بسبب رئيس الحكومة.. اجتماعات متتالية لماكرون والمعارضة تدعوه للاستقالة
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اجتماعات مع زعماء البرلمان ومجلس الشيوخ قبل إلقاء خطاب إلى الأمة مساء اليوم الخميس، مع تزايد الضغوط عليه لتعيين رئيس وزراء جديد بسرعة في أعقاب الانهيار التاريخي للحكومة الفرنسية، بينما دعت المعارضة الرئيس الفرنسي إلى تقديم استقالته.
ائتلاف بارنييه أول ائتلاف يطاح به منذ 60 عاماوبحسب موقع صحيفة «الجارديان»، فإن رئيس الوزراء اليميني ميشيل بارنييه التقى ماكرون لمدة ساعة فقط من أجل تسليم خطاب استقالته، ليصبح أول ائتلاف يُطاح به من خلال التصويت بحجب الثقة منذ أكثر من 60 عامًا وبعد ثلاثة أشهر فقط من توليه السلطة.
ومع دخول فرنسا فترة من الاضطرابات السياسية، أصدر قصر الإليزيه بيانًا يفيد بقبول استقالة بارنييه، وقال القصر، إن حكومة بارنييه ستتعامل مع القضايا اليومية الحالية حتى يتم تعيين حكومة جديدة.
فرانسوا بايرو رئيسا للحكومة بدلا من بارنييهوتناول ماكرون الغداء مع فرانسوا بايرو، الحليف الوثيق والسياسي الوسطي المخضرم، وسط تكهنات حول من يمكن أن يحل محل بارنييه لتولي المهمة الصعبة المتمثلة في قيادة حكومة أقلية في برلمان منقسم بشدة.
وقال قصر الإليزيه، إن ماكرون سيتوجه بكلمة متلفزة إلى الأمة في الساعة الثامنة مساء الخميس، بتوقيت باريس.
والتقت يائيل براون بيفيه، رئيسة الجمعية الوطنية وعضو حزب ماكرون الوسطي، بماكرون يوم الخميس وحثته على التحرك بسرعة.
وقالت براون بيفيه لإذاعة فرانس إنتر: «يجب ألا يكون هناك أي تردد سياسي» وأضافت أنه يجب تعيين رئيس وزراء جديد بسرعة: «نحن بحاجة إلى زعيم يمكنه التحدث إلى الجميع والعمل على تمرير مشروع قانون ميزانية جديد».
وقال بارنييه في خطابه الأخير، إن اقتراح حجب الثقة عن حكومته من شأنه أن يجعل كل شيء أكثر خطورة وأكثر صعوبة.
لم يحصل أي حزب على الأغلبية ولكن اليمين المتطرف يحمل مفتاح الحكومةويأتي خروج بارنييه القسري بعد انتخابات برلمانية مبكرة هذا الصيف، أسفرت عن برلمان معلق دون حصول أي حزب على الأغلبية الإجمالية، بينما كان اليمين المتطرف يحمل مفتاح بقاء الحكومة.
تستمر ولاية ماكرون في منصبه حتى ربيع عام 2027، وقد دعاه بعض خصومه وإن لم يكن جميعهم إلى الاستقالة وقد تجاهل أي حديث عن الاستقالة.
وجاء اقتراح حجب الثقة، الذي قدمه تحالف يساري في الجمعية الوطنية، وسط مواجهة بشأن ميزانية العام المقبل، بعد أن أجبر رئيس الوزراء يوم الاثنين على تمرير مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي دون تصويت.
وبفضل الدعم الحاسم من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، صوتت أغلبية 331 نائبا من أصل 577 نائبا في البرلمان لصالح الإطاحة بالحكومة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ماكرون إيمانويل ماكرون الحكومة الفرنسية البرلمان الفرنسي
إقرأ أيضاً:
هل سيُترك لرئيس الجمهورية حرية اختيار رئيس الحكومة؟
ذكرتني جلسة 9 كانون الثاني من العام 2025 بجلسة 23 آبمن العام 1982. فالرئيس جوزاف عون آتٍ من خلفية عسكرية، وكذلك بشير الجميل، مع فارق بأن الأول كان قائًدا للمؤسسة العسكرية فيما الثاني كان قائدًا عسكريًا لـ "القوات اللبنانية". العماد عون انتخب رئيسًا للجمهورية بعد حرب مدّمرة شنتها إسرائيل على لبنان. والرئيس الجميل انتخب بعدما اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان ووصلت إلى عاصمته. الأول أقسم اليمين الدستورية فيما الثاني استشهد قبل أن يقسم هذا اليمين. ولو أتيح للشيخ بشير الجميل من إلقاء خطاب القسم لجاء مشابهًا بروحيته وعناوينه العريضة لخطاب قسم الرئيس عون.
فانتخاب كل من الرئيسين ترك ارتياحًا شعبيًا واسعًا، وترحيبًا دوليًا غير مسبوق. وبهذه الشعبية دخل الرئيس عون إلى قصر بعبدا، الذي لم يستطع الشيخ بشير الدخول إليه فكان قدره الاستشهاد، وبقي ذكره مؤبدًا. ففي انتخابات 9 كانون الثاني و23 آب كان الأمل بخلاص قريب هو القاسم المشترك بين هذين التاريخين، وإن باعدت بينهما 43 سنة لم يتغير الشيء الكثير في لبنان، الذي كان يعاني من الأزمات ذاتها التي يعانيها اليوم.
ففي خطاب قسم 9 كانون الثاني الكثير من النقاط المشتركة، التي كان يتضمنها خطاب قسم الرئيس الجميل، الذي بقي ملكًا لمن أعدّه من مستشارين. أمّا خطاب قسم الرئيس عون فقد أصبح ملك جميع اللبنانيين، الذين تلقوه بكثير من الفرح والأمل. وقد يصلح هذا الخطاب المعّد بحرفية متناهية لأن يكون أساسًا للبيان الوزاري لحكومة العهد الأولى، خصوصًا إذا تمّ تكليف رئيس تتلاقى تطلعاته مع تطلعات الرئيس عون، وتتشابه نظرتهما إلى الطريقة التي ستتم بها إدارة البلاد بنفس جديد وروحية متجدّدة، خصوصًا إذا كانا سيلتقيان حتمًا عند مفترق طريق واحد، وذلك استنادًا إلى ما كان بينهما من قواسم مشتركة في المعالجات السياسية والعسكرية.
فالاستشارات النيابية الملزمة التي أقرّتها وثيقة الطائف قد تبدو مجحفة في حق كل من رئيس الجمهورية والرئيس الذي يكّلف بنتيجة هذه الاستشارات تشكيل الحكومة. وسبب هذا الاجحاف أن الكتل النيابية قد تسمّي شخصية من غير طينة رئيس الجمهورية، ومن غير توجهاته. حتى أن ليس له رأي في هذا التكليف الآلي. وكان حري بمشرّعي وثيقة الوفاق الوطني لحظ أهمية مفعول عامل الكيمياء المفترض أن تربط بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف. فإذا لم يكن ما بين الرجلين من تقارب في الرؤية والهدف، كونهما المسؤولين الأولين عن السلطة التنفيذية، فإن عامل المناكفة يكون طاغيًا على أدائهما طيلة فترة المساكنة بينهما وغير المضمونة النتائج. وهذا ما حصل مع أغلبية رؤساء الجمهوريات والحكومات ما بعد الطائف.
فإذا لم يُعطَ الرئيس عون المزيد من الهوامش الواسعة في حرية اختيار الرئيس المكلف من بين الأسماء المؤهلة، الذي يرى أنه ينسجم معه في الرؤية والتطلعات والأسلوب قد تذهب فرحة الناس سدىً. فرئيس الجمهورية، أيًّا تكن مؤهلاته القيادية، لن يستطيع وحده أن يقود البلاد إلى شاطئ الأمان. فلا رئيس الجمهورية قادر وحده على حلّ كل المشاكل العالقة حتى ولو كانت لديه الإرادة الكافية لتحقيق ما يصبو إليه. ولا رئيس الحكومة يستطيع لوحده أن ينقل البلاد من ضفة الانهيار إلى ضفة التعافي ما لم يكن على وفاق تام مع رئيس الجمهورية.
فالمناكفات السياسية وتضارب الصلاحيات بين الرئيس الأسبق ميشال عون ورؤساء الحكومات، الذي توالوا على ترؤس الحكومات المتعاقبة أدّت إلى ما أدّت إليه من انهيارات شاملة، وتضاف إلى هذا السبب أسباب أخرى كثيرة، ومن بينها ما كشف عنه الرئيسان سعد الحريري ونجيب ميقاتي بالنسبة إلى التدخلات غير المنطقية لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بكل شاردة وواردة، فضلًا عن عدم الانسجام بين الرئيس السابق للجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
فـ "الترويكا" بمعناها الإيجابي مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى. فإذا لم يتمكّن الرئيس جوزاف عون من أن يكون له رأي في اختيار رئيس الحكومة العتيد، وإذا لم يلمس استعدادًا من قِبل الرئيس بري في مواكبته للورشة الإصلاحية المطلوبة اليوم قبل الغد من مجلس النواب، فإن فرحة الناس ستكون ناقصة وغير مكتملة.
فهل سيتاح للرئيس عون حرية اختيار رئيس أول حكومة في عهده فيعيد تجربة العلاقة الناجحة بين الرئيسين بشاره الخوري ورياض الصلح؟ المصدر: خاص "لبنان 24"