منير أديب يكتب: برجماتية الجولاني وملامح الشخصية الأكثر غموضًا
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حمل ظهور أبو محمد الجولاني بعد السيطرة الكاملة على محافظة حلب في 29 نوفمبر الماضي أمام قلعة حلب التاريخية، صورة تبدو مختلفة عن أبو بكر البغدادي، الذي ظهر خطيبًا في النّاس بمسجد النوري بمحافظة الموصل العراقية قبل أكثر من 10 سنوات، وكان ذلك إعلانًا عن قيام دولة داعش في 29 يونية من العام 2014.
وفي الحقيقة ظهر الجولاني بزي أفرنجي مرتديًا بنطلون وقميص متواضعان، وسط جمع من النّاس، قد هيئ له، ثم خرج مخاطبًا القيادة السياسية في العراق، مطالبًا بعدم تدخل الحشد الشعبي وغيرها من المجموعات المسلحة في الحرب السورية، بينما استحسن سلوك دولة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بما أسماه نأي العراق عن التدخل في الشأن السوري.
كان هناك ظهور آخر للجولاني، حيث خرج علينا وهو يمسك بهاتفه المحمول ويكتب تغريدة، مخاطبًا فيها العالم، وكأنه يُريد أنّ يقول أنني على تواصل مع العالم، وأنّ ثمة جسر لن ينقطع بعد استلائه على محافظات أخرى في سوريا.
أصدر أبو محمد الجولاني بيانًا يُطمئن فيها سفارات الدول الأجنبية، كما أنه طمئن الأقليات الموجودة في المناطق التي سماها بالمحررة، وطمأن هذه الأقليات في المحافظات التي لم تُحرر بعد، وفق مفهومة، والدلالة الأهم في تقديري، أنّ الرجل مهر بياناته بإسمه الحقيقي أحمد الشرع، وليس أبو محمد الجولاني، وكأنه يُعلن عن نفسه من جديد.
ولعل دعوته إلى حل هيئة تحرير الشام، هي الفكرة الأهم والأخطر لفهم شخصية الجولاني، واستيضاح خلفياتها التي تبدو مختلفة بطبيعة الحال عن أبو بكر البغدادي، وأيمن الظواهري ومن قبل أسامة بن لادن، وغيرها من قيادات الحركة الجهادية.
شخصية الجولاني تتمتع بذكاء شديد، ذكاء اجتماعي وعسكري، فهو الأطول عمرًا بين قيادات الحركة الجهادية التي كان جزءًا منها ومازال رغم التنصل الدائم برسائله الأخيرة، وهنا أقصد داعش والقاعدة، فقد كان موفدًا لأبو عمر البغدادي، ثم أبو بكر البغدادي، وبعد ذلك أيمن الظواهري ومن قبل أسامة بن لادن قبل أنّ يُقتل الأخير.
فقد استطاع أنّ يتكيف مع الظروف الدولية، بمعنى أنه لم يتم استهدافه، وبات يظهر في لقطات عامة وسط المحافظات التي سيطر عليها، ومن قبل كان يُقيم في محافظة إدلب، وكان معلومٌ مكانه، ولم يستهدفه أحد، بخلاف قيادات الحركة الجهادية الذين أشرنا إليهم، رغم أنّ واشنطن طالبت برأسه مقابل عشرة آلاف دولار!
فضلًا على أنّ رسائل الرجل لم تتوقف يومًا، فقد قام بفك ارتباطه سريعًا مع تنظيم داعش، وبنى صلات مع تنظيم قاعدة الجهاد، وعندما وضعت الجماعة على قوائم الإرهاب الأمريكية وفرضت عليه عقوبات، سريعًا ما فك ارتباطه بهذا التنظيم، وحاول إقناع الأمريكان وغيرهم بأنه حركة معارضة سورية مشكلّة من سوريين فقط ولا يوجد أجانب بينهم.
وهنا غير اسم الحركة من جبهة النصرة إلى هيئة فتح الشام وهيئة النصرة ثم هيئة تحرير الشام، وهي النسخة الأخيرة والتي يدعى فيها بأنها حركة سورية معارضة، وخف كثيرًا من لحيته، وعرض حل الهيئة بعد أنّ تُحقق أهدافها في إسقاط الرئيس السورية والاستيلاء على كل المحافظات السورية، وهذه كلها إغراءات للولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأطراف الإقليمية.
دعونا نتفق أنّ شخصية الجولاني برجماتية تبحث عن مصالحها وسط دعم إقليمي ودولي، ولعل الأطراف الداعمة هي من رسمت له الخريطة ودفعته لاتخاذ الخطوات المشار إليها، حتى يكسب الرأي العام السوري والعربي والدولي أيضًا، وكأنه يُريد أنّ يُصدر للعالم أنه الشخصية التوافقية التي يبحثون عنها بديلًا عن الرئيس بشار الأسد.
سوف يقوم الجولاني بحل هيئة تحرير الشام بالفعل، وسوف ينجح في السيطرة على حمص ولكنه سوف يجد مناعة شديدة في الوصول إلى العاصمة دمشق، لا أحد يستطيع أنّ يتكهن بالمستقبل، لأنه مرتبط بإرادة المواقف الإقليمية والدولية، ولكن الرجل يتنازل من أجل أنّ يكسب ثقة الجميع فيكون البديل الذي يبحثون عنه.
وإذا حدث فسوف تتجه المنطقة إلى مستقبل غامض، وهنا لا أتحدث عن سوريا فقط، ولكن هذا سوف يؤثر على أمن العالم بأكمله، فهناك من يسعى لأفغنة سوريا وخلق بؤرة إرهاب بداخلها سوف يُعاني منها العالم، بحيث تُصبح خزان الجماعات المتطرفة لسنوات طويلة.
وهنا على العالم أنّ يُدرك المصلحة العليا، وأنّ يُبدل خياراته وفق هذه المصلحة، صحيح وقع النظام السوري في أخطاء كبيرة وكثيرة، ولكن هذا ليس معناه أنّ يكون البديل التنظيمات المتطرفة ذات الخلفية الإسلاموية، وهنا لابد أنّ يكون التأييد للدولة السورية، الدولة الوطنية وليس للنظام السوري، الهدف أنّ تبقى سوريا وأنّ تظل المنطقة العربية على نفس هدوئها، والحقيقة هي على براميل متفجرة وليست فقط قابلة للإنفجار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أبو محمد الجولاني أحمد الشرع هيئة تحرير الشام منير أديب
إقرأ أيضاً:
الوزراء: الدولة تستهدف أن تكون المقصد السياحي الأكثر تنوعًا في العالم
نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، تقريرًا تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على مستهدفات الدولة لتصبح المقصد السياحي الأكثر تنوعًا في العالم، وذلك في إطار استراتيجية ترويج السياحة.
وأبرز التقرير، مؤشرات أداء قطاع السياحة محليًا ودوليًا، فعلى صعيد مؤشرات الأداء المحلية، فقد زادت الإيرادات السياحية بأكثر من ضعفين، لتصل إلى 15.3 مليار دولار عام 2024، مقابل 7.2 مليار دولار عام 2014، في حين زادت أعداد السائحين الوافدين بنسبة 59.6%، لتصل إلى 15.8 مليون سائح عام 2024، مقابل 9.9 مليون سائح عام 2014، ومن المستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2032 بحد أقصى.
وبشأن رؤية المؤسسات الدولية، أشار التقرير إلى تقدم مصر 22 مركزًا في مؤشر تنمية السفر والسياحة، لتحتل المركز 61 عام 2024، مقابل المركز 83 عام 2015، وذلك وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي.
يأتي هذا فيما أشارت مجلة "فوربس" إلى أن الاستراتيجية الوطنية للسياحة في مصر أثبتت نجاحها إلى جانب السياسات المنفذة، مشيرة إلى أن السياحة الوافدة إلى مصر سجلت أرقامًا قياسية.
ومن جانبها اختارت مجلة السفر والترفيه "Travel + Leisure" مدينة الأقصر ضمن أفضل 50 وجهة سياحية في العالم للسفر إليها في عام 2025.
وبشأن جهود تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للسياحة، استعرض التقرير الحوافز المقدمة لتشجيع الاستثمار السياحي ليأتي من بينها إطلاق البنك المركزي مبادرة جديدة لدعم القطاع السياحي بتمويل من وزارة المالية، وبالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار بمبلغ 50 مليار جنيه، وذلك في أكتوبر 2024.
في حين يجري العمل على إنشاء بنك للفرص الاستثمارية المتاحة لإعداد خريطة استثمارية موحدة بكافة فرص الاستثمار السياحي المتاحة، للعمل على التسويق لتلك الفرص داخل وخارج مصر.
وذكر التقرير أن الحوافز شملت أيضًا، إتاحة 156 فرصة استثمارية سياحية بالخريطة الاستثمارية حتى يناير 2025، فضلًا عن التنسيق لإطلاق منتج القاهرة الثقافي الجديد Cairo City break، والذي يستهدف جعل مدينة القاهرة مقصدًا سياحيًا قائمًا بذاته، كما سيقدم العديد من التجارب السياحية المتنوعة تتضمن أماكن سياحية وأثرية سواء فرعونية أو قبطية أو إسلامية.
وتتضمن الجهود وفقًا للتقرير، استضافة العديد من الفعاليات العالمية، منها المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر في الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر 2024، وكذلك استضافة المنتدى والمعرض الأفريقي المصري للسياحة والذي تم انعقاده لأول مرة في مصر في مايو 2024.
واستعرض التقرير، جهود الدولة لتنويع الأسواق السياحية، حيث شملت مشاركة الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي في 33 معرضًا سياحيًا دوليًا خلال عام 2023/2024، وكذلك تنظيمها لنحو 80 رحلة تعريفية Fam Trips لمصر للتنشيط السياحي خلال عام 2023/2024، بجانب التسويق الإلكتروني.
يأتي هذا فيما أشار التقرير إلى إطلاق عددًا من الحملات الترويجية السياحية مستهدفة أسواق معينة، فعلى صعيد الأسواق العربية ومنطقة الخليج، تم إطلاق حملة عايشين 365 عام 2024، لاستقطاب الزائرين لقضاء العطلات في مصر، فضلًا عن إطلاق حملة "سيدا على مصر" عام 2023/2024 التي استهدفت فئة الشباب.
وبشأن الحملات الترويجية السياحية للولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، أظهر التقرير، أنه تم إطلاق حملة 200 عام من العلم المستمر عام 2022 بمناسبة مرور 200 عام على فك رموز الكتابة المصرية القديمة ونشأة علم المصريات، وكذلك إطلاق حملة "Follow The Sun" عام 2022 للترويج لموسم الصيف، والتي نجحت في الوصول لنحو 495.3 مليون مستخدم.
وإلى جانب ما سبق، أبرز التقرير، أمثلة على جهود الدولة لدعم مختلف أنماط السياحة، والتي شملت السياحة النيلية، حيث تم تطوير منتج السياحة النيلية بهدف زيادة حجم الطاقة الفندقية العائمة إلى 25 ألف غرفة في 2030، إلى جانب الاستفادة من المنشآت الفندقية العائمة المتوقفة حاليًا وبحث إمكانية إعادة تشغيلها.
وبشأن السياحة الدينية، ذكر التقرير، أنه يجري تنفيذ كل من مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، ومشروع التجلي الأعظم بمدينة سانت كاترين بهدف إنشاء مزار روحاني على الجبال المحيطة بالوادي المقدس.
وبالنسبة للسياحة العلاجية، فقد تم توقيع عقد إنشاء أول منتجع طبي وصحي في مصر "منتجع نايا الصحي" ليكون أول مركز من نوعه لتنشيط السياحة العلاجية في مصر، وذلك في يناير 2024.
وعلى صعيد سياحة اليخوت، بين التقرير، أنه تم إنشاء نافذة رقمية موحدة تصدر من خلالها الموافقة على برنامج زيارة اليخوت خلال 30 دقيقة فقط بدلًا من استغراقها من 15 – 30 يومًا سابقًا، وزيادة الإقامة السياحية للوافدين على متن اليخوت لتصبح 3 أشهر بدلًا من شهر واحد.
هذا وقد شملت جهود الدولة في هذا الإطار أيضًا، السياحة الأثرية، حيث جارٍ تنفيذ مشروعات إحياء القاهرة التاريخية التي تستهدف عودة الدور الثقافي والسياحي والترفيهي إلى العاصمة القاهرة، وأبرزها تطوير مناطق الحاكم بأمر الله، وجنوب باب زويلة، وحارة الروم، ودرب اللبانة.
وتتضمن الجهود، وفقًا للتقرير كذلك، التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية بالمتحف المصري الكبير في أكتوبر 2024، بجانب افتتاح طريق الكباش بالأقصر والذي يضم نحو 1050 تمثالًا في نوفمبر 2021، بالإضافة إلى إقامة احتفالية موكب المومياوات الملكية لنقل ٢٢ مومياء ملكية من ملوك وملكات مصر في أبريل 2021.
وأخيرًا جار إعداد مخطط استراتيجي عام لتطوير المنطقة الممتدة من مطار سفنكس وحتى منطقة سقارة والتي تتضمن منطقة أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير.