يمانيون:
2025-03-17@17:11:03 GMT

نعم لقد انتصرنا

تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT

نعم لقد انتصرنا

عماد الحطبة

طلب إليّ أحد الأصدقاء الغاضبين من اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان عدم الحديث عن النصر. في رأيه، لا يمكن عدّ ما حدث نصراً، إذ حقق العدو هدفه بإيقاف واحدة من أهم جبهات الإسناد، في الوقت الذي دفع الشعب اللبناني ومقاومته ثمناً باهظاً من دون تحقيق النتائج المطلوبة. وانتقل إلى التعميم مؤكداً أن محور المقاومة أخطأ في حساباته، فأي حرب مع عدو مثل “اسرائيل” يجب أن تعتمد على حسابات دقيقة، بحيث لا تذهب دماء الضحايا هدراً.

هذا المنطق يتردد، وبدأ يتصاعد من خصوم محور المقاومة، أو ممّن اضطروا إلى إظهار تأييدهم لهذا المحور تحت وطأة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، ونذكر الأصوات نفسها عندما تعالت مشككة في موقف المقاومة اللبنانية على وقع الخطاب الأول لشهيد الأمة السيد حسن نصر الله، بعد بدء عملية طوفان الأقصى. لن يرضى هؤلاء عن المقاومة مهما فعلت ومهما قدمت من تضحيات لأن وجودهم يعتمد على نفي فكرة المقاومة، والقضاء عليها، لتُفتح أمامهم أبواب التبعية للمستعمر الذي يحفظ كياناتهم، ومنظماتهم. المقاومة، إذاً، ليست معنية بهؤلاء ولا بالرد على طروحاتهم المسمومة.

تبقى المسؤولية أمام جمهور المقاومة، في كل مكان في العالم، أن نجيب عن سؤال: هل انتصرنا فعلاً؟ نسأل أنفسنا لماذا تخاض الحروب؟ هل نخوضها لنقتل الآخرين أم أننا نسعى لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية، بأقل قدر ممكن من الخسائر، وخصوصاً في الحياة؟ الإجابة واضحة للجميع، وعبّرت عنها المقاومة قولاً وفعلاً: نحن مقاومون وأصحاب قضية وطنية ولسنا قتلة، أما عدونا فمستعمر قاتل وأهدافه محدودة في القتل ونهب الثروات وإذلال الشعوب. في ظل هذا التباين، لا بد من أن يتباين تعريفا النصر والهزيمة بيننا وبين عدونا.

قبل عملية طوفان الأقصى، كان العدو الأكبر (الولايات المتحدة) يدفع المنطقة بشكل متسارع نحو حلف يساعده على تطبيق خطته النهائية بتصفية حركات المقاومة (Non state organizations)، تمهيداً لإلحاق جميع دول المنطقة بالحلف الإبراهيمي، الذي يقوم على تصفية القضية الفلسطينية وخلق منطقة اقتصادية مشتركة بالمال والقوة البشرية العربية والإدارة “الإسرائيلية”، تعمل هذه المنطقة على تحويل جميع فوائض القيمة إلى المركز الرأسمالي شبه المفلس، وتقف كعقبة في وجه التمدد الاقتصادي الصيني.

أمام التخاذل والتواطؤ من معظم الأنظمة الرسمية العربية والإسلامية، لم يكن أمام المقاومة إلا المبادرة إلى الاشتباك مع العدو في محاولة لإفشال مخططاته. لم يكن قرار الاشتباك اعتباطياً أو وليد ساعته، فجرى إعداده على مدى أكثر من سنتين، بدءاً مع معركة سيف القدس عام 2021، ومعركة وحدة الساحات، لتُتوَّج في عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023. لم تعلن المقاومة، في أي مرحلة من مراحل الإعداد، أو خلال المعركة، أن هدفها من المعركة دحر الاحتلال وتحرير فلسطين، بل إن سيد المقاومة وشهيدها أعلن صراحة أن النصر سيكون بالنقاط، وليس بالضربة القاضية.

السؤال الآن: هل حققت المقاومة هدفها في إفشال التحالف الإبراهيمي والناتو العربي؟ نستطيع القول، بكل ثقة، إن هذا الهدف تحقق، وإن هذه المشاريع الاستعمارية تأجّلت أعواماً طويلة. السؤال الذي يتبعه مباشرة: هل نجح المخطط الاستعماري في القضاء على منظمات المقاومة؟ الجواب بالتأكيد، لا. أن تصمد في وجه أكبر الجيوش وأعقد أجهزة استخبارات في العالم، وتتفوق عليها أحياناً، وتدفع سياسيي هذه الدول إلى الهرولة إلى عاصمة المقاومة طلباً لوقف إطلاق نار بشروطك، فكيف لا تتحدث عن نصر؟ بل هو نصر، ونصر عظيم.

يتحدث البعض عن دخول الجيش اللبناني جنوبَ الليطاني لحماية الحدود اللبنانية، كأنه هزيمة للمقاومة، متناسين عمدا أن هذا الحضور للجيش اللبناني كان مطلباً دائماً للمقاومة، بل إن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، هي معادلة صاغتها المقاومة في وجه التيارات الانعزالية، داخلياً وخارجياً. هذا الحديث الهادف إلى خلق فتنة بين الجيش وجمهور المقاومة في الجنوب من جهة، وبث حالة من الإحباط لدى جمهور المقاومة في الخارج؛ هذا المخطط فشل على الأرض منذ اللحظة الأولى لإعلان وقف إطلاق النار، عندما تدفق جمهور المقاومة على قراه وبلداته رافعاً أعلام المقاومة، وصور قادتها، في رسالة نهائية إلى كل من راهنوا على هزيمة المقاومة، مفادها أن هذه المقاومة باقية ما بقي أهل الجنوب، وجمهورها في كل مكان.

لن تخجل المقاومة من القول إنها بعد حرب استمرت 14 شهراً، ومجزرة صهيونية ضد جمهورها على مدى أكثر من 60 يوماً، واستشهاد معظم قادة الصف الأول، تحتاج إلى فرصة لالتقاط أنفاسها، وإعادة تنظيم صفوفها، وتذخير ترسانتها. اتفاق وقف اطلاق النار كان قراراً قبلته الدولة اللبنانية والتزمته المقاومة. لكن المقاومة تبقى حرة في حركتها، وفي خطابها، الذي أكدته في بيانها الأخير، عبر القول إنها ملتزمة موقعَها وموقفَها، تجاه فلسطين، وتجاه الأمن القومي العربي. وإذا استدعت الظروف العودة إلى ساحة القتال، فلا نشك في أن رجال الله في لبنان سيكونون في الصف الأول، وسيقدمون قرابين النصر من المقاتلين والقادة في طريق التحرير، وطريق القدس.

* المقال يعبر عن راي الكاتب ـ موقع الميادين نت

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

حين يقابَــلُ الحصارُ بالحصار والقصفُ بالقصف

علي راوع

يدخل اليمنيون رمضان هذا العام وهم يحملون في قلوبهم جراح الأُمَّــة، جراح غزة التي تستمر في النزف تحت وطأة العدوان الصهيوني الغاشم. فالمشاهد القادمة من هناك ليست مُجَـرّد أخبار عابرة، بل هي صرخات ألم واستغاثات شعب يواجه الإبادة الجماعية، في ظل حصار خانق يهدف إلى تركهم بين الموت جوعًا أَو القتل بالقصف الوحشي.

وفي ظل هذه الظروف، لا يمكن للشعب اليمني وقائده السيد عبدالملك الحوثي أن يقفوا موقف المتفرج، فالصمت في مثل هذه الأوقات خذلان، والخذلان خيانة للأخوة والدين والمبادئ. لقد أصبح واضحًا أن الكيان الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة، وأن المعادلة يجب أن تتغير، فكما يحاصرون غزة، يجب أن يحاصروا، وكما يقصفون المدنيين العزل، يجب أن يشعروا بلهيب الردع.

رمضان لم يكن يومًا شهر الخمول أَو الاستسلام، بل هو شهر الجهاد والانتصارات الكبرى في تاريخ الأُمَّــة. من بدر إلى حطين، ومن عين جالوت إلى انتصارات المقاومة في العصر الحديث، كان هذا الشهر محطة فاصلة في مسيرة التحرّر من الطغيان والاستعمار. واليوم، يواصل اليمن مسيرته في خط المواجهة، حَيثُ تقف قواته البحرية والقوة الصاروخية والطيران المسيّر كسدٍ منيع أمام أطماع العدوّ، معلنين أن استهداف السفن الإسرائيلية وشركاتها في البحر الأحمر لن يتوقف حتى ينتهي العدوان على غزة.

لم يعد اليمن بعيدًا عن المعركة، بل أصبح قلبها النابض، فرسالته للعالم واضحة: لا يمكن أن يصوم اليمنيون عن نصرة غزة، ولا يمكن أن تظل الموانئ الصهيونية آمنة بينما يموت أطفال فلسطين تحت الركام. فكما استهدفت ضربات صنعاء الاقتصادية العمق الإسرائيلي، فَــإنَّها كشفت هشاشة العدوّ وأربكت حساباته، وجعلته يدرك أن كلفة الاستمرار في العدوان باتت أعلى من قدرته على التحمل.

لقد بات واضحًا أن الحصار الذي يفرضه العدوّ على غزة لن يمر دون رد، وأن القصف الذي يطال الأبرياء لن يبقى دون عقاب. فاليمن، الذي عرف الحصار والمعاناة طيلة السنوات الماضية، يعلم جيِّدًا ما يعنيه الجوع والحرمان، لكنه أَيْـضًا تعلم كيف يحول المعاناة إلى قوة، وكيف يجعل من الحصار وسيلة لتركيع العدوّ بدلًا عن أن يكون أدَاة لخنقه.

إن الرسالة التي يبعث بها اليمن اليوم، ليست مُجَـرّد شعارات، بل هي خطوات عملية بدأت بالفعل، وما زالت تتصاعد. فإغلاق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية والشركات الداعمة لها لم يكن سوى البداية، والقادم سيكون أشد تأثيرا إن استمر العدوان. إن ما يحدث اليوم ليس مُجَـرّد تضامن، بل هو شراكة حقيقية في معركة المصير، حَيثُ تقف صنعاء وغزة في خندق واحد، وتواجهان نفس العدوّ الذي يسعى إلى كسر إرادَة الشعوب وإخضاعها لمخطّطاته الاستعمارية.

لم يكن رمضان يومًا شهرَ الاستسلام، بل هو شهر العزة والصمود، واليوم يُكتب تاريخ جديد بمداد المقاومة. ففي الوقت الذي يسعى فيه العدوّ لتركيع غزة وإبادتها، يقف اليمن ومعه محور المقاومة ليقول: لن تكونوا وحدكم، ولن يكون رمضان شهر الخضوع بل شهر النصر.

اليوم، يثبت اليمن من جديد أن قضية فلسطين ليست مُجَـرّد شعار، بل هي التزام ديني وأخلاقي، وأنه مهما بلغت التضحيات، فَــإنَّ القضية لن تُنسى، ولن يُترك أهل غزة يواجهون الموت وحدهم. فكما عاهد السيد عبدالملك الحوثي الشعب الفلسطيني على المضي في دعم المقاومة، فَــإنَّ هذا العهد يُترجم إلى أفعال، وإلى عمليات ميدانية تعيد للعدو حساباته، وتجعل من البحر الأحمر مقبرة لمشاريعه الاقتصادية والعسكرية.

إنها معادلة جديدة تُرسم بدماء الشهداء، وبإرادَة لا تلين، لتؤكّـد أن الأُمَّــة التي تصوم عن الطعام، لا تصوم عن الكرامة، وأن رمضان لن يكون شهر الركوع، بل سيكون شهر الردع والانتصار.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: القول بأن الشريعة الإسلامية غير مطبقة مغالطة كبرى
  • حين يقابَــلُ الحصارُ بالحصار والقصفُ بالقصف
  • محمد آل فتيل يجري عملية جراحية
  • بث مباشر.. شعائر صلاتي العشاء والتراويح من الجامع الأزهر ليلة 17 رمضان
  • خايف من جمهور الزمالك.. رامز جلال يداعب أشرف بن شرقي
  • أعمال الأجزاء بـ"دراما رمضان".. "المداح 5" جمهور من نوع خاص
  • المالكي: بفتوى المرجعية انتصرنا على الارهاب
  • "فان زون" المحترفين تستقطب جمهور كأس منصور بن زايد
  • مفتي الجمهورية: دراسة الفلسفة ليست حرامًا فهي من ألوان إعمال العقل والاجتهاد
  • هاشتاج جمهور الأهلى وراك يا خطيب يتصدر إكس