بعد قطيعة لسنوات.. هذه مؤشّرات عودة العلاقات بين إيران والمغرب
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
عقب قطيعة دامت لسنوات طِوال، أُعيد تسليط الضوء من جديد على احتمالية عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمغرب، وذلك منذ ترحيب وزارة الخارجية الإيرانية، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بتحسين علاقاتها مع دول إسلامية، ومن بينها المغرب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في ردّه على سؤال حول أنباء متداولة بخصوص لقاء مندوب أمني إيراني مع مسؤولين مغاربة، بغية استئناف العلاقات بين البلدين، إن: "إيران رحّبت دائما بتطوير العلاقات مع الدول الجارة والإسلامية"، مؤكدا: "تاريخ علاقاتنا مع المغرب واضح".
وأضاف: "من الواضح أننا نسير على نفس السياسة التي اتبعناها منذ فترة طويلة وسوف نستمر في الحكومة الرابعة عشرة في تحسين العلاقات مع الدول على أساس مبادئ الكرامة والحكمة والمنفعة، مع مراعاة المصالح الوطنية لبلادنا ومع مراعاة المصالح في المنطقة والعالم الإسلامي".
وخلال فترة المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات في البرتغال، الشهر الماضي، رجّت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، في المغرب، بصورة جمعت وزيري خارجية إيران، عباس عراقجي، والمغرب، ناصر بوريطة، وهما يجلسان بجانب بعضهما البعض، بمعيّة جُملة استفسارات عن إمكانية عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين.
مد وجزر
منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي عمل على تقوية العلاقة الدبلوماسية مع طهران قبل الثورة الإسلامية سنة 1979، كانت العلاقات المغربية الإيرانية، تعيش على إيقاع حالة من المد والجزر.
وقرر المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، سنة 1981 بعد إعلان إيران دعمها لجبهة البوليساريو التي تتنازع مع المغرب على إقليم الصحراء، فيما منحت الرباط، مقابل ذلك حق اللجوء السياسي لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي.
وبعد عشر سنوات، عادت المياه إلى مجاريها بين الرباط وطهران، عبر افتتاح السفارة الإيرانية بالرباط، بشكل رسمي، وذلك بعد تراجع طهران عن الاعتراف بـ"الجمهورية الصحراوية" التي تود البوليساريو إنشاءها.
إثر ذلك، استمرت العلاقات بين البلدين لمدة 18 سنة، وإثر دعم إيران لجبهة البوليساريو، قرر المغرب مرّة أخرى، قطع العلاقات خلال سنة 2009، ليُعيدها سنة 2015، ويقطعها سنة 2018، لنفس الأسباب.
كان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، قد أعلن عن قرار الرباط إغلاق السفارة الإيرانية وطرد سفيرها من المملكة، متّهما حزب الله اللبناني بالتورط في تهريب الأسلحة لجبهة البوليساريو، بالقول: "لدينا أدلة على دعم إيران للبوليساريو".
كذلك، لم ينحصر التوتر بين المغرب وإيران على مستوى السياسات الداخلية للبلدين، بل امتد إلى المستوى الديني، حيث اتهمت الرباط إيران، سنة 2009، عبر بلاغ صادر عن وزارة الخارجية المغربية بـ"تشجيع نشر التشيع في البلاد"، مما يستهدف وحدة المذهب السني المالكي "الذي ينتمي له جل المغاربة".
من جهته، أصدر مجلس العلماء المغربي، فتوى في عهد الحسن الثاني لتكفير آية الله الخميني، وذلك بعد توليه مسؤولية المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران.
أي إمكانية لعودة العلاقات؟
في قراءته، قال أستاذ باحث في العلاقات الدولية، حسن بلوان، إن "الخلاف الإيراني المغربي معقّد وأكثر حساسية ويقع تحت ضغط ثلاثة ملفات ثقيلة، وهي قضية الصحراء والوحدة الترابية المغربية، وكف إيران عن سياسة التدخل المهدد للاستقرار في الشؤون الداخلية لحلفاء المغرب في الخليج، ثم العلاقات الممتازة بين إيران والجزائر على حساب المغرب".
وتابع بلوان، في حديثه لـ"عربي21"، أن "الدبلوماسية المغربية الجديدة تتعاطى مع مثل هذه الملفات بواقعية أكثر ومن غير المستبعد إعادة العلاقات المغربية الإيرانية".
وأوضح المتحدث نفسه، أن شروط الرباط ستكون هي: "حياد الموقف الإيراني من قضية الصحراء المغربية، وكف أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المشرق والمغرب".
وأضاف: "ضغط إيران على حزب الله لفك الارتباط بينه وبين ميلشيات البوليساريو الانفصالية، وأيضا الحفاظ على التوازن الإيراني في العلاقات مع المغرب من جهة ومع الجزائر من جهة أخرى".
وختم بلوان حديثه لـ"عربي21" بالقول إنّ: "إعادة العلاقات بين إيران والمغرب هي مسألة وقت فقط، بالنظر إلى التغيرات الجيواستراتيجية التي تعرفها المنطقة والتحديات التي يواجهها البلدان، أضف إلى ذلك التقارب الإيراني السعودي، الذي سينعكس بلا شك بشكل إيجابي على العلاقات بين البلدين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية إيران المغرب إيران المغرب العلاقات المغربية الايرانية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العلاقات بین بین البلدین بین إیران
إقرأ أيضاً:
كيف أسهَم المغرب في عودة الكهرباء لإسبانيا ..!
الجديد برس|
وجه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الشكر لكل من المغرب وفرنسا على تزويدهما جنوب وشمال إسبانيا بالكهرباء، خلال الأزمة التي شهدتها شبه الجزيرة الإيبيرية يوم الاثنين، وأكد سانشيز في ندوة صحفية أن إعادة الكهرباء إلى عدد من مناطق البلاد كان “بفضل الترابطات بين فرنسا والمغرب، البلدين اللذين أود أن أشكرهما على تضامنهما في هذه اللحظة”.
ولعب المغرب دورا أساسيا في تزويد الشبكة الإسبانية بالكهرباء خلال الأزمة، وأسهم بإعادة الكهرباء التي انقطعت على نطاق واسع في إسبانيا والبرتغال وجزء من فرنسا، وأدى ذلك إلى تعطل شبكات الهاتف والإنترنت وتوقف القطارات وحركة الطيران قبل أن يعود التيار إلى بعض المناطق بعد ساعات.
وقالت صحيفة “إلباييس” الإسبانية إن المغرب حشد ما يصل إلى 38% من قدرته الإنتاجية لإرسال الطاقة بعد ظهر يوم الاثنين، من أجل إعادة تشغيل تنشيط الإمدادات التي تعطلت بسبب انقطاع التيار الكهربائي في جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية.
وقامت الشركة الوطنية للكهرباء المغربية بربط شبكتها بإسبانيا عبر خطوط الربط القائمة في مضيق جبل طارق، وذلك بناء على طلب شركة الكهرباء الإسبانية.
وأكد البرلماني وعضو لجنة الصداقة البرلمانية المغربية الإسبانية عبد العالي بروكي أن العلاقات المغربية الإسبانية ليست وليدة اليوم، بل هي ثمرة مسار طويل من التعاون والتضامن بين البلدين في مختلف المجالات، وقال للجزيرة نت “لقد وقف المغرب إلى جانب إسبانيا في عدة أزمات، سواء في مواجهة الحرائق، أو أثناء الفيضانات الأخيرة، أو حتى خلال أزمة الكهرباء الأخيرة”.
كيف زود المغرب إسبانيا بالتيار الكهربائي؟
يجمع المغرب وإسبانيا مشروع للربط الكهربائي، بدأ عام 1997 بتشغيل أول خط كهربائي بحري، يمر عبر جبل طارق، بسعة 400 ميغاواط وطول 26 كيلومترا، يربط بين محطة فرديوة بالقصر الصغير بالمغرب ومحطة طريفة بإسبانيا.
وتم تحديث هذا المشروع عام 2006 بإضافة خط ثان ضمن ما يعرف بمشروع “ريمو”، ووفق الخبير في الطاقة عبد الصمد الملاوي فإن الطاقة الإجمالية لهذين الخطين البحريين تبلغ 1400 ميغاواط.
وأكد الخبير للجزيرة نت أن التحضيرات جارية حاليا لإطلاق خط ثالث، بهدف تعزيز قدرة الربط وتحقيق تبادل طاقيّ أكثر فاعلية، خاصة في ظل الفائض الكهربائي الذي يسجله المغرب بفعل مشاريع الطاقات المتجددة، والذي يصعب تخزينه محليا.
وأضاف أن المغرب يستفيد بدوره من الكهرباء الإسبانية في فترات الذروة، ما يقلل اعتماده على المحطات الحرارية التي تستهلك الغاز والوقود الأحفوري.
واتفق المغرب وإسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 على تفعيل تنفيذ مذكرة تفاهم، من أجل إقامة ربط كهربائي ثالث بين البلدين عبر مضيق جبل طارق في أفق 2026.
كم تبلغ قوة مشاريع الطاقة الكهربائية المغربية
صدّر المغرب في عام 2021 حوالي 851 غيغاواط/ساعة من الكهرباء نحو أوروبا، وكان معظمها إلى إسبانيا، ما مكن من تحقيق مداخيل بلغت حوالي 565 مليون درهم (حوالي 61 مليون دولار).
وتتجه حوالي 76% من صادرات المغرب من الكهرباء نحو إسبانيا وفق الخبير الملاوي، في وقت توقّف فيه الربط الكهربائي مع الجزائر، بينما لم يدخل الربط مع موريتانيا حيز التشغيل بعد.
ويقول إن هذه الأرقام تؤكد قوة التبادل الطاقي بين المغرب وإسبانيا، الذي أثبت فعاليته خلال الأزمة الأخيرة، إذ تم تزويد الشبكة الإسبانية بالكهرباء عبر الكميات القادمة من المغرب، خصوصا نحو المناطق الجنوبية لإسبانيا.
ويعتمد المغرب في إنتاج الطاقة على مشاريع ضخمة في مجال الطاقات المتجددة، مثل محطة نور ورزازات ومحطة ميدلت، إضافة إلى عدد من محطات الطاقة الكهرومائية، ما يجعله في كثير من الأحيان يسجل فائضا في الإنتاج لا يُستهلك محليا بسبب محدودية التخزين، ليتم تصديره إلى السوق الأوروبية عبر الشبكة الإسبانية، خاصة في لحظات الطلب المرتفع أو الطوارئ.
ما المصلحة التي يحققها البلدان المتجاوران في تبادل الطاقة؟
أوضح الخبير الطاقي أمين بنونة أن العلاقات الكهربائية بين المغرب وإسبانيا قائمة على أسس تجارية، مشيرا إلى أن المكتب الوطني للكهرباء بالمغرب يُعد عضوا في السوق الأوروبية للكهرباء، ويتمتع بصفة تتيح له بيع وشراء الكهرباء داخل هذه السوق.
وأشار بنونة إلى أن المغرب يستورد من إسبانيا كميات من الكهرباء تفوق ما يصدّره إليها، وأن عملية التبادل الكهربائي تتم شهريا وفقا للاحتياجات وبناء على الأسعار المتغيرة على مدار اليوم.
وبلغت حصيلة المبادلات مع الشبكة الإسبانية 1397 غيغاواط/ساعة عام 2022، موزعة على 1868 بالنسبة للواردات، و471 بالنسبة للصادرات.
وفي 2023، سجلت الحصيلة 1849 غيغاواط/ساعة، منها 2311 غيغاواط بالنسبة للواردات، و462 بالنسبة للصادرات وفق بيانات تقرير مجلس المنافسة.
وعزا التقرير تجاوز مستوى الواردات إلى توقف محطتي عين بني مطهر وتهدارت الحراريتين عن العمل سنة 2022، بسبب إغلاق أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، قبل أن تستعيدا نشاطهما العادي بفضل التدفق العكسي للغاز القادم من إسبانيا بواسطة الأنبوب ذاته.
محطة طريفة النهائية حيث ينتهي خط الربط الكهربائي بين إسبانيا والمغرب مصدر الصورة موقع الشبكة الكهربائية الإسبانية
مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا بدأ عام 1997 بتشغيل أول خط يصل إلى محطة طريفة بإسبانيا (الشبكة الكهربائية الإسبانية)
لماذا لم تتأثر الشبكة المغربية بالأزمة؟
رغم أن البلدين تربطهما خطوط كهربائية، فإن المغرب لم يتأثر بالأزمة التي شهدتها إسبانيا، ويرجع أمين بنونة ذلك بكون الربط بين الشبكتين المغربية والإسبانية يتم عبر التيار الكهربائي المستمر وليس المتناوب، مما يوفر نوعا من الحماية، ويحول دون انتقال الأزمات الكهربائية من بلد إلى آخر.
وفي حديثه عن لحظة انقطاع الكهرباء في إسبانيا، أكد الخبير أن “المغرب كان حينها يتزود بكميات من الكهرباء من إسبانيا، وقد تم في نفس اللحظة وقف التزويد بالكهرباء، دون أن يكون لذلك تأثير مباشر على الشبكة المغربية، بفضل الإجراءات الاستباقية”.
وأوضح أن المكتب الوطني للكهرباء يعتمد على مولدات كهربائية سريعة الاستجابة يمكن تشغيلها خلال دقائق لتأمين التوازن في العرض، بالإضافة إلى آليات إدارة الطلب عبر تقليص الاستهلاك في بعض الأحياء إذا دعت الحاجة، “ما ساعد في تفادي أي انعكاسات للأزمة الإسبانية على المنظومة الكهربائية الوطنية” وفق تعبيره.
ما أهمية الربط الكهربائي الإقليمي؟
أبرزت هذه الأزمة التي تعرضت لها إسبانيا والبرتغال، أهمية تعزيز الربط الكهربائي الإقليمي لضمان الأمن الكهربائي والاستمرارية، لا سيما مع تعاظم الاعتماد على الكهرباء في مجالات حيوية مثل المستشفيات والمطارات والنقل والمرافق العامة.
ويرى عبد الصمد ملاوي أن هذه الأهمية تزداد بالنسبة للمغرب وإسبانيا والبرتغال مع اقتراب تنظيم كأس العالم 2030، مما يفرض تحديات كبيرة على صعيد استقرار الشبكة الكهربائية وتأمينها لاستيعاب الضغط المتزايد خلال هذا الحدث الدولي.
وأكد على ضرورة تطوير البنية التحتية الكهربائية المغربية، لا سيما في ظل مشاريع الربط مع البرتغال وإسبانيا، ما يفتح آفاقا لتعزيز شبكة كهربائية متوسطية قوية وفعالة.
وكان المغرب والبرتغال قد وقعا في ديسمبر/كانون الأول 2023 تصريحا مشتركا للربط الكهربائي بين البلدين، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
ويهدف هذا التصريح إلى تعزيز إستراتيجيات تنمية الطاقات المتجددة بين البلدين، بالإضافة إلى إمكانات تبادل الطاقة بين القارتين الأفريقية والأوروبية.
ما الدروس المستخلصة من أزمة إسبانيا؟
سلطت أزمة إسبانيا الضوء على ضعف بعض خطط الطوارئ، إذ يرى الخبير الطاقيّ عبد الصمد ملاوي أن المحركات الاحتياطية لا تكفي لتغطية العجز، خصوصا في المرافق الحساسة كمراكز البيانات والمستشفيات والبنوك؛ لذلك، يؤكد على ضرورة إعطاء الأولوية لتقوية أنظمة الطوارئ والتنسيق مع الدول المجاورة لتبادل الخبرات.
وأشار إلى الجهود المتواصلة في المغرب لتعزيز شبكته الداخلية، كما هو الحال مع مشروع الربط بين الجنوب والوسط، وأيضا مشروع الربط الكهربائي مع موريتانيا، ضمن إستراتيجية أوسع لتأمين مرونة التزود بالطاقة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتكامل الإقليمي في آن واحد.
بدوره، أكد البرلماني عبد العالي بروكي أن هذه الأزمة أظهرت مرة أخرى أهمية الربط الكهربائي الإقليمي بين الدول المتجاورة، والدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه في مواجهة الطوارئ.
وقال للجزيرة نت إن مثل هذه الأعطال “تذكرنا بأن أي بلد قد يكون عرضة لها، وهو ما يستدعي التفكير بجدية في حلول تقنية احترازية وإستراتيجيات بديلة”.