تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

الخطاب الراديكالي والتطرف أصبحا ظاهرتين عالميتين تؤثران بشكل كبير على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. رغم التباين الجغرافي والثقافي بين القارتين الآسيوية والإفريقية، إلا أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الخطاب الراديكالي في بعض الدول الآسيوية والجماعات المتطرفة في شمال إفريقيا.

 

في هذه الورقة، سنناقش كيف أن الخطاب الديني والسياسي المتطرف في آسيا قد ساهم في تعزيز جماعات مثل القاعدة، وداعش، وغيرها من التنظيمات الجهادية في شمال إفريقيا، وكيفية تأثير هذا الخطاب على عمليات الاستقطاب والتجنيد.

 

-تطور الخطاب الراديكالي في آسيا:

 

الخطاب الراديكالي في آسيا، خاصة في مناطق مثل باكستان، أفغانستان، وإندونيسيا، نشأ في سياقات سياسية واجتماعية معقدة. عوامل مثل الفقر، الصراعات الأهلية، والظروف الاجتماعية التي أفرزت البطالة والظلم الاجتماعي ساهمت في نمو هذا الخطاب.

باكستان وأفغانستان: منذ الثمانينيات، كان الصراع ضد الاحتلال السوفييتي في أفغانستان هو المحفز الرئيس لنمو الجماعات الجهادية. ولعبت هذه الجماعات، مثل طالبان، دورًا رئيسيًا في نشر الخطاب الراديكالي داخل وخارج المنطقة.

إندونيسيا: تعتبر إندونيسيا، أكبر دولة مسلمة في العالم، واحدة من الأماكن التي شهدت نموًا للجماعات المتطرفة مثل "جماعة الإسلام المتشددة" و"جماعة أنصار الله". وكانت الحركات السلفية والجهادية في إندونيسيا متأثرة بشكل كبير بالخطاب الراديكالي الذي تبنته جماعات من باكستان وأفغانستان.

- تأثير الخطاب الراديكالي الآسيوي على شمال إفريقيا:

على الرغم من أن شمال إفريقيا يتمتع بخصائص ثقافية ودينية خاصة به، فإن الخطاب الراديكالي الآسيوي كان له تأثير كبير على بعض الجماعات المتطرفة في المنطقة. كان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب واحدًا من أبرز الجماعات التي تأثرت بهذا الخطاب.

 

تنظيم القاعدة في بلاد المغرب : تشكل تنظيم القاعدة في المغرب العربي من مجموعة من المجموعات الجهادية التي تأثرت بشكل مباشر بالخطاب الراديكالي الآسيوي، خصوصًا خطاب بن لادن والجماعات الجهادية في باكستان وأفغانستان. في البداية، كانت هذه الجماعات تقاتل من أجل "إقامة الخلافة" في شمال إفريقيا بنفس الطريقة التي تبنتها طالبان في أفغانستان.

داعش في شمال إفريقيا: على غرار القاعدة، تبنت داعش الخطاب الجهادي نفسه لكن مع إضافة عنصر "إقامة دولة الخلافة". وكان الخطاب الذي تبنته داعش في مناطق مثل ليبيا، الجزائر، والمغرب متأثرًا بشكل كبير بالخطاب الراديكالي الآسيوي، خصوصًا في دعوة الشباب للانضمام إلى صفوف "الخلافة الإسلامية".

 الأنترنت والخطاب الراديكالي: 

ساعدت الوسائل الإعلامية الحديثة في نشر الخطاب الراديكالي بين آسيا وشمال إفريقيا. كانت المنابر الإعلامية مثل الإنترنت، القنوات الفضائية، ووسائل التواصل الاجتماعي هي الأدوات الرئيسية التي استخدمتها الجماعات الجهادية لنقل رسائلها الدعائية واستقطاب المقاتلين.

وأصبحت الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من أهم وسائل نشر الخطاب الراديكالي، حيث استخدمتها الجماعات مثل داعش والقاعدة لنقل أفكارهم وأيديولوجياتهم، وتنظيم حملات تجنيد للمقاتلين. هذا الخطاب اجتذب العديد من الشباب في شمال إفريقيا الذين تأثروا بالأفكار المتطرفة المنتشرة في بعض المواقع الإلكترونية الآسيوية.

-العوامل المشتركة بين الخطاب الراديكالي في آسيا وشمال إفريقيا:

 

الإيديولوجية السلفية الجهادية: تمثل السلفية الجهادية الأيديولوجية الرئيسية التي تجمع بين الخطاب الراديكالي في آسيا وشمال إفريقيا. هذه الأيديولوجية تدعو إلى استخدام العنف لتحقيق أهداف دينية وسياسية، مع التركيز على "الجهاد" كوسيلة لتحرير الأراضي المسلمة من "الاحتلال" أو "الأنظمة الفاسدة".

التحديات الاجتماعية والدينية: توجد علاقة بين التحديات الاجتماعية مثل البطالة والفقر والتهميش السياسي، وبين انتشار الخطاب الراديكالي. في المناطق التي تعاني من هذه المشكلات، يصبح الخطاب الجهادي أداة مؤثرة في استقطاب الشباب.

 

االتداعيات:

 

تصعيد العنف في شمال إفريقيا: تأثر شمال إفريقيا بشكل كبير بالخطاب الراديكالي الآسيوي، حيث أدى إلى تصعيد العنف في عدة دول، بما في ذلك الجزائر، ليبيا، وتونس. العديد من الجماعات في هذه الدول تبنت أفكار داعش والقاعدة، واستخدمت هذه الأفكار في تنفيذ هجمات إرهابية.

 

التحديات الأمنية: استمرت الجماعات المتطرفة في تهديد استقرار المنطقة، مما دفع العديد من الدول إلى تعزيز سياساتها الأمنية والعسكرية لمكافحة الإرهاب.

 

الخاتمة:

 

يرتبط الخطاب الراديكالي في آسيا ارتباطًا وثيقًا بالجماعات المتطرفة في شمال إفريقيا من خلال التأثير الأيديولوجي والعوامل الاجتماعية والسياسية المشتركة. بالرغم من التباين الجغرافي والثقافي بين المنطقتين، تساهم وسائل الإعلام الحديثة في تسهيل تبادل الأفكار الجهادية عبر الحدود. لمواجهة هذه الظاهرة، من الضروري أن يتم التنسيق بين الدول الآسيوية والإفريقية لتعزيز السياسات الأمنية والتقليل من تأثير الخطاب الراديكالي، بالإضافة إلى معالجة الأسباب الجذرية مثل الفقر والتهميش السياسي.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: آسيا أفريقيا تنظيم القاعدة الجماعات المتطرفة فی فی شمال إفریقیا بشکل کبیر

إقرأ أيضاً:

الخطاب الديني: رؤية حضارية واستراتيجية.. مشاتل التغيير (16)

لو أردنا تحديد المقصود بالخطاب الديني فنيا وإجرائيا؛ فهو كل خطاب عامّ "صدر عن مصدر ديني فيما يتعلق بالحياة العامة وإصلاحها"، أو "صَدَرَ عن مصدر غير ديني لكن في موضوعات ذات تعلّق بالدين وتصوّره وتصور دوره في الحياة العامة المعاصرة"؛ أي أن الخطاب الديني هو -بالأساس- خطاب عام يميَّز عن سائر الخطابات إما بمصدره وإما بموضوعه ومتعلقاته.

ويتعلق بالتعريف الأولي تلك المحددات النظرية للخطاب ألا وهي؛ مخاطِب، ومخاطَب، ونص الخطاب، وسياق الخطاب. وفي نص الخطاب ثمة مرجعية، ومنهج، ومضمون. والمخاطِب أو منتج الخطاب -أيّا كان شخصه أو هيئته- يتحول في الدراسة العلمية إلى "حالة فكرية" معبرّة عن توجّهٍ -يضيق أو يتسع- يهمُّنا خطابُه (مرجعيته ومضمونه ومنهجيته) وسياقُه المفسِّر، وسياقه المتأثر بخطابه والمتفاعل معه، كما يهمنا خطابُه كرسالة اتصالية توجَّه إلى مخاطَب غالبا هو بين: عام (الجمهور)، أو خاص (فئة مؤيدة/ فئة معارضة). ورأسُ الأمر عندنا في ترتيب المسألة هو "القضايا/ الموضوعات"، ومحوره الناظم هو التطور عبر القرنين، وعماده بيانُ مستقطبات الخطاب الديني مرجعية ومنهاجا وسياقا.

ومن أهم المبادئ العامة لتجديد الخطاب:

أ- ضرورة التمييز بين النص التأسيس (القرآن والسُّنة الصحيحة)، والنصوص الأخرى المتولدة عنهما أو حولهما، وتتجلَّى أهمية هذا التمييز في اختلاف آليات تجديد كل من هذين النوعين من النصوص؛ فبينما يقتصر التجديد في النص التأسيس على إعادة التذكير به، وتثبيته، ودحض الشبهات التي تثور حوله، وتقديم شروحات جديدة له؛ فإن التجديد في بقية النصوص المتولدة عنه أو حوله يتسع إلى الأخذ منها والرد، والقبول والرفض، والاقتصار على معرفة العبرة، والدروس المستفادة التي كشفت عنها الممارسة الاجتماعية عبر المراحل التاريخية المتعاقبة، دون التقيد بهذه الممارسة أو تلك، ناهيك عن السعي لإعادة إنتاجها في الواقع الراهن مرة أخرى.

ب- المحافظة على ثوابت الخطاب الديني وأصوله، مع استيعاب متغيرات الواقع ومستجداته؛ بحيث يصبح الخطاب الجديد مواكبا لروح العصر، ورافدا من روافد الإصلاح والنهضة. وهذا يقتضي التمكن من معرفة الواقع وتحدياته بقدر التمكن من النصوص التأسيسية، ومعرفة أحكامها ودلالاتها، وطرائق فهمها، وتنزيلها على الواقع المعيش.

ج- تنقية التراث من الأفكار السلبية، والممارسات التي تناقض تعاليم الدين وأحكامه ومبادئه؛ ذلك لأن القضاء على هذه الرواسب أمر ضروري لتهيئة البيئة المناسبة لعملية تجديد الخطاب الديني، وتخليصه من عوامل القصور والعجز عن ممارسة دوره بفاعلية. وضمن سياق القراءات الإيجابية للتراث؛ قراءات الاعتبار والاستثمار.

د- تحقيق التوازن بين المكونات الأساسية للخطاب الديني على النحو الذي يتسق مع أوزانها النسبية في الحياة الواقعية الراهنة، وبخاصة فيما بين الجوانب الاعتقادية والعبادية، وجوانب المعاملات والعادات. ويضرب البعض مثالا على ذلك بباب فقه الطهارة الذي احتل حيزا كبيرا في الفقه القديم، نظرا إلى اعتبارات عملية كانت خاصة بصعوبة توافر المياه، وكيفية الحصول عليها، وأولوية استخدامها، وغير ذلك من المسائل التي أصبحت جزءا من الماضي بعد أن تطورت شبكات المياه، وتيسَّرت وسائل الحصول عليها، ومن ثم فإن الأمر لم يعد يتطلب الإسهاب الفقهي في هذا الباب كما كان في السابق.

هـ- أن ينصرف التجديد إلى القول والعمل؛ بمعنى: توجيه جانب من جهود التجديد إلى النماذج والأساليب والنظم التطبيقية، وألا تنحصر هذه الجهود في مستوى التنظير والتأصيل الفكري فحسب.

أما عن آليات تجديد الخطاب الديني:

أولها: أن يصلح من شأن التعليم الديني.

ثانيها: تطوير الإعلام الديني المرئي والمسموع والمقروء، بما في ذلك الدراما الإذاعية والدراما التلفزيونية.

ثالثها: تبسيط لغة الخطاب، وهذه نقطة مهمة جدا، حتى يكون مفهوما للجميع؛ وعلى مقدمي الخطاب أن يراعوا الجمهور المستهدف وأن يقدموا خطابهم باللغة التي تناسب المقام والمقال.

رابعها: حُسن إعداد الدعاة، والاهتمام بالتدريب المستمر لهم أثناء العمل، بهدف خلق داعية عصري يفهم روح العصر، ويتعامل مع متغيراته، ويفهم ظروف المجتمع وكيف ينزل الحكم على أوضاع المجتمع وعلى الواقع، حتى لا يكون كلامه مفارقا للواقع فينصرف الناس عما يقول.

خامسها: ضرورة وضوح رؤية إسلامية (حضارية ذاتية) شاملة لعناصر التجدُّد الحضاري الذاتي ومرجعيته والسنن الحاكمة له، وضرورة الجمع بين الوعي العميق بها، والسعي سعيا غير قاصر ولا جزئيّا ولا ذا علة بما يتبدى في البنية التقويمية للخطاب الديني وأطره، لنفرق بين تجديد حقيقي قوامه الذات الحضارية ومكانة التجدد فيها، وتجديد زائف على قاعدة من استبدال الأسس الحضارية للأمة، والرضا بموقف الذيلية تجاه الآخر (الغرب).

سادسا: من الضروري أن يتضمن الخطاب الديني المجدد إبرازا لتأكيد الإسلام على دور الاجتهاد الشامل المرتبط بفقه الحكم وفقه الواقع وفقه التنزيل، واستحضار الرؤية الإسلام للعقل والعلم بصورة متضافرة، يعني أن الخطاب الإسلامي المجدد عليه أن يوضح المعاني الكامنة بالنصوص فيما يتعلق بأضلاع مثلث العقل والعلم والعمل؛ القول الثابت والعلم النافع والعمل الصالح.

سابعا: من الضروري أن يعتمد الخطاب الديني المجدد على النظر البصير والإقناع المنير، إذ كان الإسلام قد أكد على التعقل والتفكر والتدبر. ويُعد الجمع بين العقل والنقل من أهم الآليات التي يعتمدها البشر في إقامة الحجة والاتجاه إلى المستقبل.

شروط التجديد:

هناك مجموعة من الشروط التي ينبغي أن تضبط تجديد الخطاب الديني وهي:

الأول في ضرورة قراءة تراث السابقين وفرزه بالكامل لاستخراج ما هو صالح منه سواء بحكم كونه خاطئا منذ البداية، أو بحكم انتهاء صلاحيته الزمنية التي وجدت في زمانها.

ويتحدد الشرط الثاني لتجديد الخطاب الديني في ضرورة إعادة تأمل أو قراءة النصوص المرجعية للجماعة.

ويتصل الشرط الثالث لنجاح التجديد أو الإحياء بضرورة تبصر الخبرة بأوضاع المجتمعات وظروف الحياة ومتغيراتها. من الضروري أن يتضمن تجديد الخطاب الديني تصورات واقعية للتعامل مع الأوضاع المتباينة في المجتمع والفئات المختلفة في إطاره، تعاملات تعكس ألوان الطيف جميعا، ولا تختزل الوجود الإسلامي -على ما تذهب بعض الجماعات المتطرفة- في دار الحرب ودار السلام ولا التقاء بينهما، بل عداء مستحكم إلى أن تقوم الساعة.

الشرط الرابع يتضمن ضرورة أن يؤكد التجديد على إبراز قبول المضامين الدينية لمبدأ التنوع والاختلاف، وهو ما يعني أن عملية التجديد يثريها الحوار والجدل، وإذا كان الله قد خلق الحقائق كلية بطبيعتها، فإن إدراكنا البشرى لها جزئي في طبيعته.

ويتعلق الشرط الخامس بمستويات تجديد مضمون الخطاب الديني؛ إذ لا يكفي لحركة التجديد أن تطور الأفكار والمبادئ الدينية من خلال إعادة قراءتها لكي تساعد على إعادة العلاقة العضوية بين القراءات الدينية المعاصرة والأوضاع الحاضرة لواقع المجتمعات، ولا يكفي أن تؤدي حركة التجديد أو الإحياء دورها في تعميق حالة التدين العامة في المجتمع؛ عليها أن تقدم بناء معرفيا متماسكا وقابل للتحقق في الواقع.

موضوعات التجديد:

أ- موضوع الهوية: وهو من الموضوعات الكلية ذات الطابع المركزي في سياق التحدي الحضاري. ويعتبر هذا الموضوع هو الأهم من منظور البحث التاريخي في خبرة التجديد على مدى القرنين الماضيين.

ب- موضوع علاقة الديني بالسياسي.

ج- موضوع التنمية ومشكلاتها، وكيف يتناولها الخطاب الديني، وإلى أي مدى يمكن أن يسهم في إنجاز تلك التنمية المنشودة.

د- موضوع العمل الاجتماعي المدني والأهلي المؤسسي من منظور إسلامي، وضرورة توافر الحرية للعمل المدني واستقلاليته في الإدارة والتمويل.

هـ- تجديد لغة الخطاب الديني وأساليبه بما يضمن الإقناع والتأثير.

و- موضوع الأسرة والمرأة، والنموذج الأساسي لدورها وموقعها في المجتمع من منظور الرؤية الإسلامية.

قضايا التجديد:

أ- الخلفية النظرية للتجديد؛ بمعنى هل تأتي الدعوة لتجديد الخطاب الديني امتدادا لمدارس تجديدية أصيلة في المجتمع، ولمناقشات وحوارات فكرية حول إسهام الدين في عمليات التطور الاجتماعي بهدف تفعيل هذا الإسهام؟ أم تأتي على خلفية أخرى تتعلق بالجدل الدائر منذ فترة حول علاقة الدين بالدولة والمجتمع.. من منظور تحديثي ينزع إلى تحجيم دور الدين في الحياة العامة؟

ب- الخلفية العملية لدعوى التجديد: هل هذه الدعوى رد فعل -كما يرى البعض- للضغوطات الخارجية التي تصاعدت في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وما أدت إليه من إملاءات على أغلب النظم الحاكمة في البلدان العربية والإسلامية ومنها مصر؟ أم أن دعوى التجديد -كما يرى البعض الآخر- تأتي كتطور تلقائي للفكر الديني وسعيه لاستيعاب تحديات الواقع ومتطلباته الراهنة والمستقبلية؟ وهناك رأى ثالث يؤكد أنصاره على أن التجديد يجب أن يكون جزءا من عملية أشمل تستهدف التجديد الحضاري العام للأمة، وليس فقط مجرد الاستجابة لضغوطات خارجية.

الخطاب الديني وخطاب الأزمة:

يتصف الخطاب الديني بمجموعة من الخصائص التي تفت في عضده وتجعله في أزمة دائمة وفيما يلي نشير إلى أبرز هذه الخصائص:

أولا: يتوجه الخطاب الديني نحو الماضي ويسرف في العودة إليه، ولا يكاد يحفل بالمستقبل.

ثانيا: إنه خطاب فيه كثير من الإفراط والتفريط، أي الإفراط في أمور العقيدة والعبادات والتفريط البيُن في أمور المعاملات، وفي شئون الدنيا.

ثالثا: إنه خطاب يحتفي بالنقول أكثر من التدبر والاجتهاد التنزيلي، ويقفون على خلافات جانبية وهامشية ويتركون تدبر الأصول فهما وتأصيلا وتنزيلا.

فالأصل هنا هو "التجدد الحضاري الذاتي النابع"، والفرع الذي وجب إلحاقه بالأصل وردّه إليه ردّا جميلا هو "تجديد الخطاب الديني"، حتى نحرر مفهومه ولا نتبع كل صيحة من هنا أو هناك، أو أي مفهوم له يُراد أن يُرسَّخ تحت مطارق المدافع، والحملات المختلفة.

إنه الخطاب الذي يحرك معاني المقاومة والممانعة، ويؤسس لنفسية "العزَّة"، في خطاب تتحرك فيه كل فعاليات الأمة، ويواجه كافة تحديات الواقع ومشكلاته. هذا هو تجديد الخطاب (الديني) الذي نعرف، وليس حالة تختزل فيها عملية الإصلاح أو التجديد في أشكال زائفة كممارسات تحسينية.

التجديد في الرؤية الإسلامية سُنَّة مستمرة؛ تستصحب الثوابت العقيدية، وتراعي التغيرات الجارية في الواقع، وأن عملية التجديد تتطلب تحقيق التوازن بين ما أطلق عليه الإمام محمد عبده "الهدايات الأربع" وهي: الوجدان، والحواس، والعقل، والدين؛ فإذا ما تحقق هذا التوازن، كان بالإمكان إنتاج خطاب ديني متجدد وفعال وإيجابي.

إن تبصر هذه الرؤى بعمق وبصيرة؛ يجعل هذه المشاتل النظرية في التصور والإدراك أولى عتبات الوعي بالتغيير والإصلاح والنهوض، وهي مقدمات وشروط لازمة لمشارف ومسالك السعي النهضوي المبصر والبصير؛ والساعي الى التدبير والتغيير والتأثير.

x.com/Saif_abdelfatah

مقالات مشابهة

  • ارتباط المصري بالأرض والنيل.. قداسة البابا يلتقي الجالية المصرية في بوخارست
  • اجتماع تنسيقي استعداداً لتمرين «سلام إفريقيا 3» في الجزائر
  • والي شمال دارفور وقائد الفرقة السادسة يهنئان البرهان بالإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة على المليشيا بالفاشر
  • المنتخب الوطني لكرة الطاولة يتألق في بطولة شمال إفريقيا
  • بعد الحكم في قضية طفل دمنهور.. عمرو أديب: يجب توقف الهيستيريا المتطرفة
  • مصر تحصد 8 ميداليات ببطولة شمال إفريقيا لتنس الطاولة في تونس
  • شخصيات من شمال الشرقية تجسّد مسيرة التنوير والتواصل الحضاري للعمانيين في إفريقيا
  • لفتيت يعلن قرب الحسم في النظام الأساسي لموظفي الجماعات
  • فيديو رد ترامب على امرأة قاطعته بخطاب الـ100 يثير تفاعلا
  • الخطاب الديني: رؤية حضارية واستراتيجية.. مشاتل التغيير (16)