قالت دار الإفتاء المصرية إن الشريعة نورٌ وهدايةٌ للعالمين على اختلاف أعراقهم وأجناسهم، وقد جاءت محافِظة على بنيان أشرف مخلوق خلقه الله -عز وجل- وهو ذلك الخلق الإنساني الذي سُخِّرت من أجله عوالم هذا الكون بَرًّا وبحرًا، وما ذلك إلا لشرف التكليف الذي كُلف به، من عبادة الله، وعمارة الكون، وتزكية النفس.

معنى الشرع والشريعة 

ووضحت الإفتاء أن الشرع في اللغة والاصطلاح: هو مصدرٌ يعني "شرع للناس كذا"، أي سنَّ لهم هذا الشيء، أما الشريعة، في اللغة، فهي تحمل معنيين: الأول هو المذهب والطريقة المستقيمة، والثاني هو مورد الماء الذي يُقصد للشرب.

ومثلها في المعنى "شِرعة".

أما في الاصطلاح، فإن "الشرع" و"الشريعة" هما مرادفان للدين، ويُقصد بهما كل ما شرعه الله لعباده من أحكام. وسميت هذه الأحكام "الشريعة" لأنها مستقيمة من جهة، ولأنها تشبه مورد الماء من جهة أخرى، حيث أنها تمنح الحياة للنفوس والقلوب والعقول والأرواح، كما أن الماء يُحيي الأبدان.

الشريعة الواحدة والمتعددة:

على هذا الأساس، فإن "الشريعة" و"الشرع" و"الدين" و"الملة" تعني جميعها الأحكام التي شرعها الله لعباده، ولكن هذه الأحكام تسمى "شريعة" من حيث استقامتها ووضوحها، وتسمى "دينًا" باعتبار الخضوع لها وطاعة الله، وتسمى "ملة" من حيث إملائها على الناس. يقول الله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (3).

الشريعة تشمل العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق، كما ورد في قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ (4). هذه الآية تشير إلى الشريعة الواحدة التي تشمل العقيدة والأخلاق، وهما جزءان لا يختلفان بين الأمم. أما المعاملات والعقوبات فقد تختلف حسب الزمان والمكان، كما ورد في قوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (5).

 

معنى الشريعة في العرف 

ومع ذلك، فقد جرى العرف على استخدام "الشريعة" بمعنى أضيق من الدين، إذ يُطلق عليها الأحكام العملية، وبذلك تكون مرادفة للفقه. وقد شاع في بعض البلدان الإسلامية، مثل مصر، تسمية الكليات التي تدرس الفقه بـ"كليات الشريعة"، وانتقلت هذه التسمية إلى بلدان أخرى.

الشريعة هي المرجعية للمسلمين:

الشريعة الإسلامية شاملة وكاملة، لا نقص فيها ولا عيب. إنها تتناول جميع جوانب الحياة، من سياسات الأمم واقتصاداتها إلى علاقات الجماعات والمجتمعات، ونظام حياة الأفراد، بغض النظر عن الأقطار أو الحضارات أو الأعراق أو الثقافات. وقد دافع علماء الإسلام عن الشريعة، مجيبين على كل التهم والطعون التي وجهها البعض ضدها، ونافحوا عن بقائها في مكانتها الحاكمة، ليبقى شريعة الله هي العليا ويُحقق مقاصده.

فأي حديث عن قسوة الحدود العقابية، أو ظلم في معاملة المرأة أو غير المسلمين أو الرقيق، أو خلل في تصور شؤون الدنيا أو الآخرة، قد قوبل برد من الشريعة التي تقف قوية وصامدة، داحضةً تلك الادعاءات. كما أن الشريعة الإسلامية، بمساندة التراث العلمي والتاريخ الإسلامي المجيد، تظل شامخة في مواجهة الأنظمة التشريعية المعاصرة، مؤكدةً أنها من عند الله، الذي خلق وأحسن الخلق، وقدّر فهدى، وشرع فأحكم، وحكم فعدل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء الشرع الشريعة دار الافتاء المصرية الدين الملة

إقرأ أيضاً:

الواجب على المرأة إذا أفطرت بسبب وضع الحمل في رمضان

قالت دار الإفتاء المصرية، إن الواجب على المرأة البالغة قضاء ما فاتها من صيام رمضان في أي وقت تستطيع فيه القضاء سواء كان القضاء متتابعًا أو متفرقًا، ولا فدية عليها، ولا يُغْنِي عن ذلك ما دفعته من أموال؛ لقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ حيث إنها تستطيع الصيام في أيام أخر، وهو دَيْنٌ لله في ذمتها، ودين الله أحقُّ بالقضاء.

الإفتاء: صوم رمضان واجبٌ بالكتاب والسنة والإجماع

 

وأوضحت الإفتاء أن صوم رمضان واجبٌ بالكتاب والسنة والإجماع ، ففي الكتاب: فقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

وفي السنة: فقوله صلى الله عليه وآله وسلم لمَن سأله: يا رسول الله: أخبرني عمَّا فرض الله عليَّ من الصيام. قال: «شَهْرِ رَمَضَانَ»، قال الرجل: هل علي غيره؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا إِلا أَنْ تَطَوَّعَ». رواه أبو نعيم في "مسنده" والبيهقي في "السنن" من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.

وأجمعت عليه الأمة، وأنَّه أحد أركان الإسلام التي عُلِمَت من الدين بالضرورة، وأنَّ منكره كافرٌ مرتد عن الإسلام.

حرمة صيام رمضان للحائض والنفساء وقضاء ما فاتهما
وقد اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض والنفساء ويحرم عليهما الصيام، وإذا صامتا لا يصحّ صومهما ويقع باطلًا وعليهما قضاء ما فاتهما؛ روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنُؤمَرُ بقضاء الصوم ولا نُؤمَرُ بقضاء الصلاة".

كما أجمع الفقهاء على أنَّ الحيض والنفاس ممَّا يوجب القضاء فقط.

قضاء صيام رمضان
صحّ عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان، رواه مسلم وأحمد. فإنْ أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر صام رمضان الحاضر ثم يقضي بعده ما عليه ولا فدية عليه، سواء كان التأخير لعذر أو لغير عذر على ما ذهب إليه الأحناف والحسن البصري، وذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه يجب عليه القضاء فقط إن كان التأخير بعذر، أما إذا كان التأخير بدون عذر فيلزمه القضاء والفدية.

مقالات مشابهة

  • أحمد الشرع: هذا هو الدرس الذي تعلمته الأجيال من فلسطين
  • الواجب على المرأة إذا أفطرت بسبب وضع الحمل في رمضان
  • هل المرض يكفر الذنوب أم غضب من الله على الإنسان؟.. دار الإفتاء تجيب
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: اتباع الموضة جائز بشرط الالتزام بضوابط الشريعة
  • دار الإفتاء: إياك أن تكون من الغافلين عن فضل شهر شعبان
  • علاج الوسواس القهري الذي يصيب الإنسان.. تخلص منه في الحال
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • الإطار:”قد” يحضر الشرع لمؤتمر القمة الذي سيعقد في بغداد
  • دار الإفتاء: لا مانع من صيام يوم بعد الآخر من شهر شعبان
  • بعد إنكار شريف مدكور لـ عذاب القبر.. الإفتاء ترد