ما السيناريوهات المحتملة في كوريا الجنوبية بعد الأحداث الأخيرة؟.. خبراء يجيبون
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
شهدت كوريا الجنوبية تطورات خطير بعد إعلان الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في البلاد، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا. إلا أن البرلمان الكوري، الذي يتمتع بأغلبية معارضة، رفض القرار سريعًا من خلال تصويت بأغلبية كبيرة، مما أجبر الرئيس على الامتثال لقرار البرلمان، في مشهد يعكس قوة المؤسسات الديمقراطية في البلاد.
من جانبه قال الدكتور كمال دفع الله بخيت المتخصص في الشؤون الكورية، إن إعلان الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول حالة الطوارئ وفرض الأحكام العرفية في وقت متأخر من ليلة 3 ديسمبر 2024، يمثل خطوة غير مسبوقة منذ عام 1979، حين شهدت البلاد اغتيال الرئيس بارك تشونغ هي، موضحًا أن هذا القرار المفاجئ جاء وسط تصاعد التوترات السياسية بين الحكومة والمعارضة، ما يعكس أزمة سياسية عميقة تهدد استقرار البلاد وديمقراطيتها.
أضاف بخيت في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن خلفية هذا القرار تعود إلى سلسلة من الأزمات التي تفاقمت مؤخرًا، منها الضغوط السياسية على الرئيس يون، ومحاكمة زعيم الحزب الديمقراطي المعارض لي جيه ميونغ بتهم فساد، والتي اعتبرتها المعارضة محاولة لتصفية الحسابات السياسية، كما شكلت الاتهامات الموجهة إلى زوجة الرئيس بالتدخل في شؤون الدولة واستلام هدايا فاخرة، ذريعة للمعارضة لتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وهو ما رفضه الرئيس مستخدمًا حق النقض الدستوري.
أكمل حديثه قائلا:" أن التوترات بين الطرفين تصاعدت أيضًا بسبب خلافات حول الميزانية الحكومية، حيث اعتبرت الحكومة أن تقليص الميزانية المقترح من المعارضة يهدد وظائف الدولة الأساسية، ما دفع الرئيس إلى اتخاذ قرار فرض الأحكام العرفية بدعوى حماية النظام السياسي".
وأوضح بخيت أن البرلمان الكوري، الذي تسيطر عليه المعارضة، عقد جلسة طارئة فجر اليوم، حيث صوت بالأغلبية لرفع الأحكام العرفية. وفي تطور لافت، انضم رئيس حزب سلطة الشعب الحاكم إلى المعارضة وطالب الرئيس بتوضيح ملابسات القرار، داعيًا إلى إقالة وزير الدفاع الذي اتُهم بأنه المحرك الرئيسي وراء هذه الخطوة المثيرة للجدل.
وعلى الصعيد الشعبي، أشار بخيت إلى أن اتحاد العمال الكوري أعلن الدخول في إضراب عام مفتوح حتى إقالة الرئيس وحكومته، ما يزيد من احتمال تصاعد الاحتجاجات والمظاهرات في الشوارع خلال الأيام المقبلة.
كما حذر من أن الأزمة قد تؤدي إلى استقطاب اجتماعي وسياسي عميق، مع احتمالية تدهور الأداء الاقتصادي والمالي للبلاد، حيث من المتوقع انسحاب مستثمرين وتراجع قيمة الوون الكوري أمام العملات الأجنبية.
على الصعيد الدولي، اعتبر بخيت أن هذا التطور قد يؤثر على علاقات كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة، حيث وصف مجلس الأمن القومي الأمريكي قرار الرئيس بأنه "مفاجئ ومثير للقلق"، مشددًا على أن الديمقراطية تمثل الأساس لتحالف البلدين.
أكد المتخصص في الشؤون الكورية، أن الوضع في كوريا الجنوبية يدعو إلى القلق، ليس فقط على المستوى الداخلي بل الإقليمي أيضًا، حيث تتابع دول مثل كوريا الشمالية واليابان هذه الأزمة عن كثب لما قد تسببه من تأثيرات على الأمن والاستقرار الإقليمي.
وفي نفس السياق أوضح الباحث محمد صلاح، المتخصص في الشؤون الكورية، بأن المشهد السياسي في كوريا الجنوبية يشهد حاليًا تصعيدًا ملحوظًا مع تقدّم ستة أحزاب معارضة داخل البرلمان بطلب رسمي لمسائلة الرئيس وعزله من منصبه، مشيرًا إلى أن هذه الأحزاب، بما في ذلك رئيس البرلمان، تمتلك مجموعًا قدره 192 عضوًا.
أضاف صلاح في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن تمرير مشروع طرح العزل للتصويت يحتاج إلى أغلبية بسيطة، وهو ما يُتوقع حدوثه، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في تأمين أغلبية الثلثين لاعتماد القرار من قبل البرلمان، وهذا يتطلب تصويت ثمانية أعضاء على الأقل من الحزب الحاكم لصالح القرار، وهو ما قد يتحقق من خلال التصويت السري المرتقب.
وأكد الباحث أن هناك موجة من المظاهرات التي تشهدها البلاد، مع توقعات بزيادة الزخم السياسي خلال الأيام المقبلة، مضيفًا أن المظاهرات كانت موجودة سابقًا لكنها كانت محدودة، أما الآن فهي مرشحة للتوسع بسبب الجدل الكبير حول قرارات الرئيس الأخيرة.
وفيما يتعلق بالإجراءات اللاحقة، لفت صلاح إلى أن حال التصويت لصالح عزل الرئيس، سيتم إحالة القضية إلى المحكمة الدستورية للفصل النهائي فيها.
كما توقع أن يُطرح مشروع القانون للتصويت خلال يومي 6 أو 7 ديسمبر الجاري من أجل إقالة الرئيس.
واختتم المتخصص في الشؤون الكورية قائلًا: "حتى رئيس الحزب الحاكم يرى أن الخطوة التي اتخذها الرئيس كانت خاطئة، مما يعزز من احتمالية التصويت لصالح العزل، لكن الفصل النهائي يبقى بيد المحكمة الدستورية".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: كوريا الجنوبية كوريا الجنوبية اليوم الأحكام العرفية الأحکام العرفیة کوریا الجنوبیة
إقرأ أيضاً:
تعثر نمو صادرات كوريا الجنوبية بعد تراجع الطلب بسبب رسوم ترمب
تباطأ نمو صادرات كوريا الجنوبية في أبريل، في إشارة مقلقة لاقتصاد يعتمد بشكل كبير على التجارة، وذلك بينما تحاول السلطات التعامل مع حملة الرسوم الجمركية الواسعة التي أطلقها دونالد ترمب.
أظهرت بيانات الجمارك، التي صدرت الخميس، أن قيمة الصادرات المعدلة بحسب عدد أيام العمل انخفضت بنسبة 0.7% مقارنة بالعام الماضي، ما يعطي مؤشراً أدق على الاتجاه العام مقارنةً بالأرقام الإجمالية الشهرية.
أما الصادرات غير المعدلة فقد ارتفعت بنسبة 3.7% في أبريل، وهو أداء أفضل من توقعات الاقتصاديين الذين رجّحوا انخفاضاً بنسبة 2%، إلا أن الرقم المعدل يشير إلى وجود ضعف كامن في الأداء.
وانخفضت الواردات الكلية بنسبة 2.7%، ما أسفر عن فائض تجاري قدره 4.8 مليارات دولار.
مخاطر اقتصادية
تسلط بيانات الخميس الضوء على مخاطر الاقتصاد الكوري في حال استمرار الحرب التجارية التي أطلقها ترمب.
فقد بدأت واشنطن بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم في مارس، تبعها رسوم مماثلة على السيارات، وفرض تعريفة أساسية بنسبة 10% على جميع السلع بدءاً من أبريل.
ورغم أن ترمب خفف هذا الأسبوع من الرسوم الجمركية على السيارات، إلا أن الرسوم العامة التي تبلغ نسبتها 10% ستعود إلى 25% بعد انتهاء فترة السماح التي تمتد لثلاثة أشهر بالنسبة لكوريا الجنوبية.
وكانت منظمة التجارة العالمية خفّضت الشهر الماضي توقعاتها للتجارة العالمية في ضوء السياسات الأميركية، متوقعة أن تنخفض التجارة العالمية بنسبة 0.2% هذا العام، أي أقل بثلاث نقاط مئوية تقريباً مما كانت ستكون عليه دون الحرب التجارية بقيادة أميركا.
السيارات في المقدمة
وبحسب بيانات حكومية، فقد صدّر مصنعو السيارات الكوريون نحو نصف صادراتهم من السيارات إلى أميركا العام الماضي، بقيمة إجمالية بلغت 70.8 مليار دولار. وتُعد السيارات والرقائق الإلكترونية من أكبر الصادرات الكورية إلى الولايات المتحدة، ومن الركائز الأساسية للاقتصاد الكوري.
وأظهرت بيانات الخميس، أن صادرات السيارات انخفضت بنسبة 3.8% في أبريل مقارنة بالعام السابق، بينما ارتفعت صادرات أشباه الموصلات بنسبة 17.2%. وانخفضت الصادرات إلى أميركا بنسبة 6.8%، بينما ارتفعت الصادرات إلى الصين بنسبة 3.9%، وفقاً لوزارة التجارة.
يُعد تقليل تأثير حملة ترمب الجمركية أولوية لإنعاش الاقتصاد الكوري الذي تضرر نتيجة أزمة سياسية نشبت بعد إصدار الرئيس السابق يون سوك يول مرسوماً عسكرياً قصير الأجل في ديسمبر الماضي.
وبعد عزل يون نهائياً من منصبه، ستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة في كوريا الجنوبية في 3 يونيو. ويتصدر لي جاي ميونغ، الرئيس السابق لحزب المعارضة الديمقراطي، استطلاعات الرأي.
آمال التوصل لاتفاق
تُعد كوريا الجنوبية حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة، وكانت من أولى الدول التي بدأت مفاوضات الرسوم الجمركية إلى جانب اليابان والهند. وتأمل السلطات الكورية في التوصل إلى نوع من الاتفاق قبل الموعد النهائي في 8 يوليو. وسافر وزيرا المالية والتجارة الكوريان إلى واشنطن الأسبوع الماضي، وتبعتهم بعثة فنية وصلت إلى الولايات المتحدة يوم الأربعاء لمواصلة المباحثات.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن هناك احتمالاً للتوصل إلى "اتفاق تفاهم" مع كوريا الجنوبية خلال هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن البلاد تسعى لإنجاز "إطار اتفاق" قبل الدخول في الانتخابات.