عبد الخالق محجوب عن معارضة الإثارة ومعارضة النهضة
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
أكثرت مؤخراً من الدعوة للتمييز بين “معارضة المقاومة” التي هي إثارة طبعت المعارضة في عهدي نميري والبشير بصورة خاصة و”معارضة النهضة”. ولم يكسد سوق ثورات التغيير إلا لأن مقاومتها لم تتطلع لأبعد من تغيير النظام. وأذكر من كان يقول لي والله كتابتك الكتيرة دي لا جدوى منه. خلينا نسقط ولاد الكلب ديل وكل شيء يترتب في وقته.
أعرض هنا لأول من عرفت عنه التمييز بين معارضة الإثارة ومعارضة النهضة وهو استاذنا عبد الخالق محجوب. قلت:
كان عبد الخالق محجوب هو أول من ميز بين معارضة الإثارة ومعارضة النهضة. والمراد بالأولى هي التي عبأت نفسها لإسقاط النظام القديم بينما معارضة النهضة هي التي لا تنهض بمعارضة هذا النظام فحسب، بل لا تدخر طاقة أيضاً في اصطفاء رؤية للنظام العاقب تهد النظام الحكم وبنيته الاجتماعية والاقتصادية في برنامج واحد.
جاء ذلك عن عبد الخالق محجوب في تقرير اللجنة المركزية لمؤتمر الحزب الشيوعي الرابع في 1967 الذي صدر في 1967 بعنوان “الماركسية وقضايا الثورة السودانية” في الباب الثاني من الجزء الثاني من الكتاب. فلم يَحُل الدور الاستثنائي للحزب الشيوعي في معارضة نظام الفريق عبود من يأخذ طبيعة تلك المعارضة ومحدوديتها بالشدة. فعرض لنواقص في العمل الشيوعي خلال فترة حكم عبود لم تجعل من الطبقة العاملة وحلفائها قيادة تحمل الثورة المنتظرة إلى تغيير ما بنا. ولما لم ينجح الحزب في مهمته في تعزيز قيادة الطبقة العاملة للتغيير نهضت البرجوازية الصغيرة بذلك الدور. وهي طبقة كما رأينا في الثورة الأخيرة لم ترق رؤيتها للتغيير للنفاذ بالزلزلة إلى تراكيب المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية التي تنتج النظام القديم وتعيد إنتاجه.
فذكر عبد الخالق تحركات جماهيرية جرت في صيف 1964 (منها فرض العمال استعادة اتحادهم وانتخاب الشفيع أحمد الشيخ زعيماً له) قال إنها بشرت بارتفاع جديد في مستوى نضال الشعب تؤذن بالارتقاء للإطاحة للنظام بثورة وطنية ديمقراطية. وهي الثورة الرهينة بالطبقة العاملة إلا أن بقية الجماهير لم تصل يومها إلى ذلك المستوى من تغيير الأوضاع لأن “الجو العام كان ما يزال محبوساً في إطار الخلاص من الديكتاتورية العسكرية والرغبة في التخلص منها”.
ومع الدور المميز للحزب في جبهة الهيئات (التي كانت قيادة ثورة أكتوبر) إلا أن قيام تلك الجبهة نفسه، في قوله، “كان في قاعه يعبر عن تطلع الأقسام التي تقدمت الإضراب (مثقفي البرجوازية الصغيرة) لإيجاد قيادة لهم تعبر عن مطامحهم. كان يعبر عن حقيقة أن هذه الأقسام لم تكن ترى موضوعياً في تنظيمات الطبقة العاملة معبراً عن أمانيها”, 128-129. وكان ذلك نقصاً مشهوداً في عمل الحزب الشيوعي الذي لم يترق بمعارضته من الإثارة للنهضة. فواجه الحكم العسكري بشرف، ولكنها مواجهة قاصرة. قال عبد الخالق كان على الحزب الشيوعي أن يواجهه “لا بوصفه ديكتاتورية عسكرية، بل بوصفه نظاماً طبقياً أداته العسكرية”. وشتان. فسقوط النظم الديكتاتورية مثنى وثلاث كان حظنا من ثورتنا الإثارية التي لم نبلغ بها النهضة التي لا تقوم إلا على رؤية تتقحم تراكيب المجتمع فتقضي على وحش النظام التقليدي في قاعه جملة لا رأساً بعد رأس.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: عبد الخالق محجوب
إقرأ أيضاً:
رويترز: فصائل المعارضة أبلغت تركيا مسبقا بعمليتها التي أسقطت الأسد
شهدت سوريا تطورات متسارعة خلال الأيام الأخيرة، مع سقوط نظام الأسد بعد أكثر من عقد من الصراع الدامي، وجاءت التطورات نتيجة تنسيق غير مسبوق بين فصائل المعارضة السورية، التي تمكنت من السيطرة على العاصمة دمشق، وسط دعم غير مباشر من قوى إقليمية مثل تركيا.
كشف مصدران مطلعان، لوكالة رويترز أحدهما دبلوماسي والآخر من المعارضة السورية، عن أن فصائل المعارضة أبلغت تركيا منذ نحو ستة أشهر عن خططها لشن هجوم واسع النطاق على قوات النظام السوري، مشيرا إلى أن المعارضة اعتبرت أن تركيا قد وافقت ضمنيًا على العملية، كونها الداعم الرئيسي للمعارضة السورية منذ بداية النزاع.
وأكدت رويترز أن المعارضة لم تكن لتنفذ هذه الهجمات دون أن تعلم تركيا أولاً، وأوضحت المصادر أن تركيا كانت على علم بتفاصيل العملية بعد فشل محاولاتها لإجراء محادثات مع رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، الذي رفض جميع المبادرات السابقة.
ووفقًا للمصادر، كان مضمون الرسالة التي بعث بها ممثلو المعارضة إلى تركيا هو أن "الطرق الأخرى لم تنجح على مدار سنوات، لذا جربوا خيارنا، ودوركم الوحيد هو عدم التدخل".
وتعد تركيا أحد أبرز داعمي المعارضة السورية، حيث قدمت الدعم العسكري والسياسي منذ بداية النزاع السوري في عام 2011، ولكن في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين تركيا وبعض الفصائل المعارضة تطورات معقدة، خاصة مع استمرار سيطرة النظام السوري على معظم الأراضي، بما في ذلك محاولات أنقرة للتواصل مع الأسد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد بذل جهودًا متواصلا لإجراء محادثات مع دمشق في مسعى لإيجاد تسوية سياسية، لكن محاولاته باءت بالفشل، إذ قوبلت بموقف رافض من الأسد وحلفائه.
من جانب آخر، صرح رئيس الائتلاف الوطني السوري، هادي البحرة، أن هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري قد ناقشا التنسيق فيما بينهما قبل تنفيذ الهجوم، واتفقا على تجنب أي صدامات بين الجماعات المسلحة.
وأضاف أن القوات التركية كانت على اطلاع بما كان يحدث داخل هذه الجماعات، وقد أشارت التقارير إلى أن تركيا كانت تراقب عن كثب تحركات المعارضة في شمال سوريا، وتحديدًا في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري، وتواصلت مع القادة العسكريين لتنسيق العمليات والتأكد من أنها لا تخرج عن نطاق الاتفاقات المبدئية.
وفي رد على الأسئلة بشأن التنسيق المحتمل بين أنقرة وهيئة تحرير الشام، قال نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز في مؤتمر بالبحرين إن تركيا لم تكن وراء الهجوم، كما أن أنقرة لم تمنح موافقتها عليه، وأكد أن تركيا تشعر بالقلق إزاء استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة، كما أضاف أنه لا يوجد أي تنسيق مع هيئة تحرير الشام في أي من العمليات العسكرية التي تمت، مشيرًا إلى أن تركيا تعتبر الهيئة "منظمة إرهابية" وفق تصنيفها المحلي والدولي.
وفي تصريحات لوسائل الإعلام، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن جهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتواصل مع الأسد فشلت، مشيرًا إلى أن تركيا كانت تتوقع حدوث تطورات هامة في سوريا بعد انهيار النظام السوري. وأضاف أن تركيا كانت تأمل في أن يؤدي الحوار إلى تسوية سلمية، لكن الأسد لم يظهر أي رغبة في التعاون، مما جعل التوقعات التركية بشأن الوضع السوري أكثر غموضًا.
وبدأت هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها، يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، هجوما واسعا، انطلاقا من إدلب شمالي سوريا، لتدخل دمشق فجر الأحد الماضي، وتعلن سقوط نظام الأسد بعد فراره من البلاد.
وأعلنت إدارة الشؤون السياسية في دمشق، الاثنين، تكليف المهندس محمد البشير بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية عقب سقوط النظام، بعد دخول فصائل المعارضة إلى العاصمة، حسب منصات محلية.