذا فعل ستالين ببلاد الواق الأبعد ، وماذا فعل الخمير الحمر ببلاد الفيتنام ، وكل مصائب الشموليات أين ماكانت وأين ما وجدت ، ونسوا ترشيدهم بعبارة ، ولاتذر وازرة وزر أخرى ، وهل يا هؤلاء عشتم شموليات الشيوعيين السودانيين في خاطركم أم رغائبكم وأحلامكم ، أم ستحيلون الأمر لإنقلاب الشيوعيين في 19 يوليو ، جرياً وراء تاريخ حسين خوجلي وجماعته في التزييف ، وتعلمون من خسر فيه أكثر ، بعد إعدام قادته ، وتعرفون مع حسين خوجلي من عقلنه وجعله ممكناً غير الراحل أحمد سليمان ، الذي عقلن للراحل حسن الترابي إنقلاب 89 ، أم شموليات الإسلامويين النازية أظرف !! .

آن الأوان والأجدى لكي تفحمونهم ، وتثبتوا لهم أن صحيحكم ، ليس عنزة ولو طارت ، ياشيوعيّ السودان ، أن هذا العقد التحالفي الخيّر الديمقراطي المسمى صدقاً ومصداقاً بيننا ، بالتغيير الجذري ، إنما هو فقط دعوة صادقة لفك أسر السودان من التوهان والهوان والعبودية والإستغلال ، ولا علاقة له باي تجارب فاشلة أو ناجحة يتخيلها هؤلاء الآخرون ، في أي بلاد كانت ، من بلاد الواق واق ، أو من بلدات عجائب الدنيا الجديدات ، إنما هي تجربة سودانية صافية صادقة ومتأصلة في التربة السودانية منذ بداياتها في أربعينيات القرن الماضي ، وما هذه الحاية ، ليست إلا خلاصة لتراكماتها الممتدة ، ولاعلاقة لها بترهاتهم وإدعاءاتهم المريضة .

وفي رائي المتواضع والمستنفذ غضباً ، وحزناً ، من هذا السلوك الطبقي الهمجي المتآكل من جهتهم ، ولكي تٌسكِتونهم نهائياً وليس إلى حين ، أقولها كوجهة نظر شخصية ، طرحتها مرة على أحدهم عابراً ، وأطرحها الآن علناً ، وحظي كان عاثراً معه التقيت به في صداقة الميديا ، وكان من الصامدين في صمديتهم الحزبية ، أو كما كان يسمي صديقي الراحل طلحة الشفيع بسخريته اللازعة أحدهم " ده شيوعي شارع ظلط " عندما طرحتها كوجهة نظر راودتني عن نفسها .
وعلناً أقولها ، عليكم هذه المرة أن تقدموا لهم ، في تجربة فريدة شبيهة بكم ، تحملونها معكم في الإنتخابات القادمة ، وهي أن تقدموا ( الجبهة الديمقراطية )وأنتم من خلفها دعماً وسنداً ، حليفتكم التي جمعتكم ورفقائكم في النضال ، رفقائكم في السراء والضراء ، رفقائكم في الحارة والباردة ، سندكم وظهيركم ، حاميكم ومواليكم ، هاديكم وساريكم ، منذ ما قبل الإستقلال ، حين كان تحالفكم معهم ، بإسم الجبهة المعادية للإستعمار ، ويظل حزبكم قائماً ومتواجداً في عملكم اليومي ، مناضلاً صلباً قوياً صلداً ، منظِّراً وداعياً للتغيير الجذري المتجدد ، والمتواصل ، حتى يرث الله الأرض وما عليها من جذريات ، طلبأ لسودان حر وطني ديموقراطي حداثوي ، يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع بحق وحقيقة .

نافسوا للفوز في الإنتخابات القادمة ( حين كتابة هذا المقال في زمانه ، كنا على عتبة دولة وطنية ديموقراطية بانتخابات حرة نزيهة قابلة يومها للتحقق وليس الحلم المستحيل .. إضافة الكاتب في يومنا هذا ) أقول لأجل الوطن ، نافسوا للفوز ، لأجل هذا الجيل الراكب رأس ، وقطعاً سيساندكم بقيادة جبهتكم الديمقراطية ، وتواجدوا بضغطكم المتواصل ، وبعبقرية مناضليه الأوائل ، وإن أضعفت إنتاجها الضربات قاصمة الظهر ، وإن ظلت وراثة عبقرياته من أمهات حواء وذاتهن المناضلة .. ولادة .
ليظل حزبكم الشيوعي ، المتواصل بإسمه ووسمه ورسمه ، وليس(الشيوعي سابقاً) كما يشتهي المعدمون والعدميون ، فهو سيظل الحزب ، الذي ينشر الوعي ، كما قال عبقريه الأول وسكرتيره العام ، الشهيد عبد الخالق محجوب ، عندما أراد أحد الضغاة ، المارين بأبواتهم العسكرية على جباه الكادحين المسحوقين في البلاد ، ليمتحن حزبه فيماقدمه للسودان ، حياه وأحياه .. حين رد الشهيد : أعطاه الوعي .. وكفى ، هو حزبكم الذي لايكل ولا يمل ، في يومكم هذا ونهاركم ذاك ، في صبحكم ومسائكم الدائم ، لأجل المستقبل القريب ، ولأجل أجياله وأيامه القادمات ، ودعوهم يطاردون سراب عنزتهم المفقودة حينها ، حتى ولوطارت .

omeralhiwaig441@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حزب الأمة

إقرأ أيضاً:

استراتيجية الحركة الإسلامية .. لتصفية الثورة واغتيال الدولة تحت غطاء الحرب (1-3)!!

Mohammedabdalluh2000@gmail.com

اليوم يدخل السودان يومه الـ745 في أتون حرب عبثية مزقت أوصاله ودفع فيها المدنيون كلفة لا تحتمل من القتل والدمار والتشريد، ولم تعد هذه الحرب مجرد صراع بين طرفين، بل حرب شاملة تستهدف الإنسان والذاكرة والمستقبل، وتحولت إلى مشروع منظم لتدمير حلم السودانيين في الحرية والسلام والعدالة، واختلطت فيها أدوات القمع بوسائل التصفية العرقية، وغلفت الجرائم ضد الإنسانية بخطابات زائفة عن الوطنية والسيادة.

هذه الحرب لم تكن صدفة، وإنما مخطط طويل الأمد تقوده الحركة الإسلامية، التي عادت إلى المشهد من الظلال مستندة إلى إرثها في تفكيك الدولة وسحق إرادة الشعب، فمنذ سقوط نظام البشير في 2019، تلقت قوى الإسلام السياسي صفعة لم تتوقعها، فالثورة السودانية المجيدة باغتتهم وأطاحت بمشروعهم السلطوي المتجذر في مفاصل الدولة، ولأنهم لم يتقبلوا الهزيمة، اختاروا طريق الحرب والتآمر والتخريب والانتقام، ولم تهدأ مخططات الحركة الإسلامية التي رأت في الثورة الشعبية تهديداً وجودياً لمشروعها الإسلامي، فبينما كان أنصار النظام يراهنون على وأد ثورة ديسمبر المجيدة في 2019، كما فعلوا في سبتمبر 2013، باغتتهم الإرادة الشعبية، وأطاحت بعرشهم، ودفعتهم صدمة السقوط إلى التواري والاختفاء مؤقتاً، خاصة بعد اعتقال قياداتهم، الا انهم لم يغادروا المشهد، وبدأوا في إعادة تنظيم صفوفهم، وشنوا حرباً باردة ومؤامرات ضد الحكومة الانتقالية، عبر حملات إعلامية ممنهجة لتشويه قوى الثورة، وخلق تشويش وتأجيج خلافاتها، واخترقوا مؤسسات الدولة، وحركوا خلاياهم في الجيش والشرطة وجهاز الأمن، استعداداً لساعة العودة.

كانت الحركة الإسلامية تعرف جيداً أن معركتها لن تخاض في الشوارع وحدها، بل داخل أجهزة الدولة نفسها، حيث تنام خلاياها النشطة بدعم خفي من ضباط المجلس العسكري، الذين تبنوا أجندتها، وشرعت في تفكيك الشراكة بين المكونين المدني العسكري الذي قام عليه الانتقال، وحاكت المؤامرات وصنعت الأزمات الاقتصادية والأمنية في البلاد، وفي قلب هذا المخطط، كان انقلاب 25 أكتوبر 2021 النقطة الفاصلة، ولم يكن مجرد انقلاب "كلاسيكي"، بل كان تحرك مخطط ومدعوم من الإسلاميين، لإستهدف وتفكيك الفترة الانتقالية، وضرب وحدة قوى الثورة، وتمهيد الأرضية لإعادة النظام القديم بثوب جديد، وعلى الرغم من فشل الانقلاب في تحقيق أهدافه، الا انهم نجحوا في شيء واحد فقط، وهو إدخال البلاد في نفق مظلم من الأزمات والانقسامات.
ومع فشل الانقلاب في تحقيق أهدافه وتشكيل الحكومة، ومع اشتداد الحراك الشعبي الرافض له، تحركت الحركة الإسلامية خطوة أخرى إلى الأمام، لـ “تعطيل الاتفاق الإطاري"، الذي كان يمثل تهديداً حقيقياً لطموحاتهم، كونه يفتح الباب مجدداً لعودة قوى الثورة، فكان لا بد من قطع الطريق عليه، لذلك دفعوا نحو المواجهة العسكرية بين "الجيش والدعم السريع"، وأشعلوا فتيل الحرب في 15 ابريل 2023، وكانوا حسب مخططاتهم، ظنوا أن الجيش سيحسمها خلال اربعة او خمسة أيام، وهم يدعمونه بتوفير الغطاء السياسي والشعبي، وكتائب إسلامية مدربة، ولم تكن تقديراتهم وليدة لحظتها، بل امتداداً لعقود من التمكين العقائدي داخل المؤسسة العسكرية، ولكن حساباتهم كانت خاطئة ولم تصب، وحولت البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة تحول فيها المدنيون إلى ضحايا في معركة ليست لهم.

إن جذور مشروعهم الاسلامي يعود لانقلاب 1989، حين استولى عمر البشير على الحكم بدعم مباشر من الحركة الإسلامية، التي حولت السودان إلى مختبر لأفكارها المتشددة، وفرضت رؤيتها على التعليم والقضاء والمجتمع واخترقت المؤسسة العسكرية بالكامل، وخضعت القوات النظامية من "الجيش والأمن والشرطة"، لعملية "أسلمة وأدلجه" ممنهجة، وتحول الولاء العقائدي إلى شرط للترقي، ولم يعد الالتحاق بالكليات العسكرية مسألة كفاءة، بل ولاء مطلق للمشروع الإسلامي، وأصبحت بوابة لتخريج ضباط يعتنقون أيديولوجيا الإسلام السياسي، وما تزال قيادة المؤسسة العسكرية الى اليوم تحت قبضة الحركة الإسلامية، وإن حالوا التبرؤ منها.

ان أدلجة الدولة لم تتوقف عند المؤسسات الرسمية فقد امتد تأثير الحركة الإسلامية إلى النسيج الاجتماعي والثقافي، حيث أُعيد تشكيل التعليم والإعلام والثقافة لتكون انعكاساً لرؤية أيديولوجية ضيقة أفرزت أجيالاً مشوهة، وتم تسليحهم ليكونوا أدوات قتل في الحروب السودانية، وادلجت الحركة الإسلامية مجتمع بكامله وأعاده تشكيله ليخدم مشروعاً أيديولوجياً مغلقاً لا يقبل التعدد ولا يعترف بالآخر.

ومع اندلاع الحرب الحالية، سقط القناع تماماً، ولم تعد الحرب صراعاً على نفوذ أو موارد، بل تحولت إلى أداة انتقام شامل ضد الشعب السوداني، لا سيما هنالك عشرات الفيديوهات المتداولة توثق جرائم تقشعر لها الأبدان، "قتل على الهوية واغتصاب وتعذيب وإعدامات ميدانية وانتهاكات لا تحصى"، وتقف البلاد على حافة الهاوية تحاصرها كتائب الارهاب، التي لا تسعى فقط إلى إسكات صوت الثورة، بل إلى اقتلاع جذورها من الوعي الجمعي، وتحويل السودان إلى مسلخ مفتوح لكل من يجرؤ على المطالبة بوقف الحرب، او عودة الحكم المدني الديمقراطي.

يتبع ..  

مقالات مشابهة

  • «أبوظبي» يحصد «ثلاثية» مجلس الكريكيت
  • عودة الظل القديم: خطاب البرهان وإعادة بناء السلطة على أنقاض الثورة
  • كلمة نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي أمام مؤتمر الخدمة المدنية
  • حزب المؤتمر يهنئ عمال مصر بعيدهم: العمود الفقري للاقتصاد الوطني
  • استراتيجية الحركة الإسلامية .. لتصفية الثورة واغتيال الدولة تحت غطاء الحرب (1-3)!!
  • “لساتكنا البتتكلم.. وسكاتك البتقهر!
  • أبرز ما ورد في خطاب رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الخدمة المدنية
  • الخدمة المدنية تعلن الخميس القادم اجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي
  • خطاب قاسم: برنامج سياسي عنوانه بناء الدولة
  • عبر شطيرة ذرية.. الصين تفتح أبواب عصر ما بعد الغرافين