القوات الفرنسية في إفريقيا.. هل ينفرط عقدها فتصبح من دون قواعد عسكرية ثابتة؟
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
تشاد، حليف استراتيجي لفرنسا، وواحدة من أهم دول منطقة الساحل التي كانت تستضيف القوات الفرنسية.. فلماذا قررت انجامينا إنهاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع باريس؟ خصوصا إذا علمنا أن آخر جندي فرنسي يستعد لمغادرة النيجر يوم غد الجمعية، وليس السنغال من ذلك ببعيد.
تعتبر جمهورية تشاد نقطة محورية في الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا، وهي آخر معقل لباريس، بعد انسحاب قواتها من مالي، و بوركينا فاسو، والنيجر.
لقد كان لفرنسا وجود فعلي في تسعة بلدان، هي: مالي والنيجر وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والغابون والسنغال وكوت ديفوار، علاوة على جيبوتي التي تستضيف 1500 جندي فرنسي، وباتت تمثل وحدها 80% من الوجود العسكري الفرنسي في القارة، بينما لن يظلّ في الغابون وكوت ديفوار سوى مائة جندي فقط.
وكان عديد القوات، إبان أوج عهد فرنسا في القارة السمراء بعد الاستقلال في عام 1960 بفترة وجيزة، يبلغ 60 ألف جندي في حوالي 90 حامية في القارة وفي مدغشقر.
أكد عبد الرحمان كولام الله Abderaman Koulamallah وزير الخارجية التشادي أن انسحاب بلاده من الاتفاقية مع فرنسا لا يعني القطيعة الكاملة، حيث لا يزال هناك حوالي ألف جندي فرنسي في البلاد، كما أوضح أن تشاد ستلتزم بالشروط المحددة لإنهاء الاتفاقية، بما في ذلك فترة الإشعار المسبق.
وأكد عبد الرحمن كولام الله في بيانه الصحفي أن القرار التشادي ”اتُّـخـذ بعد تحليل معمق“ ويمثل ”نقطة تحول تاريخية“. وأضاف: ”بعد مرور 66 عامًا على إعلان جمهورية تشاد، حان الوقت لكي تؤكد تشاد سيادتها الكاملة وتعيد تحديد شراكاتها الاستراتيجية بما يتماشى مع الأولويات الوطنية“. وأضاف أن زيارة جان نويل بارو قد عززت أيضًا العلاقات الثنائية ”على جميع المستويات“.
وكانت زيارة جان نويل بارو تهدف إلى تقييم الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب في السودان. وقد زار إلى جانب الوزير التشادي مخيمات اللاجئين في أدره حيث أعلن عن مساعدات فرنسية إضافية بقيمة 7 ملايين يورو للمنظمات الإنسانية.
من جهة أخرى تعتبر العلاقات بين تشاد وفرنسا تاريخية ومعقدة، حيث كانت فرنسا تدعم الحكومة التشادية في مواجهة التهديدات الأمنية، ومع ذلك، يرى المسؤولون التشاديون أن الوقت قد حان لتعزيز السيادة الوطنية وإعادة تقييم الشراكات الاستراتيجية.
في سياق متصل، أعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي بدوره عن ضرورة إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في السنغال، مستندًا إلى مبدأ السيادة كذلك، هذه التحركات تعكس تزايد الضغوط على فرنسا في المنطقة بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول الساحل.
وفي ذروة عملية برخان سنة 2014، التي نُشرت في مالي لمكافحة الإرهاب، كان هناك أكثر من 5100 جندي فرنسي منتشرين في هذا البلد، حتى رحيلها المتتالي من باماكو أولاً، قبل أن تنسحب من بوركينا فاسو ثم من النيجر، بعد الخلاف مع الأنظمة الانقلابية في هذين البلدين. وفي نهاية عام 2022، غادر آخر الجنود الذين كانوا مسؤولين عن تأمين المطار، جمهورية أفريقيا الوسطى.
أما في النيجر، فقد نُشر الجزء الأكبر من القوات الفرنسية في قاعدة نيامي الجوية، بينما انتشرت القوات الأخرى إلى جانب قوات النيجر في موقعين أماميين في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، والذي تعتبر ملاذًا للجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
ومنذ الانقلاب على الرئيس النيجري المنتخب محمد بازوم، الذي لا يزال محتجزًا في مقر إقامته، قطع الجنرالات الذين استولووا على السلطة علاقاتهم مع العديد من الشركاء الغربيين وتقاربوا مع الروس. ومع ذلك، فلا تزال النيجر تحتفظ بوحدات أمريكية، ثم بدرجة أقل من ذلك، بوحدات ألمانية وإيطالية.
وفي بداية ديسمبر/كانون الأول، أعلنت نيامي إنهاء بعثتين مدنيتين وعسكريتين تابعتين للاتحاد الأوروبي. وقالت الولايات المتحدة وألمانيا إنهما على استعداد لاستئناف المناقشات مع النيجريين.
ومن المقرر أن يغادر آخر الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر البلاد يوم الجمعة، إيذاناً بالطلاق بين باريس والنظام العسكري الذي وصل إلى السلطة في انقلاب في نيامي، مع وضع حد لأكثر من عشر سنوات من القتال الفرنسي ضد الجهاديين في منطقة الساحل.
ويأتي انسحاب 1500 جندي وطيار فرنسي من النيجر، آخر حليف لباريس في منطقة الساحل قبل وصول الجنرالات إلى السلطة في 26 تموز/يوليو، بعد انسحاب مالي وبوركينا فاسو، حيث تم طرد فرنسا أيضا من قبل الحكام الجدد.
Relatedالقوات الفرنسية تبدأ انسحابها من النيجر والجزائر ترجىء مشاوراتها للوساطة في أزمة نيامي لليوم الثالث على التوالي.. مظاهرات في النيجر تطالب بانسحاب القوات الفرنسيةرئيس وزراء النيجر المعيّن من العسكر: "محادثات جارية" من أجل انسحاب القوات الفرنسية "سريعاً"وقد غادر السفير الفرنسي لدى النيجر، سيلفان إيتاي، الذي طردته السلطات، البلاد في نهاية سبتمبر/أيلول، بعد أسابيع من احتجازه داخل مقر ممثلية بلاده. وقالت مصادر دبلوماسية يوم الخميس إن فرنسا قررت إغلاق سفارتها في النيجر، حيث ”لم تعد قادرة على العمل بشكل طبيعي“، لتنهي بذلك الطلاق بين البلدين بشكل نهائي.
تأتي هذه التطورات وسط تزايد التعاون بين دول الساحل مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي تسعى إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية وتوسيع علاقاتها مع دول مثل روسيا. كما أن الانسحاب الفرنسي من هذه الدول يعكس تحديات جديدة تواجهها باريس في الحفاظ على نفوذها العسكري والسياسي في إفريقيا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية القوات الفرنسية تغادر بوركينا فاسو مع الحفاظ على استمرار العلاقات مع باريس الحكومة العسكرية في بوركينا فاسو تمهل القوات الفرنسية شهراً لمغادرة أراضيها أي دور للجزائر بعد رحيل القوات الفرنسية من منطقة الساحل؟ بوركينا فاسوفرنساقوات عسكريةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: قطاع غزة ضحايا قصف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيل روسيا قطاع غزة ضحايا قصف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيل روسيا بوركينا فاسو فرنسا قوات عسكرية قطاع غزة ضحايا قصف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيل روسيا الاتحاد الأوروبي برلمان دونالد ترامب أزمة إنسانية وفاة القوات الفرنسیة وبورکینا فاسو منطقة الساحل بورکینا فاسو یعرض الآن Next الفرنسیة فی جندی فرنسی فی النیجر
إقرأ أيضاً:
موقع فرنسي: انسحاب بوركينا فاسو ومالي والنيجر من سيداو.. زلزال جيوسياسي يغير موازين القوى
نشر موقع "ليه ديبلوماتيه" تقريرًا سلّط فيه الضوء على انسحاب بوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيداو"، معتبرًا أنه نقطة تحول في العلاقات الإقليمية، مبيناً أن هذا القرار جاء بعد تهديد "سيداو" بالتدخل عسكريًا في النيجر لإعادة الرئيس المخلوع.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن انسحاب بوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) يمثل نقطة تحول تاريخية في العلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية للمنطقة. فبعد شهور من التوترات المتصاعدة، تعلن الدول الثلاث التي تقودها مجالس عسكرية قطع علاقاتها مع منظمة يعتبرونها منحازة وغير فعالة في التعامل مع مشاكلهم الداخلية، ولا سيما في مكافحة انعدام الأمن والتدخلات الخارجية.
انفصال حتمي
أوضح الموقع أن الحدث الحاسم الذي أدى إلى هذا الانسحاب يعود إلى يوليو/تموز 2023، عندما هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) بالتدخل عسكريًا في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم، الذي أطيح به في انقلاب. هذه التهديدات، إلى جانب العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على نيامي، عززت استياء السلطات النيجيرية الجديدة، وكذلك نظيراتها في بوركينا فاسو ومالي، حيث اعتبروا موقف إكواس تدخلاً غير مقبول في سيادتهم الوطنية.
ومع ذلك، فقد صرح رئيس مفوضية إكواس، عمر أليو توري، بأن المنظمة لا تزال منفتحة على الحوار، داعيًا إلى إجراء مناقشات تقنية لتحديد إجراءات الانسحاب، وهذا الموقف يعكس رغبة في الحفاظ على علاقات عملية، وتجنب قطيعة مفاجئة قد تؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية.
عواقب الانسحاب
وذكر الموقع أنه مع هذا الانسحاب، ستنخفض عضوية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) من 15 إلى 12 دولة، مما سيُضعف ثقلها الجيوسياسي. ومع ذلك، فقد وضعت المنظمة تدابير انتقالية، حيث سيتمكن مواطنو الدول الثلاث المنسحبة من الاستمرار في استخدام جوازات سفرهم وبطاقات هويتهم التي تحمل شعار إكواس، كما سيستمر تبادل السلع والخدمات وفقًا للبروتوكولات المعمول بها، وتهدف هذه الإجراءات إلى تجنب حدوث أزمة اقتصادية حادة والحفاظ على درجة معينة من التكامل الإقليمي.
نظام إقليمي جديد قيد التشكل
وأشار الموقع إلى أنه برغم ذلك، فإن بوركينا فاسو ومالي والنيجر لن تتخلّى عن المشهد الإقليمي، بل قامت بإضفاء الطابع الرسمي على اتحادها داخل تحالف دول الساحل، وهو اتحاد يهدف إلى إعادة تشكيل ميزان القوى في غرب أفريقيا. إذ تنتقد هذه الدول العقوبات التي فرضتها إكواس، واصفةً إياها بأنها "غير إنسانية وغير قانونية وغير شرعية"، متهمةً المنظمة بخدمة مصالح أجنبية بدلًا من تلبية الاحتياجات الفعلية للشعوب المحلية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي؛ تتجه هذه الدول نحو شركاء إستراتيجيين جدد، حيث تتراجع مكانة القوة الاستعمارية السابقة، فرنسا، لصالح تنامي نفوذ روسيا وتركيا وإيران، فيعكس هذا التحول الجيوسياسي إعادة تشكيل التحالفات في غرب أفريقيا، مع تزايد رفض المؤسسات التي يُنظر إليها على أنها خاضعة للغرب.
نحو إعادة تشكيل التوازنات
ووفقا للموقع فإنه على الرغم من هذه القطيعة مع إكواس، لا تزال الدول الثلاث أعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا وتواصل استخدام الفرنك الإفريقي، وقد تعكس هذه الوضعية المتناقضة رغبتها في التحرر من الأطر السياسية التي تعتبرها مقيِّدة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على قدر من الاستقرار الاقتصادي.
وبالفعل قد بدأت بعض دول المنطقة، مثل توغو وغانا، في تطبيع علاقاتها مع تحالف دول الساحل. ومؤخرًا، عيّن الرئيس الغاني جون ماهاما مبعوثًا خاصًا للتواصل مع هذا الكيان الجديد، في إشارة إلى أن الديناميكيات الإقليمية تشهد تحولًا ملحوظًا.
وختامًا يؤكد الموقع أن خروج بوركينا فاسو ومالي والنيجر من إكواس يعكس أزمة عميقة داخل المنظمات الإقليمية الأفريقية، التي تواجه تحديات تتعلق بالسيادة الوطنية، والتأثيرات الخارجية، والحاجة إلى تحقيق تكامل اقتصادي فعّال. وبينما تسعى تحالف دول الساحل إلى ترسيخ نفسها كقطب جديد للتعاون، يبقى مستقبل إكواس، التي باتت الآن أقل حجمًا، غير مؤكد، وسيكون الحوار بين الأطراف أمرًا حاسمًا وحلًّا وحيدًا للحفاظ على استقرار غرب أفريقيا في سياق إعادة هيكلة التوازنات الإقليمية والدولية.