لأول مرة، تنظم منظمة الصحة العالمية قمة عالمية للطب التقليدي

لطالما كان الطب التقليدي لآلاف السنين، جزءا لا يتجزأ من الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. وبدافع الاقتناع العميق أو بسبب نقص الأدوية الأخرى، يستخدم 80 بالمئة من سكان العالم اليوم شكلا من أشكال الطب التقليدي. وتتنوع طرق العلاج في الطب التقليدي من  استخدام الخلطات العشبية  والوخز بالإبر والتدليك وغيرها من الطرق.

مختارات الطب التجانسي يثير الجدل في ألمانيا لخفض ضغط الدم..عليك بهذه الأعشاب والتوابل ألمانيا: دعوات للانفتاح على الطب الآسيوي التقليدي الماء بالعسل- قوة للأبدان وشفاء من الأمراض

والآن ولأول مرة، تنظم منظمة الصحة العالمية قمة عالمية للطب التقليدي، بالاشتراك مع الحكومة الهندية التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين في عام 2023. ستعقد القمة على هامش اجتماع وزراء الصحة لمجموعة العشرين يومي 17 و 18 أغسطس/آب 2023 في غاندي ناجار في غوجارات.

عوالم تتصادم

في الوقت نفسه ، يقف المؤيدون والمعارضون لموضوع الطب التقليدي على طرفي نقيض بشكل لا يدع مجالا للتوافق بينهما. لذلك، وفي سياق الإعلان عن القمة، تلفت منظمة الصحة العالمية إلى أن الطب التقليدي موجود أيضا في العلوم الحديثة. فحوالي 40 بالمئة من جميع الأدوية المعتمدة اليوم تعتمد على  المنتجات الطبيعية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. اكتشاف الأسبرين مثلا استند إلى الوصفات القديمة المصنوعة من لحاء شجرة الصفصاف. مثال آخر: البحث عن مادة الأرتيميسينين لاستخدامها ضد الملاريا، والذي مُنحت جائزة نوبل له في عام 2015، بدأ بدراسة النصوص القديمة في الطب الصيني.

ولكن الأمر ليس كذلك دائما، فكثير من العلاجات لا يوجد دليل على الإطلاق على أن لها أي مفعول علاجي. ومع ذلك، فإن الطلب الصيني على المكونات الحيوانية، التي تدخل في الطب الصيني التقليدي، بات هائلا، لدرجة أن بعض أنواع الحيوانات -مثل النمور ووحيد القرن وفرس البحر وآكل النمل الحرشفي- مهددة بالانقراض.

ومنذ سنوات، تعمل الصين على شراء الحمير من جميع أنحاء العالم بمئات الملايين من الدولارات، لأنه يمكن الحصول من عظام وجل الحمير على "جيلاتين إيجياو"، الذي يقال إنه يوقف النزيف ويحارب السعال والسرطان. ولكن لا يوجد دليل على أن هذه الأدوية فعّالة حقا. الأطباء والباحثون، في الغرب خصوصا، يشككون في ممارسات الطب الصيني التقليدي.

 

ما هدف القمة العالمية؟

تُعرِّف منظمة الصحة العالمية الطب التقليدي بأنه "حصيلة مجمل المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات المتأصلة في مختلف الثقافات، سواء كانت قابلة للشرح والتفسير أم لا، وتستعمل في صيانة الصحة، وفي الوقاية من الاعتلال البدني والنفسي، وتشخيصه، وتخفيفه ومعالجته". تعريف فضفاض كما هو واضح.

ويُستخدم الطب التقليدي (الشعبي) حاليا في 170 دولة، من بين أعضاء منظمة الصحة العالمية، وقد طلبت هذه الدول أدلة وبيانات، لتكون أساسا للسياسات والمعايير واللوائح، بهدف استخدام الطب التقليدي بشكل آمن ورخيص وعادل.

لذلك ستقوم القمة العالمية الأولى ليس بجمع مختلف الجهات الفاعلة في مجال الطب التقليدي فقط، وإنما ستضع أيضا معايير لممارسات ومنتجات الطب التقليدي، وإنشاء قاعدة أدلة موثوقة للسياسة. ولهذا يجب فحص ما إذا كانت هناك اختلافات كبيرة بين الفائدة المتصورة والفائدة الفعلية التي تقدمها طرق العلاج البديل. هل يقتصر الأمر على الاعتقاد بأن طريقة معينة تساعد على الشفاء، أم أنه يمكن إثبات هذا التأثير أيضا؟

بالإضافة إلى ذلك، ستتم مناقشة كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة كالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في الطب التقليدي.

 

الهند كمركز للطب التقليدي

ليس من قبيل المصادفة أن تعقد أول قمة عالمية لمنظمة الصحة العالمية حول الطب التقليدي في الهند. فمن الهند أتت "الأيورفيدا" وترجمتها باللغة السنسكريتية تعني "علم الحياة"، والتي تعتبر منذ أكثر من ألفي عام طبا شعبيا في جنوب آسيا، وبالتالي فهي واحدة من أقدم أنظمة العلاج الطبيعي المعروفة. ويعتبر الطب البديل في الهند أمرا شديد الأهمية لدرجة أن لديهم وزارة ة خاصة للأيورفيدا واليوغا والمعالجة الطبيعية  والمعالجة التجانسية.

واستجابة للاهتمام العالمي المتزايد، أنشأت منظمة الصحة العالمية في مارس/آذار 2022 المركز العالمي للطب التقليدي التابع لمنظمة الصحة العالمية في جامناغار، للجمع بين الحكمة القديمة والعلوم الحديثة من أجل صحة ورفاهية البشر والكوكب. وقدمت الحكومة الهندية المحافظة مبلغ 250 مليون دولار (230 مليون يورو) لدعم المركز. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس: "يهدف المركز ليكون محركا للابتكار من أجل جمع الأدلة والبيانات والاستدامة في الطب التقليدي".

شكوك بالجدوى ومحدودية التمويل

إلقاء نظرة فاحصة على طرق العلاج التي تم تطويرها على مدى قرون، يبدو أمرا منطقيا، من أجل التحقق من مدى معقولية هذه الطرق، وفي حالة الشك إجراء دراسات سريرية جيدة، كما يقول جورج رويشيماير من منظمة كوكرين، وهي منظمة مستقلة غير حكومية وغير ربحية تتألف من أكثر من 31 ألف متطوع في أكثر من 120 بلدا، هدفها تنظيم معلومات الأبحاث العلمية الطبية بشكل منهجي، مما يسهل اتخاذ القرارات من قبل الأخصائيين في مجال الطب، بالإضافة إلى المرضى وصانعي السياسات الصحية، وذلك حسب مبادئ الطب المسند بالدليل.

ومع ذلك، يؤكد رويشيماير في حديث لوكالة الأنباء الألمانية أنه بالإضافة إلى الأمثلة التي ذكرتها منظمة الصحة العالمية، مثل الأسبرين أو مادة الأرتيميسينين، ربما توجد أمثلة عديدة أثبتت فيها  الطرق التقليدية  أنها غير فعالة أو حتى خطيرة عند الفحص الدقيق – مثل الفصد. ويضيف رويشيماير: "من خلال تجربتي الشخصية في كوكرين، أود أن أقول إنني لم أجد الكثير من مراجعات كوكرين التي تظهر دليلا مقنعا حقا على نجاعة طريقة من طرق العلاج التقليدي".

بيد أن من أسباب ذلك أيضا حقيقة أنه في كثير من الأحيان لا يوجد سوى عدد قليل من الدراسات التي يتم إجراؤها، وغالبا بشكل سيء، ولا يمكنها بالتالي إثبات أو دحض فائدة أي طريقة علاج تقليدية. ومن ناحية أخرى، تكلف مثل هذه الدراسات الكثير من المال، وبالتالي يجب أولا التثبت من جدوى القيام بها ومدى أهميتها.

ولهذا فإنه من المنطقي أن تضع منظمة الصحة العالمية معايير لممارسات ومنتجات الطب التقليدي في المستقبل، وكذلك إنشاء قاعدة أدلة موثوقة قائمة على البيانات لتساعد على صياغة السياسات الطبية.

أليكساندر فرويند/ف.ي

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الطب البديل الطب التقليدي منظمة الصحة العالمية دويتشه فيله الطب البديل الطب التقليدي منظمة الصحة العالمية دويتشه فيله منظمة الصحة العالمیة الطب التقلیدی طرق العلاج فی الطب

إقرأ أيضاً:

الإمارات تُجلي 210 مصابين ومرضى ومرافقيهم من غزة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية

في رحلة هي الثانية والعشرون من نوعها، نفّذت دولة الإمارات اليوم الأربعاء مبادرة إنسانية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لإجلاء 86 مصاباً ومريضاً في حالة حرجة من قطاع غزة – من ضمنهم أطفال ومرضى سرطان بحاجة لعلاج مكثف – انطلاقاً من مطار رامون في إسرائيل وعبر معبر كرم أبوسالم لتلقي الرعاية العلاجية والطبية في مستشفيات الدولة، ويرافق المرضى 124 من أفراد عائلاتهم.

وقال سعادة سلطان محمد الشامسي مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والمنظمات الدولية، عضو مجلس الشؤون الإنسانية الدولية تعليقاً على رحلة الإجلاء الطبي الجديدة: “تأتي هذه العملية في إطار التعاون بين دولة الإمارات ومنظمة الصحة العالمية، وضمن التزام دولة الإمارات الراسخ لدعم الأشقاء الفلسطينيين في مواجهة الأوضاع الكارثية التي يواجهها القطاع والشعب الفلسطيني هناك”.

وأضاف سعادته: “من المهم للغاية أن نستمر في العمل والتعاون الحثيث مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالإغاثة والشركاء الدوليين للقيام بدور قيادي فعّال ورائد في توفير الرعاية الصحية المتقدمة للجرحى الفلسطينيين أو المصابين بأمراض مستعصية. نعمل بكل جد على دعم المساعي المبذولة لتخفيف هذه الكارثة الإنسانية بكل الوسائل المتاحة”.

ويأتي إجلاء المصابين والجرحى ومرضى السرطان الفلسطينيين في إطار المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” في أكتوبر 2023 بعلاج 1,000 طفل و 1,000 مريض بالسرطان من أبناء قطاع غزة في مستشفيات دولة الإمارات، وقد وصل حتى اليوم 2127 مريضاً ومرافقاً.

كما بذلت دولة الإمارات جهوداً حثيثة لتقديم الرعاية الصحية المتقدمة للمصابين والمرضى الفلسطينيين، حيث عالج المستشفى الميداني الإماراتي في جنوب غزة منذ افتتاحه في 2 ديسمبر 2023 ما يزيد على 50,489 حالة، فيما عالج المستشفى العائم قبالة ساحل مدينة العريش المصرية أكثر من 6,405 حالات منذ افتتاحه في فبراير 2024.

وقدّمت دولة الإمارات منذ بداية الأزمة استجابة إغاثية واسعة للأشقاء الفلسطينيين لمساندتهم في الظروف الحرجة التي يمرون بها، حيث قدمت ما يزيد عن 43 ألف طن من الإمدادات الإغاثية الغذائية والطبية.


مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: مئات ملايين الأطفال والمراهقين يواجهون العنف يوميا
  • الصحة العالمية: تعرض 3 من بين كل 5 أطفال للعنف الأسري يوميًا
  • «الصحة»: «الصحة العالمية» تمنح مصر شهادة خلوها من 5 أمراض وبائية
  • الإمارات تُجلي 210 مصابين ومرضى ومرافقيهم من غزة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية
  • منظمة الصحة العالمية: سنقوم بإجلاء 100 مريض من غزة للمرة الأولى منذ أكثر من شهر
  • الصحة العالمية: 14 ألف مريض بغزة يحتاجون إلى الإخلاء الطبي
  • الصحة العالمية: سنقوم بإجلاء 100 مريض من غزة غدًا
  • الصحة العالمية: سيتم إجلاء أكثر من 100 مريض ومصاب من غزة
  • الصحة العالمية: إجلاء 100 مريض من غزة إلى الخارج بقصد العلاج
  • منظمة الصحة العالمية: حظر الأونروا لن يعزز أمن إسرائيل