المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
منذ أواخر القرن الثامن عشر، وفي سياق سعي القوى الأوروبية الإمبريالية نحو الهيمنة الاستعمارية على العالم، والعالم الإسلامي بخاصة، طُرحت في الدوائر الأوروبية "المسألة الشرقية" وتعني: وقف المد العثماني في أوروبا وصده، واحتواء العالم الإسلامي، وحصاره وهزيمته، وتفتيت وحدته وإسقاط خلافته، ثم استعماره وتجزئته والسيطرة النهائية على مصيره ومقدراته.
تعددت مسارات القوى الإمبريالية نحو حل "المسألة الشرقية"، من قضم واحتلال أطراف العالم الإسلامي من الهند إلى شمال أفريقيا، وصولًا إلى قلبه في المشرق العربي، واختراق مشروعات التحديث بالتغريب والاستتباع وتفكيك مؤسسات الاجتماع الإسلامي التاريخية.
فتم تنحية التعليم الإسلامي التقليدي لصالح المدارس الأوروبية التبشيرية، واستأثر خريجوها بالمناصب والوجاهات، وتنحية القضاء الشرعي لصالح المحاكم المختلطة واستبدال القوانين الأوروبية بالشريعة الإسلامية، وتهميش مؤسسة العلماء واستبعادها من إدارة البلديات والولايات والقضاء العام، ومصادرة الأوقاف المخصصة للإنفاق عليها، وإلغاء الأوقاف العامة بخصخصة أراضي الوقف الزراعية وتمليكها لطبقة جديدة من كبار الملاك وأعيان الحضر الموالين للغرب غالبًا لتأمين تحصيل الدولة ضرائب الأراضي لسداد الديون الأوروبية.
إعلانأما الامتيازات التجارية، التي منحها السلطان سليمان القانوني (1520-1566) في القرن السادس عشر لكل من فرنسا زمن الملك فرانسوا الأول وإنجلترا زمن الملكة إليزابيث الأولى، وتتضمن إعفاء منتجاتهما من الجمارك لدعمهما اقتصاديًا كحليفين "تابعين" ضد تغول وعدوانية إسبانيا، عدو الدولة العثمانية الأكبر في أوروبا، خاصة في عهد فيليب الثاني وكارلوس الرابع، فقد تم استغلالهما ببشاعة لإعاقة عملية التحديث العثماني، وتدمير الصناعات المحلية القائمة وإغراق أسواق المشرق بمنتجات الثورة الصناعية الأوروبية الإنجليزية والفرنسية الرخيصة كمنتجات النسيج، مثلًا، لتدمير الإنتاج المحلي وإغلاق عشرات الآلاف من الورش والمصانع الصغيرة وقطع أرزاق العباد، وحرمان الدولة العثمانية من عوائد الجمارك المستحقة والضرورية لمشروع التحديث الذي قادته إسطنبول والقاهرة، ما أدى بالمحصلة إلى تمرد والي مصر، محمد علي باشا، على الباب العالي ومحاولته الخروج من التبعية العثمانية، لتحصيل الجمارك وتمويل مشروعه التحديثي.
كما لم تتوانَ الاحتكارات الأوروبية عن السيطرة على تجارة القطن والحرير والملح والشاي والبن والتبغ. بل أدى احتكار التبغ في إيران، مثلًا، إلى ثورة التنباك أو ثورة التبغ (بالفارسية: نهضت تنباکو) عقب منح الملك، ناصر الدين شاه القاجاري، حق بيع وشراء التبغ في إيران لصالح شركة بريطانية عام 1890.
وصلت الثورة إلى قصر الشاه وناصرتها زوجته التي حظرت دخول تبغ الشركة البريطانية إلى القصر إنفاذًا لفتوى المرجعية الدينية بمقاطعته، وكان نحو خُمس الإيرانيين آنذاك يعملون في قطاع التبغ، وأدت الاتفاقية لاحتكار البريطانيين هذا القطاع.
وتابعت أجهزة الاستخبارات الأوروبية تدبير الدسائس والاختراقات ونسج المؤامرات على الدولة العثمانية وديار الإسلام وتحريض الأقليات، واختراع قوميات اليونان والسلاف والأرمن وغيرها، وتجنيد الجواسيس وإرهاق الدولة بالحروب الانفصالية وغرامات معاهدات الصلح والاستدانة لأجل سدادها.
إعلانوأخيرًا تم احتلال معظم الدولة العثمانية ذاتها، في سياق وتداعيات الحرب العالمية الأولى، وإسقاط السلطنة ثم إلغاء الخلافة، وتقسيم واستعمار ولاياتها وإنهاء الوحدة والعالمية الإسلامية.
انطلاق المسألة الشرقيةارتبط انطلاق المسألة الشرقية بالتحالفات والإستراتيجيات القائمة أواخر عهد الدولة العثمانية وما يتعلق بتقاسم أملاكها في حال انهيارها. استخدم مصطلح رجل أوروبا المريض، الذي أطلقه قيصر روسيا ألكسندر الثاني، كوصف لحالة الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كمؤشر على ضعف الدولة وبداية تفسخها، وتبرير الحروب الأوروبية للإجهاز عليها وقضم واحتلال أملاكها. فكان السؤال يطرح عما سيحدث في حال انهارت الدولة العثمانية!
بدأ هذا السؤال يُطرح بعد هزيمة العثمانيين في الحرب الروسية- العثمانية (1768-1774) التي هزم فيها العثمانيون وخسروا جزءًا كبيرًا من أراضيهم شمال البحر الأسود، وتفاقمت الأمور بنهاية القرن التاسع عشر عندما خسرت الدولة العثمانية معظم أراضي البلقان وتصاعدت نزعات انفصالية عنها بمناطق عديدة.
في سياق المسألة الشرقية، انقسم الأوروبيون إلى طرفين: أحدهما يريد التعجيل بانهيار الدولة العثمانية وهو روسيا وحلفاؤها، ويريد الطرف الآخر، النمسا وبريطانيا، إطالة أمد بقائها خشية التمدد الروسي لدى انهيار العثمانيين بشكل تام أمام الزحف الروسي العسكري. ظهرت هذه التحالفات جلية في دعم بريطانيا للعثمانيين في حروبهم مع محمد علي والي مصر وفي حرب القرم ضد روسيا.
كان السلطان عبد الحميد الثاني مدركًا تمامًا للأطماع الأوروبية في الدولة العثمانية، وقد تصدى لها وتعامل مع القوى الأوروبية بحذر شديد متجنبًا التورط في صراعاتها وتناقضاتها.
وحدد إستراتيجيته الأساسية في الحفاظ على وحدة الشعوب والبلاد العثمانية في وجه الاختراقات والأطماع الأوروبية والتزام الحياد في الصراعات بين الذئاب الاستعمارية الأوروبية.
إعلاناستمر ذلك حتى الانقلاب على السلطان عام 1908، واستئثار ضباط جمعية الاتحاد والترقي التام بالسلطة عام 1913 وتحالفهم مع الألمان، ومن ثَمّ دخولهم الحرب العالمية الأولى ضد الحلفاء الفرنسيين والبريطانيين، وكذلك ضد الروس الذين انضموا للتحالف مع بداية القرن العشرين؛ بسبب ظهور الإمبراطورية الألمانية أو "الرايخ الثاني" كتهديد جيوسياسي مشترك منذ حرب 1870 الألمانية الفرنسية وهزيمة فرنسا وفقدانها إقليمي "ألزاس" و"لورين"، وإعلان الوحدة الألمانية من قاعة المرايا بقصر فرساي في باريس.
يعتبر المؤرخون أن المسألة الشرقية انتهت وبلغت خاتمتها بنهاية الحرب العالمية الأولى حيث خسرت الدولة العثمانية الحرب، وتخلت بموجب معاهدة سيفر ولاحقًا معاهدة لوزان عن أراضيها وولاياتها في المشرق والبلقان.
وبموجب اتفاقيات "الصلح" هذه، تقاسم الحلفاء ودول أخرى كصربيا وبلغاريا واليونان أراضي الدولة العثمانية، وقامت الجمهورية التركية على ما تبقى من أراضي الإمبراطورية في الأناضول وإقليم العاصمة إسطنبول والمضائق.
لكن واقع الأمر أن سياسات المسألة الشرقية، اختراقًا واحتلالًا واستعمارًا، استمرت وبلغ الحل الإمبريالي الغربي لـ"المسألة الشرقية" وعدوانه على العالم الإسلامي، ذروته بإقامة المشروع الصهيوني الاستيطاني الإمبريالي الإحلالي في قلب العالم الإسلامي، ليتعهّد ويكرّس الهيمنة الإمبريالية الغربية ويفاقم كوارثها وأوضاعها وسياساتها.
مراحل وكوارثشهد الحراك الأوروبي في سياق المسألة الشرقية ثلاث مراحل، وكان لكل مرحلة منها تجلياتها وكوارثها من حملات كراهية ضد الإسلام والدولة العثمانية، وتحريض الأقليات الدينية والإثنية من رعاياها، وابتزازها بمعاهدات وتنازلات عن أقاليمها وحصونها وموانئها وسيادتها على مواطنيها ومنح دول أوروبية حق حماية الطوائف المسيحية فيها رغم تمتع هذه الطوائف والإثنيات قرونًا بحقوق فردية وجماعية وسلام عثماني مديد واستقلال ذاتي في شؤونها الدينية وكنائسها وأملاكها وأوقافها وأديرتها، ولها محاكمها التي تقوم الشرطة العثمانية بإنفاذ أحكامها وقراراتها في إطار النظام الملي العثماني.
إعلان المرحلة الأولى (1453-1535):شهدت هذه المرحلة، منذ فتح القسطنطينية، تعميق حقد وكراهية الرأي العام الأوروبي ضد الدولة العثمانية وحملات تحريض من قبل الدول والجماعات الدينية والكنائس المسيحية، وصاغوا سردية لمظلومية أوروبية مسيحية إزاء الدولة العثمانية حول احتلالها بلادًا في شرق ووسط أوروبا ونشر الإسلام بين شعوبها، لكن القوة العثمانية آنذاك ومناعتها أثبتت عبثية الرغبة الأوروبية في طردها واستحالتها.
في تلك المرحلة كانت عشرات الممالك والإمارات الأوروبية خاضعة للسيادة العثمانية وتتمتع باستقلال كامل في شؤونها الداخلية وفق ترتيبات عسكرية وتنظيمات إدارية بينها وبين الباب العالي، وكان ظاهر هذه العلاقة الود والوفاق والوفاء من قبل الأمراء والملوك الأوروبيين المسيحيين، وظلت رغبة الانقضاض الكامنة على العثمانيين بمنأى عن الوعي السياسي العثماني.
المرحلة الثانية (1535-1830):تعتبر المرحلة الثانية تمهيدًا للمرحلة الثالثة (مرحلة التنفيذ)، فكانت حافلة بالامتيازات العثمانية للأوروبيين والبعثات التبشيرية المسيحية والثقافية والتجارية وتغول النفوذ الأوروبي في إيالات الدولة العثمانية، وكان التناسق والتكامل بين مختلف مجالات الاختراق دقيقا ومدروسًا.
بدأت هذه المرحلة عمليًا بحصول فرنسا من السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1535 على امتياز حماية المسيحيين الكاثوليك ومقدساتهم في الديار العثمانية، مثل كنيسة القيامة وكنيسة المهد وغيرهما، وقد منحه السلطان تعزيزًا لموقع شريكه الأصغر، فرانسوا الأول، ملك فرنسا بمواجهة إسبانيا والتحالف الكاثوليكي المضاد للعثمانيين.
لكن بريطانيا وروسيا حصلتا بدورهما على امتيازات أيضًا، وتطورت هذه الامتيازات الدينية لاحق1ًا إلى أخرى تجارية واقتصادية واختراقات جيوسياسية من خلال اتفاقيات ومعاهدات كارثية، وقّعها الباب العالي في سياق "إنقاذ ما يمكن إنقاذه":
إعلان امتياز صيد المرجان (1650) لصالح فرنسا، منح امتياز صيد المرجان في الساحل الشرقي للجزائر لشركة لانچ الفرنسية. معاهدة كارلوفچة أو كارلوفيتس (1699) مع النمسا تنازلت بموجبها الدولة العثمانية عن المجر وكرواتيا وسلوفينيا لصالح النمسا. معاهدة پاساروفچا أو بساروفيتش (1718) مع النمسا والبندقية، أعادت المورة (اليونان) إلى الدولة العثمانية لقاء تنازلها عن مقاطعة تمسوارا وبلغراد وصربيا الشمالية وبلاد الولاخ، واستمرار احتلال البندقية لثغور شاطئ دالماسيا، واستعادة مزايا القسس الكاثوليك في الدولة العثمانية. معاهدة قاينارچه (1774) مع روسيا، منحت روسيا حق حماية المسيحيين الأرثوذكس من رعايا الدولة العثمانية والموانئ الهامة شمال البحر الأسود واعترافًا عثمانيًا باحتلال روسيا شبه جزيرة القرم وتخليًا عن قلاع وتحصينات عثمانية لصالح روسيا. اتفاقية 1838 مع بريطانيا، سمحت لها بفتح قنصلية بفلسطين ورعاية اليهود وبناء كنيسة بروتستانتية. امتياز قناة السويس (1854-1869) منح الشركة الفرنسية العالمية امتياز حفر قناة السويس لربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر. معاهدة باريس (1856) مع روسيا والنمسا منحت مساواة عثمانية تامة بين رعاياها من مختلف الأديان والمذاهب، وحرية الملاحة في نهر الدانوب، ومُنِح حوض الدانوب استقلالًا ذاتيًا. معاهدة سان ستيفانو (1878) مع روسيا، منحت بيسارابيا لروسيا، وحكمًا ذاتيًا لبلغاريا، وتنازلًا عثمانيًا عن أجزاء من أرمينيا لروسيا، واعترافًا عثمانيًا باستقلال رومانيا وصربيا والجبل الأسود. معاهدة برلين (1878) مع روسيا والنمسا وبريطانيا والمجر وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، منحت النمسا إدارة البوسنة والهرسك، ومنحت روسيا أرداهان وكارس وباطوم، ومنحت بريطانيا قبرص، مع اتفاق سري بين بريطانيا وفرنسا حول مصر وتونس. إعلان المرحلة الثالثة (1830-1870):وهي مرحلة التنفيذ أو التصفية واقتسام الأملاك العثمانية في البلقان بفرض الحكم الذاتي أو الاستقلال بالضغط السياسي أو التدخل العسكري (حروب القرم واليونان والبلقان) لإجبار الدولة العثمانية على الاعتراف باستقلال قوميات البلقان التي تم اختلاقها لانتزاع أقاليمها لاحقًا من العثمانيين، كما وقع احتلال الأراضي العثمانية، على نحو مطرد، في المشرق العربي وشمال أفريقيا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدولة العثمانیة العالم الإسلامی مع روسیا فی سیاق
إقرأ أيضاً:
الأوقاف: مصر لن تقبل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية
شهد مجلس النواب جلسة مناقشات لجنة المشروعات المتوسطة ومتناهية الصغر، بحضور الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف - رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية؛ والنائب محمد كمال مرعي، رئيس اللجنة؛ والأستاذ باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات؛ والدكتورة هالة فوزي أبو السعد، وكيلة اللجنة؛ والأستاذ أحمد عطية، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية؛ والأستاذ كمال سليمان، سكرتير عام محافظة البحر الأحمر؛ والدكتور هشام عبد العزيز، رئيس مجموعة الاتصال السياسي بوزارة الأوقاف؛ والدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية؛ والدكتور أيمن أبو عمر، رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة بوزارة الأوقاف؛ والكاتب الصحفي محمود الجلاد، معاون وزير الأوقاف لشؤون الإعلام.
أكد وزير الأوقاف -في كلمته- أن التعاون والتكامل بين مؤسسات الدولة هو السبيل لتحقيق النجاح الوطني، مشيرًا إلى أن الوزارة بصدد إطلاق رؤية جديدة تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في وعي الإنسان المصري، من خلال تعبئة الطاقات نحو تعظيم الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد؛ ما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتقليل الحاجة إلى العملة الصعبة.
وأوضح أن المرحلة الحالية تتطلب مزيدًا من التكاتف والعمل المشترك، مشددًا على ضرورة أن يكون الجميع على قلب رجل واحد لخدمة الوطن.
وفي كلمته، شدد وزير الأوقاف على أن القضية الفلسطينية تظل الأولوية الكبرى للأمة الإسلامية، مؤكدًا أن الحل العادل يتمثل في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ١٩٦٧م، مع رفض أي مخططات لتهجير الشعب الفلسطيني أو تصفية قضيته العادلة، مشيرًا إلى أن مصر لن تقبل بأي حل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
أكد وزير الأوقاف أن الوعي هو مفتاح النهضة، وأن مصر تزخر بشعب عظيم قادر على البناء والتطوير. واستشهد بقوله تعالى: "فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" [النمل: 8] وأوضح أن هذه الآية تشير إلى بركة الإنسان، إذ جاء التعبير بـ"مَن" التي تفيد العاقل؛ ما يدل على أن سر بركة أرض مصر يكمن في شعبها، وليس فقط في طبيعتها الجغرافية.
وأضاف الوزير أن القوة الحقيقية لمصر ليست في مواردها فقط، بل في عقول أبنائها وسواعدهم، فهم صناع الحضارة والانتصارات، وهذا ما جعل جند مصر خير أجناد الأرض، وأضفى على الأزهر الشريف مكانته العلمية الفريدة.
وخاطب المصريين قائلًا:"بركة مصر الحقيقية ليست مجرد أرضها أو تاريخها، بل أنت أيها المصري العظيم، انهض واملأ صدرك يقينًا وقوة، فالعالم ينتظرك وينتظر منك كل عطاء وخير وأمان."
وشدد الوزير على أن الثروة الحقيقية لمصر هي شعبها، وأن دور المؤسسات هو تفعيل هذه الثروة من خلال إعادة تنوير الوعي المصري، الذي يعد الأساس الذي تقوم عليه النهضة الوطنية.
وأشار إلى ضرورة العودة إلى الإنسان المصري في كل المدن والقرى والنجوع، وتشجيعه على إقامة مشروعات صغيرة بغض النظر عن طبيعتها؛ ما يسهم في تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وفي هذا الإطار، أعلن الوزير أن الوزارة تعمل على دراسة وتحليل عشر مهن تعد الأكثر عرضة للخلل والتحديات، بهدف وضع وثيقة عمل متكاملة لكل مهنة، تعزز من قيم الإنتاج والإتقان والعمل الجاد.
وأكد أن الهدف النهائي هو تحويل هذه المهن إلى نماذج يُحتذى بها في الإنتاج والتطوير، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل على التنسيق مع اللجنة الموقرة، وتحرص على تحقيق تكامل مع رئيس جهاز تنمية المشروعات، لضمان نجاح هذه المبادرة، ودفع عجلة التنمية والإنتاج في مصر.
وفي تعقيبه، أوضح السيد النائب محمد كمال مرعي، رئيس لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أن معالي الوزير قدم رؤية متكاملة من خلال تناول المهن، مشيدًا بالأفكار التي تساعد في نقل المواطنين من الضيق والإحباط إلى الإنتاج والعمل.
وأكد أن طبيعة الشعب المصري اكتسبت عبر الزمن أنماطًا متعددة من العمل والتفاعل، مشيرًا إلى أنه يمكن تطبيق هذه الرؤية عمليًّا من خلال البدء بمحافظة أو محافظتين كنموذج أولي؛ ما يسهم في إحداث تغير جذري في طبائع المجتمع المصري وخصائصه المجتمعية.
.