تعزيز الهوية الوطنية ودعم منظومة القيم ندوة بتربية نوعية عين شمس
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
عقدت كلية التربية النوعية في جامعة عين شمس ندوة بعنوان تعزيز الهوية الوطنية ودعم منظومة القيم والأخلاق.
جاء ذلك فى إطار المبادرة الرئاسية (بداية جديدة لبناء إنسان ) وضمن سلسلة الندوات التوعوية التى ينظمها قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة عين شمس بالتعاون مع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.
وأقيمت الندوة تحت رعاية الدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس جامعة عين شمس، والدكتورة غادة فاروق نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور أسامة السيد عميد الكلية، وإشراف الدكتور محمد فرج وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
جهود جامعة عين شمس في نشر الوعي الثقافيأوضح الدكتور أسامة السيد أن الندوة تأتى ضمن جهود جامعة عين شمس للمشاركة الفعالة في بناء ونشر الوعي الثقافي والفكرى بين طلابها، مشيرا إلى أهمية التعليم الجامعي فى تشكيل وعى الشباب ، ومساهمته في المحافظة على تنمية الهوية الوطنية والمجتمعية لديهم .
حاضر في الندوة الدكتور محمد قنديل عضو مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية بمشيخة الأزهر الشريف ، حيث تناول مجموعة من المفاهيم الصحيحة للهوية الوطنية، وكيفية الحفاظ عليها، مؤكدا على كون الأسرة هي النواة لهذه الهوية ودورها فى تنمية الأخلاق والقيم .
ولفت إلى دور الأزهر المؤثر فى المجتمع المصرى والحفاظ على تعزيز الإنتماء الوطني لدى الشباب، وكيفية التصدي للشائعات والأفكار المغلوطة، وتوجيه الشباب نحو استقاء المعلومات من مصادر موثوقة، ومحاربة الأفكار المتطرفة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عين شمس جامعة عين شمس التربية النوعية كلية التربية النوعية القيم الهوية الوطنية جامعة عین شمس
إقرأ أيضاً:
سوريا.. الرهان على الهوية الوطنية للخروج من الأزمة
«الأوطان الخالية من العصبيَّات يسهل تمهيد الدَّولة فيها، ويكون سلطانها وازعا لِقلّة الهرج والانتقاض، ولا تحتاج الدّولة فيها إلى كثير من العصبيَّة كما هو الشّأن في مصر والشّام لهذا العهد إذ هي خلو من القبائل والعصبيّات..».
ــ ابن خلدون، المقدمة (الفصل التاسع،ص 207)
إن ما من تحد سياسي إلا وهو تعبير عن حالٍ أكثر تعقيدا في المجتمع، وكون السياسة في أصلها عمليات متقنة تشتغل أكثر على ترويض الإنسان ، فإنها لا تقوم بأكثر من التحقق من سلامة سداد العلاقات بين البنى الاجتماعية بحيث لا تتعدى إحداها على الأخرى إلا بالقدر الذي توفره أشغال التفاعل الموفر لكل إمكان فيها بالاتصال بعناصر أخرى تتشابه وتتشابك فيه، وكل هذا لتحقيق الهدف الأسمى من فكرة السلطة، وهو حفظ التوازن الاجتماعي والإبقاء على العناصر المتوترة فيه قيد النظر ومحل المراقبة والتشديد لصالح الاستقطاب والتضمين.
إن الطريقة التي تدار بها المجتمعات تظل محاولة لتلخيص الجدل حول بناء مجازات عليا للساكنة والجغرافيا، وبذا فإن محاولة فهم ما يكتنف ظاهرة الدولة لا ينبغي فيها التوقف عند السطح بل هو خوض أمين في دقائق التشكل المستمر والتكون المتخلق. ومقالتنا هذه لا تطمح إلا إلى لفت الانتباه إلى سؤال جوهري ينبغي أن تجيب عنه القوى السياسية التي تتصدر المشهد السوري الآن، وهو: كيف يمكن الحفاظ على التنوع الثقافي والديني مع استثماره لصالح دولة وطنية ناجحة؟!..
إن سوريا معرض ثقافي (أكراد ودروز ومسيحيون وأيزديون وعرب...إلخ) وهذه هي عناصر قوة المجتمع السوري، فالمجتمعات ذات الإثنية الواحدة هي الأكثر عرضة للتنازع على عكس ما يشاع ويفهم في سياق الاجتماع السياسي، فبلد مثل الصومال يتكون من إثنية واحدة شهد صراعات طاحنة رغم وحدة الهوية، وكثيرا ما يشير علماء الاجتماع السياسي إلى أن الدولة الحديثة والتي تكون اجتماع إثنيات وقوميات ومذاهب متعددة فإن فرصها في تحقيق الهوية الوطنية وترسيخ فكرة الدولة/القانون أكبر بكثير من تلك التي يعكس مظهرها الخارجي وحدة في العرق والدين ما يصنع الظن بسهولة تركيب مؤسسات الدولة عليها، ولذا فإن القيام بإصلاح المؤسسة (=الدولة) في الحالة السورية يحتاج في المقام الأول إلى تحسين فهم التنوع الثقافي بأشكاله كافة، ومن ثم الارتفاع بالقانون إلى تسميد فضاء الدولة ناحية عمليات من استيعاب إيجابي لمجمل هذا التنوع، ولا نقصد فقط عمليات التمثيل التي تلجأ إليها بعض الأنظمة بمنح بعض الإثنيات تمثيلاً في جهاز الدولة التنفيذي، فهذا الأمر ينبغي أن يكون نتيجة لا مقدمة لصناعة الهوية العامة، فالبداية أن يتأسس في وعي المناط بهم عمليات الإصلاح الاعتراف بالتنوع الثقافي ومن ثم الكشف عن علائق هذا التنوع والصلة التي تنشأ بين مجمل الأشكال الثقافية، فليس من خادش للوعي أكثر من الاعتقاد بقيام التمييز على أسس من اختلاف، بل الأجدى أن يفهم أن الاختلاف العرقي والثقافي لا يستطيع العيش منفردا بل هو نتيجة منطقية لعُرى من اتصال كشف عنها بقاء هذه التكوينات حاضرة وفاعلة مع مثيلاتها في جغرافية سياسية واحدة، وهنا فالتنوع لا تتصف عناصره بالبقاء وحيدة بل تحصل كل بنية ثقافية في المجتمع على خصوصيتها من تلقاء تماثلها مع المجموع لا التحليق في سربها الخاص.
وسوريا التي عاشت في خصام مع إدارة التنوع، كلفت إنسانها فواتير باهظة دفعها من حاضره وقد يظل عيش سُعارها في مستقبله، وهو أن الاستسلام لفرضية تسييد بنية اجتماعية واحدة بالقهر طمعا في عائدات من استقرار سياسي، وهذه فرضية أثبتت فشلها في غالب التجارب العربية، فالرهان على الاستقرار يُشترط فيه أن يقوم على بناء توافقات بين البنى ، وهي توافقات لا تقوم على تنسيب تضميني، ولا تخضع لترميز تضليلي إذ يُعتقد أنه يكفي منح أبناء المناطق مناصب في الدولة، وكراسي في البرلمان وبذلك يتحقق التوازن وتنتفي أشكال التهميش، وهذا عين الخطأ الذي يقع فيه الكثير من المشتغلين بالتنظير في السياسة، ذلك أن صناعة الدولة الحديثة تقوم في جوهرها بالحفاظ على هذه البنى وحقوقها الثقافية قبل حقوقها السياسية، حقوقها في استخدام لغتها في حدود ما تملك هذه اللغة من قدرة على تحقيق وجودها العام، ولا يقولن قائل بأن الدعوة إلى تمكين الجماعات الثقافية من لغاتها هو الطريق إلى تفتيت البنية الأم، فالحقيقة أن استخدام اللغات المحلية عند الجماعات الثقافية يوفر لها حقا معنويا لا يُمْكِنُها إلا من تمتين ذاكرتها الوجدانية فقط، ومن ثم تجهيزها الدخول في فضاء اللغة الوطنية، وهو تجهيز مُعَزِزْ لها لتحفظ نفسها من الاستنتساخ القهري، ما يمكنها التأهل للاحتفال الثقافي العام في دولتها الوطنية.
إن التحدي أمام سوريا تحد ثقافي قبل أن يكون سياسيا، وهو أن تعي السلطة الجديدة أن قوتها في تنوعها، وأنها تؤذي نفسها إن تنكرت لهذا التنوع، والذي يجب أن تفهمه أيضا أنها إن أرادت أن تنتقل بهذا البلد العظيم من ذاكرة التوحش والعنف إلى الاستقرار السياسي فإن أية عملية إقصاء أو تضليل في الاعتراف بالحقوق الثقافية لأبنائها يعني أنها تكرر مأساتها، فما آذى دولنا العربية إلا انخراطها المحموم نحو الأيديولوجيا أيًّا كان صنفها الذي تقتات عليه في أمسياتها الحرجة، فليست سوريا بحاجة إلى أيديولوجيا تقوم على أي شكل من أشكال الانغلاق المذهبي أو الثقافي، إنها بحاجة إلى شيء واحد، هو الإيمان بشعبها إيمانا ينطلق من الاعتراف بالحق الثقافي في البقاء سوريًّا قبل كل شيء آخر..
إن دعواتنا لسوريا بالشفاء من جرحها الغائر، والذي لن تتعافى منه إن لم تبصر ذاتها الوطنية قبل القومية، تبصرها في مرآة متعددة الانعكاس حتى تتعرف على وجوهها وأن تحرك شفاهها بصوت واحد.. سوريا للجميع.