هذا العالم العربى البائس يتكون من دول قليلة جدا بالمفهوم السياسى والمعنى الحضارى و الباقى للاسف قبائل لها أعلام وليس ذلك من باب التجنى أوالافتئات وإنما يقره واقع الحال المرير فليس ببعيد إحداث ومآلات الربيع العربى فقد كان تعامل النظام الرسمى فى تونس ثم مصر حكيماً و ناضجاً بدرجة كبيرة حيث قدما المصلحة العليا للبلاد على مصلحة الحاكم وإالنظام فحين كان الوضع المأساوى فى ليبيا وسوريا مختلف اختلاف جذرى لاسيما بعد انتهاج سياسة التعاطى الخشن مع المتظاهرين السلمين فسالت انهار من دماء الأبرياء فى طرقات طرابلس و دمشق لتتطور الاحداث بسرعة جنونية الى مستنقع الحرب الأهلية العبثية لتنضم هاتين الدولتين الى القائمة السوداء من الدول العربية الفاشلة تسبقهما الصومال و اليمن و العراق
لكن تبقى الأزمة السورية عصية على الفهم فقد تخطت حدود الجنون فسوريا الآن ليست دولة فاشلة وحسب بل ليست دولة من الاساس حين سمح نظامها الطائفى المتمسك بشبح السلطة ان تكون سيادتها مستباحة لكل من هب و دب فسوريا الحزينة ترزح تحت أعجب احتلال اجنبى فى التاريخ فليس فيها بقعة صغيرة واحدة يستطيع النظام أن يفرض سيطرته عليها.
ففى نظرة بسيطة لخريطة بلاد الشام العريقة تجد الحضور الايرانى هو صاحب الانتشار العسكرى الأكبر مقارنة ببقية القوى الأجنبية الأخرى حيث تتملك طهران 52 قاعدة عسكرية، تنقسم إلى صنفين رئيسيين، الأولى تمركزا لميليشيات عراقية و أفغانية و باكستانية تُقاد بشكل مباشر من قِبل فيلق القدس التابع للحرس الثورى ، و مواقع اخرى تابعة لحزب الله اللبناني، تنتشر تلك القوات فى 14 محافظة سورية، اما الحليف الروسى فمواقعه عبارة عن 21 قاعدة منتشرة فى حماة،أ للاذقية، الحسكة، دمشق وطرطوس يقابل هذا النفوذ الايرانى الروسى الواسع نفوذ مضاد كبير للأتراك و معها التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة فالمواقع العسكرية التركية فى سورية عبارة عن 12 قاعدة، يقع غالبيتها فى محافظة حلب ،إدلب، الرقة والحسكة،
اما التحالف الدولى بقيادة الولايات المتّحدة فمواقعه عبارة عن 17 قاعدة، تتوزع فى محافظة الحسكة ، دير الزور ، الرقة و حمص.
لاشك أن طريقة التعامل الغشيم للنظام المتحنط منذ اندلاع الأزمة فى 2011، هيّأت الظروف لبزوغ عشرات الجماعات الجهادية التابعة لاستخبارات اقليمية ودولية والتى تنافست فيما بينها لبسط نفوذها على الساحة المضطربة حتى كانت الغلبة من نصيب هيئة تحرير الشام التى كان لها تاريخ طويل فى هذا الصراع المعقد وسرعان ما خدمتها الظروف لتصبح اليوم أقوى فصيل مسلح فى شمال غرب سوريا.
نشطت الهيئة تحت اسم جبهة النصرة، وقد جرى تشكيلها وتمويلها من جانب تنظيم الدولة الإسلامية.
انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة بأوامر اقليمية لأسباب شكلية تتعلق بسمعة تلك الدول التى من المفترض انها تحارب الارهاب لتندمج الجبهة مع فصائل محلية أخرى تحت اسم جديد و هو هيئة تحرير الشام و ذلك مطلع عام 2017، حظى تأسيس الكيان الجديد بمباركة ستة من رجال الدين البازرين فى سوريا من بينهم الداعية عبد الله المحيسنى ، ووقّع شيوخ آخرون على بيان منفصل أعلنوا فيه نيتهم الانضمام لتحرير الشام.ونجحت الهيئة فى السيطرة على معظم مناطق إدلب وتديرها من خلال «حكومة الإنقاذ السورية» لك الله يا سوريا الحبيبة
هنالك قاعدة منطقية معروفة تقول: ابحث دائما عن المستفيد من هذا التطور المفاجئ بغية إشعال الجبهة السورية الهادئة بتوافق روسى تركى منذ سنوات فمن ذا الذى يحتفظ بورقة المليشيات الأرهابية يخرجها وقتما يشاء و يقوم بتمويلها و تدريبها وإمدادها بالمعلومات الاستخباراتية ففى خلال ساعات قليلة تمكنت عن طريق مسيرات حديثة بالانقضاض على مواقع الجيش العربى السورى الذى للاسف لاذ بالفرار وترك وراءه معدات عسكرية و ذخيرة !! وبالتالى سيطرت الميليشيات المتطرفة على الطريق الدولى و المطار ومساحات واسعة من شمال غرب سوريا اهمها حلب ثانى أكبر المدن السورية وهى الان على أبواب حماة بوابة العاصمة دمشق و من ثما قادرة على تغيير النظام المنهار آهم بيدق فى رقعة الملالى ، بالتأكيد يقف الثالوث الشيطانيّ المكون من امريكا وتركيا و اسرائيل وراء ما يحدث فى سوريا ويحركون خيوط اللعبة من وراء الستار فقبل هذا الهجوم المباغت حذر نتنياهو بشكل صريح بشار الاسد من اللعب بالنار و ذلك عقب فشل لقاء اردوغان مع الأسد ، بالمناسبة هذا السيناريو الجارى فى سوريا هو ما كان مخططًا له فى سيناء لكن إلله لطف بعد ان قدر لها رجالًا بذلوا فى حماية سيادتها الغالى و النفس.
فى ظل العبث الدائر أكاد اسمع صوت الفنان توفيق الدقن و هو يقول الو يا ثوار .. الو يا أمم. قاتل الله الغباء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكومة الإنقاذ السورية الولايات المتحدة
إقرأ أيضاً:
المعارضة السورية تأمر مقاتليها بالانسحاب من المدن
قال مصدر مقرب من مقاتلي المعارضة السورية إن
قيادة قوات المعارضة أمرت مقاتليها بالانسحاب من المدن وبنشر وحدات
تابعة لهيئة تحرير الشام من الشرطة وقوات الأمن الداخلي.
أممياً ..عدّ مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن أن «هيئة تحرير الشام» التي قادت الهجوم الذي أدى إلى سقوط بشار الأسد «أرسلت حتى الآن رسائل إيجابية» إلى الشعب السوري.
وأضاف أن كثيراً من السوريين يأملون العودة إلى ديارهم، لكن الوضع المعيشي في سوريا لا يزال صعباً، مشيراً إلى أن «الاحتياجات الإنسانية في سوريا تتزايد، والمطلوب استجابة واسعة النطاق بصفة عاجلة».
كما دعا بيدرسن إسرائيل إلى وقف الضربات في سوريا؛ حيث أكدت إسرائيل، أنها دمّرت مستودعات عسكرية في الأيام الأخيرة. وقال بيدرسن، في مؤتمر صحافي في جنيف: «من المقلق جداً رؤية تحركات وضربات إسرائيلية على الأراضي السورية. يجب أن يتوقف