محمود الجارحي يكتب: حكاية «مرام» مدرسة التجمع الخامس المقتولة على يد زوجها
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
«جريمة التجمع الخامس.. كارثة من أرض الواقع.. مليئة بالأحداث»، فالتحقيقات أدانت رجل أعمال متورط في قتل زوجته، وإنهاء حياتها بطريقة بشعة، موضحة أن الزوج المشتبه فيه تعدى عليها بالضرب «المبرح»، وتركها فى حالة إعياء عدة أيام في المنزل، وبعد ذلك نقلها إلى أحد المستشفيات، لتلفظ الضحية أنفاسها الأخيرة داخله.
الزوجة الضحية تدعى «مرام»، 31 سنة، كانت تعمل مدرسة في إحدى المدارس الخاصة بمنطقة التجمع الخامس، لديها طفلتان من زوج سابق، وتزوجت من المشتبه به منذ عام، ووقعت بينها مشادة كلامية تحولت إلى تشابك بالأيدي، تعدى خلالها الزوج بالضرب عليها فأصابها بجروح حول الرقبة وكدمات متفرقةفي جسدها، وكان سبب الوفاة هو هبوط حاد في الدورة الدموية نتيجة نزيف داخلي إثر التعدي عليها بالضرب، هذا ما جاء على لسان أسرتها، والتقرير الطبي الذي أعده التقرير المشرف على حالة الضحية.
مرام بين يدي الله.. لم يشهد أحد على قتلها على يد زوجها.. الشاهد الوحيد.. هو مسرح الجريمة.. مكان أصم لا ينطق أبداً.. لكنه يعطيك عين من الأدلة.. بصمات.. آثار دماء لضحية على الحائط في شقة الزوجية التي تقع في منطقة التجمع الخامس شرق محافظة القاهرة.. أدلة تدين الزوج المشتبه فيه وتؤكد ارتكابه لواقعة التعدي بالضرب على زوجته - الضحية - الذي تسبب في وفاتها.. هكذا سجلت جهات التحقيقات الملاحظات الخاصة بمسرح الجريمة، أثناء المعاينة عقب الانتهاء من مناظر جثمان الضحية في المستشفى، وقررت آنذاك عرضه على الطب الشرعي لتشريحه لبيان أسباب الوفاة.
ملف القضية الذي يحتوي على بلاغ حررته أسرة الضحية مرام يوم السبت الماضي.. تتهم زوجها بالتسبب في إزهاق حياتها.. وأيضًا تحريات المباحث التي تؤكد بأن هناك مشاجرة وقعت بين الزوج المشتبه فيه وزوجته وتسبب في إصابتها قبل وفاتها.. وتقرير المستشفى الخاص بالضحية الذي يشير إلى أن هناك كدمات وجروح حول الرقبة تشير إلى آثار خنق.. تم إرساله إلى جهات التحقيق.. وكان معه أيضًا الزوج المشتبه فيه كان مكبل اليدين وسط حراسة أمنية مشددة.. وتم عرضه على المحقق.
وجاء في التحقيقات أن الزوج اعترف بارتكاب جريمته، وبرر قائلًا: «إنه لم يقصد قتل زوجته.. وأن مشاجرة وقعت بينهما.. وتعدى عليها بالضرب.. وتركها في المنزل عدة أيام وحاول إسعافها وبعد فشله في ذلك وبعد أن شاهد تدهور حالتها الصحية.. نقلها إلى المستشفى ولفظت أنفاسها الأخيرة فيها».
وعقب ذلك قررت جهات التحقيق حبس الزوج المشتبه فيه لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات وطلبت تحريات المباحث النهائية بشأن الواقعة، وتقرير الطب الشرعي الخاص بالضحية لبيان أسباب الوفاة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مدرسة التجمع الخامس الداخلية حادثة مقتل مدرسة التجمع الخامس
إقرأ أيضاً:
محمود حامد يكتب: مصطفى بيومى.. الحاضر دومًا رغم الرحيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قمة سعادته حين يجلس مع الشباب وينصت إليهم باهتمام وهم يطرحون أفكارهم ويعتبرهم "المخزون الأساسى" لمؤسسة "البوابة"
امتلك من الإصرار والعزيمة ما يفوق أى احتمال.. ولعل هذا هو الذى جعلنا نتمتع بكل ما أمد به المكتبة العربية من إنتاج متنوع فى مجالات عديدة.
أحاول الكتابة عن مصطفى بيومى، فتتملكنى رهبةٌ شديدة.. لم أتخيل أن يأتى يومٌ من الأيام لأجد نفسى أنعيه وهو الحاضر دومًا رغم الرحيل.. كيف أنعى هذا الصوفى المتعبد فى محراب الأدب حتى النهاية؟.. عندما زرته فى مرضه الأخير بصحبة مجموعة من الأصدقاء، أخبرته بأننا نجهز لإصدار العدد الخاص عن يحيى حقى حسبما طلب قبل فترة، فإذا به يحاول أن يتحدث عن رؤيته للعدد مشيرًا إلى كتابه الذى صدر للتو عن "المسكوت عنه فى أدب يحيى حقى".. كان يتحدث بصعوبة وبصوتٍ واهن أنهكه المرض حتى أنى أشفقت عليه فرجوته أن يتوقف عن الكلام وأن يطمئن "سوف يصدر العدد بالشكل الذى يليق وفق ما تصورت فى تخطيطنا للعدد".
نعم، كان مصطفى بيومى الركن الأساسى فى التخطيط للأعداد الخاصة منذ انطلقت فى إصدارها الأول، وكان من أشد الحريصين على ضرورة إشراك الشباب الواعد والمتميز فى التخطيط لتلك الأعداد وليس مجرد المشاركة بالكتابة فيها.. كنت أراه فى قمة سعادته حين يجلس مع الشباب وينصت إليهم باهتمام وهم يطرحون أفكارهم ويعتبرهم "المخزون الأساسى" لمؤسسة "البوابة".. دائمًا تراه يتحدث بصوتٍ خفيض وذهن مرتب، يوضح رأيه فيما يتحدث عنه فى نقاط محددة ومركزة، فيساعدك على فهم ما التبس عليك بسرعة غير عادية.. إنه يمتلك، مثل بطل روايته «إنسان»، حسًا صوفيًا للإنسان الذى يمنح تسامحه وسلامه لجميع المتصارعين والانتهازيين والباحثين عن غنائم فى الحياة.
ومثلما كان معنا دائمًا فى كل الأعداد الخاصة، نقدم له هذا العدد الخاص باقة حب لا ينتهى لمن علمنا الكثير فى طريق العمل والحياة.
أستعيد شريط السنوات الأخيرة، كى أتذكر بعضًا من المواقف.. فى أحد الأيام، طلب أن يلتقى بقسم الثقافة فى مؤسسة «البوابة».. أبلغتهم برغبته فكانت فرحتهم عارمة وإن شابها بعض التخوف والرهبة من الجلوس فى حضرة الأستاذ.. وكان اليوم الموعود ودار نقاش ثرى بينه وبينهم، قال لى بعده: «الولاد ممتازين وفاهمين شغلهم كويس».. أما الزملاء فقال معظمهم: تعلمنا من هذه الجلسة دروسًا توازى ما تعلمناه طوال سنوات الدراسة.. لم يبالغ أى زميل من الزملاء فيما ذهب إليه، ذلك أن الدروس التى يمكن أن نتعلمها جميعًا من مصطفى بيومى كثيرة ومتعددة لمن شاء أن يتعلم.
أول هذه الدروس: حسن إدارة الوقت واستثماره فيما يفيد النفس والبشر عامةً، وكان هو كذلك ومازال.. يجيد ترتيب وقته بدقة متناهية.. ويوزعه بطريقة محكمة بين القراءة والكتابة ولقاء الأصدقاء والتواصل مع تلاميذه والتمتع بوقتٍ طيب مع أولاده وأحفاده.
ثانى هذه الدروس: التواضع المتناهى.. رغم كل إنتاجه الراقى والغزير، يتكلم معك بكل أريحية ولا يعرف لغة التعالى على البشر، وليس للضغينة مكان فى قلبه وهو العاشق لكل البشر، كبيرهم وصغيرهم.
ويرتبط بذلك الدرس الثالث: لا يبخل بوقته على طالب علم أو نصيحة، بل قد يتصل بصاحب موهبة معينة فى الأدب أو الفن أو غيرهما، ليشد من أزره ويشيد بأعماله، أو يتصل بآخر ليبلغه رؤيته النقدية فى عمل من أعماله بأسلوب يجعل المتلقى ممتنًا له نصائحه الثمينة.
أما الدرس الرابع فيمكن أن نطلق عليه «الإصرار».. فنحن إزاء رجل لديه من الإصرار والعزيمة ما يفوق أى احتمال، ولعل هذا الإصرار هو الذى جعلنا نتمتع بكل ما أمد به المكتبة العربية من إنتاج متنوع فى مجالات عديدة.. إن إصرار مصطفى بيومى رسالة ضمنية لكنها واضحة لكل الأجيال: اصنع مستقبلك بإصرارك، حقق حلمك بعزيمة لا تلين مهما كانت الصعاب، لا تلتفت إلى الوراء ولا تشغل بالك بالصغائر واهتم بمشروعك الذى تريد له أن يتحقق.
كل هذه الدروس أو الملامح الأساسية لمصطفى بيومى، هى سر عبقريته المتدفقة فى أكثر من مجال.. كاتب صحفى، ناقد أدبى، ناقد فنى، شاعر، روائى، مؤلف ترجمات عن شخصيات عديدة.. وغير ذلك من إبداعاته التى تضعه بلا مبالغة فى خانة الموسوعيين، وهى خانة لا يتواجد بها إلا النذر اليسير على مستوى العالم.
يقول نيكوس كازانتزاكيس: «هل تعرف ما معنى أن يعيش الإنسان؟ معناه أن يشمر ساعديه ويبحث عن المتاعب».. واستطاع مصطفى بيومى أن يستوعب ما يرمى إليه الفيلسوف اليونانى، فتحقق بالفعل رغم أية متاعب، طالما امتلك الإصرار والتحدى.. لكن مصطفى رحل فى لحظة كنا نتمنى جميعًا أن يظل بيننا ينشر بين البشر الحب والخير والنماء، إلا أن أمثاله وهم قليلون يبقون أحياءًا ما بقيت على الأرض حياة.