اللاجئون السودانيون بأوغندا: صراع البقاء وسط الاستقطاب السياسي
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
وفقاً لتقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بلغ عدد اللاجئين السودانيين في أوغندا حتى أكتوبر الماضي 54,343 شخصاً
التغيير: كمبالا – تقرير
رغم لجوء السودانيين إلى أوغندا هرباً من ويلات الحرب وبحثاً عن حياة آمنة بعد اندلاع حرب منتصف أبريل 2023، تسللت الصراعات السياسية والإثنية التي تركوها خلفهم إلى تجمعاتهم ومعسكراتهم داخل العاصمة كمبالا وخارجها.
ووفقاً لتقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بلغ عدد اللاجئين السودانيين في أوغندا حتى أكتوبر الماضي 54,343 شخصاً، من بين إجمالي 1,741,331 لاجئاً وطالب لجوء يقيمون في البلاد. يشكل اللاجئون من جنوب السودان النسبة الأكبر بنحو 959,303، يليهم 538,138 لاجئاً من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
حادثة التخريج
في كمبالا، شهد حفل تخريج لطلاب سودانيين في معهد نيلسون في نوفمبر الماضي توتراً سياسياً انعكس في تبادل الهتافات المؤيدة لطرفي الصراع في السودان، حيث هتف مؤيدو “القوة المشتركة” بشعاراتهم، بينما رد أنصار قوات الدعم السريع بهتافات مضادة. انتهى الحفل بمشاحنات كادت تتحول إلى اشتباكات جسدية، لولا تدخل العقلاء لاحتواء الموقف.
أزمة توزيع المساعدات
في معسكر كيرنانغدو، الذي يبعد نحو 4 ساعات عن كمبالا، برزت في 18 نوفمبر المنصرم أزمة جديدة تعكس تصاعد التوترات بين اللاجئين داخل المخيم ومجموعات قادمة من كمبالا. نشب النزاع على خلفية توزيع مساعدات إنسانية قدمتها السفارة الإماراتية تضمنت 30 ألف سلة غذائية.
وأوضح الناطق الرسمي باسم المكتب القيادي للاجئين السودانيين بمعسكر كيرنانغدو، عثمان آدم، في حديثه لـ”التغيير”، أن المكتب طلب من السفارة الإماراتية مساعدات شملت سلة غذائية، ونقطة مياه، ومستشفى، وسيارتي إسعاف لخدمة جميع اللاجئين داخل المعسكر.
وبعد وصول السلة الغذائية، تم وضع خطة توزيع استندت إلى مبدأ المساواة بين اللاجئين، حيث خُصص 30% من المساعدات للاجئين من جنوب السودان دعماً للتعايش، فيما وُزعت باقي السلة على السودانيين داخل المعسكر.
ومع ذلك، شهدت العملية اعتراضات من مجموعات قادمة من كمبالا، رفضت المساعدات واعتبرتها متناقضة مع دور الإمارات في الصراع السوداني. تطورت هذه الاعتراضات إلى فوضى داخل المعسكر، مما دفع المكتب للتنسيق مع الجهات الأمنية الأوغندية لضمان استكمال التوزيع بسلام.
صراعات قديمة تتجدد
يشير الناشط السوداني ضرار آدم ضرار، المقيم في كمبالا منذ أكثر من عقد، في مقابلة مع “التغيير”، إلى أن الوجود السوداني في أوغندا مر بمراحل متعددة. فخلال السنوات التي سبقت اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) في عام 2005، كان الوجود السوداني يتركز على أنصار الحركة الشعبية لتحرير السودان، ومعظمهم من اللاجئين الجنوبيين، ولم تكن هناك نزاعات سياسية أو إثنية بارزة.
بعد توقيع نيفاشا وانفصال جنوب السودان، تغيرت طبيعة اللاجئين السودانيين في أوغندا، مع ظهور مجموعات معارضة من مناطق مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وبرزت تيارات سياسية مثل الجبهة الثورية. ورغم هذا التنوع، بقيت العلاقات الاجتماعية هادئة نسبياً، حيث وحدت المعارضة المشتركة لنظام البشير معظم اللاجئين، كما ذكر ضرار.
أما المرحلة الثالثة، فكانت مع اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023. تدفق اللاجئون من جميع أنحاء السودان، بما في ذلك الخرطوم والجزيرة وكردفان، ما أدى إلى تنوع إثني وسياسي كبير داخل معسكرات اللجوء، هذا التنوع، وفقاً لضرار، أفرز خلافات بين المجموعات الداعمة للجيش وأخرى المؤيدة لقوات الدعم السريع.
واعتبر ضرار أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في تأجيج هذه الصراعات، وأصبحت منصاتها أدوات لنشر خطاب الكراهية والشحن القبلي.
تأثير الاستقطاب السياسي
الباحث الاجتماعي خضر الخواض أشار خلال إفادته لـ”التغيير” إلى أن النزاعات داخل تجمعات اللاجئين هي انعكاس مباشر للوضع السياسي في السودان. وأوضح أن الانتماءات القبلية والولاءات السياسية هي المحرك الأساسي لها، خاصة بين الشباب والمراهقين الذين يفتقرون إلى الخبرة السياسية والنضج الاجتماعي.
وشدد خضر على أن القوانين الأوغندية تمنع ممارسة أي نشاط سياسي داخل تجمعات اللاجئين، مما يجعل استمرار هذه الأنشطة خرقاً للقانون. وأضاف أن غياب دور المجتمع المدني في التوعية بهذه القوانين فاقم الأزمة.
دعوات للتضامن والحذر
بحسب الناطق الرسمي للاجئين بكيرنانغدو، فإن المكتب القيادي أدرك منذ البداية خطورة الاستقطاب السياسي والإثني، مما دفعه إلى اتخاذ خطوات استباقية لمعالجة الأمر. شملت إنشاء مكتب تمثيلي يضم جميع السودانيين بهدف توحيد الجهود وتجنب النزاعات، إلى جانب منع أي أنشطة سياسية بشكل قاطع داخل المعسكر، مستنداً إلى القوانين الدولية والإنسانية التي تحظر ممارسة النشاط السياسي داخل تجمعات اللاجئين.
وقال آدم: الأحداث الأخيرة داخل المعسكر لم تكن معزولة عما يحدث في العاصمة كمبالا، حيث أسهم الاستقطاب السياسي في خلق أجواء من التوتر بين اللاجئين السودانيين. وأكد أن بعض الجهات السياسية المتواجدة في كمبالا تسعى لإدخال خلافاتها إلى المعسكرات، مما يضر بمصالح اللاجئين ويعرضهم لمخاطر قانونية واجتماعية كبيرة.
الوسوماللاجئين السودانيين اوغندا معسكر كيرنانغدو
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: اللاجئين السودانيين اوغندا
إقرأ أيضاً:
مفوضية اللاجئين تدق ناقوس الخطر بشأن أعداد الفارين من الحرب بالسودان
مفوضية اللاجئين أكدت أن العديد من الأشخاص يصلون عبر نقاط عبور غير رسمية يصعب على المفوضية وشركائها الوصول إليها.
التغيير: وكالات
دقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ناقوس الخطر بشأن الارتفاع الأخير في عدد الأشخاص الفارين من الحرب في السودان إلى جنوب السودان المجاور، والذي تضاعف ثلاث مرات عن الأسابيع السابقة.
وفي مؤتمر صحفي عقد في جنيف أمس الثلاثاء، قالت المتحدثة باسم المفوضية أولغا سارادو إنه منذ يوم السبت وحده، كان هناك ما يقدر بنحو سبعة إلى عشرة آلاف وافد جديد كل يوم- بما في ذلك العديد من الجنوب سودانيين الفارين من مخيمات اللاجئين في ولاية النيل الأبيض، وأغلبهم من النساء والأطفال.
وقالت- بحسب مركز أخبار الأمم المتحدة: “التقى فريق من المفوضية الذي زار الحدود أمس بآلاف الأشخاص الذين يسيرون على طريق يبلغ طوله 40 كيلومترا بين الحدود ومدينة الرنك في خط متواصل. كما توقفت الأسر على جانب الطريق، حيث تلقى البعض الطعام والماء من المجتمعات المحلية. وتعمل المفوضية وشركاؤها على تكثيف الجهود لدعم الوافدين الجدد وتعزيز الخدمات الأساسية، لكن نقص التمويل الشديد لا يزال يشكل تحديا”.
وأشارت السيدة سارادو إلى أن العديد من الأشخاص يصلون عبر نقاط عبور غير رسمية يصعب للغاية على المفوضية وشركائها الوصول إليها.
وأكدت أن جميع الوافدين يحتاجون إلى الدعم الإنساني، خاصة في ظل تفشي وباء الكوليرا المستمر.
خطر النشاط العسكريوأعربت عن قلقها العميق إزاء النشاط العسكري والتوتر المتزايد عند معبر جودة الحدودي، الذي يشكل “شريان حياة حيويا للمدنيين الفارين من العنف والعمليات الإنسانية في ولاية النيل الأبيض”.
فمن بين 900 ألف شخص عبروا إلى جنوب السودان منذ بداية الصراع، استخدم أكثر من 700 ألف شخص هذا المعبر.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية: “إن الحفاظ عليه آمنا ومفتوحا أمر ضروري لأولئك الذين يسعون إلى الأمان وتقديم المساعدات الطارئة للسكان النازحين على جانبي الحدود”.
منذ بداية الحرب في السودان قبل حوالي 20 شهرا، كانت ولاية النيل الأبيض ملاذا آمنا لأولئك الذين فروا من العنف في أجزاء أخرى من البلاد، حيث تستضيف أكثر من 400 ألف لاجئ من جنوب السودان و650 ألف نازح داخلي.
وقالت السيدة سارادو إن الأعمال العدائية حول مخيمات اللاجئين والمناطق التي تستضيف النازحين تشكل مخاطر جسيمة ومثيرة للقلق على المدنيين، وتهدد قدرة المفوضية وشركائها على تقديم الحماية والمساعدة المنقذة للحياة.
ودعت المتحدثة باسم المفوضية إلى وقف فوري للأعمال العدائية لحماية أرواح المدنيين وضمان استمرار المساعدات الإنسانية.
وأشارت إلى أن الموارد المالية لدعم اللاجئين الذين يغادرون السودان لا تزال شحيحة، حيث تم تمويل خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين بنسبة 30 في المائة فقط مع اقتراب نهاية العام.
جدير بالذكر أنه منذ أبريل 2023، نزح أكثر من 12 مليون شخص في السودان، بما في ذلك أكثر من 3 ملايين لجأوا إلى البلدان المجاورة، مما يجعل الأزمة هناك واحدة من أكبر أزمات النزوح وأكثرها إلحاحا في العالم.
الوسومأولغا سارادو السودان الكوليرا جنوب السودان جنيف معبر جودة الحدودي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولاية النيل الأبيض