الرئاسة التركية: أردوغان أبلغ غوتيريش أن مرحلة جديدة تتم إدارتها بهدوء في سوريا
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محادثات هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال انعقاد اجتماع مجلس الأمن القومي التركي.
وأشارت الرئاسة التركية في بيان لها إلى أنه تمت خلال اللقاء مناقشة القضايا الحرجة الإقليمية والعالمية.
وأضاف البيان: "خلال اللقاء أكد أردوغان أن الصراع السوري قد وصل إلى مرحلة جديدة يتم إدارته فيها بهدوء، وأن تركيا تتمنى ألا تشهد سوريا قدرا أكبر من عدم الاستقرار، وألا تتسبب في وقوع خسائر في صفوف المدنيين".
وذكر أردوغان أنه في هذه المرحلة "يجب على النظام السوري مشاركة شعبه بشكل عاجل من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل".
وتابع أردوغان: "إن تركيا تبذل جهودا، لتقليل التوترات وحماية المدنيين وتمهيد الطريق للعملية السياسية وستواصل القيام بذلك".
وفي وقت سابق، أكد الرئيس التركي أن أنقرة تدعم وحدة وسيادة الدولة السورية، موضحا أنه سيتخذ التدابير والإجراءات الاحتياطية اللازمة.
وأعرب عن أمله بإنهاء حالة عدم الاستقرار في سوريا عبر اتفاق يتماشى مع المطالب المشروعة للشعب السوري.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: اجتماع مجلس الأمن القومي الأمين العام للأمم المتحدة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الصراع السوري
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: مثلث التوترات (إسرائيل - سوريا - تركيا)
الرسالة واضحة: إسرائيل لا تريد تركيا كجار في سوريا ما بعد الحرب
ما يحدث في سوريا ليس مجرد إعادة تشكيل للديناميكيات الداخلية للبلاد، بل يكشف عن صراع أعمق في الرؤى بين تركيا وإسرائيل، وجهات النظر متباعدة للغاية في تصورهما لمستقبل سوريا.
بينما تدعو إسرائيل إلى هيكل فيدرالي مجزأ يُعلي من شأن الأقليات مثل الأكراد والدروز، تدعم تركيا دولة سورية موحدة بحكومة مركزية قوية، قادرة على السعي لتحقيق أجندة شاملة لجميع مواطنيها.
فكرة دعم تركيا لسوريا موحدة تعدي الإجراءات الدبلوماسية الشكلية، بل يمثل ضرورة استراتيجية واضحة، فمع تبني الحكومة الانتقالية نهجًا أكثر شمولية تجاه الأقليات، رفضت إسرائيل هذه المبادرات إلى حد كبير، وصوّرت نفسها على أنها "الوصي الفعلي" على جماعات مثل الأكراد والدروز.
في ظل هذه الخلفية، تُمثل خطوات المصالحة الأخيرة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب والنظام السوري نقطة تحول مهمة، فرغم ترددها الظاهر، إلا أن هذه الخطوة كانت ضرورة استراتيجية لقوات سوريا الديمقراطية في ضوء الانسحاب الأمريكي من سوريا. والأهم من ذلك هو انحياز حزب العمال الكردستاني الواضح لدعوة أوجلان لنزع سلاحه، مما قد يُشير إلى بداية النهاية لصراع لطالما أثقل كاهل تركيا.
مع تزايد الاستقرار وتحسن المشهد الأمني، تهدف تركيا إلى تدريب جيش البلاد المُعاد هيكلته، مُشيرةً إلى موقف استباقي ضد أي عودة لداعش أو تهديدات مماثلة، لكن بالنسبة لإسرائيل، يُعد وجود تركيا الديناميكية والحازمة في الجوار تطورًا غير مرغوب فيه.
قد يُفسر هذا سبب استهداف الغارات الجوية الإسرائيلية - التي يُزعم أنها تستهدف بقايا ذخائر النظام - مؤخرًا للطرق والبنية التحتية بالقرب من قاعدة T4 الجوية، حيث تخطط تركيا لإقامة وجود عسكري.
مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تركيا أيضًا لا ترغب في رؤية إسرائيل المُزعزعة للاستقرار تُوسّع نطاق وجودها العسكري في المنطقة، لم يكن الاتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من مطار T4 عملًا إكراهيًا، بل كان نتاجًا لموافقة متبادلة بين أنقرة والإدارة السورية الجديدة.
بالنسبة لإسرائيل، لا يزال شعار "التهديد الأمني" المألوف يُشكّل درعًا مناسبًا لسياساتها التوسعية، فمن احتلالها طويل الأمد لمرتفعات الجولان إلى ضرباتها المتواصلة خارج الحدود، استخدمت إسرائيل لغة إدراك التهديد لتبرير الوضع الراهن الذي يُشبه بشكل متزايد تجاوزًا استراتيجيًا.
من جانبها، تبدو الولايات المتحدة حذرة من التصعيد، قبل توليه منصبه بوقت طويل، حذّر دونالد ترامب من توريط أمريكا في صراع آخر في الشرق الأوسط.
وقد تجلى هذا الحذر جليًا خلال اجتماع متوتر بشكل واضح مع نتنياهو في البيت الأبيض، وقد كشفت الأجواء التي تلت الاجتماع عن كل شيء: رئيس وزراء إسرائيلي كئيب، مُحبط من إحجام واشنطن عن إعطاء الضوء الأخضر لجبهة أخرى.
تُمثّل المحادثات الأخيرة بين المسؤولين الأتراك والإسرائيليين في أذربيجان خطوة دبلوماسية حاسمة - خطوة صُممت لتجنب صدام مباشر في سوريا، ويكمن في جوهر أي اختراق محتمل مبدأ بسيط: الاعتراف المتبادل بشرعية الإدارة السورية الجديدة وتخفيف العقوبات، فدون هذا الأساس، يبقى كل شيء مجرد هراء.
بالنسبة لأنقرة، الطريق إلى الأمام واضح.. فقد عززت بالفعل اعترافها الدبلوماسي، وبنت علاقات مؤسسية، وأقامت شراكة أمنية متجذرة في الاستقرار الإقليمي.
لا تحتاج تركيا إلى بذل المزيد من الجهد، فقد قامت بالفعل بالجزء الأكبر من العمل، ويبدو أن واشنطن توافق على ذلك، فقد أقرّ المسؤولون الأمريكيون صراحةً بأن أي خارطة طريق جادة بشأن سوريا تمر عبر أنقرة.
لا يزال الانزعاج قائمًا في واشنطن، وخاصةً بين صانعي السياسات في عهد ترامب، إزاء إدراج أفراد يصفونهم بـ "الجهاديين السابقين" في الحكومة الانتقالية السورية… لكن هذه التسميات تبدو جوفاء، وهي صادرة عن مؤسسة سياسية لطالما دعمت الإرهابيين والجهات الفاعلة العنيفة، بدءًا من عملاء مناهضي كاسترو وقوات الكونترا في نيكاراغوا، وصولًا إلى لوس بيبس في كولومبيا ووحدات حماية الشعب في سوريا.
ولا يمكن للخطاب أن يخفي نفاق الاستناد الانتقائي إلى المعايير الأخلاقية عندما يخدم ذلك المصالح الجيوسياسية.
في الوقت الحالي، تُقدم القنوات الدبلوماسية المفتوحة إشارة مُطمئنة: إن المواجهة العسكرية المباشرة بين تركيا وإسرائيل ليست وشيكة… لكن صمود هذا الضبط يعتمد على تل أبيب أكثر منه على أنقرة.
إذا كان من المُحتمل أن يُحوّل أي طرف الوضع نحو التصعيد، فهو "إسرائيل"، بتاريخها الحافل بالسياسات التوسعية والاستفزازات بدافع الاحتلال.
في غضون ذلك، ترسم تركيا مسارًا مختلفًا - مسارًا يهدف إلى الاستقرار ومكافحة الإرهاب وإعادة الاندماج الإقليمي، لكن خطوطها الحمراء واضحة، إذا بدأ عدم الاستقرار في سوريا بالتصاعد مرة أخرى، وخاصةً من قِبل جهات تُقوّض البنية الأمنية لتركيا، فلن تبقى أنقرة مكتوفة الأيدي.