موقع النيلين:
2025-04-15@08:40:28 GMT

المليشيا … جماعة ارهابية (3)

تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT

نواصل الحديث عن صور إجرام مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد الشعب السوداني ، تلك الجرائم التي تجعلها بكل المعايير جماعة إرهابية أمام القانون وأمام كل السودانيين ، وأمام كل من يمتلك ضميراً إنسانياً حياً وحراً.

هذا المقال يناقش تمويل المليشيا المجرمة ، التمويل الذي لو انقطع عنها لماتت سريرياً وتقطعت بها السبل ، وتلاشت ، ولولا استمراره لانتهت الحرب في أيامها الأولى.

لقد أجمع خبراء القانون الدولي أن تمويل الإرهاب أخطر مهددات الأمن والسلم الدوليين، لأن أي تنظيم إرهابي يستمد قوته من التمويل المستمر ، لذلك اهتم العالم بمنع تمويل أية عمليات مشبوهة لا يعرف الغرض منها واعتبر أن أي تمويل يتم عبر أية صورة من الصور الآتية يعد تمويلاً لعمليات إرهابية إلى أن يثبت العكس ، إذا تم ما يلي : “جمع أو تلقي أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أو إرسال أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو متفجرات أو مهمات أو آليات ، أو عبر نقل بيانات أو إحداثيات أو معلومات حربية أو أمنية، بشكل مباشر أو غير مباشر وبأية وسيلة كانت رقمية أو الكترونية ، بما يخدم أو يحقق أو يدعم أو يسهل عمليات غير معروفة الغرض أو تحمل شبهة إجرامية أو يشتبه أن تكون إرهابية ” ، فإنها تصنف أعمالا إرهابية يجرمها القانون الدولي.

لذا فالمال يشكل عصب استمرار الأعمال الإرهابية لأنه يساعد في شراء الأسلحة والذخائر والمعدات وجلب المرتزقة ولشراء الذمم في كثير من الأحيان ، ولتجفيف منابع الحياة للإرهاب كان لابد من معرفة مصادر وطرق تمويله وتجريم كل ما يتعلق بتمويل الإرهاب دولياً، لذلك سعى العالم إلى وضع اتفاقية تتوافق عليها دول العالم لمكافحة تمويل الإرهاب، وكان ذلك بالفعل في العام 1999م حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية منع تمويل الإرهاب، وجاء بعدها قرار مجلس الأمن 1373 لعام 2001م ، وقرار مجلس الأمن رقم 2462 لعام 2019م ، هذه القرارات إلى جانب اتفاقية منع تمويل الإرهاب كونت مرجعية قانونية حثت دول العالم على إنشاء آليات قانونية وطنية وآليات مراقبة مالية تعمل على كشف الأموال والأنشطة التجارية التي تدعم أو تمول الجماعات الإرهابية وتعمل مباشرة على كشف أموالها وحركة هذه الأموال وتداولها وإذا ثبت أنها أموال مشبوهة يتم تجميد أصولها مباشرة.

ثم جاء قرار مجلس الأمن رقم 2178 لعام 2014م والذي دعا دول العالم للتدقيق في السفر إلى البلدان التي تواجه عمليات إرهابية خشية سفر الإرهابيين أو المرتزقة إليها ، وحث الدول على تبادل المعلومات وتجهيز قوائم بجرائم الإرهاب وأنواعها والجماعات الإرهابية المسجلة عندها ، وجهة قدوم المرتزقة أو الإرهابيين وأماكن تجنيدهم وأية معلومات عنهم ، وجهات تمويل العمليات الإرهابية أياً كانت (دول ، شركات ، أفراد ، جمعيات .. إلخ).

لم يقف العالم عند هذا الحد بل صدرت عدد من قرارات مجلس الأمن بين حين وآخر تدعو الدول إلى تنفيذ ما اتفق عليه مثل (قرار مجلس الأمن رقم 1617 لعام 2015م ، قرار مجلس الأمن رقم 2253 لعام 2015م ، قرار مجلس الأمن رقم 2368 لعام 2017م ، قرار مجلس الأمن رقم 2395 لعام 2017 م ، قرار مجلس الأمن رقم 2462 لعام 2019م ) .

من المتابعة لملف الإرهاب وجد أن مصادر التمويل غالباً ما تأتي عبر بعض المنظمات غير الربحية او جمعيات تتستر خلفها جريمة غسيل الأموال أو الاتجار غير المشروع في سلع مثل النفط أو الذهب أو الماس أو المخدرات أو السلاح ، مع ملاحظة أن جريمة غسيل الأموال تختلف تماماُ عن جريمة الإرهاب ، كل منهما جريمة مستقلة بذاتها وأركانها، لكنهما يكملان بعضهما البعض إذا ما اجتمعا علي مسرح الأحداث.

بما أن حركة المال المستخدم في تمويل الإرهاب يتم غالباً عبر آليات دولية ، كان من الضروري وضع موجهات ومعايير دولية تحكم حركة الأموال وتداولها فتم إنشاء مجموعة العمل المالي ، لتكون آلية مراقبة دولية.

و مجموعة العمل المالي (FATF) هي هيئة دولية FINANCIAL ACTION TASK FORCE أنشئت في العام 1989م من قبل الوزراء المعنيين في الدول الأعضاء فيها ، وتضم 38 دولة ومنظمتين اقليميتين هما مجلس التعاون الخليجي والمفوضية الأوربية، مقرها في باريس، وهي تهدف إلى وضع سياسات و معايير وموجهات لمكافحة جريمة غسيل الأموال وجريمة تمويل الإرهاب ، وانتشار أسلحة الدمار الشامل ، وأصدرت توصياتها أول مرة في العام 1990م ثم توالى تطوير وتحديث التوصيات كل عامين حسب متطلبات المرحلة والتحديات التي تواجهها وقد أصدرت مؤخرا توصيات العام 2024م.

تقوم مجموعة العمل المالي بمراقبة أعضائها في تنفيذ التدابير اللازمة للمكافحة ، وتعمل على تحديد نقاط الضعف على المستوى الوطني لمعالجتها ولحماية النظام المالي الدولي من إساءة الاستخدام.

من جهة أخرى قامت مجموعة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإنشاء مجموعة للعمل المالي علي غرار مجموعة العمل المالي الدولية ، وذلك عقب اجتماع وزاري عقد في البحرين في 30 نوفمبر 2004م ، حيث قررت حكومات 14دولة عربية إنشاء مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وأن تكون دولة المقر لها البحرين ، وهي ذات طبيعة تعاونية لا ينبثق عنها معاهدة دولية وهي مستقلة عن أية هيئة او مؤسسة دولية أخرى ، وتضم كلاً من الاردن ، الإمارات، البحرين ، تونس، الجزائر، السعودية ، السودان ( انضم في 2006)، سوريا ، العراق ، سلطنة عمان ، قطر، الكويت ، لبنان ، ليبيا، مصر ، المغرب ، موريتانيا ، اليمن.
ويشغل مقعد المراقب فيها 13عضواً ما بين دول ومنظمات. و أهم التزام لهذه المجموعة التزام أعضائها بالمعايير الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب.

بناء على ما ذكر نجد أن السودان والإمارات أعضاء في هذه المنظمة التي تمنع تمويل الإرهاب ، والمفترض أن تلتزم الدولة العضو بكافة توصيات مجموعة العمل المالي سواء الدولية أو مجموعة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولكن الحرب التي اندلعت صباح السبت 15 ابريل 2023 في السودان أظهرت داعمين لاستمرارها والقيام بعمليات إرهابية برعاية ودعم دبلوماسي وسياسي ولوجستي ومالي وإعلامي للمليشيا من دولة الامارات في المقام الأول ودول أخرى.

والراجح أنها هنا مكلفة وفق توزيع الأدوار للخطة الصهيونية الخبيثة، و دورها هو زعزعة الاستقرار في دول المنطقة ، حيث يتم اختيار الدول التي بها تصدع في الأوضاع السياسية وتقوم بزعزعة الاستقرار وتمزيق الدولة ونهب ثرواتها ، وهي بذلك تخرق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و تدعم الإرهاب من جهة أخرى ، مما يستوجب محاسبتها .

وقد تقدم السودان بشكوى رسمية لمجلس الأمن ضد الإمارات، مسنودة بأدلة دامغة، اتهمها بتجنيد مرتزقة للقتال في السودان وإشعال الحرب ونهب وسرقة ثروات السودان والسودانيين.

و تحصلت القوات المسلحة السودانية بعد معارك جبل موية (وسط البلاد) علي أدلة مادية منها صناديق ذخيرة مدفعية ثقيلة مطبوع عليها إسم الإمارات، كان الجيش قد استولى عليها في عتاد المليشيا الهاربة من المعارك ، بالإضافة لشاحنات نقل الأسلحة والذخائر للمليشيا تحمل أرقام وبطاقات ترخيص إماراتية. كما نشرت مقاطع فيديو لعدد من جنود القوات المسلحة وهم يعرضون معدات حربية كتب عليها صنع في الإمارات، وعثر كذلك على أدوية واسعافات ووجبات جاهزة إماراتية وسترات واقية من الرصاص ومضادات دبابات ومضادات طيران ومسيرات حديثة الصنع ، وجدت جميعها في أماكن كانت تحتلها المليشيا قبل هروبها واستولى عليها الجيش السوداني وصورها كأدلة دامغة للدعم الإماراتي للمليشيا الإرهابية.

من المعتاد ألا تقوم حكومة أو دولة ما بدعم الجماعات الإرهابية بشكل مباشر ، لكنها تقوم بدعمها تحت ستار منظمة أو جمعية أو مجموعة شركات ، وتقوم بمدها بالأموال لشراء الأسلحة والعتاد والذخائر واستجلاب المرتزقة وتجنيدهم ودفع الأموال لهم والإمارات تقوم بذلك خلف ستار المساعدات الإنسانية، وأحياناً بشكل مباشر !!!

وتشير التقارير إلى جلب الإمارات لمرتزقة من دول وسط أفريقيا وتشاد ومالي ومؤخراً من كولومبيا التي اعتذرت سفيرتها في القاهرة للسفير السوداني عما حدث من مشاركة مرتزقة من بلادها مع المليشيا ، واعتذار السفيرة الموقرة يعد دليلا آخر على جلب المليشيا للمرتزقة بواسطة دويلة الشر والتي أصبحت المنسق والمخطط للأعمال الإرهابية في السودان ، وهي بذلك تعد شريكاً اصيلاً في كل الانتهاكات والجرائم التي حدثت مما يستوجب محاسبتها.

وفي السياق، أكدت منظمة (مراقبة الإبادة الجماعية) ، أن الإمارات تنتهك حظر الأسلحة المفروض على دارفور منذ العام 2005م ولا زال ساري المفعول ، وينبغي محاسبتها على تورطها في إدخال السلاح والذخائر إلى دارفور ، وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين هناك.

وتقول المنظمة أنها منذ يونيو 2023م رصدت زيادة كبيرة في عدد طائرات الشحن المتجهة من مطار أبوظبي إلى مطار أم جرس في دولة تشاد ، إذ تقدم الإمارات الدعم للمليشيا عبر مطار أم جرس، الى جانب وجود مخبأ للذخيرة في ذات المطار ومحطة تحكم ارضية للطائرات بجانب المدرج على بعد 750 ياردة فقط من مستشفى إماراتي لعلاج مصابي المليشيا ، ويتم نقل شحنات الأسلحة والذخائر والمعدات من أم جرس إلى داخل الأراضي السودانية مباشرة.

كما أنها تزود المليشيا بالوقود من جنوب ليبيا وتمدها بسيارات الدفع الرباعي التي تستخدم في العمليات العدائية الإرهابية.

في نهاية التقرير شددت المنظمة على ضرورة إيقاف الإمارات لدعمها العسكري لمليشيا الدعم السريع و التوقف عما ترتكبه من جرائم بحق المدنيين عبر تجنيد المرتزقة والزج بهم للحرب في السودان ، وكذلك توقف دول أخرى في المنطقة عن التواطؤ مع الإمارات وفتح أراضيها ومطاراتها لدعم المليشيا الإرهابية المتمردة ، مقابل الأموال الاماراتية.

وحسب تقرير خبراء نشر في صحيفة نيويورك تايمز أكد أن الإمارات تستخدم المساعدات الإنسانية كغطاء لتهريب السلاح والمعدات الحربية ، بينما تقوم الطائرات بدون طيار لتحلق على طول الحدود السودانية موجهة قوافل الأسلحة المهربة وعربات الدفع الرباعي التي تحمل المرتزقة ، للحاق بالمليشيا في الاراضي السودانية لمواصلة ارتكابها لجرائم الحرب والإبادة الجماعية والعمليات الإرهابية ضد المدنيين العزل.

رغم هذه التقارير والإدانات والأدلة الدامغة على جرائم المليشيا ، ورغم التقارير التي وثقتها المنظمات الدولية والاقليمية، والتقارير المنشورة عبر وكالات إعلامية عالمية، والأدلة المادية الواضحة على أرض المعركة والتي قدمها السودان في شكواه لمجلس الأمن ، والصور التي سجلتها الأقمار الاصطناعية للدعم الإماراتي للمليشيا ، ومشاركة عدد من الدول في تأجيج الحرب في السودان ، لا يزال المجتمع الدولي يقف صامتا ، في موقف محير لمن يفكر ومخزي لمن يعتبر !!!

وهو – المجتمع الدولي – مطالب باتخاذ إجراءات قانونية حاسمة تجاه الدول التي تسعى لاستمرار الحرب وتدعم المليشيا في أعمالها الإرهابية ، بوضع المليشيا ضمن المجموعات الإرهابية وحظر نشاطها وتجميد أصولها ومصادرة أموالها المشبوهة ومحاسبتها على عملياتها الإرهابية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والمذابح التي تمت بحق المدنيين العزل.

وكذلك محاسبة الإمارات وتشاد والدول التي تواطأت لإشعال الحرب واستمرار العمليات الإرهابية وانتهاك حقوق الإنسان في السودان ، وسرقة ثرواته ، وفقا لأحكام القانون الدولي ، والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان.

د. إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: مجموعة العمل المالی قرار مجلس الأمن رقم القانون الدولی تمویل الإرهاب فی السودان

إقرأ أيضاً:

«الإخوان».. أدوار مشبوهة لتأجيج الحرب في السودان

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة قرقاش: عقدة «الإخوان» تجاه الإمارات ليست سوى عقدة التطرف أمام التسامح ضربات ممنهجة للمنشآت الطبية تفاقم الأزمة الإنسانية

منذ اندلاع النزاع في السودان، في أبريل 2023، تلعب جماعة «الإخوان» أدواراً مشبوهة لتأجيج الحرب، وإشعال نيران الفتنة، وإفشال التسوية السلمية، ما تسبب في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل معاناة نحو 25 مليون سوداني من الجوع وسوء التغذية، ووجود أكثر من 8 ملايين نازح داخلياً، و4 ملايين لاجئ في دول الجوار.
وبعد مرور عامين على اندلاع النزاع، ما تزال جماعة «الإخوان» تخطط، من وراء ستار، لتعميق الأزمة، وعرقلة جهود إنهاء الاقتتال، بهدف تحقيق مكاسب سياسية تمكنهم من العودة للسلطة، بعدما تمت الإطاحة بهم في ثورة شعبية خلال عام 2019.
وأكد خبراء ومحللون، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن جماعة «الإخوان» الإرهابية تقف وراء محاولات إطالة أمد الصراع في السودان، ما يزيد الأزمة تعقيداً، ويجعل التسوية السلمية حلماً بعيد المنال، محذرين من خطورة مساعي الجماعة لإعادة نفوذها داخل القوات المسلحة السودانية.
وأوضح الخبراء والمحللون أن عودة «الإخوان» للسلطة أصبحت مرهونة باستمرار النزاع، وقطع الطريق أمام مفاوضات السلام، مؤكدين أن أي عملية سياسية في السودان من المرجح أن تستبعدهم.

شهوة السلطة
أكد المحامي ومؤسس الجبهة الوسطية لمكافحة التطرف، صبرة القاسمي، أن أزمات السودان لا يمكن فصلها عن مشروع جماعة «الإخوان» والتنظيمات المرتبطة بها التي تسعى دائماً للهيمنة على السلطة، حتى لو كان الثمن هو تدمير الدولة نفسها.
وقال القاسمي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن «السودان وقع ضحية لجدلية مدمرة، تجمع بين شهوة السلطة لدى الإخوان، ومنهج الانتقام الذي تتبناه التنظيمات المتطرفة تجاه أي نظام لا يخضع لنفوذها».
وأوضح أن جماعة «الإخوان» كانت بارعة في زرع خلاياها داخل مؤسسات الدولة السودانية لعقود، مستغلة الأوضاع الاقتصادية والسياسية لتأليب الشارع، وبناء تحالفات مع ميليشيات وتنظيمات مسلحة، مؤكداً أنها لم تأتِ يوماً بمشروع وطني، بل حملت فكراً عدائياً يقوم على تمزيق المجتمعات، وتوظيف الدين لتبرير العنف والاقتتال.
وأشار القاسمي إلى أن هذه القوى تخوض حرباً ضد الدولة الحديثة في السودان، عبر ترويج خطاب الكراهية، وتغذية النزاعات القبلية، وربط البلاد بمحاور إقليمية معادية للاستقرار العربي، مشدداً على أن اجتثاث الفكر «الإخواني» شرطٌ أساسي لأي تسوية حقيقية تضمن عودة الأمن والاستقرار إلى السودان.
وذكر مؤسس الجبهة الوسطية لمكافحة التطرف أن جماعة «الإخوان» لم تكتفِ بزعزعة استقرار السودان داخلياً، بل لعبت دوراً خطيراً في تعزيز قوى الشر ودعم إرهاب الجماعات الأخرى ضد الشعب السوداني، مؤكداً أن الجماعة وفّرت مظلة آمنة لعناصر تنظيم «داعش» وفلول تنظيم «القاعدة»، وشاركت في تدريبهم وتمكينهم من التمدد في الأراضي السودانية لتهديد أمن الشعب، وخلق بؤر إرهابية تهدد دول الجوار.
وأشار القاسمي إلى أن هناك تسهيلات متعمدة في حركة انتقال هذه العناصر بين السودان وبعض الدول الأفريقية، بدعم لوجستي وتنظيمي مباشر، ما يُشكل خطراً إقليمياً واسع النطاق، مضيفاً أن هذه الأنشطة تؤكد مدى التداخل بين «الإخوان» والتنظيمات الإرهابية، وأن خطرهم لا يهدد السودان فحسب، بل يمتد ليشمل الأمن القومي العربي بأسره.

تغلغل إخواني
أوضح الباحث في الشؤون الأمنية والجريمة المنظمة، علي الشعباني، أن جماعة «الإخوان» تُعد السبب الرئيس في تأجيج النزاع الدائر في السودان، وتقف وراء محاولات إطالة أمد الاقتتال لتحقيق مكاسب سياسية، مشيراً إلى أن الجماعة مارست منذ تأسيسها دوراً تخريبياً تحت غطاء الدين، واستغلت الشعارات الدينية لخدمة أجنداتها السياسية.
وذكر الشعباني لـ«الاتحاد» أن «الإخوان» كانوا دائماً أداة للفوضى، وعملوا على اختراق مؤسسات الدول من الداخل، مستخدمين خطاباً دينياً مضللاً لكسب التأييد الشعبي، وتحويل هذا التأييد إلى سلطة تمكنهم من ضرب استقرار الدول، موضحاً أن ما يحدث في السودان من صراع دام وانهيار لمؤسسات الدولة ليس بعيداً عن تاريخ طويل من التغلغل الإخواني في مفاصل الدولة، والذي مهد الطريق لخلق انقسامات اجتماعية وسياسية حادة.
وحذر من خطورة محاولات تنظيم «الإخوان» لإعادة نفوذه داخل القوات المسلحة السودانية، مؤكداً أن التنظيم الإرهابي شارك في عمليات ممنهجة لتدمير بعض الدول العربية من خلال تغذية العنف، ما يجعلهم القاسم المشترك في كل مأساة عربية، والسودان ليس استثناءً.
وشدد الشعباني على ضرورة اجتثاث الفكر «الإخواني» ومحاصرته فكرياً وإعلامياً وسياسياً، للحفاظ على استقرار الدول، مشيراً إلى أن جماعة «الإخوان» تخطط للعودة إلى السلطة في السودان من جديد، عبر تغذية النزاع الدائر، وإفشال جهود التسوية السلمية.

دور تخريبي
اعتبر مدير مركز بروكسل للدراسات، رمضان أبوجزر، أن جماعة «الإخوان» كانت ولا تزال أحد الأسباب الرئيسة للأزمات التي يُعاني منها السودان، منذ تدخلها في الحياة السياسية ومحاولاتها للسيطرة على الحكم.
وأوضح أبوجزر، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن وجود «الإخوان» في المشهد السياسي السوداني تسبب في انقسامات حادة داخل البلاد، وأدت إلى تدهور العلاقات الخارجية التي كانت تتمتع بها الخرطوم مع محيطها العربي والإسلامي.
وأشار إلى أن السودان تحول إلى مرتع للتنظيمات والخلايا الإرهابية المحسوبة على جماعة «الإخوان»، ما أدى إلى فرض عقوبات دولية قاسية، حاصرت الشعب السوداني وحرمت البلاد من الأدوية والتكنولوجيا والتبادل العلمي، كما دفعت بالكثير من الكفاءات السودانية للهجرة.
وأفاد أبوجزر بأن «الإخوان» لعبوا دوراً تخريبياً واضحاً في إطالة أمد الصراع المسلح، من خلال عرقلة الجهود الدولية الرامية لتسوية الأزمة سلمياً، لافتًا إلى تدخلهم في إفشال مؤتمر جنيف الذي دعت إليه واشنطن، والذي كان يمكن أن يوقف نزيف الدم السوداني، مؤكداً أن إنهاء نفوذ التنظيم الإرهابي يُعد شرطاً أساسياً لعودة السودان إلى حضنه العربي، واستعادة استقراره.

خسائر فادحة
شدد الناشط السياسي التونسي، صهيب المزريقي، على أن الحروب والصراعات تُشكل دائماً وسيلة تنظيم «الإخوان» لتحقيق أهدافه السياسية، ما يجعلهم  لا يؤمنون بالحل السياسي الذي يُعيد الأمن والاستقرار إلى السودان، مؤكداً أن أي عملية سياسية مقبلة ستستبعدهم من المشهد السوداني.
وأوضح المزريقي لـ«الاتحاد» أن تجربة جماعة «الإخوان» في السودان التي امتدت لأكثر من 30 عاماً شهدت حروباً في كل أطراف البلاد، وخلفت خسائر اقتصادية فادحة، وأدت إلى مقتل مئات الآلاف، وتشريد الملايين، لافتاً إلى أنهم يعملون على إشعال نيران الفتنة، عبر تغذية النزاع الدائر الآن، ويعرقلون مبادرات الحل السياسي، حتى لا يتعرضوا للمحاكمات.
وأشار إلى أن الجماعة تعمل على إفشال جهود التسوية السلمية، حتى يستطيعوا العودة للسلطة من جديد، ويجدوا مخرجاً للقيادات المطلوبة لدى المحاكم الدولية والمحلية.
وقال النشاط السياسي التونسي، إن جماعة «الإخوان» تتعمد خلق صراعات بين الأطراف السودانية المختلفة، ما يُعني وقف مسيرة التغيير، وتفادي المحاسبة والمساءلة، مضيفاً أن التنظيم الإرهابي ليس لديه أي رؤية بديلة للتسلط والاستقواء بالقوات المسلحة السودانية.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان
  • «الإخوان».. أدوار مشبوهة لتأجيج الحرب في السودان
  • تأجيل محاكمة 155 متهما في قضية تمويل الإرهاب
  • قوات الإحتياطي المركزي تضبط منظومة مسيرات و أجهزة تشويش بمنزل احد قادة المليشيا الإرهابية المتمردة غربي امدرمان
  • تأجيل محاكمة ٦ متهمين بـ"خلية العجوزة"
  • اليوم.. نظر إعادة محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية العجوزة"
  • تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية «شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي الكبرى»
  • 13 مايو.. الحكم على متهم بالانضمام لـ«خلية السويس الإرهابية»
  • تأجيل محاكمة متهم بقضية خلية السويس الإرهابية لـ13 مايو للنطق بالحكم
  • الصحة بشمال دارفور تدين تصفية المدير الطبي لمستشفى ام كدادة بواسطة المليشيا الإرهابية