الجيش السوري: الانسحاب من حماة إجراء تكتيكي مؤقت ومستعدون للرد
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
أكد وزير الدفاع السوري، علي محمود عباس، أن انسحاب الجيش السوري من مدينة حماة، التي سيطرت عليها هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة المتحالفة معها، هو إجراء تكتيكي مؤقت بهدف حماية المدنيين.
وأضاف في بيان متلفز، أمس الخميس أن القوات السورية ما زالت في محيط المدينة وعلى أهبة الاستعداد لاستعادة السيطرة.
"معركة شرسة مستمرة"
وأوضح وزير الدفاع، أن الجيش يخوض معركة شرسة، مشيراً إلى استخدام تكتيكات "الكر والفر" لمواجهة التنظيمات المسلحة.
وشدد على أن القوات المسلحة في وضع ميداني جيد وقادرة على تجاوز التحديات الميدانية مهما اشتدت.
كما حذر من حملات تضليل إعلامية تستهدف الجيش السوري، متحدثاً عن إمكانية نشر التنظيمات المسلحة لفيديوهات مفبركة بهدف إضعاف الروح المعنوية ونشر الفوضى.
سيطرة الفصائل المسلحة
كانت هيئة تحرير الشام قد أعلنت سيطرتها الكاملة على مدينة حماة بعد انسحاب القوات السورية إلى حمص.
وتعتبر حماة، رابع كبرى المدن السورية، منطقة استراتيجية حيوية لتأمين العاصمة دمشق الواقعة على بعد 220 كيلومتراً إلى الجنوب.
توسع العمليات باتجاه حمص
أفادت تقارير ميدانية بأن الفصائل المسلحة تقترب من مدينة حمص، إذ باتت على مسافة 48 كيلومتراً من مركز المحافظة، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأضاف المرصد أن أكثر من 200 آلية عسكرية انسحبت من ريف حماة الجنوبي باتجاه حمص، فيما سيطرت الفصائل على مدينة تلبيسة.
تداعيات إنسانية خطيرة
خلفت المعارك في حماة وإدلب وحلب أكثر من 704 قتلى خلال أسبوع، بينهم 110 مدنيين، وفق تقارير المرصد السوري.
كما تسببت في نزوح أكثر من 110 آلاف شخص في شمال سوريا، بحسب تصريحات نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية، ديفيد كاردن.
دعوات للانشقاق
في تطور آخر، دعت الفصائل المسلحة جنود وضباط الجيش السوري في حماة إلى الانشقاق والاستسلام، متعهدة بضمان سلامتهم، كما توعدت الفصائل بتوسيع عملياتها نحو حمص ودرعا ودير الزور.
هذه التطورات تعكس تصعيداً جديداً في الأزمة السورية، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية وامتداد المعارك إلى مناطق جديدة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجيش الجيش السوري القوات السورية مدينة حمص علي محمود عباس المزيد المزيد الفصائل المسلحة الجیش السوری
إقرأ أيضاً:
السؤال المهم عن سوريا!
صالح البلوشي
في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد الموافق 8 ديسمبر 2024، تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر مُغادرة الرئيس السابق بشار الأسد لسوريا، ودخول قوات هيئة تحرير الشام إلى العاصمة دمشق بعد 14 عامًا من الثورة المسلحة، هذه الثورة التي بدأت سلمية تُطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية، ولكنها سرعان ما تحولت بعد أشهر قليلة إلى ثورة مُسلحة، شاركت فيها جماعات سورية مُنشقَّة عن النظام مثل الجيش السوري الحر، ثم التحقت بها جماعات راديكالية مسلحة جاءت من شرق الأرض وغربها، برعاية دول مختلفة الأفكار والتوجهات، ما بين متطرفة وشديدة التطرف وإرهابية، جميعها شدت الرحال إلى سوريا بحجة الجهاد في سبيل الله أو الدفاع عن الأماكن المُقدسة.
لكن كثيرًا من هؤلاء كانوا لا يعلمون- أو يعلمون- بأنهم في الواقع كانوا يدافعون عن مصالح دول أخرى، استغلت الوضع لوضع موطئ قدم لها في الجغرافيا السورية، مثل روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وبعض الدول العربية وغيرهم، حتى بزغ نجم تنظيم الدولة الإسلامية الذي كاد أن يبتلع سوريا والعراق معًا لولا تدخل التحالف الدولي ضده من الجو وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" وقوات عشائرية في الأرض استطاعت طرد تنظيم الدولة "داعش" من معظم المناطق والمحافظات السورية التي قامت باحتلالها، ولم يتبق لهذا التنظيم المتطرف إلّا بعض الجيوب الصغيرة في بعض المناطق.
وبينما كانت الفصائل المسلحة تختلف وتدخل في صراع دامٍ بينها وتُكفِّر بعضها البعض، كان النظام في دمشق يتنفس الصعداء وهو يُشاهد اقتتال أعدائه مُتمتعًا بحماية كاملة من روسيا وإيران والتنظيمات المسلحة التي جاءت من خارج الحدود، ناسيًا أو مُتناسيًا أنَّ الحلفاء قد يستغنون بكل سهولة عن حليفهم في حال تغيرت المصالح الدولية ونشأت ظروف أخرى يكون فيها الاستمرار في الدفاع عن الحليف عبئًا ثقيلًا عليها.
هكذا هي الأنظمة الاستبدادية في كل عصر، تعتقد أنها خالدة وتنسى في غمرة الشعور بالقوة والانتصار أن الشرعية تأتي دائما من الشعب وليس من الخارج، وأن الحليف الدائم لها هو الشعب وليس القوى الخارجية، فمشكلة هذه الأنظمة أنها لا تقرأ التاريخ، ربما لانشغالها بأمور الحكم وبناء التحالفات، فلو كانت الحكومة السورية السابقة -مثلًا- وافقت على القرار الدولي رقم 2254 الذي كان يهدف إلى وضع إطار لحل سياسي للأزمة السورية، لجنبت البلاد سنوات الدمار التي أعقبت القرار وما وصل إليه الوضع اليوم، ولكن للأسف ونتيجة لتدخل الأطراف الدولية التي لم تكن تُريد إنهاء الحرب وتريد استمرار الأعمال القتالية بين أطراف النزاع لم تنفذ بنود القرار بشكل كامل.
لقد استطاعت هيئة تحرير الشام الدخول إلى دمشق دون إطلاق رصاصة واحدة والاستفراد بالحكم وإقصاء الفصائل والشخصيات المعارضة الأخرى بالداخل والخارج، وبقيت بعض الفصائل تحتفظ بالمناطق التي تحت سيطرتها وتترقب الأوضاع، بينما تحتفظ الولايات المتحدة وتركيا بوجودهما العسكري، واستغلت "إسرائيل" الفرصة وقصفت ما تبقى من مُقدَّرات الجيش السوري وتوغَّلت في بعض المناطق، ولا تزال تقصف حتى كتابة هذه السطور.
وفي الجانب السياسي لا يزال شد الرحال إلى دمشق مُستمرًا من بعض عواصم الشرق والغرب، ولكن يبقى السؤال الأهم لدى السوريين: هل تُحقق الفصائل المسلحة الأهداف التي حاربت 14 عامًا من أجلها وكلَّفت الشعب السوري أكثر من نصف مليون قتيل وملايين المهجَّرين وتدمير أغلب المُحافظات وانهيار اقتصادي تام للدولة؟
يقول المفكر الراحل عبدالله القصيمي: "مهما كان النَّاس طيبين، فكم هو غباء أن نلتمس الحرية لدى من قفزوا فوق التاريخ بالتآمر والسلاح".
رابط مختصر