دمشق- بعد سيطرة المعارضة السورية المسلحة على مناطق واسعة شمالي البلاد بما في ذلك كامل الحدود الإدارية لمحافظة حلب وريفها، ومناطق واسعة من ريف حماة الشمالي، وإعلانها بدء التوغل في مدينة حماة، لجأت الأجهزة الأمنية وبعض الفرق العسكرية في مناطق سيطرة الحكومة إلى التمهيد لضم الشبان المتخلفين عن الخدمة العسكرية إلى صفوف الجيش.

كما أعلنت شخصيات مقربة من الحكومة السورية تشكيل مجموعات مسلحة للدفاع عن مناطقها، يُصرَف للملتحقين بها رواتب تساوي 5 أضعاف رواتب عناصر الجيش السوري، إلى جانب إعطاء المجندين فيها صلاحيات تسهّل عملهم.

بينما تتضارب الأنباء عن حملة اعتقالات في مدن وبلدات ريف دمشق وحماة وحمص وسائر مناطق سيطرة الحكومة لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما من غير المطلوبين للخدمة، ومن أنهوا خدمتهم الإلزامية لتجنيدهم إجباريا، الأمر الذي ولّد حالة من الفزع والخوف بين أهالي هذه المناطق.

مخاوف

من جهتها، تنفي وسائل إعلام موالية للحكومة السورية حدوث اعتقالات، مؤكدة عدم صدور أي تعليمات أو توجيهات من جهات رسمية في هذا السياق.

ومع الانتشار الكثيف للحواجز المؤقتة الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة عند مداخل المدن والبلدات وفي الساحات الرئيسية في دمشق وريفها منذ الأحد الماضي، التزم شبان من المتخلفين عن الخدمة العسكرية الاحتياطية أو الإلزامية في بيوتهم خوفا من الاعتقال، ما أدى إلى تعطل مصالحهم وأعمالهم.

إعلان

يقول نزيه. ف (34 عاما)، وهو صاحب محل حلاقة من أبناء مدينة دوما في ريف دمشق ومطلوب للخدمة الاحتياطية، إنه يلزم منزله منذ 3 أيام خشية اعتقاله على أحد الحواجز المؤقتة المنتشرة بكثافة في المدينة.

ويضيف للجزيرة نت: "أجبرتني هذه الأوضاع على التوقف عن العمل طيلة الأيام الماضية، والآن لا أملك وعائلتي سوى مبلغ مالي صغير لا يكفي سوى لأيام ولا أعلم كيف سنتدبر أمرنا إذا استمر الحال على ما هو عليه، فأنا لا أجرؤ على الحركة خارج الشقة، والضمانة الوحيدة هي أن أبقى في منزلي حتى تنتهي هذه الأزمة".

حملة اعتقالات

وأكدت مصادر محلية في ريف دمشق -للجزيرة نت- وجود حملة اعتقالات للشبان المتخلفين عن الخدمة العسكرية تقودها الفرقة الرابعة، التابعة لماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد، وقوات من المخابرات العسكرية بهدف تجنيدهم في أسرع وقت لتعزيز قوات الجيش في جبهات القتال مع فصائل المعارضة.

في حين أعلن وسيم الأسد، قائد "مجموعة مسلحة محلية" في محافظة اللاذقية وابن عم الرئيس السوري، في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري على صفحته الشخصية في فيسبوك، عن "تجهيز مجموعات إسناد وحماية خاصة بمحافظة اللاذقية وريفها تكون رديفة للجيش والقوات العاملة على جبهات القتال".

ولمجندي هذه المجموعات "مهمات خارجية تابعة لشعبة المخابرات العسكرية براتب شهري قدره 3 ملايين ليرة سورية (175 دولارا) للمقاتل"، واعدا المنتسبين إلى هذه المجموعات بتسوية أوضاعهم سواء كانوا من "الفارين أو المدعوين للخدمة الإلزامية" في الجيش.

ونشر وسيم الأسد، في وقت لاحق على صفحته في فيسبوك، صورا تظهره إلى جانب مجموعة من المسلحين.

رفع معنويات

في سياق متصل، أصدر الرئيس بشار الأسد، أمس الأربعاء، المرسوم رقم 28 القاضي بإضافة نسبة 50% إلى الرواتب المقطوعة للعسكريين المشمولين بأحكام قانون الخدمة العسكرية، في ما يراه مراقبون محاولة لرفع معنويات عناصر الجيش خشية من الانشقاقات وتجهيزا للمعارك المحتدمة على جبهة الشمال.

إعلان

وكانت المعارضة المسلحة قد أعلنت، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدء ما سمتها معركة "ردع العدوان"، وقال حسن عبد الغني الناطق باسم غرفة عمليات "الفتح المبين"، التي تشمل هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير وفصائل أخرى، إن الهدف منها توجيه ضربة استباقية لحشود الجيش السوري التي تهدد المواقع التي تسيطر عليها المعارضة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الخدمة العسکریة

إقرأ أيضاً:

أبعاد أول زيارة لمسؤول جزائري إلى دمشق بعد سقوط الأسد

الجزائر- شكلت زيارة وزير الدولة، وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، إلى سوريا في الثامن من فبراير/شباط الجاري، فرصة مهمة لبحث مستقبل العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها، خاصة في ظل المتغيرات السياسية التي شهدتها دمشق بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأتاحت الزيارة فرصة للجزائر لتؤكد من خلالها دعمها وحدة سوريا واستقرارها، ولتجديد التعبير عن تضامنها ووقوفها إلى جانب دمشق خلال هذه المرحلة الدقيقة، ولمد المساعدة الكاملة في كل المجالات لتمكين الشعب السوري من كسب الرهانات وتحقيق تطلعاته المشروعة التي يرسمها في المستقبل.

وكشف المبعوث الخاص للرئيس الجزائري -عقب استقباله من قبل الرئيس السوري أحمد الشرع– استعداد الجزائر لتطوير تعاونها الثنائي مع دمشق، لا سيما في ميدان الطاقة والتعاون التجاري والاستثمار وإعادة الإعمار.

علاقات متينة

من جانبه، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن الإدارة السورية الجديدة بحثت مع الجزائر جهود رفع العقوبات الدولية عن دمشق انطلاقا من عضويتها بمجلس الأمن.

في السياق، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي عبد النور تومي أن العلاقات الجزائرية السورية ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى عهد الأمير عبد القادر وما قبله، وهي راسخة ومتينة بين الشعبين. وأضاف للجزيرة نت أنها تأتي في إطار حراك دبلوماسي تعيشه سوريا الجديدة.

إعلان

وأكد أن الجزائر بفضل دبلوماسيتها التي تقوم على مزيج من المبادئ الثابتة والواقعية الجديدة، استطاعت التكيف مع المستجدات التي تشهدها المنطقة. وباتت تمتلك نهجا واضحا في إدارة العلاقات المركبة في المنطقة، مما يعزز مكانتها كشريك إستراتيجي لسوريا، إلى جانب قوى إقليمية أخرى مثل تركيا وقطر.

وحسب تومي، ستلعب الجزائر دورا دبلوماسيا فاعلا خصوصا أنها تمتلك حضورا نشطا في مجلس الأمن، حيث تمثل الصوت العربي فيه، الأمر الذي قد يمنحها دورا حاسما في دعم سوريا الجديدة، ومن ذلك العمل على رفع العقوبات المفروضة عليها نهائيا.

وأشار إلى "تجربة الجزائر الناجحة في تحقيق المصالحة الوطنية، وهو ما يمنحها دورا مهما في دعم الاستقرار في سوريا".

أهمية كبيرة

اقتصاديا، قال الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي إن العلاقة بين البلدين تكتسب أهمية كبيرة، حيث شهدت السنوات الأخيرة حضورا بارزا للسوريين في الجزائر من خلال تأسيسهم شراكات واستثمارات متعددة، إلى جانب دورهم كخبراء في العديد من القطاعات.

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر تيغرسي أن السوريين أصبحوا جزءا مهما من المشهد الاقتصادي الجزائري "تماما كما هو الحال في تركيا"، وأوضح أن هذا الواقع يسهم في تقارب اقتصادي بين الجانبين.

وأكد أنه في هذه المرحلة يمكن تحفيز الشراكات السورية والجزائرية التي كانت قائمة في السابق لإعادة إحيائها، أو بعث شراكات أخرى سواء في مجالات الطاقة أوالتجارة أو الإعمار أو صناعة النسيج التي قال إنها تحديدا يمكن أن تكون نقطة انطلاق أساسية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ووفقا له، تمتلك الجزائر إمكانيات وثروات هائلة وتسعى إلى تطوير نموذج اقتصادي متكامل، يشمل قطاعات حيوية مثل البنية التحتية والزراعة والصناعة والصناعات التحويلية والصيدلانية والتعدين والصيد البحري والسياحة. وأضاف أن سوريا -بدورها- كانت معروفة بقطاعها السياحي المزدهر، فضلا عن شهرتها بصناعة النسيج.

إعلان

وحسب الخبير الاقتصادي، يكمن التحدي اليوم في كيفية تفعيل هذه الإمكانيات واستثمارها ضمن شراكة حقيقية بين سوريا والجزائر، مؤكدا أن هناك آفاقا واسعة لتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، خصوصا من خلال العنصر البشري.

وأكد أن الجزائر كانت "دائما داعمة لاستقلال القرار السوري، وحرصت على أن تعتمد سوريا على شعبها وإمكانياتها"، معتبرا أن المرحلة المقبلة ستكون بداية مشجعة لتعزيز هذه العلاقات الاقتصادية وتطوير شراكة متينة بين البلدين.

زيارة نوعية

وتعد زيارة وزير الخارجية الجزائري الأولى من نوعها لمسؤول جزائري رفيع منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وكانت وزارة الخارجية الجزائرية أصدرت بيانا، بعد إعلان سقوط النظام المخلوع، دعت فيه "كافة الأطراف السورية إلى الوحدة والسلم". كما شددت "على الحوار بين أبناء الشعب السوري، بكافة أطيافه ومكوناته، وتغليب المصالح العليا لسوريا الشقيقة والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد، والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع".

كما دعت الجزائر على لسان وزير خارجيتها أحمد عطاف إلى "إشراف أممي على الحوار بين الفرقاء السوريين في ظل حرمة ووحدة التراب السوري"، مشيرا إلى أن "الجزائر تعترف بالدول وليس بالحكومات"، وأضاف أنه "نهج يعزز مرونة الموقف الدبلوماسي الجزائري عبر التاريخ".

وكانت إدارة الشؤون السياسية في سوريا قد وجهت في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي شكرا للجزائر على استمرار عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق، مؤكدة توفير كل التسهيلات لاستمرار أعمالها.

ولم يصدر من الجزائر أي موقف رسمي من التطورات السياسية في دمشق بعدما أعلنت إدارة العمليات العسكرية السورية، في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية.

وكشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في حوار أجراه في الثالث من فبراير/شباط الجاري مع صحيفة "لوبينيون الفرنسية"، أنه أرسل مبعوثا للرئيس المخلوع بشار الأسد قبل سقوطه، مؤكدا أن "الجزائر اقترحت -بموافقة الأمم المتحدة– أن تكون وسيطا لكي يتحدث الأسد مع معارضيه، إلا أن الأمر لم يؤت أكله".

إعلان

وأكد تبون أن بلاده "لطالما تحدثت مع الأسد وكانت حازمة معه ولم تقبل أبدا بالمجازر التي ارتكبها ضد شعبه".

مقالات مشابهة

  • الشركات السورية  تشكو عدم اهتمام العراق.. وبغداد: لا تجارة إلا بعد استقرار دمشق
  • سيطرة “إسرائيل” على سوريا.. مقدّمة لحرب ضدّ إيران
  • جدل بشأن منشور منسوب لنجل الأسد يرد على قصة "الهروب"
  • الشرع: آلاف المتطوعين ينضمون إلى الجيش السوري الجديد بعد الإطاحة بـ"نظام الأسد"
  • إعفاء 160 طالبًا فى جنوب الوادي من أداء الخدمة العسكرية
  • هل يستعيد قطاع النقل في سوريا عافيته بعدما أهمله الأسد؟
  • أبعاد أول زيارة لمسؤول جزائري إلى دمشق بعد سقوط الأسد
  • احتجاجات غاضبة في الضالع تنديداً بانقطاع الكهرباء وانهيار العملة.. وحملة اعتقالات تطول المتظاهرين
  • تصاعد الخلاف الإسرائيلي الداخلي بشأن قانون التهرب من الخدمة العسكرية
  • وفد من منظمة الأسلحة الكيميائية يلتقي الشرع في دمشق