يستعد الرئيس السابق والقادم إلى عهدة جديدة بكل زخم الرئيس ترامب لوضع أركان حكومته الجديدة، وعين أهم المناصب فيها ولم ينتظر حتى المراجعة الأمنية من قبل مكتب التحقيق الفيدرالي. وإذا كان الموظفون هم السياسة، كما يقول الأمريكيون، فإن معالم سياسته واضحة. العنوان العريض للإدارة القادمة هو استعادة عظمة أمريكا.
والدبلوماسية والاقتصاد والأمن والشأن العسكري سيجير لهذا الهدف. وما انفك الرئيس المنتخب يهدد ويتوعد كل من سيكون حجر عثرة أمام استعادة الولايات المتحدة لمجدها السابق.
ولكن ما يجهله الكثيرون أن انخراط الولايات المتحدة في الشؤون الدولية هو ما أكسبها العظمة والتأثير. ولا شك أن تسيد العالم له ثمن يجب دفعه.. فالولايات المتحدة تنشر قواعدها والتسهيلات العسكرية في أنحاء المعمورة لضمان سير المنظومة الدولية بسلاسة.
ولكن هذه الهيمنة تكسب كثيراً من القيمة للدولة الأولى في العالم.. عدا عن القوة التي تتمتع بها القوة المهيمنة، وهي قيمة مهمة في حد ذاتها في العلاقات الدولية، هناك أيضاً مغانم كثيرة.. فعلى سبيل المثال العملة الأمريكية الدولار تكتسب أهميتها ليس من النفوذ الأمريكي فحسب، ولكن من تسعير النفط بالدولار رغم أن الولايات المتحدة تخلت عن تعهداتها تجاه عملتها. ويساعد تحديد أسعار النفط بالدولار للحفاظ على قيمتها وبالتالي تستطيع طباعة عملتها دون غطاء من الذهب والذي يسمح لها بتمويل عجز ميزانيتها ودفع الفوائد المستحقة على مديونيتها المتزايدة.
ولهذا السبب يهدد ترامب بالويل والثبور وعظائم الأمور ضد دول بريكس ومن يحاول أن يستبدل الدولار بعملة أخرى.. وهذه حالة ستجبر واشنطن على عدم التخلي عن منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الدول المنتجة للنفط.. وقد تكون هذه ورقة ناجحة في التعامل مع الإدارة القادمة.
بالنسبة للقضايا الأخرى المتعلقة بالمنطقة، فإن المعنيين بالشؤون الخارجية والأمن الوطني والدفاع هم من الصقور المعادين لإيران ومتحالفون مع اليمين الإسرائيلي.. فعلى سبيل المثال فإن ماركو روبيو وزير الخارجية المعين معروف عنه مساندة إسرائيل إلى أقصى درجة ومعادٍ لكوبا موطن والديه الأصلي، إضافة إلى إيران والصين وفنزويلا.
وكذلك الحال بالنسبة لمستشار الأمن القومي عضو مجلس النواب، مايك والتز، وبيت هيجسيث، المذيع في قناة فوكس المحافظة، والذي اختير كوزير للدفاع والذي صرح أن الصهيونية والأمريكانية صنوان وأن الولاء المزدوج لإسرائيل والولايات المتحدة شيء جيد. وسفير ترامب الجديد إلى إسرائيل هو مايك هكبي إنجيلي متعصب لإسرائيل ويدعو إلى تمدد الأخيرة إلى خارج حدودها، وأن أراضي غزة والضفة الغربية جزء من أرض إسرائيل التوراتية.
سيدفع هؤلاء إلى العودة إلى الضغوط القصوى ضد إيران.. كما سيحاول ترامب وطاقمه الأمني والدبلوماسي للدفع بعزل إيران إقليمياً ودولياً.. وستؤجج إسرائيل من خلال أنصارها في واشنطن بالتخلص من النظام الإيراني والهجوم على البرنامج النووي الذي قد يعيد المنطقة إلى دوامة العنف مرات ومرات.
بالنسبة لترامب تمثل دول الخليج أهمية كبرى بسبب اقتصاداتها الهائلة واستقرارها السياسي.. العلاقة ستكون بين واشنطن وعواصم دول الخليج علاقة متميزة تتسم بتبادل المنافع والصفقات.. ولكن سيكون هناك عقبتان رئيستان في العلاقة.. أولى هذه احتمال الضغط على المملكة العربية السعودية للتطبيع مع إسرائيل دون التوصل إلى حل للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أو خارطة طريق تؤدي إلى دولة فلسطينية. وقد التزمت الرياض مرات على لسان أكثر من مسؤول رفيع يَنْأى ببلاده عن التطبيع مع إسرائيل إذا لم يكن هناك طريق واضح يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشريف.
العقبة الثانية في العلاقات بين دول الخليج والولايات المتحدة سيتمثل في ضغط ترامب لتحديد موقع هذه الدول في التنافس بين أمريكا والصين.. فبالنسبة لصقور الإدارة القادمة يعتبر هذا التنافس أكبر مسألة استراتيجية وأكبر تحدٍّ يواجه الولايات المتحدة.. بوادر هذا التوجه كان موجوداً في إدارة بايدن الحالية.. والمتوقع أنها تتضاعف مع الإدارة القادمة. الوضع القادم يتطلب تنسيقاً إقليمياً للمحافظة على المصالح العليا لأقطار المنطقة والحفاظ على أمنها. وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله «ما حكَّ جلدَكَ مثلُ ظفرِك فتـولَّ أنتَ جميعَ أمرِك وإذا قصدتَ لحـاجــةٍ فاقصدْ لمعترفٍ بفضلِك».
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الحرب في سوريا إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل عام على حرب غزة إيران وإسرائيل الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
إنفيديا تنقل صناعة رقاقاتها الخارقة إلى الولايات المتحدة بعد رسوم ترامب
أعلنت شركة إنفيديا الاثنين أنها ستصنع شرائح لأجهزة الكمبيوتر الخارقة المستخدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالكامل في الولايات المتحدة لأول مرة، في ظل سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإجبار الشركات الأمريكية على نقل إنتاجها إلى بلدها الأم.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا جينسن هوانغ في بيان "تُبنى محركات البنية التحتية العالمية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة لأول مرة".
وقالت شركة أشباه الموصلات المتطورة العملاقة إن مصانع لأجهزة الكمبيوتر الخارقة تُبنى حاليا في تكساس بالشراكة مع شركتي فوكسكون وويسترون التايوانيتين، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة التصنيع خلال الأشهر الـ12 إلى 15 المقبلة.
وأضافت الشركة الأمريكية التي تتخذ مقرا في كاليفورنيا أن مصانع "تي اس ام سي" TSMC (التايوانية أيضا) في أريزونا بدأت في إنتاج "بلاكويل" Blackwell، وحدات معالجة الرسومات (GPUs) الأكثر تقدما من إنفيديا.
وبرزت إنفيديا بين شركات التكنولوجيا الأمريكية في سيليكون فالي منذ الانتشار السريع لبرنامج "تشات جي بي تي" للذكاء الاصطناعي التوليدي في نهاية عام 2022. لكن الشركة تعول في إنتاج الرقائق على تعاقدها مع جهات خارجية، خصوصا في آسيا، وتحديدا في تايوان والصين.
وقال هوانغ "إن إضافة التصنيع الأمريكي يساعدنا على تلبية الطلب المتزايد بشكل أفضل على رقائق الذكاء الاصطناعي وأجهزة الكمبيوتر الخارقة، وتعزيز سلسلة التوريد لدينا، وتقوية قدرتنا على الصمود".
وتخطط إنفيديا لتصنيع معدات الذكاء الاصطناعي بقيمة تصل إلى 500 مليون دولار في الولايات المتحدة بحلول نهاية العقد من خلال شراكات مع "تي اس ام سي" و"فوكسكون" و"ويسترون" و"أمكور" و"سبيل".
وقال البيت الأبيض في بيان "إن إعادة هذه الصناعات إلى الوطن أمر جيد للعمال الأمريكيين والاقتصاد الأمريكي والأمن القومي الأمريكي".
وحظرت الحكومة الأمريكية تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورا إلى الصين، في محاولة للحفاظ على ريادة البلاد في هذه التكنولوجيا الحيوية، من التطبيقات العسكرية إلى الاستخدامات اليومية.
وأُعفيت أشباه الموصلات من الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها دونالد ترامب، ولكن لفترة محدودة.
وأعلن الرئيس الأمريكي الأحد الماضي أنه سيعلن "خلال الأسبوع" فرض ضرائب جديدة على الرقائق الإلكترونية المستوردة إلى الولايات المتحدة.
وقال للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية إنه سيتم فرض الرسوم الجمركية في المستقبل غير البعيد. و
عندما سُئل عن قيمة الرسوم، قال "سأعلن عنها خلال الأسبوع المقبل".
من منصات الإنترنت إلى شركات تصنيع الرقائق، تحاول شركات التكنولوجيا العملاقة كسب ود الرئيس الجمهوري من خلال استثمارات في الولايات المتحدة وتدابير سياسية، على أمل تجنب تداعيات حربه التجارية ضد الصين.