دمشق– تتسارع الأحداث في سوريا بوتيرة عالية، ويلقي ذلك بظلاله على المواطنيين وحياتهم المعيشية المتعلقة بسعر الصرف وقيمة الليرة السورية إلى جانب الأخبار الميدانية وتحديثات الخرائط، في العاصمة دمشق ينخفض عرض  الدولا إلى أدنى الدرجات، بينما تشهد الليرة انهيارا جديدا تجاوز 20% خلال الأيام الأخيرة، وسط تعدّد النشرات وتباين السعر أحيانا خلال اليوم الواحد.

يأتي ذلك في ظل تمدد قوات فصائل المعارضة السورية ضمن عملية "ردع العدوان" من إدلب إلى حلب ثم سيطرتهم اليوم على حماة واستعدادهم للتوجه نحو حمص.

تتعدّد نشرات الصرافة ضمن السوق السورية، فالبنك المركزي يصدر نشرتين حاليا، نشرة الصرف والصرافة (13668 ليرة للدولار الواحد)، والنشرة الرسمية (12562 ليرة للدولار الواحد)، بعد التخلّي عن نشرات كانت تصدر في الأعوام السابقة المخصّصة لدفع البدل، والجمارك وغيرها.

يبقى سعر السوق الموازية (بين 16800 و17500 ليرة للدولار الواحد في دمشق) الناظم الأساسي للسوق، مع حضور أسعار أخرى تختص بنماذج البيع؛ فمثلًا "دولار البضائع" يفوق قيمة التداول في السوق الموازية كذلك دولار قطع السيارات وصيانتها، ويقترب "دولار التدخين" أو الأجهزة التكنولوجية من السعر في السوق الموازية.

إعلان

يتعلّل تجار المفرّق أن السعر الذي يتعاملون به ناتجٌ عن تبدّل الأسعار، وارتفاع أسعار التوريدات القادمة والتخوّف من انقطاعها، على سبيل المثال فإن سلعةُ ثمنها 15 ألف ليرة قبيل موجة الانهيار الجديدة (عندما كان سعر السوق الموازية 14600 ليرة للدولار الواحد)، ستُثمّن لدى البائع ب 18 ألف ليرة مع بداية الانخفاض في قيمة الليرة عندما وصل سعر الدولار الواحد لـ 16000 ليرة. بالتالي يكون دولار البضائع يساوي 18 ألف ليرة بعد أن كان 15 ألف، وفي الحالتين يفوق سعر التداول.

تؤدّي هذه الفروقات لضبابية السعر الفعلي، وتحكّم المضاربين في السوق بما يضمن مرابحهم، وبالتالي مزيدا من الارتفاع في الأسعار، الأمر الذي يدفع ثمنه الأهالي في ظلّ ضعف القوة الشرائية للفرد وإحجام المورّدين على توزيع السلع.

الليرة السورية سجلت خسائر متتالية خلال تعاملات الأيام الأخيرة (الجزيرة)

يتجسّد التوتر نتيجة التطورات المتسارعة بعدة عوامل على مستوى السوق:

تزايد الإقبال على السلع الضرورية، كالسكّر والزيت والعدس وغيرها، ورغم أن السوق لم يشهد انقطاعا لإحدى المواد الأساسيّة، فإن ارتفاع الأسعار ملموس (كيلو السكّر وصل إلى 15 ألف ليرة ضمن الأسواق الشعبية مثل باب سريجة، بعد أن كان 11 ألف ليرة). ركود التعاملات الكبيرة مثل شراء العقارات والسيارات، مما يؤدّي إلى قلّة تداول المبالغ الكبيرة. زيادة الطلب على الدولار خوفا من تجميد الكتل الماليّة بالليرة، الأمر الذي يقود لمزيد من الانخفاض في قيمة العملة الوطنيّة.

تتحدّث أم خالد المقيمة في ريف دمشق للجزيرة نت عن تموينها للمواد الغذائية الأساسيّة: "اشتريت 2 كيلو من الأرز والعدس والسكر، وليترين من زيت القلي، بحوالي 150 ألف ليرة في بداية الأسبوع، اليوم سعرهم على الأقل 200 ألف". تتألف أسرة أم خالد من ثلاثة أفراد، وتعتمد في حاجيّات منزلها على محال نصف الجملة، ووفقا لكلامها "هناك سبيل للمراعاة، والمواد متوفرة بكميات معقولة، وتبقى أكثر توفيرا من البقاليات والمحال الصغيرة، هذه المحلّات تتعمّد عرض البضاعة بكميات قليلة، وأسعارها ثابتة".

تجول طبيعي في أحد أحياء دمشق (الجزيرة) ارتفاع الأسعار

بالنسبة لماهر؛ الشاب الثلاثيني الذي يعمل مدير صالة في أحد المطاعم بالعاصمة دمشق، قال "رفعنا الأسعار قبل الأحداث الأخيرة، دائمًا هناك رفع أسعار"، وعن مسبّبات ذلك يقول: "مع حلول فصل الشتاء يقلّ الزبائن، وتزداد كلف التشغيل مثل المولدات والتدفئة مثلًا، فيكون رفع الأسعار كي يتجنب المطعم الخسارة".

إعلان

وعند سؤاله عن المزوّدين بالبضائع أكّد الشاب عن استمرارية تنزيل البضاعة، مع ارتفاع طفيف في الأسعار، يقول: "التاجر يأخذ متوسّط السعر الذي باع به قبل يوم أو اثنين، والسعر المتوقع أن يشتري به الدفعة التالية، وعلى ذلك يحدد سعر اليوم، أو يحتكر بعض المواد التي يخشى انقطاعها عن السوق، مثلًا كل أصناف الدجاج ارتفع سعر الكيلو 2000 إلى 3000 بين يوم وآخر."

الجدير بالذكر أن الجهات الرسمية السورية تحدّد ضمن نشراتها أسعار الفواكه والخضار وكذلك اللحوم، لكن هذه التسعيرات غير معمولٍ بها، باستثناء المؤسسات الاستهلاكية العامّة، التي تحدّد السلع المسموح بشرائها للمواطنين وفق آلية البطاقة الذكية، بينما هناك نشرات رسمية يتم العمل بها والتشديد على المخالفين أبرزها: نشرة الحرفيين لسعر غرام الذهب، وأسعار الدواء.

أسعار الذهب والدواء

بالنسبة للذهب، فالسعر يرتبط بشكل مباشر بسعر الدولار، ويتمكن الصيّاغ من فرض سعرهم دون إشهاره، عبر رفع تكلفة أجور الصياغة، وتخضع هذه الأجور لتقدير الصيّاغ، ولا يتم العمل بالنسبة التي حدّدتها النقابة.

يمسّ موضوع الدواء قطّاعًا أوسع من السوريّين بالطبع، ومع توقّف الواردات من معامل الدواء الموجودة في حلب وحماة، قلّصت المستودعات من وارداتها للصيدليات بوضوح، تتحدث الصيدلانية ليلى للجزيرة نت عن وضع الدواء:

"لم يصل الموضوع إلى حدّ الكارثة، هناك بداية أزمة، المعتاد أن يزود مندوبو المستودعات الصيدلية وفق تواترٍ معيّن، وعادةً هناك أريحية بدفع المستحقّات شهريا أو أسبوعيا.

في الأيام الأخيرة تراجعت زيارة المندوبين، وهناك إصرار على الدفع الفوري لكلّ طلبية، وهذا يقلّل من كمّية الأدوية المتوفرة في الصيدلية." وتضيف أن الجميع (المعامل والمستودعات والصيادلة) ينتظرون قرارا برفع سعر الأدوية،

وحتى ذلك من الممكن لبعض الصيدليات أن تدّعي عدم وجود بعض الأصناف، تقول الصيدلانية: "هناك عامل متعلق بالأدوية المستدامة كأدوية القلب والسكّر وقطرات الأعين، فيسعى بعض المرضى لتأمين أدويتهم لمدّة أطول، وهنا

يُستحسن للصيدلاني أن يلتزم ببيع علبة واحدة بما يضمن توافر الدواء في الصيدليات".

تُعاني العاصمة وريفها من ارتفاع في سعر الوقود، وتأخّر وصول شحنات البنزين (الجزيرة) سعر الوقود

أخيرا تعاني العاصمة وريفها من ارتفاع في سعر الوقود، وتأخّر وصول شحنات البنزين للسيارات تبعا لآلية البطاقة الذكيّة، يلجأ السائقون إلى شراء البنزين بسعر السوق السوداء، أو "استئجار" بطاقاتٍ ذكية لسياراتٍ خاصة.

إعلان

يتحدث أبو إسماعيل الذي يعمل على تاكسي بين العاصمة وإحدى الضواحي القريبة: " اضطرّ حاليًا للشراء من البيدونات جراكل البلاستك على الطرق، كان بحوزتي بطاقتي بنزين إضافيتين، على الأقل أضمن بنزين من الكازيّات.

البيدونات التي تبع على الطرق غير مضمونة وتضر جهاز السيارة، اشتريت يوم الثلاثاء الليتر بـ 23 ألف ليرة". يتقاضى أصحاب البطاقات بحسب أبو إسماعيل 200 ألف أو 300 ألف على التعبئة الواحدة، مقابل منحه البطاقة

لسيّارته، ويدفع السائق سعر البنزين كاملا للكازيّة وفقًا للسعر الرسمي، وبذلك يكلفه الليتر 20 ألف ليرة تقريبا.

أمّا الموقف الرسمي عن التطورات فقد صرّح رئيس غرفة صناعة دمشق غزوان الحلبي لجريدة الوطن السورية أن الارتفاع في سعر الدولار وهمي، ونتيجة للسوق السوداء، بينما المستوردات لا تزال ملتزمة بالنشرة الرسمية، وأكّد عن عدم وجود مبررٍ لرفع الأسعار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات لیرة للدولار الواحد السوق الموازیة ارتفاع فی ألف لیرة

إقرأ أيضاً:

ما أبرز التحديات الاقتصادية أمام رئيس لبنان الجديد؟

من المنتظر أن يواجه الرئيس اللبناني الجديد، جوزيف عون، الذي جرى انتخابه أمس الخميس، طريق وعر جراء تحديات سياسية واقتصادية ودبلوماسية، بعد أزمات طاحنة تعرضت لها البلاد منذ 2019.

وسيكون الرئيس المنتخب في حاجة ماسة إلى مد يد العون من المجتمع الدولي لتحقيق إصلاحات اقتصادية تعيد للبنان أملاً بنهاية تدهور اقتصادي ونقدي ومصرفي.

هناك مجموعة من التحديات الاقتصادية التي تعرض لها لبنان منذ 2019، عندما عانى تراجعات متتالية في سعر صرف عملته المحلية الليرة حتى اليوم، والتي من المنتظر أن يتعامل معها الرئيس الجديد، والتي أوردها تقرير لوكالة أنباء الأناضول.

الانهيار المالي والمصرفي

منذ عام 2019، يعاني لبنان انهيارا ماليا يُعد من أسوأ الأزمات في العصر الحديث وفقا للبنك الدولي، إذ فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98 بالمئة من قيمتها إلى متوسط 90 ألفا أمام الدولار من 1500 سابقا.

وبينما انهارت الثقة بالنظام المصرفي بالكامل، فإن البنوك التي كانت يوما رمزا للاستقرار، أصبحت عاجزة عن تلبية طلبات السحب بالدولار، ما أدى إلى تآكل مدخرات المواطنين.

التحدي الأكبر أمام الرئيس الجديد هو إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واستعادة الثقة بين المواطنين والمستثمرين.

هذه المهمة تتطلب تعاونا مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي الذي تراجع عن الدخول في خطة إصلاحات اقتصادية مع لبنان قبل عدة سنوات.

كما يحتاج الرئيس الجديد، إلى وضع خطة لإعادة رسملة البنوك وإدارة الديون السيادية التي تجاوزت 90 مليار دولار.

التضخم وارتفاع الأسعار

يعيش اللبنانيون تحت وطأة تضخم مفرط، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بشكل هائل.

ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة لعام 2023، يعيش أكثر من 80 بالمئة من السكان تحت خط الفقر وسط تضخم مرتفع تجاوز في بعض المراحل 300 بالمئة، ما أثّر على القوة الشرائية للمواطنين وجعل تأمين الاحتياجات تحديا يوميا.

للتعامل مع هذه الأزمة، يحتاج الرئيس عون إلى وضع سياسات اقتصادية عاجلة، مثل تعزيز الأمن الغذائي، وتشجيع الإنتاج المحلي، ودعم الفئات الأكثر ضعفا عبر برامج حماية اجتماعية فعالة.

أزمة الطاقة والبنية التحتية

ويعاني لبنان اليوم عجزا عن تلبية إمدادات السوق المحلية من مشتقات الطاقة إلى جانب الوقود المستخدم في توليد الكهرباء، ما أدى إلى انتعاش السوق السوداء لتوفير الوقود.

كما يعد قطاع الطاقة في لبنان من بين الأكثر فشلًا، حيث يعاني المواطنون انقطاع الكهرباء ساعات طويلة يوميا، ويعتمدون على المولدات الخاصة بتكاليف باهظة.

وتعود الأزمة إلى عقود من سوء الإدارة والفساد، ما جعل إنتاج الكهرباء مكلفا وغير مستدام.

وهنا، يتعين على الرئيس المنتخب وضع خطة شاملة لإصلاح قطاع الكهرباء، تشمل الاستثمار في الطاقة المتجددة، وزيادة كفاءة محطات التوليد، والحد من الهدر التقني، بحسب دراسة سابقة للبنك الدولي.

الدين العام وعجز الموازنة

يُعتبر الدين العام اللبناني من بين الأعلى عالميا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يتجاوز 150 بالمئة بحلول منتصف 2024، فيما تعاني الموازنة العامة عجزا مزمنا نتيجة الإنفاق غير المبرر، والتهرب الضريبي، وضعف الإيرادات.

ووفق مسودة إصلاحات كانت قائمة بين لبنان وصندوق النقد الدولي، فإن التحدي هنا يكمن في تنفيذ إصلاحات مالية جذرية تشمل ترشيد الإنفاق الحكومي، وتحسين جباية الضرائب، ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة الدين بما يتماشى مع قدرة الاقتصاد على التعافي.

العلاقات مع المجتمع الدولي

لبنان يحتاج بشكل عاجل إلى دعم المجتمع الدولي، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو القروض الميسّرة.

ومع ذلك، فإن هذا الدعم مشروط بتنفيذ إصلاحات حقيقية، فقد أعربت الدول المانحة وصندوق النقد الدولي مرارا عن استعدادهم للمساعدة لكن بشرط تطبيق الشفافية ومكافحة الفساد.

وهنا، يتعين على الرئيس عون بناء علاقات قوية مع المجتمع الدولي، وإظهار الالتزام الجدي بالإصلاحات المطلوبة لاستعادة ثقة المانحين.

البطالة وهجرة الكفاءات

وارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد لتتجاوز 30 بالمئة بحلول مطلع 2024، مع مستويات أعلى بين الشباب. هذا الوضع أدى إلى هجرة جماعية للكفاءات خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والهندسة.

كما تأثرت القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم بشدة نتيجة الأزمة الاقتصادية، بينما تعاني المستشفيات نقصا في التمويل والمعدات الطبية، وتواجه المدارس صعوبة في تأمين رواتب المعلمين وتوفير بيئة تعليمية مناسبة.

فيما يُعتبر الفساد من أبرز أسباب الانهيار الاقتصادي في لبنان، فالمؤسسات العامة تعاني سوء الإدارة، والمحسوبية ما يعرقل تنفيذ أي إصلاحات جدية.

مقالات مشابهة

  • أبرز التحديات الاقتصادية أمام رئيس لبنان الجديد
  • ما أبرز التحديات الاقتصادية أمام رئيس لبنان الجديد؟
  • وزير خارجية إيطاليا يصل العاصمة السورية دمشق
  • سعر الأسمنت في نهاية تعاملات اليوم
  • فساد الوديعة المليارية .. وبداية مسلسل انهيار العملة اليمنية
  • سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم الخميس.. ارتفاع في إدلب وتراجع في الحسكة
  • مقاطعة الأسعار الباهظة! تركيا تصدر بيانًا قويًا: أرسل شكواك من أي مكان
  • ارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم الأربعاء
  • بنسبة تجاوزت النصف.. هبوط الأسعار في الأسواق السورية بعد سقوط النظام
  • سعر الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الأربعاء 8 يناير 2025