يقولون: من جد وجد ، ومن اجتهد نجح، ومن زرع حصد، ومن لم يجتهد لم ينجح، ومن لم يزرع فمن أين له أن يحصد؟، «سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا». ديننا دين العمل والاتقان والأخذ بأقصى الأسباب، حيث يقول الحق سبحانه: «هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور».
وقد سأل رجل نبينا (صلى الله عليه وسلم) فقال : يَا رَسُولَ اللهِ، أُطْلِقُ نَاقَتِى وَأَتَوَكَّلُ؟ أَوْ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ (صلى الله عليه وسلم): اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ) ، فربط الناقة أدعى لبقائها ، أما تركها فأدعى لفقدها وضياعها .
وفقه الصحابة ذلك من النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وطبقوه تطبيقا عمليًّا ، فكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) يقول : لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ، ويقول : اللهم ارزقنى ، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ، ولا فضة ، وأتى على قوم لا يعملون، فقال: من أنتم؟ فقالوا : نحن المتوكلون ، فقال : بل أنتم المتكلون ، المتوكل : رجل ألقى حبة فى بطن الأرض ، ثم توكل على ربه.
وقد رُوى أن أحد الناس خرج يومًا فى تجارة له فنزل إلى جانب بستان، فوجد طائرًا مهيض الجناح، وبينما هو ينظر إلى حاله وجد طائرًا آخر يأتيه بطعامه، قال : فعلمت أن رزقى سيأتينى حيثما كنت، فلما ذكر ذلك لأحد أصحابه، قال له : نعم، ولكن لماذا رضيت أن تكون الطائر الكسير مهيض الجناح ولم تسع لأن تكون الطائر الآخر الذى يسعى على نفسه وعلى غيره من ضعفاء بنى جنسه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى السَّائِلَة»، فلماذا لا يعمل كل منا على أن يكون اليد العليا لا اليد السفلى، وقد قالوا : أحسن إلى من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسِيرهُ .
وعلينا أن ندرك أن الناس لن تحترم ديننا ما لم نتفوق فى أمور دنيانا، فإذا تفوقنا فى أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا، وقد أمرنا ديننا الحنيف أن نأخذ بأسباب القوة، حيث يقول الحق سبحانه : «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ»، فرب العزة (عز وجل) يعطى من يأخذ بالأسباب مسلما كان أم غير مسلم، مؤمنا كان أم غير مؤمن .
على أن الفارق بين المؤمن وغير المؤمن فى قضية الأسباب والمسببات هو أن غير المؤمن قد يظن أن الأسباب تؤدى إلى المسببات بطبيعتها، والمؤمن يؤمن بأنها تؤدى إلى المسببات بإعمال الله عز وجل لها، وهو قادر على إعمالها وعدم إعمالها، كما عطل النار عن خاصية الإحراق فى شأن سيدنا إبراهيم (عليه السلام) ، وعطل السكين عن خاصية الذبح فى شأن سيدنا إسماعيل (عليه السلام)، وعطل الحوت عن هضم يونس (عليه السلام)، فلا ينبغى أن يغتر صاحب مال بماله كما فعل قارون ، عندما قال : «إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِى» فخسف الله (عز وجل) به وبداره الأرض ، ولا يغتر إنسان بعلمه أو جاهه أو صحته ، فكل ذلك عطاء من يملك المنح والمنع والإبقاء والنزع ، إنما علينا أن نأخذ بأقصى الأسباب ونفوض أمر النتائج لله عز وجل موقنين بأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ، حيث يقول سبحانه : «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا»، سواء أكان العمل متصلا بأمر معاشه ودنياه أم بأمر معاده وأخراه.
الأستاذ بجامعة الأزهر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر جامعة الأزهر صلى الله علیه وسلم حیث یقول عز وجل
إقرأ أيضاً:
دعاء يونس عليه السلام .. كلمات من القرآن تفرج الهموم
ورد دعاء يونس في القرآن الكريم، في سورة الأنبياء حيث قال سيدنا يونس عليه السلام : (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فجاءه الجواب من رب العزة (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ).
فضل دعاء يونسودعاء يونس -عليه السلام- الوارد في قول الله تعالى : فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ {الأنبياء:87} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ {الأنبياء:88}، دعاء عظيم الشأن، حيث ثبت أن النبي قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له.
كما أن من أفضل الأدعية التي يستحب ترديدها، ما قاله سيدنا يونس عليه السلام (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وعلينا ترديده في ظلمات الليل وفي أي وقت نكثر من هذا الدعاء، وعلينا أن نكثر من الاستغفار فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب، وأن نكثر من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم».
دعاء تفريج الهم-اللهم إني أعوذ بك من ضيق الصدر وشتات الأمر ومن العسر بعد اليسر ومن الهم والحزن لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين.
- اللهم إني أسألك توفيقا في طريقي وراحة في نفسي وتيسيرا لأمري ربي أعوذ بك من شتات الأمر ومس الضر وضيق الصدر. اللهم إني أسالك توفيقا في طريقي وراحة في نفسي وتيسيرا في أمري رب أعوذ بك من شتات الأمر ومس الضر وضيق الصدر.
- اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ. قَالَ وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ.
- اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.
-ورد عن أبي ذر -رضي الله عنه- أنه قال: (من قال في دُبُرِ صلاةِ الفجرِ، وهوَ ثانٍ رجلَيْهِ قبلَ أن يتكلَّمَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحمدُ، يُحيي ويُميتُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ. عشرَ مرَّاتٍ كُتِبَتْ لهُ عشرُ حسناتٍ، ومُحِيَ عنهُ عشرُ سَيئاتٍ، ورُفِعَ لهُ عشرُ درجاتٍ، وكان يومَهُ ذلكَ كلَّهُ في حِرْزٍ من كلِّ مكروهٍ، وحُرِسَ من الشَّيطانِ، ولَم ينبَغِ لذنبٍ أن يُدركَهُ في ذلكَ اليومِ إلَّا الشِّركُ باللهِ).
-اللهُمّ إني أعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ، وأعوذُ بكَ منَ العجزِ والكسلِ، وأعوذُ بكَ منَ الجُبنِ والبخلِ، وأعوذُ بكَ مِن غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرجالِ.