بيان المراد من قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَى﴾.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
أوضحت دار الإفتاء المصرية المراد من قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾، موضحة أنه لا يصحّ فهم الاية على أنها تدل على هداية الله للنبي بعد ضلالٍ وكفر؛ فحاشاه صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ العصمة ثابتة وواجبة لِحَقِّهِ الشريف وجنابه المنيف قبل النبوة وبعدها، ووصف المصطفى بالهداية بعد كفر إنما هو قول سوء وفتنة ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يُحذر كلامه ولا يجالَس ولا يُستمع إليه.
أقوال المفسرين في المراد من قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾
وذهب ابن عباس وعطاء إلى أن الضلال المذكور في الآية معناه: الغفلة عما يريد الله به من أمر النبوة، وهو اختيار الزجاج؛ قال الإمام الواحدي في "التفسير البسيط" (24/ 109، ط. جامعة الإمام محمد بن سعود): [﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾ قال ابن عباس (في رواية عطاء): ووجدك ضالًّا عن النبوة فهداك بالنبوة إلى أرشد الأديان وأحبها إليه] اهـ.
وقال الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 96، ط. دار الكتب المصرية): [﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾ أي: غافلًا عما يُراد بك من أمرِ النبوة؛ فهداك، أي: أرشدك. والضلال هنا بمعنى: الغفلة، كقوله جلَّ ثناؤه: ﴿لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ أي: لا يغفل. وقال في حقِّ نبيه: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾] اهـ.
وقال العلامة الشوكاني في "فتح القدير" (5/ 558، ط. دار ابن كثير): [والضلال هنا بمعنى: الغفلة؛ كما في قوله: ﴿لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾، وكما في قوله: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾، والمعنى: أنه وجدك غافلًا عما يراد بك من أمر النبوة، واختار هذا الزجاج] اهـ.
وذهب الحسن والضحاك وابن كيسان وشهر بن حوشب وعليه أكثر المفسرين إلى أن معناها: ضالَّا عن معالم النبوة وأحكام الشريعة، وهو اختيار أبي إسحاق؛ قال الإمام الواحدي في "التفسير البسيط" (24/ 109-111): [وقال الحسن والضحاك وشهر بن حوشب: ووجدك ضالًّا عن معَالمِ النبوة وأحكام الشريعة غافلًا عنها فهداك إليها. دليله: قوله: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾، وقوله: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾.. واختار أبو إسحاق أيضًا هذا القول؛ فقال: معناه أنه لم يكن يدري القرآن، ولا الشرائع، فهداه الله إلى القرآن وشرائع الإسلام] اهـ.
وقال محيي السنة البغوي في "تفسيره" (5/ 268): [قال الحسن والضحاك وابن كيسان: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا﴾ عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلًا عنها، فهداك إليها؛ كما قال: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾، وقال: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾] اهـ.
وقال الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 96-97): [وقال قوم: ضالًّا لم تكن تدري القرآن والشرائع، فهداك الله إلى القرآن، وشرائع الإسلام، عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما. وهو معنى قوله تعالى: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "السراج المنير" (4/ 551، ط. الأميرية): [واختلفوا في قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا﴾ فأكثر المفسرين على أنه كان ضالًّا عما هو عليه الآن من الشريعة فهداه الله تعالى إليها] اهـ.
وذهب الكلبي والفَرَّاء والسُّدِّي إلى أن معناها: وجدك في قوم ضلَّال فهداهم بك؛ قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 97): [وقال قوم: ووجدك ضالًّا أي: في قوم ضُلَّال، فهداهم الله بك. هذا قول الكلبي والفَرَّاء. وعن السدي نحوه، أي: ووجد قومك في ضلال، فهداك إلى إرشادهم] اهـ.
وذهب علي بن عيسى والقُشيري والجُنَيْد إلى أن الضلال في الآية معناه: التحير بمعنى شدة الطلب من الله تعالى فيما يتوجه به إليه ويتشرع به؛ قال القاضي عياض في "الشفا" (2/ 112، ط. دار الفكر): [وقيل: ضالًّا عن شريعتك أي: لا تعرفها فهداك إليها، والضلال ههنا التحير، ولهذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يخلو بغار حراء في طلب ما يتوجه به إلى ربه ويتشرع به، حتى هداه الله إلى الإسلام.. قال معناه القُشيري.. وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُ﴾ قاله علي بن عيسى] اهـ.
قال الملا علي القاري في "شرح الشفا" (2/ 206، ط. دار الكتب العلمية): [(وقيل: لا تعرف الحقَّ) أي: إلا مجملًا (فهداك إليه) أي مفصلًا، (وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُ﴾ أي: من أمور الدِّين وأحكام اليقين (قاله عليُّ بن عيسى) الظاهر أن هذا هو الرماني المتكلم النحوي على ما ذكره الحلبي ويروى قال عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ تكن له ضلالة معصية) بالإضافة، -وفي نسخة: ضلالة في معصية- أي لأجلها يقع في وبالها، بل ضلالة طاعة لم يَدْر طريق كمالها] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الافتاء المصرية دار الإفتاء الإفتاء ووجدك ضالا فهدى قال الإمام قوله تعالى إ ن ک نت اهـ وقال غافل ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
حكم صلاة تارك الزكاة.. الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور نظير عياد مفتي الديار ، إنه يجب على المسلم أن يؤدي الأركان التي بني عليها الإسلام، وهي: الشهادتان، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.
واوضحت الإفتاء أن ذمةُ المسلم لا تبرأ إذا اقتصر على الزكاة والصلاة فقط، ولا بُدَّ من الوفاء ببقية أركان الإسلام حسب شروطها من الاستطاعة وغيرها؛ فالإسلامُ كلٌّ لا يتجزأُ، وعليه أن يتوب إلى الله ويستغفره فيما تَهَاونَ وقصَّر فيه من شعائر الإسلام.
الفرق بين أركان الإسلام وأركان الإيمانوأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، لمن استطاع إليه سبيلا.
وأركان الإيمان ستة: الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره.
والفرق بينهما أن أركان الإسلام أعمال ظاهرة تقوم بها الجوارح، من صلاة وزكاة وصيام وحج، وأركان الإيمان أعمال باطنة محلها القلب، من إيمان بالله وملائكته، وهكذا.
وقد يكون الشخص مسلما وليس مؤمنا كما قال تعالى: [قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ] (الحجرات: 14).
فالأعراب قالوا آمنا ووصفوا أنفسهم بالإيمان فرد الله تعالى عليهم مؤدبا ومعلما.. وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: إن الإيمان هو التصديق مع طمأنينة القلب والوثوق الكامل بالله تعالى، واتفاق القلب واللسان والجوارح وهذه المرتبة لم تصلوا إليها بعد، ولكن قولوا أسلمنا وانقدنا إليك طائعين مستسلمين، وعلى هذا، فالإيمان غير الإسلام.
ورد ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم [ ص: 614 ] رمضان " فقال له رجل : والجهاد في سبيل الله ؟ فقال ابن عمر : الجهاد حسن . هكذا حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وورد عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه عند أحمد وغيره قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان " وإسناده صحيح .
كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة ؟ قال : تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان . قال : والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا . فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا" .