بوابة الوفد:
2025-02-19@22:06:11 GMT

صناعة القدوة فى مجتمعنا

تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT

فى زمن يعج بالتغيرات السريعة والتحديات الكبرى، تبدو قضية «صناعة القدوة» أكثر أهمية من أى وقت مضى، فمجتمعنا اليوم فى حاجة ماسة إلى شخصيات تُلهم الأجيال الجديدة وتوجههم نحو القيم النبيلة، والأخلاق السامية، والسعى الدؤوب لتحقيق النجاح الحقيقى.
لماذا نحتاج إلى القدوة؟
القدوة ليست مجرد شخصية مشهورة أو ناجحة، بل هى نموذج حى للسلوكيات والقيم التى نطمح أن نراها فى أنفسنا وفى أبنائنا، فالشباب اليوم يواجهون سيلاً من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعى، الذين «فى كثير من الأحيان» يروجون لقيم سطحية أو يساهمون فى نشر أنماط حياة بعيدة عن الأصالة والجوهر الحقيقى للحياة.


وبدلاً من أن يكون المعيار هو الشهرة أو المال، يجب أن تكون القدوة الحقيقية هى من تجمع بين القيم الأخلاقية الراسخة والإنجازات المثمرة، سواء فى مجال العلم، أو الفن، أو الرياضة، أو حتى فى الحياة اليومية العادية.
إذن من أين نبدأ؟
لا شك يعد التعليم عنصرا رئيسيا لصناعة القدوة، حيث يجب أن يبدأ زرع القيم من المدارس، فالمنظومة التعليمية ليست فقط لنقل المعرفة، بل لتشكيل شخصيات الطلاب، وغرس قيم الصدق، والاجتهاد، والإحساس بالمسئولية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال استضافة نماذج ناجحة من المجتمع للحديث مع الطلاب عن تجاربهم وإنجازاتهم.
الإعلام كذلك يتحمل دوراً رئيسياً فى تسليط الضوء على النماذج المشرفة فى مختلف المجالات، وبدلاً من التركيز على الإثارة والمحتوى السطحى، يمكن للإعلام أن يبرز قصص النجاح الحقيقى، مثل العلماء، والمبتكرين، والأشخاص الذين تحدوا الظروف ليحققوا إنجازات ترفع اسم مصر عالياً.
علينا أيضاً أن نعيد تعريف مفهوم «النجم» لدى الأجيال الجديدة، فليس كل مشهور قدوة، وليس كل ناجح يستحق المتابعة، ويجب أن ندفع بالشخصيات التى تمثل القيم الإيجابية إلى الواجهة، سواء كانوا أطباء أنقذوا حياة الناس، أو مدرسين غيّروا حياة طلابهم، أو عمالاً اجتهدوا ليبنوا مستقبلاً أفضل.
كذلك لا يجب أن نغفل أهمية دور الأسرة فهى أولى حلقات بناء القدوة، ويجب على الأهل أن يكونوا هم أنفسهم قدوة فى السلوك والأخلاق أمام أطفالهم، وكذلك يجب أن يشجع المجتمع كله السلوكيات الإيجابية ويحتفى بها.
ويأتى السؤال الأهم هو كيف نصنع القدوة؟
أولاً: عن طريق دعم البرامج التنموية والتدريبية، وعلى الدولة والقطاع الخاص أن يستثمرا فى برامج تدريبية تستهدف تطوير مهارات الشباب وتعليمهم كيفية السعى نحو التميز.
ثانياً: من خلال تسليط الضوء على قصص النجاح المحلية، حيث يجب أن تكون لدينا مبادرات وطنية لتوثيق ونشر قصص نجاح مصرية، لتصبح هذه القصص مصدر إلهام للأجيال القادمة.
ثالثاً: التكريم والتقدير، فلابد من منح الجوائز والتقدير للشخصيات التى تسهم فى بناء المجتمع بطريقة إيجابية، وإظهار هذه التكريمات بشكل علنى ليصبحوا مثالاً يُحتذى به.
وفى النهاية فإن صناعة القدوة ليست مسئولية فرد أو مؤسسة، بل هى مشروع قومى يحتاج إلى تكاتف الجميع: الدولة، والإعلام، والتعليم، والأسرة، وإننا إذا أردنا أن نرى جيلاً يحمل راية التغيير الإيجابى لمصر، فعلينا أن نبدأ اليوم بزرع القدوة فى حياتهم، لأن بناء المستقبل يبدأ بصناعة الإنسان.

إعلامى وكاتب مصرى

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: یجب أن

إقرأ أيضاً:

تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة

في المجتمعات التقليدية، كان التقدم لطلب الزواج، يُعتبر تصرفًا محمودًا، ودليلًا على الجدِّية والاستقرار، إلا أن بعض التغيرات الثقافية والاجتماعية الحديثة، أوجدت حالة من الرفض المتزايد لهذه العادة، بل وأصبحت تُفسَّر أحيانًا على أنها تصرف غير مقبول، قد يصل إلى حد اتهام الرجل بالتحرُّش. هذه الظاهرة، تستدعي دراسة متعمِّقة لفهم أسبابها، وتداعياتها على استقرار الأسرة والمجتمع.
في السابق، كان من الطبيعي أن يتقدم الرجل بطلب الزواج من الفتاة، سواء من خلال أسرتها أو بشكل مباشر، وكان يُنظر إلى ذلك بوصفه سلوكًا جادًا ينبع من رغبة في تأسيس حياة مستقرة. أما اليوم، فقد أصبح البعض يرى في أي تعبير صريح عن نية الزواج، تصرفًا غير لائق، مما يُصعّب من مهمة الرجال الجادين الذين يسعون إلى بناء أسر وفق القيم والتقاليد المتعارف عليها.
بعض الأفراد في المجتمع، بدأوا يخلطون بين قانون مكافحة التحرُّش وبين الممارسات الاجتماعية المشروعة مثل الخطوبة. لا شك أن وجود قانون صارم ضدّ التحرُّش، هو أمر ضروري لحماية الأفراد، وضمان بيئة آمنة، لكن إساءة استخدامه، أو تفسيره خارج نطاقه، يؤدي إلى تعطيل العلاقات الطبيعية بين الجنسين، ويؤثر سلبًا على تكوين الأسر.
وفقًا لدراسة نشرتها جامعة هارفارد (2022)، فإن المجتمعات التي تُقيّد المبادرات التقليدية للزواج، دون بدائل واضحة، تعاني من ارتفاع معدلات تأخر الزواج، ممَّا يترتب عليه آثار اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد.
يؤدي هذا التحول في المفاهيم إلى تقليل نسبة الزيجات المبنية على الصراحة والوضوح، حيث يُطلب من الرجل اليوم التريث والتعرف على الفتاة أولًا، انتظارًا لموافقتها على أخذ زمام المبادرة بنفسها. هذا النموذج قد لا يكون عمليًا في المجتمعات المحافظة التي تعتقد أن المبادرة في الزواج يجب أن تكون مسؤولية الرجل.
ووفقًا لتقرير مركز الدراسات الاجتماعية السعودي (2023)، فإن نسبة الشباب الذين يجدون صعوبة في التقدم للزواج، زادت بنسبة 30% خلال السنوات الخمس الماضية، بسبب مخاوفهم من تفسير نواياهم بشكل خاطئ.
من الضروري أن يكون هناك تدخل من الجهات الرسمية والهيئات الاجتماعية لمعالجة هذه الظاهرة، من خلال التوعية المجتمعية، وتوضيح الفرق بين المبادرات الجادة للزواج، وبين السلوكيات غير اللائقة.
كما يجب مراجعة مدى تأثير بعض القوانين المستحدثة لضمان عدم استخدامها بطرق غير صحيحة. إن استمرار هذا التحول في المفاهيم دون معالجته قد يؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج، ممَّا يضعف من تماسك المجتمع، ويؤثر على استقراره. لذا، فإن الحل يكمن في إيجاد توازن بين احترام القوانين وحماية الحقوق، وبين الحفاظ على العادات الاجتماعية التي تساهم في بناء أسر مستقرة.
على الجهات المعنية أن تبحث في أسباب انتشار هذه الأفكار، وتعمل على تعزيز الوعي حول الزواج كركيزة أساسية للمجتمع.

 

مقالات مشابهة

  • نائبة وزيرة التضامن تشهد فعاليات الحفل السنوي لمؤسسة "مصر بلا مرض للرعاية الصحية"
  • سامح قاسم يكتب: «روضة المحبين».. الحب بين الفقه والأدب.. ابن القيم يجمع قصص وأخبار العشاق وأشعارهم وحكمهم مع الحب
  • القيم.. مهمَّة الإِنقاذ
  • مدعوم من ترامب.. اليمني الأميركي أمير غالب يعلن ترشحه مجدداً لعمدة مدينة هامترامك
  • رؤساء الجامعات: مبادرة «الرواد الرقميون» تطور إمكانيات الخريجين.. وتقدم حلولا تكنولوجية تفيد المجتمع
  • ملتقى الإرشاد الاجتماعي يناقش تحديات غرس القيم التربوية للطلبة
  • التحرش بالأطفال والمراهنات والدارك ويب .. قضايا المجتمع بمسلسلات رمضان 2025
  • نقاد: مسلسل لام شمسية يستحق الترقب ووضعه على قائمة الأهم في رمضان 2025
  • ندوة للنيل للإعلام وجامعة الفيوم لمناقشة "تأثير الحروب الجديدة على الشباب".. صور
  • تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة