يشهد السودان مرحلة دقيقة ومفصلية في تاريخه الحديث، مع تصاعد الحرب وغياب الحلول السياسية المستدامة. القرارات التي اتخذتها حكومة عبد الفتاح البرهان في مدينة بورتسودان، بما فيها تنظيم امتحانات الشهادات الثانوية، منع إصدار الأوراق الثبوتية، وتغيير العملة، قد زادت من تعقيد المشهد، ما يثير مخاوف عميقة من احتمالية تقسيم البلاد وتعميق الأزمة الإنسانية والاجتماعية.

في ظل هذه التحديات، تبرز فكرة تشكيل حكومة منفى مدنية كخيار استراتيجي لمواجهة الأزمة وتحقيق أهداف إنسانية وسياسية طويلة الأمد.
لماذا حكومة المنفى؟
حكومة المنفى ليست مجرد فكرة رمزية، بل تُعد أداة عملية لمواجهة أزمات الحروب والانقسامات. في حالة السودان، يمكن لحكومة منفى مدنية أن:
تمثل صوت الشعب في المحافل الدولية: يمكنها تقديم موقف واضح وموحد يعكس تطلعات الشعب السوداني، مما يساعد على مواجهة قرارات الحكومة المؤقتة التي قد تُعزز الانقسامات.
إدارة المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين: بغطاء دولي، يمكن لحكومة المنفى تنسيق المساعدات الإنسانية مع المنظمات الدولية والعمل على حماية المدنيين، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا.
فضح الانتهاكات الحقوقية: من خلال رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، يمكنها رفع القضايا إلى المحاكم الدولية وتعزيز الجهود لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.
تعزيز الدبلوماسية الخارجية: من خلال وجودها في الخارج، يمكنها بناء شبكة من العلاقات الدولية لدعم القضية السودانية والدفع باتجاه حلول سلمية وديمقراطية.
الرؤية والتوجهات
إدارة الأزمات الإنسانية
مع تصاعد النزوح الداخلي والخارجي، يجب أن تضع حكومة المنفى المدنيين على رأس أولوياتها. ويشمل ذلك توفير التعليم البديل للطلاب النازحين، حماية حقوق اللاجئين، والعمل على استعادة الهوية الوطنية لمن تم تهميشهم بسبب القرارات الأخيرة.
التصدي للقرارات المجحفة
• في التعليم: يمكن لحكومة المنفى التنسيق مع المنظمات الدولية لتوفير بدائل تعليمية عبر الإنترنت أو في مراكز لجوء مخصصة.
• في الوثائق الرسمية: تأمين آليات دولية لإصدار جوازات سفر ووثائق معترف بها عالميًا للسودانيين الممنوعين من ذلك.
• في الاقتصاد: العمل على فضح تأثير القرارات الاقتصادية التي تخدم مصالح محدودة وتضر بالوحدة الوطنية.
. إحياء الانتقال الديمقراطي
يجب أن تعمل حكومة المنفى على جمع القوى المدنية والمبادرات الشعبية تحت مظلة واحدة تُعزز الحلول السياسية السلمية، بعيدًا عن الهيمنة العسكرية.
حشد الدعم الدولي
وجود حكومة المنفى في عواصم مؤثرة مثل واشنطن، باريس، أو نيروبي يمكن أن يعزز من فرص السودان في الحصول على دعم دولي للحلول السلمية.
تحديات وحلول
التحدي: افتقارها للشرعية الداخلية
• الحل: تعزيز التمثيل الشعبي من خلال التشاور مع قادة المجتمع المدني والقوى الشبابية.
التحدي: محدودية الموارد
• الحل: إنشاء شراكات مع منظمات دولية وجهات مانحة لدعم جهودها الإنسانية والدبلوماسية.
التحدي في مواجهة التضييق السياسي من حكومة بورتسودان
• الحل: بناء شبكة إعلامية قوية لتسليط الضوء على أنشطتها وإظهار شرعيتها على المستوى الدولي.
إن تشكيل حكومة منفى مدنية ليس مجرد رد فعل على الأزمة السودانية، بل هو خطوة استباقية لضمان استمرار النضال من أجل سودان موحد وديمقراطي. في ظل القرارات المجحفة التي اتخذتها حكومة بورتسودان، والتي تهدد النسيج الوطني، يُعد هذا الخيار ضرورة ملحّة لتأمين صوت السودانيين في الداخل والخارج، وحماية حقوقهم في مواجهة الحرب والانقسام. حكومة المنفى ستكون بمثابة أمل للسودانيين، وأداة لتحشيد الجهود الدولية نحو تحقيق السلام والعدالة.

زهير عثمان

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حکومة المنفى

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تتهم قوات الدعم السريع بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين

 

اتهمت الأمم المتحدة قوات الدعم السريع بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين وخاصة في اقليم دارفور غربي السودان.

السودان سيشكل حكومة جديدة بعد استعادة الخرطوم السودان يُطلق خارطة الطريق للمصالحة الوطنية

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة أوتشا في بيان صحفي الاثنين) "نلفت الانتباه إلى العوائق المستمرة أمام العمليات الإنسانية في السودان، وخاصة في منطقة دارفور، حيث يتفاقم انعدام الأمن الغذائي والمعاناة على نطاق واسع.

وأضاف المكتب أن الأزمة الإنسانية تتطلب وصولا عاجلا ودون عوائق إلى المساعدات، إلا أن القيود المستمرة والعقبات البيروقراطية التي تفرضها الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية التابعة لقوات الدعم السريع، تمنع المساعدات المنقذة للحياة من الوصول إلى المحتاجين إليها بشدة.

 

وتابع المكتب أنه على الرغم من الالتزامات المتكررة التي قطعتها الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية، لا تزال الجهات الفاعلة الإنسانية تواجه العراقيل والتدخل غير المبرر والقيود التشغيلية التي تتعارض مع القانون الإنساني الدولي والالتزامات المنصوص عليها في إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان الصادر في مايو 2023".

 

وشدد المكتب الأممي على أن العالم يراقب ما يحدث، وأنه من غير المقبول أن يعجز المجتمع الإنساني في السودان، والذي يضم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، عن تقديم المساعدات الأساسية بسبب تصرفات أولئك الذين تعهدوا بتسهيل المساعدة.

 

ودعا المكتب الأممي الوكالة الإنسانية التابعة لقوات الدعم السريع إلى اتخاذ تدابير فورية وملموسة من أجل المشاركة الشاملة والهادفة من خلال الحوار والمفاوضات مع المجتمع الإنساني ككل لضمان تسليم المساعدات العاجلة المنقذة للحياة، على النحو المبين في إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان الموقع في 11 مايو 2023.

 

وطالب المكتب كذلك بتبسيط الإجراءات البيروقراطية لقوافل المساعدات من خلال القضاء على الموافقات غير الضرورية وضمان الكفاءة في حركة الإمدادات الإنسانية.

كما شدد على ضرورة إنهاء التدخل في العمليات الإنسانية، بما في ذلك المطالبات بالدعم اللوجستي.

ودعا المكتب الأممي قوات الدعم السريع ووكالتها الإنسانية إلى بذل قصارى جهدها لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني والأصول والعمليات لضمان قدرتهم على العمل دون تهديدات أو إكراه.

 

ولم يصدر على الفور تعليق من جانب الدعم السريع بهذا الخصوص.

 

وكانت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، أعلنت في 13 أغسطس 2023 عن تأسيس الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية، للتنسيق مع المجتمع الدولي الإنساني فيما يتصل بإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، ولاسيما في اقليم دارفور.

 

وتسيطر قوات الدعم السريع على عواصم أربع ولايات من اقليم دارفور المكون من خمس ولايات.

ووفقا لتقارير سابقة للأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف سكان السودان يواجهون الجوع الحاد الآن.

 

وأفادت إحصاءات حكومية بأن 28.9 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية بسبب تأثيرات الحرب في السودان.

 

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت 29683 قتيلا، وفقا لأحدث تقرير صادر عن موقع ((ACLED))، وهي منظمة عالمية غير حكومية متخصصة في جمع بيانات النزاعات المفصلة.

 

وتسببت الحرب في فرار أكثر من 14 مليون شخص، وفقا لمنظمة الهجرة الدولية، بواقع 11 مليون شخص نازح داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة. 

 

 

مقالات مشابهة

  • قرارات ترامب المتهورة والاقتصاد العالمي.. هل تقود العالم نحو أزمة جديدة؟
  • التعليم في مواجهة الأزمات.. هل يمكن أن يكون مفتاحًا للسلام والاستدامة؟
  • «أبوظبي للمحاسبة» يوضح أنواع المخالفات التي يمكن الإبلاغ عنها
  • هيئة البث الإسرائيلية: أزمة المساعدات الإنسانية بغزة ستحل السبت المقبل
  • القاهرة.. وزير خارجية السودان يعلن اقتراب تسمية حكومة تكنوقراط مدنية
  • وزير الخارجية السوداني يعلن اقتراب تشكيل حكومة تكنوقراط مدنية
  • «أوتشا»: عوائق خطيرة تهدد العمليات الإنسانية في السودان 
  • الأمم المتحدة تتهم قوات الدعم السريع بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين
  • ما كمية الشاي التي يمكن تناولها في اليوم؟
  • السنيورة: بالوجوه والكفاءات التي تضمها الحكومة الجديدة يمكن إنجاز الكثير