نيزك الخذف، أول عينة نيزكية تم توثيق دخولها المجال الجوي لسلطنة عُمان.

أكد المهندس حسين بن علي الغافري مدير دائرة التراث الجيولوجي بوزارة التراث والسياحة أن وزارة التراث والسياحة وثّقت ما يزيد على 7 آلاف قطعة نيزكية حتى الآن ، وفق برنامج ممنهج في عملية توثيق النيازك بسلطنة عُمان سنويًّا؛ و بموجب المرسوم السلطاني رقم 37/2019 حول نقل اختصاصات الحفاظ على التراث الجيولوجي فقد باشرت وزارة التراث والسياحة في تفعيل البرامج والمشاريع والأبحاث في هذا الإختصاص الذي يمثل إرثا وطنيا وتحمل قيمة علمية وعالمية استثنائية، ونفذت الوزارة برنامج المسح الميداني السنوي، بالإضافة إلى تركيب أجهزة خاصة لرصد النيازك ضمن مشروع رصد سقوط النيازك الذي يقوم على توزيع أجهزة رصد سقوط النيازك في مختلف مواقع سلطنة عُمان بالتعاون مع فريق يضم علماء متخصصين من جامعة بيرن ومتحف التاريخ الطبيعي في بيرن بسويسرا، وبدعم تقني من فريق متخصص بجامعة كيرتن الأسترالية .

إعادة القطع النيزكية

وفي اطار جهود الوزارة في إعادة القطع النيزكية التي تم نقلها خارج سلطنة عمان قال الغافري" قامت الوزارة بشكل مباشر في التواصل مع متحف التاريخ الطبيعي في بيرن بسويسرا في تنسيق برنامج لإعادة النيازك التي تم نقلها لغرض الدراسة والتحليل الكيميائي طيلة 22 عام سابقة، وأسفرت هذه الجهود عن إعادة أكثر من 6000 عينة نيزكية انتهت اجراءات دراستها وتحليلها في متحف التاريخ الطبيعي وجامعة بيرن بسويسرا بوزن 1630 كيلو جرام ليصل الإجمالي الكلي لعدد النيازك التي تم توثيقها في سلطنة عمان 7340 عينة نيزكية بوزن يفوق 6000 كيلوجرام." موضحا أنه في 21 أغسطس 2021م ومع هيكل وزارة التراث والسياحة الجديد تم إستحداث دائرة معنية بالتراث الجيولوجي "دائرة التراث الجيولوجي" تضم قسمي النيازك والظواهر الجيولوجية بهدف تجويد برامج العمل في هذا الإختصاص ولضمان تحقيق الأهداف المرسومة من برامج وأبحاث علمية ومشاريع وطنية .

شراكة دولية

وتنفيذا لخطط وزارة التراث والسياحة في الشركات الدولية المعنية في هذا القطاع وتبادل الخبرات، فقد تم في يناير 2020 التوقيع على إتفاقية جديدة مع متحف التاريخ الطبيعي في بيرن بسويسرا لبحث وتوثيق ودراسة النيازك في سلطنة عمان وتأهيل الكوادر الوطنية في هذا الإختصاص، كما تضمنت الإتفاقية عددا من البنود المعنية في تنفيذ برامج نوعية لدراسة النيازك التي يتم رصد سقوطها بالإضافة إلى تنفيذ عدد من الإصدارات العلمية التخصصية.

وحول مشروع رصد النيازك أوضح المهندس حسين الغافري أن وزارة التراث والسياحة أطلقت في يناير من عام 2022م وبالتعاون مع فريق متخصص لعلماء من جامعة بيرن ومتحف التاريخ الطبيعي في بيرن بسويسرا، وبدعم تقني من فريق متخصص بجامعة كيرتن الأسترالية مشروع رصد النيازك عبر تركيب منظومة لأجهزة تعمل على رصد سقوط النيازك العمانية في مختلف مواقع صحاري سلطنة عمان وعلى ضوءه فقد تم توثيق عدد من النيازك منها : نيزك الخذف، أول عينة نيزكية تم توثيق دخولها المجال الجوي لسلطنة عُمان، وتمكنت أجهزة رصد النيازك من تحديد الموقع الجغرافي للنيزك (عينتان وزنهما 8.2 جرام و13.8 جرام) واحتساب مسار السقوط مما سهل على الفريق العلمي سرعة الوصول للعينة. واستكملت الوزارة مرحلة التحاليل الكيمائية ودراسة الارتباط بين بيانات أجهزة الرصد وتحليل النظائر المشعة قصيرة العمر للنيازك (وهي عنصر المنجنيز 54 وعنصر الصوديوم 22) في مختبر علمي متخصص في جامعة فرايبورغ بألمانيا، كما أجريت عملية فحص العينات النيزكية من خلال المجهر البصري والإلكتروني الدقيق في جامعة فرايبورغ. حيث أثبتت نتائج الفحوصات أن النيازك التي تم العثور عليها هي بالفعل نيازك حديثة السقوط، وهي نفس النيازك التي تم رصدها عبر الأجهزة. وتعمل أجهزة الرصد والحسابات وتحليل ودراسة بيانات النيزك الحديث بإشراف من علماء الفلك والنيازك للوصول إلى تفاصيل النيزك، ومعرفة مدى تَأثره بالعوامل المناخية قبل دخوله إلى المجال الجوي بالأرض، إضافةً إلى معرفة التفاصيل الدقيقة حول مسار النيزك ومصدره بالفضاء الخارجي، وكما تتيح الدراسة إمكانية قياس مدى تأثر النيزك بالعوامل المختلفة كالتعرية والأكسدة بعد دخوله الغلاف الجوي واستقراره على الأرض ، وقد صنّف نوع النيزك بالكندراتي وسُمِّيَّ رسميًا بـ"الخذف" نسبة لموقع سقوطه في منطقة الخذف بولاية ثمريت، حيث أوضحت نتائج التحليل أن مصدر النيزك من الجزء الداخلي بحزام الكويكبات الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري ويعد نيزك الخذف "Al-Khadhaf" هو أول نيزك تم العثور عليه من خلال أجهزة رصد النيازك في سلطنة عمان، ويعد أيضًا أصغر كتلة تم العثور عليها ضمن 40 سقوط نيزكي تم رصده بأجهزة الرصد للنيازك حول العالم؛ إذ يعدّ هذا الإنجاز دليلًا على إمكانية البحث والعثور على النيازك المرصودة بالتقنية الحديثة في سلطنة عمان. ويجري العمل على تحليل عينات أخرى خلال الفترة المقبلة.

أسس علمية

ولحفظ هذا الإرث الجيولوجي والاستفادة منه قال الغافري انه تم إنشاء مستحفظ النيازك في سلطنة عُمان وفقًا لأفضل الممارسات الدولية قامت الوزارة بتأهيل أحد المخازن لديها لحفظ العينات النيزكية لضمان استدامتها ودراستها واستثمارها وفقاً للأسس العلمية وأفضل الممارسات العالمية المتبعة، كما تعمل الوزارة في تنفيذ مشروع لإنشاء مستحفظ مخصص للنيازك وفقًا للمعايير والمقاييس العالمية في حفظها.

الاتجار المخالف

وحول الحد من مشكلة الاتجار غير المشروع بالنيازك وغيرها من المكونات الجيولوجية قال الغافري " في هذا الجانب يوجد لدينا برامج التمكين في مكافحة الإتجار غير المشروع بالنيازك والتي تهدف للحد من ظاهرة الإتجار غير المشروع بالعينات النيزكية، فقد أعدت الوزارة برنامج تخصصي لتمكين مختلف الشركاء القائمين بأعمال التفتيش الجمركي في المنافذ البرية والجوية والبحرية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الإرشاد السياحي، والمهتمين والباحثين في مجال التراث الجيولوجي ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، والشركات العاملة في مجال البريد والتخليص والإفصاح الجمركي، ومأموري الضبطي القضائي وعدد من المعنيين في المتاحف ونفذ البرنامج خلال عام 2024 في مرحلتين الأولى بمحافظة مسقط بديوان عام وزارة التراث والسياحة في 25 فبراير 2024 والثانية في 14 نوفمبر 2024 بمحافظة ظفار تزامنا مع الإحتفال باليوم العالمي لمكافحة الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية والذي يصادف الرابع عشر من نوفمبر من كل عام، والمقرر لهذا البرنامج أن يعمم وينفذ بشكل موسمي لتمكين مختلف الشركاء في الحد من ظاهرة الإتجار غير المشروع بالنيازك، وسيعمم في كافة محافظات سلطنة عمان .

تكامل مؤسسي

كما يوجد برامج التكامل مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص التي تم اعدادها بهدف زيادة الوعي والتعريف بالنيازك فقد باشرت الوزارة التنسيق مع عدد من الشركات الأهلية والخاصة التي تعمل على تشغيل القلاع والحصون، بالإضافة إلى المنشئات السياحية والفنادق والمطارات في تنفيذ أركان تعريفية للنيازك، ويجري العمل على قائمة مواقع بارزة سيتم من خلالها عرض عدد من العينات النيزكية في مختلف محافظات سلطنة عمان.

معارض مؤقتة للنيازك

واستطرد الغافري قائلا " قامت الوزارة في تنفيذ معرض متنقل للنيازك يتم الوصول فيه لكافة شرائح المجتمع ويساهم بإضفاء منتج سياحي فريد، وقد تم إطلاق معرض النيازك في سلطنة بنسخته الأولى في عام 2022م بالتزامن مع فعاليات خريف ظفار وإمتد لعام كامل، حقق من خلالها زيارات واسعة تجاوز 100 ألف زائر، وفي نسخته الثانية بعام 2023، تم نقل المعرض إلى محافظة الداخلية، وتنفيذا للبرنامج التنفيذي لصور عاصمة السياحة العربية هذا العام، فقد تم نقله إلى ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية، ويجري التخطيط على نقل المعرض في النسخة القادمة خلال عام 2025 لمطار الدقم بمحافظة الوسطى ليكون محطة فريدة للقادمين للمنطقة الإقتصادية في ولاية الدقم. ويبرز المعرض عدد من عدد من النيازك النادرة وذات الأهمية العلمية العالمية والقيمة الاستثنائية المميزة من بينها نيزك القمر، والمريخ والحديد، ونيزك الغبار وهو من أولى النيازك الموثقة عالميًا بعام 1954م. بالإضافة إلى نيازك أخرى ولوحات معلوماتية وتعريفية بالنيازك ومشاريع البحث العلمي .

الإصدارات العلمية

وبهدف توثيق مخرجات العمل العلمي، فقد نفذت الوزارة خطة لإعداد إصدارات علمية، حيث أطلقت في عام 2023م كتيب عن النيازك في سلطنة عمان يعرف عن النيازك كمفهوم مبسط ومصادرها وتاريخها وبرامج الوزارة التي تمت والخطط المستقبلية، ويجري العمل على إصدار تخصصي عن النيازك العمانية كدليل علمي تخصصي من المؤمل أن يتم تدشينه خلال العام المقبل .

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وزارة التراث والسیاحة الإتجار غیر المشروع النیازک فی سلطنة ع التراث الجیولوجی فی سلطنة عمان بالإضافة إلى فی تنفیذ رصد سقوط من خلال عدد من فی هذا

إقرأ أيضاً:

الطاقة المتجددة.. فرصة اقتصادية ومساهمة بيئية

تحتفل سلطنة عمان بمسيرة حافلة من الإنجازات في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. هذه الإنجازات التي تسارعت خلال السنوات الماضية تعكس رؤية طموحة لقيادة حكيمة تهدف إلى تحقيق تحول مستدام يعزز مكانة سلطنة عُمان إقليميا وعالميا، ويمهد الطريق نحو اقتصاد أخضر متكامل ومستدام.

يستعرض هذا التقرير الإنجازات الرئيسية التي حققتها سلطنة عُمان في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مع التركيز على المشاريع الكبرى، والشراكات الدولية، والآفاق المستقبلية التي تؤكد التزام سلطنة عُمان بتحقيق التنمية المستدامة.

فمنذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم، وضعت سلطنة عمان استراتيجيات شاملة للتحول إلى الطاقة المتجددة. أحد أبرز هذه الاستراتيجيات كان التركيز على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتوسع في استخدام مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر. تمثل هذه الخطوات جزءا من «رؤية عُمان 2040»، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وضمان أمن الطاقة. وقادت وزارة الطاقة والمعادن هذه التحولات بفاعلية عالية، حيث أطلقت مشاريع عملاقة في الطاقة المتجددة، وأسست تحالفات وطنية ودولية لدعم البحوث والابتكار، وضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

مشاريع استراتيجية

شهدت سلطنة عمان تطورا ملحوظا في مجال الطاقة المتجددة، حيث باتت تقود مشاريع استراتيجية تعزز مكانتها الإقليمية كدولة رائدة في إنتاج الطاقة النظيفة. ومن بين أبرز هذه المشاريع، مشروع ظفار لطاقة الرياح، كأول مزرعة رياح ضخمة في دول مجلس التعاون الخليجي. يقع المشروع في جنوب سلطنة عمان بمحافظة ظفار، ويسهم في إنتاج طاقة مستدامة تخدم آلاف المنازل والشركات، مع تقليل الانبعاثات الكربونية ودعم جهود مكافحة تغير المناخ. ويُعد المشروع مثالا حيا على قدرة سلطنة عمان على تسخير مواردها الطبيعية لتحقيق الاستدامة.

وعلى الجانب الآخر، يمثل مشروع أمين للطاقة الشمسية نقلة نوعية في مجال الطاقة النظيفة، ويمتد المشروع على مساحة تعادل 480 ملعب كرة قدم بالقرب من منطقة نمر في محافظة الظاهرة، ويعتمد المشروع على تقنيات متطورة لتحقيق كفاءة إنتاجية عالية للطاقة الشمسية، إضافة إلى فوائده البيئية، ويحقق أيضا مكاسب اقتصادية مهمة من خلال تقليل الاعتماد على استيراد الطاقة التقليدية، مما يعزز الاقتصاد الوطني ويدعم تحقيق أهداف الاستدامة طويلة الأجل.

أما محطة عبري 2 للطاقة الشمسية، التي افتُتحت في يناير 2022، فتُعد نموذجا عالميا للاستدامة، وتلبي المحطة احتياجات عدد كبير من السكان من الطاقة النظيفة، مما يعكس التزام سلطنة عمان بتوفير حلول طاقة مستدامة، إلى جانب ذلك، ساهم المشروع في توفير فرص عمل للشباب العماني، حيث لعب دورا بارزا في بناء قدراتهم التقنية وتطوير مهاراتهم، ما يعزز مشاركة الكوادر المحلية في قطاع الطاقة المتجددة.

ودشنت «عُمان شل» أول محطة في مشروع قبس صحار للطاقة الشمسية بحجم 25 ميجاوات، والتي من شأنها أن تدعم الميناء والمنطقة الحرة في صحار في أهدافها المتعلقة بالاستدامة، إضافة إلى إبراز الفوائد المُحققة من استغلال الطاقة الشمسية في الاستخدامات الصناعية.

وتُعد هذه المحطة، المملوكة بشكل كامل من قِبل «عُمان شل»، أول مشروع للطاقة الشمسية لشل مصمم للنطاق الصناعي على مستوى الشرق الأوسط وسلطنة عمان. وتقع المحطة على مساحة 50 هكتارا داخل منطقة صحار الحرة في شمال سلطنة عمان، وتتكون من أكثر من 88.000 وحدة للطاقة الشمسية. ويتم نقل، ومن ثم استخدام، 100% من الطاقة المولدة من هذه المحطة من قِبل مصنع كبير لإنتاج سبائك الفيروكروم، مما يقلل من استخدام الطاقة الكهربائية المنتجة من حرق الغاز الطبيعي، ويُقلل أيضا من انبعاثات أكثر من 25 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا.

الحد من الأثر الكربوني

يمثّل مشروعا منح 1 ومنح 2 للطاقة الشمسية، اللذان تنفذهما شركة نماء لشراء الطاقة والمياه بولاية منح بمحافظة الداخلية، أكبر مشروع للطاقة الشمسية في سلطنة عمان، بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 800 مليون دولار. وهو من المشروعات المهمة في قطاع الكهرباء، ويهدف إلى الحد من الأثر الكربوني وخفض الطلب على الغاز الطبيعي.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمشروعي «منح 1» و«منح 2» للطاقة الشمسية حوالي ألف ميجاوات، عبر استخدام تقنية الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتصل مساحتهما الإجمالية إلى 14.5 مليون متر مربع وأكثر من مليوني لوح شمسي، كما يبلغ إجمالي طول الكابلات أكثر من 3000 كم، وستغذي أكثر من 120 ألف منزل. ومن المتوقع التشغيل التجاري لمشروع «منح 1» خلال الربع الأول من 2025، ومشروع «منح 2» في الربع الثاني من نفس العام.

وتُعد هذه المشاريع من المبادرات الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، تأكيدا على التزام عُمان بالتحول إلى اقتصاد مستدام. ومن خلال هذه الجهود، لا تقتصر سلطنة عمان على تحقيق أهدافها البيئية فحسب، بل تسهم أيضا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعلها في طليعة الدول التي تتبنى حلول الطاقة النظيفة على مستوى المنطقة.

الهيدروجين الأخضر

أسهمت الطاقة المتجددة في التركيز على اقتصاد الهيدروجين الأخضر، فالاقتصاد الهيدروجيني قادر على تعويض القيود التي تفرضها مصادر الطاقة المتجددة، لأن الهيدروجين يجعل الانتقال الطاقي الكامل ممكنا.

وتهدف سلطنة عمان لتأمين أكثر من ٥٠ ألف كيلومتر مربع من الأراضي المخصصة للاستثمارات في الهيدروجين الأخضر، والتي ستكون قادرة على توليد أكثر من عشرة أضعاف الطلب المحلي على الطاقة بحلول عام ٢٠٥٠.

وتتمثل الأهداف الاستراتيجية للانتقال نحو الهيدروجين في ضمان أمن الطاقة، وتنويع الاقتصاد، وربط الصناعات وخلق وظائف جديدة، والتخلص من الانبعاثات الكربونية للحفاظ على مستقبل مستدام، وإنشاء قطاعات هيدروجين أخضر ذات تكلفة تنافسية لأسواق التصدير، ودعم الابتكار وتطوير القدرات.

وتعزز سلطنة عمان مكانتها كوجهة عالمية رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، والوقود المستدام الذي يُعتبر محورًا رئيسيًا للتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة. وفي ١٢ أغسطس ٢٠٢١، أطلقت وزارة الطاقة والمعادن تحالف «هاي فلاي»، وهو تحالف وطني يضم ١٣ مؤسسة من القطاعين العام والخاص، مثل شركات النفط والغاز والهيئات الأكاديمية كجامعة السلطان قابوس. ويهدف التحالف إلى دعم الإنتاج المحلي للهيدروجين النظيف، وتسهيل نقله محليًا وتصديره عالميًا، وتعزيز الابتكار والاستثمار في تقنيات إنتاج الهيدروجين.

ويبرز مشروع هايبورت الدقم كأحد المبادرات البارزة، حيث يقع المشروع في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ويسهم في إنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجددة، ويُعزز المشروع صادرات عُمان من الطاقة النظيفة ويدعم خطط سلطنة عُمان لتُصبح مركزًا إقليميًا للطاقة الخضراء.

ويستهدف مشروع عُمان للطاقة الخضراء إنتاج حوالي 25 جيجاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتجددة، ومن المقرر استثمار هذه الطاقة في إنتاج أكثر من 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر الخالي من الكربون سنويًا. ويهدف مصنع الأمونيا في ولاية صلالة بمحافظة ظفار إلى إنتاج 1000 طن متري في اليوم من الأمونيا السائلة، وبلغت التكلفة الاستثمارية للمصنع نحو 463 مليون دولار أمريكي.

كما وقعت وزارة الطاقة والمعادن وشركة بي. بي. اتفاقيتي العمل الاستراتيجي وجمع بيانات الطاقة المتجددة لدعم مشروعات تنمية الطاقة المتجددة على مستوى عالمي وتطوير الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان بحلول عام 2030. يُشار إلى أن شركة هايدروم تأسست في عام 2020 كمُخطط رئيسي لقطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان، ومنحت الشركة حتى أبريل 2024 ما يزيد على 2300 كيلومتر مربع من الأراضي لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر من أصل 50000 كيلومتر مربع. وبإجمالي استثمارات يتجاوز 49 مليار دولار أمريكي، تقود هايدروم استراتيجية الهيدروجين التي تُعد جزءًا من استراتيجية أوسع للطاقة تهدف إلى توفير طاقة مستدامة وآمنة وبتكلفة تنافسية لدفع عجلة النمو الاقتصادي في عُمان من خلال توطين وتنويع القطاع فضلًا عن تمكين البلاد من تحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.

الشراكات الدولية

إدراكًا لأهمية التعاون الدولي في تحقيق أهدافها، أبرمت سلطنة عُمان شراكات استراتيجية مع دول رائدة في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ومن أبرز هذه الشراكات، في عام 2022، وقعت سلطنة عُمان مذكرة تفاهم مع نيذرلاند لتطوير مشاريع الطاقة الخضراء، بما يدعم الابتكار وتبادل الخبرات، ويعزز التعاون في مشاريع الطاقة المتجددة، مما يُعزز التكامل بين البلدين في هذا المجال الحيوي، مع المملكة العربية السعودية، والتعاون مع اليابان في تطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر ووقود الأمونيا وتدوير الكربون.

وفي عام 2023، تم التعاون مع بلجيكا في دعم مشروع هايبورت الدقم وتعزيز صادرات الهيدروجين الأخضر، ومذكرة تفاهم في مجال التحول الأخضر مع كوريا الجنوبية، والتعاون مع جمهورية المجر في تطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر منخفض الكربون، وتوقيع اتفاقية مع سويسرا لتطوير مشاريع الطاقة المستدامة وتبادل الخبرات في مجال الطاقة النظيفة.

وتشكل هذه الشراكات جزءًا من «رؤية عُمان 2040»، التي تسعى إلى تحويل سلطنة عمان إلى مركز عالمي للطاقة المستدامة، ما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في المنطقة ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.

وتضع سلطنة عمان أهدافا طموحة لتحقيق التحول المستدام، والتي تتمثل في تحقيق الحياد الكربوني عبر تقليل الانبعاثات والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة، ورفع نسبة مساهمة الطاقة النظيفة إلى 50% بحلول عام 2050 من خلال مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتعزيز الابتكار من خلال تأسيس مراكز أبحاث متقدمة لدعم تقنيات الطاقة النظيفة، وتمكين الشباب عبر توفير آلاف الوظائف في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

وتمضي سلطنة عمان، مع هذه المشاريع والشراكات والأهداف المستقبلية، بثقة نحو اقتصاد مستدام يعتمد على الطاقة النظيفة، ترسخ جهودها مكانتها كدولة رائدة في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، مما يجعلها نموذجا عالميا يُحتذى به في مسيرة التحول الأخضر.

مقالات مشابهة

  • الألعاب النارية تضيء سماء سلطنة عمان ابتهاجًا بيوم النهضة المتجددة
  • الأنشطة غير النفطية نمو مستدام يرسم ملامح المستقبل
  • الطاقة المتجددة.. فرصة اقتصادية ومساهمة بيئية
  • الثقافة العمانية ... إرث متجدد ومسيرة متواصلة
  • أطفـال عمـان.. كيـف ينظـرون إلـى مستقبـل بلادهم.. وبمَ يحلمون؟
  • توقيع مذكرة تفاهم بين سلطنة عمان والسعودية في المجال المالي
  • السفير الرحبي: الثقافة العمانية بتاريخها العريق تظل بحاجة لمزيد من الجسور التي تربطها بنظيراتها في العالم
  • وزير التراث العماني: مصر لديها تجربة ملهمة ورائعة في القطاع السياحي
  • عُمان تحتفي بالمنجز لا بالزمن
  • الأرقام المذهلة التي أعلنتها عمان