نيويورك تايمز تكشف كيف خالفت غوغل قوانينها وسياساتها ومستشاريها لصالح إسرائيل
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنها حصلت على وثائق داخلية من شركة غوغل، تُظهر مخاوف محامي ومستشاري وموظفي الشركة من أن يؤدي "مشروع نيمبوس" الذي أبرمته مع الحكومة والجيش الإسرائيليين قبل أكثر من 3 سنوات إلى استخدام تقنياتها في انتهاك حقوق الإنسان، وما قد يُلحقه ذلك من أضرار بسمعتها، لكن ذلك لم يُثنها عن المضي قُدما في المشروع.
وذكرت الصحيفة في تقرير لمراسلها في سان فرانسيسكو، نيكو غرانت، أن الصفقة تعود إلى مايو/ أيار 2021 عندما أعلنت غوغل موافقتها على المشاركة في عقد مع الحكومة والجيش الإسرائيليين لتقديم خدمات حوسبة سحابية بقيمة 1.2 مليار دولار، وأعلنت حينها أنها "سعيدة باختيارها للمساعدة في التحول الرقمي" في إسرائيل.
لكن قبل 4 أشهر من ذلك الإعلان، كان المسؤولون في الشركة قد شعروا بالقلق من أن توقيع الصفقة التي أُطلق عليها "مشروع نيمبوس" سيضر بسمعتها، وفقا لتوصيات وجّهها محامون ومستشارون إلى المديرين التنفيذيين في غوغل.
مع ذلك، استمرت الشركة في الدفاع عن المشروع باعتباره موجها للاستخدامات المدنية، مما يعكس -وفق تعبير الكاتب- التحديات التي تواجهها الشركة في تحقيق التوازن بين التوسع التجاري والمسؤولية الأخلاقية.
إعلان مخاطر الصفقةأوضح التقرير أن محامي غوغل وموظفي فريق السياسات بالشركة ومستشارين خارجيين – طُلب منهم تقييم مخاطر الصفقة – أكدوا أنه نظرا لوجود "عملاء حساسين" مثل وزارة الدفاع الإسرائيلية وجهاز الأمن الإسرائيلي في العقد، فإن "خدمات غوغل السحابية يمكن استخدامها أو ربطها بتسهيل انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الأنشطة الإسرائيلية في الضفة الغربية".
وتُظهر الوثائق التي يُكشف عنها لأول مرة، أنه بالرغم من دفاع غوغل في العلن عن "مشروع نيمبوس" على مدار السنوات الثلاث الماضية، إلا أن الشركة كان لديها مخاوف بشأن الصفقة، وهي المخاوف ذاتها التي عبّر عنها موظفو غوغل في فترة سابقة، معتبرين أن العقد يجرّ غوغل إلى التورط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأشار الكاتب إلى أن الوثائق تقدم نظرة جديدة حول تقييم عملاق التكنولوجيا للعقد الذي تم الترويج له كبوابة دخول إلى سوق الحوسبة السحابية في إسرائيل، فرغم أن قيمة الصفقة كانت ضئيلة مقارنة بمبيعات الشركة في 2021 التي بلغت 258 مليار دولار، فإنها شكّلت عقدا مهمّا لقسم الحوسبة في غوغل في ظل المنافسة مع أمازون ومايكروسوفت (توفر أمازون أيضا خدمات حوسبة لإسرائيل بموجب "مشروع نيمبوس").
وتابع الكاتب أن الوثائق أظهرت أن غوغل زودت إسرائيل بالقدرات اللازمة لتشغيل التطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تكنولوجيا تحليل الصور ومقاطع الفيديو للكشف عن الأجسام، كما قدمت أيضا خدمات لتخزين وتحليل كميات كبيرة من البيانات، إلى جانب برامج أكثر بساطة مثل نظام غوغل لعقد المؤتمرات عبر الفيديو.
وقال الكاتب إن تلك الصفقة كانت مقدمة لمزيد من الشراكات بين عمالقة وادي السيليكون والجهات العسكرية والاستخباراتية، وضمن ذلك السياق منح البنتاغون في 2022 عقدا بقيمة 9 مليارات دولار لتوفير القدرات السحابية في الأنشطة الحربية لكل من غوغل وأمازون ومايكروسوفت وأوراكل.
إعلانغير أن صفقة نيمبوس كانت مختلفة وأثارت جدلا داخل غوغل منذ توقيعها، وقد تفاقم الأمر مع بداية الحرب على غزة العام الماضي، واحتج عدد من موظفي الشركة على تورّط غوغل في الصراع، لكن المسؤولين قالوا إن مشروع "نيمبوس ليس موجها لأعمال ذات حساسية بالغة أو سرية أو عسكرية أو ذات صلة بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات".
من جهتها، قالت متحدثة باسم وزارة المالية الإسرائيلية في بيان إن "نيمبوس" سيساعد إسرائيل على ترسيخ مكانتها كقطب تكنولوجي رائد وتحسين الحياة اليومية للإسرائيليين، مضيفة أن استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي سيدعم التقنيات الجديدة والشركات الناشئة، ورفضت التعليق على استخدام الجيش الإسرائيلي لهذه التكنولوجيا.
وذكر الكاتب أن منتديات غوغل الداخلية شهدت نقاشات حادة بين الموظفين حول الصفقة، وأن عددا من الموظفين نظّموا اعتصامات في مكتبين من مكاتب غوغل في أبريل/ نيسان الماضي، واعتقلت الشرطة 9 منهم، بينما فصلت الشركة حوالي 50 موظفا لمشاركتهم في الاحتجاجات.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول، منعت الشركة الموظفين من كتابة رسائل دون إذن مسبق على اللوحات البيضاء أو تعليق أي لافتات في المكتب، وفقا لرسالة داخلية اطلعت عليها نيويورك تايمز. وقالت الشركة إنه سيتم إزالة اللافتات والملصقات والمواد التي لا تتعلق بأحداث ومبادرات ترعاها غوغل، أو تلك التي لا تسهم في توفير "بيئة آمنة ومنتجة"، مضيفة أنها قد تتخذ "إجراءات تصحيحية" بحق الموظفين.
ونقل الكاتب عن روبرتو غونزاليز، الأستاذ بجامعة سان خوسيه الذي كتب عن ارتباط شركات التكنولوجيا بالأنشطة العسكرية، قوله إن شركات التكنولوجيا الكبرى أصبحت تشعر براحة متزايدة في السنوات الثلاث الماضية تجاه عقد صفقات مع الجهات العسكرية والاستخباراتية.
إعلانوأوضح غونزاليز أنه "في الآونة الأخيرة، برزت معارضة لهذا النوع من العقود، خاصة مع اندلاع الحرب في غزة والانتقادات الموجهة للجيش الإسرائيلي بشأن حقوق الإنسان".
عسكرة التكنولوجياوأكد الكاتب أن غوغل لها سوابق في معارضة موظفيها لما يعتقدون أنه عسكرة للتكنولوجيا، ففي عام 2018، احتج موظفو الشركة على "مشروع مافن"، وهو اتفاق لمساعدة البنتاغون في التعرف على الأشخاص من خلال مقاطع فيديو الطائرات المسيرة، وأوقفت غوغل هذا المشروع في العام التالي عندما انتهت مدة العقد.
وقد دفعت معارضة الموظفين لـ"مشروع مافن" شركة غوغل إلى وضع لائحة مبادئ حول مجالات الاستفادة من ذكائها الاصطناعي، وتضمنت اللائحة عدم استخدام تقنيات الشركة لدعم الأسلحة أو المراقبة أو انتهاكات حقوق الإنسان.
وذكر الكاتب أن مستشاري غوغل اقترحوا قبل 3 أشهر من توقيع "مشروع نيمبوس"، حظر بيع واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الخاصة بالشركة للجيش الإسرائيلي وغيره من العملاء الذين يعملون في مجالات حساسة، وقد طبقت غوغل هذا النهج في تعاملها مع الدول الأخرى لكنها لم تطبّقه مع إسرائيل وفقا للوثائق التي حصلت عليها "نيويورك تايمز".
وقالت المتحدثة باسم غوغل إن الشركة "فخورة بأن لديها عددا كبيرا من عملاء الخدمات السحابية في القطاع العام حول العالم"، وإنها اتبعت "نهجا موحدا لمراجعة هذه العقود وإبرامها"، بما في ذلك الامتثال للوائح استخدام الذكاء الاصطناعي وسياسات الشركة الأخرى.
وتُظهر الوثائق أن غوغل استعانت بشركة استشارات حقوق الإنسان التابعة لها، وهي شركة "بيزنس فور سوشل ريسبونسابليتي"، أثناء مضيها قدما في "مشروع نيمبوس"، وقد قدمت الشركة توصية لغوغل بعدم تزويد الجيش الإسرائيلي بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
إعلانكما تكشف الوثائق عن مخاوف المستشارين من أن غوغل قد لا يكون لديها فهم كافٍ لكيفية استخدام عملائها الإسرائيليين لتقنيات نيمبوس، وأوصوا بأن تبذل الشركة "العناية الواجبة" لضمان استخدام الخدمات على النحو المنشود.
كما أوصت الشركة الاستشارية بأن تدمج غوغل لائحة مبادئ استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن العقد، بما من شأنه أن يُلزم إسرائيل بعدم استخدام نيمبوس للمراقبة أو في العمليات المسلحة أو إلحاق الضرر بالآخرين.
لكن غوغل لم تحصل على مثل هذا الالتزام من الحكومة الإسرائيلية -وفقا للوثائق- بينما ورد في العقد أن غوغل لها الحق في وقف التعامل مع العملاء إذا انتهكوا شروط الخدمة وسياسة الاستخدام، التي تحظر على العملاء استخدام التكنولوجيا لتقويض الحقوق القانونية للأفراد أو خرق القانون أو نشر فيروسات الحاسوب.
وبموجب شروط الصفقة، تتوقع غوغل الحصول على 525 مليون دولار من وزارة الدفاع الإسرائيلية بين عامي 2021 و2028، مقابل 208 ملايين دولار من الحكومة الإسرائيلية.
ويرى غونزاليز أن غوغل أثبتت لهذا النوع من العملاء أنها "منفتحة على التعاون، وأن مخاوف الموظفين أو احتجاجاتهم لن تقف عائقا أمام الشركة في إبرام مثل هذه الصفقات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی نیویورک تایمز مشروع نیمبوس حقوق الإنسان الشرکة فی الکاتب أن غوغل فی أن غوغل
إقرأ أيضاً:
تفاصيل مطالب إسرائيل في المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار مع حماس
قالت وسائل إعلام عبرية، اليوم الإثنين، إن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يخطط لعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) غداً الثلاثاء لمناقشة مطالب إسرائيل في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع حركة حماس.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” تتمثل هذه المطالب في نفي قادة حماس إلى خارج قطاع غزة، تفكيك "كتائب القسام"، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، وتعتبر إسرائيل أن الحرب تنتهي في حال وافقت حماس على هذه المطالب.
وأوضحت الصحيفة المفاوضات حول المرحلة الثانية، التي كان من المفترض أن تبدأ الاثنين الماضي بعد إتمام المرحلة الأولى، ستنطلق بعد جلسة الكابينت غداً.
وفد إسرائيلي في الدوحة
ووفقا لوسائل الإعلام فإن الوفد الإسرائيلي في الدوحة مفوّض بمناقشة إتمام المرحلة الأولى من الصفقة فقط، ويضم الوفد رئيس هيئة شؤون الأسرى غال هيرش، ونائب رئيس "الشاباك" المنتهية ولايته، بهدف متابعة الصفقة ومعالجة قضايا فنية مثل إطلاق سراح ثلاثة أسرى في الدفعة السادسة.
وقالت وسائل الإعلام العبرية إن نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، توصلوا إلى مجموعة من المبادئ الأساسية بشأن المرحلة الثانية، تشمل المطالب المشار إليها، وفي حال رفضتها حماس، ستسعى إسرائيل لتمديد المرحلة الأولى لتحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى.
وبحسب وسائل الإعلام العبرية فإن إسرائيل تدرس اتخاذ إجراءات ردا على حالة الأسرى الثلاثة التي أفرجت عنهم حماس مؤخرا، مثل تجميد إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وبالرغم من ذلك، يؤكد المسؤولون أن نتنياهو لن يُفجّر الصفقة، بل سيتحمل الصعوبات في المرحلة الأولى، بهدف ضمان إتمامها، مع تأكيد أن الحرب ليست هدفاً، بل وسيلة لاستعادة الأسرى، سواء عبر الصفقة أو العودة لأساليب أخرى.
اليوم التالي
وأشارت وسائل إعلام مختلفة إلى أن المرحلة الثانية من الصفقة، التي تتضمن انتهاء الحرب، تعد بمثابة "اليوم التالي" في قطاع غزة، وقد ترفض إسرائيل مطالب حماس، التي تشمل إنهاء الحرب وسحب الاحتلال من غزة وإعادة الإعمار.
وبحسب التقارير فانه في حال عدم موافقة حماس على تمديد المرحلة الأولى، يمكن أن تواجه إسرائيل تساؤلات بشأن استئناف الحرب، في وقت لا يزال 65 محتجزاً في أيدي حماس.
من جانبه، هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وحزبه "الصهيونية الدينية" باتخاذ خطوات سياسية قد تشمل العودة إلى الحرب إذا تم قبول مطالب حماس.
واعتبر سموتريتش أن هذه المطالب تشكل سابقة خطيرة قد تؤدي إلى مزيد من التنازلات، مثل مطالب بإخلاء مستوطنات الضفة الغربية مقابل إطلاق سراح الأسرى.
وأضاف أنه لا يمكن السماح بتجاوز "الخطوط الحمراء" في صفقة تبادل الأسرى، مشيراً إلى معارضته للصفقة في بعض جوانبها، بما في ذلك الانسحاب الجزئي من غزة، وأكد أن حكومته لن تستسلم لهذه المطالب.