كولومبو- تصاعدت التوترات بين الهند وبنغلاديش إلى مستوى جديد عقب تعرض فرع المفوضية العليا لبنغلاديش (السفارة) في مدينة أغارتالا بولاية تريبورة الهندية، الاثنين الماضي، لهجوم نفذته حشود من منظمة "سانغارش ساميتي الهندوسية" على خلفية مزاعم بسوء معاملة الهندوس في داكا عاصمة بنغلاديش.

واعتبرت حكومة بنغلاديش أن الهجوم "مخطط له مسبقا" ودعت السلطات الهندية إلى التحقيق فيه واتخاذ خطوات لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات، واستدعت المفوض السامي الهندي براناي فيرما إلى وزارة الخارجية الثلاثاء الماضي، للتعبير عن احتجاجها الرسمي، في حين أعربت الحكومة الهندية عن أسفها ووصفت الحادث بأنه "مؤسف للغاية".

وفي ما يتعلق باعتقال 6 من المعتدين وإيقاف 3 من رجال الشرطة، قال ميرزا فخر الإسلام عالمكير، الأمين العام للحزب الوطني البنغلاديشي، للجزيرة نت، إن "الإجراءات محل تقدير، لكنها تبقى غير كافية".

مظاهرة في مسجد بيت المكرم الوطني في داكا احتجاجا على انتهاك مقر سفارة بنغلاديش في أغارتالا الهندية (الفرنسية) ادعاءات

ويأتي التوتر الأخير عقب اعتقال داكا الكاهن الهندوسي البنغلاديشي البارز تشينموي كريشنا داس الأسبوع الماضي، بتهمة عدم احترام عَلمها. وتعليقا على ذلك، قالت الهند إنها تتابع بقلق شديد اعتقاله ورفض الإفراج عنه بكفالة، معتبرة أن هذا الحادث يأتي في أعقاب سلسلة من "الهجمات على الهندوس وغيرهم من الأقليات على يد عناصر متطرفة في بنغلاديش".

وقال مانيندرا كومار ناث، القائم بأعمال الأمين العام للمجلس الهندوسي البوذي المسيحي للوحدة في بنغلاديش، لوسائل الإعلام، إنه كان هناك 2010 حوادث اعتداء على الهندوس شملت القتل والتحرش والاختطاف. وأضاف أن الحكومة المؤقتة لم تتخذ أي خطوات للتحقيق فيها أو محاسبة أي شخص مسؤول عنها.

ردا على ذلك، أكد عالمكير أنه "ادعاء لا أساس له من الصحة على الإطلاق وذو أغراض سياسية، نحن ننكر هذا الاتهام ونستنكر موقف الحكومة الهندية".

إعلان

من جهته، قال زعيم هندوسي بنغلاديشي -فضل عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت إن "اضطهاد الهندوس في بنغلاديش له تاريخ طويل ولا يقتصر على فترة ما بعد سقوط رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة واجد". ويشكل الهندوس نحو 8% من سكان البلاد الذين يتجاوز عددهم 170 مليون نسمة.

ويرى محمد طارق الإسلام، الأستاذ في قسم الحكومة والسياسة بجامعة جهانجيرناجار في بنغلاديش والعالم الزائر بجامعة هارفارد في أميركا، أن بنغلاديش مكان مسالم وشعبها هادئ، والعلاقات بين الهندوس والمسلمين كانت مرحبا بها بشكل عام، وقد زادت هذه الشكاوى في السنوات الأخيرة لا سيما مع زوال حكومة الشيخة حسينة.

ويقول للجزيرة نت إن الواقع مختلف إلى حد ما مع وجود قصص عديدة عن المسلمين الذين يدافعون عن الأماكن الدينية الهندوسية، ومع ذلك تنتشر بعض المعلومات المضللة في جميع أنحاء بنغلاديش وفي وسائل الإعلام الهندية نتيجة لهذه الشائعات.

مصالح الهند

كانت الشيخة حسينة قالت في حديثها إلى أنصار حزبها في الولايات المتحدة عبر الإنترنت أمس الأربعاء "إن الهندوس والبوذيين والمسيحيين لم يسلموا من أعمال العنف، فقد تم تدمير 11 كنيسة وتهشيم المعابد والأضرحة البوذية. وعندما احتج الهندوس قبض على زعيمهم".

من جهته، أوضح خالد حسن، زميل المعهد الدولي للوحدة الإسلامية في ماليزيا، أنه وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا"، أعرب أغلب المستجيبين عن رضاهم إزاء شعور الأقليات بالأمان والحماية بشكل أكبر في ظل حكومة محمد يونس مقارنة بسابقتها، و"لكن الهند تثير هذه القضية في ظل فشله في حماية حكومة الشيخة حسينة".

وقد فرّت الشيخة حسينة إلى الهند في 5 أغسطس/آب الماضي، إثر احتجاجات طلابية واسعة اجتاحت البلاد منددة بجميع أشكال القمع التي مارستها حكومتها. وبعد مغادرتها، تم تعيين حكومة مؤقتة برئاسة الاقتصادي الحاصل على جائزة نوبل للسلام محمد يونس، إذ شُكلت حكومة تكنوقراط لإدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة الانتقالية.

إعلان

وفي توضيحه لسبب تفضيل الهند للشيخة حسينة، قال الأستاذ طارق الإسلام إن نيودلهي نظرا لجوارها المعقد والتحديات العديدة التي تواجهها، مثل الوجود الصيني المتزايد، تعتقد أن استمرار وجود الشيخة في السلطة يخدم مصالحها الإستراتيجية والجيوسياسية.

وحسب الأستاذ حسن، يكمن السبب الحقيقي للمشكلة في أن الهند لم تكن مستعدة لقبول الحكومة الجديدة بعد الانتفاضة في بنغلاديش، حيث تشعر بفشلها الإستراتيجي نتيجة عدم قدرتها على حماية حكومة الشيخة حسينة التي كانت مدعومة منها، كما أنها استثمرت في قطاعات متعددة وأبرمت معاهدات غير متكافئة مع داكا تخدم مصالحها فقط بدلا من المصالح المشتركة.

من ناحيته، قال فخر الإسلام عالمكير إن "على الحكومة الهندية تسليم الشيخة حسينة إلى بنغلاديش إذا كانت تؤمن بسيادة الدول الأخرى".

الهندوس يشكلون 8% من عدد سكان بنغلاديش البالغ أكثر من 170 مليونا (الجزيرة) ازدواجية المعايير

يرى خالد حسن أن حكومة ناريندرا مودي في الهند تستخدم "ورقة الأقليات" لتحقيق هدفين رئيسيين:

الأول دولي، يتمثل في ممارسة الضغط على بنغلاديش لتعظيم مكاسب الهند الإستراتيجية والاقتصادية. الثاني محلي، يكمن في تعزيز دعم الناخبين الهندوس من خلال تقديم مودي كحام للهندوس على الساحة الدولية.

وقالت النائبة عن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم هيما ماليني، في البرلمان الهندي، أمس الأربعاء، "أنا حزينة للغاية لرؤية ما يحدث في بنغلاديش لهندوسنا ومعابدنا الهندوسية، وخاصة الجمعية الدولية لوعي كريشنا (إيسكون) وأتباعها، الهجمات على المعابد الهندوسية ما زالت مستمرة ".

وأضافت ماليني "أناشد حكومة الهند أن تضمن وقف الهجمات على الهندوس والمعابد في بنغلاديش فورا، وإطلاق سراح جميع أتباع إيسكون من السجن، بمن في ذلك تشينموي كريشنا داس، وإسقاط قضية التحريض على الفتنة".

إعلان

بالمقابل، يرى الأستاذ طارق الإسلام أن نيودلهي تتبنّى معايير مزدوجة في تعاملها مع قضايا الأقليات وهو أمر مدان وغير مقبول. ففي الهند "وقعت حوادث قاسية لا حصر لها ضد المسلمين، ومع ذلك لا تبدي الحكومة أي حزن أو شعور بالحرج حيال ذلك. والواقع أن حالات استهداف المسلمين أصبحت متكررة بشكل مقلق، فقد أفادت منظمات حقوق الإنسان بتزايد العنف عاما بعد آخر".

وفي مؤتمر صحفي، أكد شفيق العالم، السكرتير الصحفي لمحمد يونس، أن الاتهامات بسوء معاملة الهندوس هي معلومات مضللة على نطاق واسع، ودعا وسائل الإعلام الهندية إلى زيارة بنغلاديش لرؤية الواقع بأنفسهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الشیخة حسینة فی بنغلادیش حکومة الهند

إقرأ أيضاً:

“تقدم” تعلن فك الارتباط بين مجموعتين بعد خلافات “الحكومة الموازية” .. 19 كياناً داخل التنسيقية اعترض على الاتجاه الداعي لتشكيل حكومة

أعلنت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" في السودان، الاثنين، فك الارتباط بين مجموعة داعية لتشكيل حكومة وأخرى ممانعة، وذلك في أعقاب تمسك نائب رئيس التنسيقية الهادي إدريس بتشكيل حكومة "مدنية" (موازية)، لتنتزع الشرعية

"تقدم" تعلن فك الارتباط بين مجموعتين بعد خلافات "الحكومة الموازية"
مصادر لـ"الشرق": 19 كياناً داخل التنسيقية اعترض على الاتجاه الداعي لتشكيل حكومة

دبي- الشرق
أعلنت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" في السودان، الاثنين، فك الارتباط بين مجموعة داعية لتشكيل حكومة وأخرى ممانعة، وذلك في أعقاب تمسك نائب رئيس التنسيقية الهادي إدريس بتشكيل حكومة "مدنية" (موازية)، لتنتزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، والتي عيّنها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.

وأوضحت "تقدم"، في بيان، أنها عقدت اجتماعاً للهيئة القيادية برئاسة عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، لـ"مناقشة قضية الشرعية والموقف من تصور إقامة حكومة كأحد وسائل العمل المعتمدة في التعاطي مع هذه القضية".

وأضافت أن الاجتماع "خلص لوجود موقفين متباينين حول قضية الحكومة، وعليه فإن الخيار الأوفق هو فك الارتباط بين أصحاب الموقفين، ليعمل كل منهما تحت منصة منفصلة سياسياً وتنظيمياً باسمين جديدين مختلفين".

وقالت إن "بموجب هذا القرار سيعمل كل طرف اعتباراً من تاريخه حسب ما يراه مناسباً ومتوافقاً مع رؤيته حول الحرب وسبل وقفها، وتحقيق السلام الشامل الدائم، وتأسيس الحكم المدني الديمقراطي المستدام، والتصدي لمخططات النظام السابق وحزبه المحلول وواجهاته".

وأشارت، في البيان، إلى أنه "ستعلن كل مجموعة للرأي العام ترتيباتها السياسية والتنظيمية والاسم الجديد الذي ستعمل به بصورة منفصلة".

وفي السياق، ذكرت مصادر لـ"الشرق"، أن 19 كياناً سياسياً ومدنياً داخل "تقدم" اعترض على الاتجاه الداعي لتشكيل حكومة، أبرزها حزب الأمة القومي، والتحالف الوطني السوداني، والتجمع الاتحادي، وحزب البعث القومي، والمؤتمر السوداني، والحزب القومي السوداني، والوطني الاتحادي الموحد، إضافة إلى تيار الوسط للتغيير، وحزب التواصل، والحزب الناصري، وحركة حق، والوطني الاتحادي، ولجان المقاومة، والمهنيين والنقابات، والمجتمع المدني، والفئات النوعية، وحمدوك، والتيار الثوري الديمقراطي، والجبهة الشعبية المتحدة.

في المقابل، أبرز الشخصيات والكيانات الداعية إلى تشكيل حكومة موازية، هم أعضاء مجلس السيادة السابقون، الهادي إدريس، والطاهر حجر، ومحمد حسن التعايشي، ورئيس حركة العدل والمساواة "المنشقة"، سليمان صندل.

وتعد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية أحد أكبر التحالفات السياسية المدنية، وتتكون من أحزاب سياسية وحركات مسلحة موقعة على اتفاق سلام جوبا 2020، ونقابات وشخصيات مستقلة.

وظهرت بوادر الخلاف في أحد أكبر التحالفات السياسية في السودان، خلال الأسابيع الماضية، عندما أعلن التحالف المدني، تشكيل لجنة لـ"فك الارتباط"، في 31 يناير الماضي، بين طرفي صراع محتدم داخله، يدور حول تشكيل "حكومة موازية" في مناطق سيطرة قوات "الدعم السريع".

خارطة طريق
أعلنت حكومة السودان، الأحد، خارطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب، تشمل تشكيل حكومة كفاءات، واختيار رئيس وزراء مدني، وإطلاق حوار وطني، وذلك مع إعلان الجيش السوداني، خلال الأيام الماضية، تقدمه في مناطق كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وذكر بيان لوزارة الخارجية السودانية أنه "بعد النجاحات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المشتركة والمساندة، مدعومة بكل جموع الشعب السوداني، وتضييق الخناق على المتمردين في مختلف المسارح طرحت قيادة الدولة، وبعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية، خارطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة التي ستتوج بعقد الانتخابات العامة الحرة والنزيهة".

بنود خارطة الطريق التي أعلنتها وزارة الخارجية السودانية:
إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية، والترحيب بكل من يقف موقفاً وطنياً، ويرفع يده عن المعتدين، وينحاز للصف الوطني.
تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، وإعانة الدولة على تجاوز تبعات الحرب.
إجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة الدستورية، وإجازتها من القوى الوطنية والمجتمعية؛ ومن ثم اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل.
تأكيد حرية الرأي والعمل السياسي دون هدم للوطن أو المساس بالثوابت الوطنية، وعدم حرمان أي مواطن من حقه في الحصول على جواز السفر.
اشتراط وضع السلاح وإخلاء الأعيان المدنية لأي محادثات مع التمرد (قوات الدعم السريع). وعدم القبول بالدعوة لوقف إطلاق النار ما لم يرفع الحصار عن الفاشر، على أن يتبع وقف إطلاق النار الانسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور.

ودعت وزارة الخارجية السودانية، المجتمع الدولي، خاصة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لدعم خارطة الطريق، "باعتبارها تمثل توافقاً وطنياً لإرساء السلام والاستقرار في البلاد واستكمال مهام الانتقال".

كان رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، قد أعلن، السبت، عزمه تشكيل حكومة تصريف أعمال "من أجل استكمال العملية الانتقالية في البلاد"، فيما جدد رفضه التفاوض مع "قوات الدعم السريع".

وقال البرهان، خلال ختام مشاورات القوى السياسية بشأن رسم خارطة طريق للحوار السوداني: "نريد لهذا الحوار أن يكون شاملاً لكل القوى السياسية والمجتمعية"، مشيراً إلى أن "الفترة القادمة ستشهد تشكيل حكومة لاستكمال مهام الانتقال".

   

مقالات مشابهة

  • 100 وثيقة حول العلاقات العُمانية الهندية بنيودلهي
  • “تقدم” تعلن فك الارتباط بين مجموعتين بعد خلافات “الحكومة الموازية” .. 19 كياناً داخل التنسيقية اعترض على الاتجاه الداعي لتشكيل حكومة
  • "زادك" تحصد 3 جوائز عالمية في أولمبياد الطهاة بالهند
  • بنغلاديش تبدأ مطاردة الشيطان بعد ظهور شبح الشيخة حسينة
  • وفد "المناطق الاقتصادية والحرة" يبحث في نيودلهي استقطاب المزيد من الاستثمارات الهندية
  • بنغلاديش تطلق عملية "مطاردة الشيطان"
  • نيودلهي تحتضن معرضًا يوثق عمق العلاقات العُمانية الهندية
  • لعبة النفوذ: هل تسعى الهند إلى تحويل بنغلاديش إلى دولة تابعة؟
  • الثلاثاء.. انطلاق أعمال المعرض الوثائقي "العلاقات العمانية الهندية" في نيودلهي
  • حكومة اقليم كوردستان تهنئ لبنان بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة وتعرض المساعدة