في مثل هذه الأيام قبل 166 عامًا، أُسدل الستار على واحدة من أهم وأطول الدول الإسلامية في الهند؛ دولة أباطرة المغول المسلمين الذين حكموا شبه القارة الهندية أكثر من 3 قرون متواصلة شهدت فيها البلاد حالة من النهضة العلمية والحضارية والعُمرانية لا تزال حاضرة في مساجد الإسلام كالمسجد الجامع في دلهي، وتاج محل أحد عجائب الدنيا، ثم آلاف من الآثار والمخطوطات العلمية والدينية المغولية والأردية والفارسية والعربية التي كُتبت في تلك الحقب إلى يومنا هذا.

وتمثلت النهاية المأساوية تلك بخلع آخر الأباطرة المغول محمد بهادر شاه ظفر في لحظة قاسية إلى أبعد الحدود؛ إذ عامله البريطانيون مع أبنائه معاملة وحشية، تعرض فيها للنفي والعزل وقتل بعض الأبناء والأحفاد أمام عينيه، وفوق ذلك زوال حكم الإسلام من الهند.

فكيف بدأت الحكاية؟ وكيف انتهت هذه المأساة التاريخية التي لا تقل في أحداثها ووقائعها عما أخبرنا به التاريخ في الأندلس؟

محمد بهادر شاه ظفر آخر الأباطرة المغول (الصحافة الأجنبية) شركة الهند الشرقية والمأساة

شهد القرن التاسع عشر الميلادي صراعا محتدما بين القوى العالمية الكبرى التي تنافست بشراسة على تقاسم إرث القارات القديمة بثرواتها وشعوبها وثقافاتها المتنوعة، وكانت بريطانيا في طليعة هذه القوى قد رسخت وجودها في القارة الآسيوية بتأسيس شركة الهند الشرقية عام 1600 سعيًا إلى منافسة البرتغاليين والهولنديين على تجارة الشرق، مما دفعها إلى مدّ نفوذها بقوة نحو كنوز الهند والصين وجنوب آسيا.

لم يكن التحرك البريطاني نحو الشرق مجرد نشاط اقتصادي، بل جاء مدفوعا بخطة محكمة تفتقر إلى المبادئ والأخلاق، إذ اعتمدت على القوة والخداع لتأمين مصالحها؛ ذلك أن الشركة التي بدأت بتجارة بسيطة سرعان ما تحولت إلى قوة استعمارية شرسة، مكرسة نفوذها من خلال استغلال موارد الشعوب وخيراتها، تاركة أثرا عميقا في التاريخ الاقتصادي والسياسي للقارة.

ورغم العوائد الكبيرة، لم يكن مساهمو الشركة راضين بل كانوا يسعون في طمع إلى المزيد، وذلك ما يكشفه نيك روبينز في كتابه "الشركة التي غيرت العالم" إذ رصد أن الطريقة المفضلة لفرض سيطرة الشركة على السوق كانت من خلال التفاوض أولا، لكنها كانت مستعدة لاستخدام القوة والاحتيال متى لزم الأمر.

مبان لشركة الهند الشرقية في بونديشيري الهندية في أواخر القرن الثامن عشر (مواقع التواصل)

وهكذا كانت شركة الهند الشرقية تطور إستراتيجيات متعددة لزيادة نفوذها، فلم تقتصر على التجارة المشروعة بل توسعت إلى مجالات أخرى باستخدام أساليب قاسية وغير أخلاقية في بعض الأحيان، الأمر الذي جعلها أداة رئيسية في يد الإمبراطورية البريطانية للسيطرة على الهند وتعزيز سلطتها في المنطقة.

إعلان

وفي القرن الثامن عشر تحولت شركة الهند الشرقية البريطانية إلى كيان عسكري لا يتردد في استخدام أي وسيلة لضمان مصالحها، حتى لو كانت على حساب دماء الهنود، فقد دخلت في معارك عنيفة ضد منافسيها مثل الهولنديين والفرنسيين والبرتغاليين، حتى أصبح دورها في السياسة الهندية أكثر تأثيرًا، حيث استخدمت قوتها العسكرية للتدخل في شؤون دولة مغول الهند.

وسرعان ما تغلغلت الشركة في السياسة الهندية بشكل أعمق، فقتلت الحكام الذين عارضوها ودعمت أولئك الذين ساندوها، مما ساعدها على توسيع نفوذها التجاري والعسكري في المنطقة، ومن أبرز هؤلاء الحكام الذين تعاونوا معها كما يذكر عبد المنعم النمر في كتابه "تاريخ الإسلام في الهند" كان مير جعفر وهو قائد بنغالي اعترف به الإنجليز حاكمًا على البنغال عام 1760، وكان ذلك بداية لهيمنة الشركة على مناطق واسعة من الهند.

وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الهند قد أصبحت "درة التاج البريطاني"، ثم كان الاحتلال العسكري المرحلة الأخيرة في عملية طويلة من التوسع البريطاني، حيث تأكدت لندن من استحواذها الكامل على شبه القارة الهندية.

مير جعفر (يسار) وبجانبه نجله ميران يسلمان يتحدثان إلى البريطاني وليام واتس (مواقع التواصل) ثورة 1857

عندما تولى الإمبراطور الأخير محمد بهادر شاه ظفر الحكم في عام 1838 كان شيخًا في الستين من عمره لا يكاد يملك من أمر الحكم والسياسة شيئا سوى الرمزية والمحبة وسط الهنود، وقد عاش في القلعة الحمراء مقر الحكم المغولي في دلهي تحت أعين البريطانيين الذين كانوا يخططون لتحويلها إلى ثكنة عسكرية بعد وفاته.

كانت فترة حكمه بمنزلة التحدي في وجه الهيمنة البريطانية الكاملة على بلاده، ولم يكن من السهل على بهادر شاه أن يواجه هذه القوة العظمى التي سعت إلى تثبيت سلطتها عبر المراوغة التجارية، ثم الاحتكار، وأخيرًا بالقوة العسكرية الجبرية، ولهذا السبب كان حاكما ضعيفا في ظل ظروف كانت بريطانيا فيها الحاكم الفعلي للهند، وذلك ما جعل أي محاولة لتقليص سلطتها أمرا شبه مستحيل.

ورغم هذه القيود والمراقبة البريطانية الصارمة، تمسك بهادر شاه بالإسلام وقيمه، وتعامل في الوقت نفسه مع غير المسلمين من الهندوس والسيخ بحذر واعتدال، مما جعل حكمه يشتهر بالتسامح في زمن كانت فيه الصراعات العرقية والدينية تشهد تصاعدا، وفي ظل كراهية عميقة من الهنود للغطرسة البريطانية التي كانت تحتقرهم بكل أطيافهم وأديانهم وتفرض عليهم الضرائب والقوانين الجائرة.

ولهذا السبب وفي العاشر من مايو/أيار عام 1857، انطلقت شرارة الانتفاضة الهندية المعروفة بثورة الجنود ضد سيطرة شركة الهند الشرقية.

بهادر شاه أصبح محورا رمزيا للمقاومة 1857واحتشدت الجماهير حوله كقائد روحي يوحد الأطياف (شترستوك)

كانت هذه الثورة في حقيقة الأمر مفاجئة للبريطانيين، إذ بدأت داخل صفوف الجيش البريطاني نفسه، وتحديدا في معسكرات الجنود الهنود في بروت، وقد بدأت في التمرد بتحركات سرية في دلهي القديمة، ونشطت جماعات من الثوار تسعى إلى توحيد الصفوف بين المسلمين والهندوس لمواجهة الاحتلال البريطاني.

إعلان

وكانت الشرارة التي أشعلت الثورة تتعلق بإهانة مباشرة لمعتقدات الجنود الهنود مسلميهم وهندوسييهم؛ إذ فرض البريطانيون استخدام خراطيش مملوءة بدهون الخنازير والبقر، وهو ما عدّه المسلمون إهانة لدينهم لأن الخنزير نجس، والهندوس كذلك لأن البقر مقدس لديهم؛ الأمر الذي دفعهم إلى التمرد على رؤسائهم البريطانيين، وأدى إلى تصاعد الأحداث بشكل غير متوقع.

وانتقلت الثورة بسرعة من ميرت إلى دلهي حيث أصبح بهادر شاه ظفر محورا رمزيا للمقاومة، رغم ضعفه السياسي، وسرعان ما احتشدت الجماهير حوله إذ برز كقائد روحي يوحد الأطياف المختلفة تحت راية التحرر، وكانت المقاومة في البداية عفوية، لكنها تطورت إلى حركة شعبية عارمة، فانضم المزارعون والتجار ورجال الدين إلى الجنود الثائرين في رفضهم وحنقهم على السيطرة الاستعمارية للإنجليز.

وفي 11 مايو/أيار 1857، وصلت الانتفاضة إلى العاصمة دلهي حيث اقتحم الجنود الهنود القلعة الحمراء، وهي رمز القوة الإمبراطورية المغولية وسعوا إلى استعادة الشرعية التاريخية للحكم المغولي عبر طلب مباركة ودعم الإمبراطور بهادر شاه ظفر لثورتهم، وعرضوا عليه استعادة كامل سلطته السياسية مقابل أن يتولى قيادة الانتفاضة ضد الإنجليز، مما جعله رمز الثورة وقلبها.

ورغم أن بهادر شاه ظفر كان يدرك مدى ضعف موقفه السياسي والعسكري، فإنه لم يرفض هذا العرض، مما أعطى الثورة دفعة معنوية كبيرة وجعلها حركة وطنية شاملة تحول فيها الإمبراطور إلى رمز يوحد المسلمين والهندوس.

بعد اقتحام الجنود الهنود القلعة الحمراء قام بهادر شاه بتحويلها إلى مركز لقيادة الثورة (غيتي)

وبمباركة بهادر شاه ظفر للثورة، ألقى هذا الإمبراطور المسن الذي قد ناف الثمانين بكل ثقله خلف ما يحدث محوّلا القلعة الحمراء إلى مركز لقيادة الثورة، وفي تلك الأثناء أوقف دفع المخصصات المالية لأسرته في محاولة لتركيز الموارد لدعم المقاومة، لكنه واجه في الوقت نفسه تحديات ضخمة نتيجة افتقار الثوار إلى أي خبرة عسكرية أو تخطيط إستراتيجي، ومع ذلك أبدى الجنود الهنود شجاعة كبرى في مواجهة القوة البريطانية المتقدمة عسكريا.

ورغم الروح القتالية العالية كانت المعركة في حقيقتها غير متكافئة، إذ واجهت الثورة قمعا دمويا استخدم فيه البريطانيون أساليبهم العسكرية البشعة، وكانوا يضعون الثوار على أفواه المدافع ويُطلقونها مفتّتة أجسادهم الضعيفة، فضلا عن حصارهم الخانق للعديد من المناطق مما جعل الناس تموت من الجوع والعطش، ولا شك أن كل ذلك أدى إلى مشهد الهزيمة.

في المقابل، اعتبر البريطانيون دعم الإمبراطور أو السلطان بهادر شاه للثورة خيانة عظمى، لأنهم رأوا فيه "حليفهم الرمزي" الذي انقلب عليهم، وعلى الفور تمكنوا من أسره وعائلته، وفي أثناء القبض عليهم ارتكب أحد الضباط البريطانيين جريمة بشعة بإطلاق النار على اثنين من أبناء بهادر شاه وحفيده، مما أدى إلى مقتلهم بدم بارد.

إعلان

نُقل بهادر شاه مكبلا مع أفراد أسرته إلى السجن، وقد كانت ثورة عام 1857 آخر محاولة قام بها المغول لاستعادة سيطرتهم على الهند والخروج من قبضة الاستعمار البريطاني الذي كان لا يزال تحت غطاء "شركة الهند الشرقية".

بيد أن هذه الانتفاضة كانت في الوقت عينه نقطة النهاية للحكم الإسلامي الذي استمر في الهند 8 قرون، وقوّضت بشكل حاسم حكم المغول الذي دام أكثر من 3 قرون.

لم يكن أسر بهادر شاه مجرد هزيمة سياسية، بل كان مأساة إنسانية أظهرت بشاعة الاحتلال البريطاني، فبعد القبض عليه تم تقديم رؤوس ابنيه وحفيده إليه داخل أوان مغلقة مغطاة بدمائهم، وعندما فتح تلك الأواني ظانًّا أنها تحتوي على طعام وجد رؤوس أبنائه، فقال عبارته الشهيرة "إن أولاد التيموريين (المغول) البواسل يأتون هكذا إلى آبائهم محمّرة وجوههم"، وذلك تعبيرًا عن الفخر والبطولة رغم المأساة.

لوحة تصور قمع الثورة الهندية على يد الإنجليز وإعدام المتمردين (مواقع التواصل) مأساة النفي والوفاة

إبان ذلك، حاكم البريطانيون بهادر شاه محاكمة صورية وجّهوا فيها إليه تهمة الخيانة والتآمر مع ابنه ميرزا عليهم، بل اتهموهما بالمشاركة في قتل عدد من الجنود البريطانيين، وحُكم عليه بالنفي مع أسرته وحاشيته إلى يانغون عاصمة ميانمار، ولم يكتف البريطانيون بذلك فقد عزلوه عن أفراد عائلته وقضى سنواته الأربع الأخيرة وحيدا في منفاه.

في كتابه "المغولي الأخير"، يذكر الكاتب البريطاني وليام دالريمبل وصفا مهما عن حياة بهادر شاه وعائلته في يانغون فيقول "أُجبروا متفرقين على العيش في منزل متواضع مكون من 4 غرف تحت رقابة مشدّدة من الكابتن البريطاني نيلسون ديفيز الذي عيّن حارسين للمراقبة في النهار و3 حراس في الليل لرصد كل تحركاتهم وسكناتهم ومنعهم عن العالم الخارجي".

وفي ظل هذه الظروف المهينة، خصصت السلطات البريطانية لهؤلاء الأسرى من العائلة المغولية الحاكمة مبلغا يوميا ضئيلا كان لا يتجاوز 11 روبية لتغطية احتياجاتهم الغذائية، وذلك مع تفاخر ومنّة من سجّانهم نيلسون ديفيز الذي كان يُضيف روبية يوم الأحد وروبيتين أخريين مع بداية كل شهر.

إعلان

والحق أن حالتهم كانت أسوأ من مجرد العوز والحاجة المالية، فقد أشار ديفيز في بعض تقاريره إلى أن ملابسهم كانت في حالة سيئة لدرجة اضطرته إلى طلب دفعات جديدة لهم، وذلك في اعتراف ضمني بمدى تردّي أوضاعهم، ولا شك أن هذه التفاصيل التي ينقلها المؤرخون البريطانيون تكشف بوضوح عن مدى البؤس والشقاء الذي أصابهم.

ولهذا السبب عانى بهادر شاه ظفر في سنواته الأخيرة من وهن الشيخوخة وصراعات نفسية عميقة جراء المآسي التي مر بها، ووفقا لشهود العيان فقد عاش أيامه الأخيرة في حالة من اللامبالاة، محاولا التركيز على العبادة كمهرب وحيد من الواقع الأليم.

بهادر شاه ظفر عانى في سنواته الأخيرة من وهن الشيخوخة وصراعات نفسية عميقة جراء المآسي التي مر بها (المكتبة البريطانية)

أما ابناه ميرزا وشاه عباس، فقد كانت حياتهما تعبيرا آخر عن هذا الواقع البائس؛ إذ لم يحصلا على أي تعليم يتناسب مع مكانتهما كأبناء لسلطان مغولي كبير، بل اقتصرت معرفتهما على القراءة والكتابة الأساسية، دون أن ينالا فرصة الاندماج في التعليم الحديث، وبهذا لم يخسروا إرثهم الإمبراطوري فقط كما يقول الكاتب وليام دالريمبل، بل أيضا كل فرصة لبناء مستقبل يتماشى مع مصالحهم ومعاشهم.

وفي النهاية لقي بهادر شاه ربه في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1862 عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد أن فرّق الإنجليز بينه وبين أسرته وقتلوا العديد من أفرادها، ليواجه مصيره في عزلة قاتلة، فكانت وفاته الخاتمة الحزينة لحقبة الإمبراطورية المغولية الإسلامية التي حكمت الهند 8 قرون.

وقد دفن بهادر شاه ظفر في قبر متواضع بجوار معبد شويداغون الشهير في يانغون العاصمة السابقة لميانمار، ولم تحظ وفاته بأي اهتمام سواء في الهند أم بريطانيا، بل لم يصل خبر وفاته إلى الهند إلا بعد أسبوع كامل، وعقب وفاته أمرت الملكة فيكتوريا بنقل الحكم من شركة الهند الشرقية إلى التاج البريطاني مباشرة، مما جعل الهند مستعمرة بريطانية بشكل رسمي.

إعلان

وفي عام 1991 اكتُشف قبر السلطان محمد شاه بهادر من جديد، وأعيد تسليط الضوء على إرثه وتاريخه الذي خلّدته كل من الهند وباكستان وبنغلاديش بأشكال مختلفة من خلال إطلاق اسمه في كل من دلهي وكراتشي على بعض الطرق الرئيسية، كما أُنشئت حديقة في داكا عاصمة بنغلاديش تحمل ذكراه.

لم يكن بهادر شاه ظفر سلطانا منغمسًا في السياسة فقط، بل شغف بالشعر وترك إرثا أدبيا غنيا باللغتين الأردية والفارسية، فكان شاعرا مرهفا وصوفيا ولِهًا، فالعديد من قصائده تحكي عن الألم والوحدة وعن الحب العذري والإلهي، وظلت نفسه تهفو إلى الأمل حتى اللحظات الأخيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القلعة الحمراء من الهند فی الهند مما جعل ما جعل لم یکن

إقرأ أيضاً:

تداعيات تعاون الهند وحركة طالبان الأفغانية على المنطقة

نيودلهي- في خطوة وُصفت بأنها تحول تدريجي في سياسة الهند تجاه حكومة حركة طالبان في أفغانستان، التقى وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري نظيره الأفغاني أمير خان متقي في دبي، في الثامن من يناير/كانون الثاني الجاري. ويُعد الاجتماع الأعلى مستوى بين البلدين منذ تولي الحركة السلطة عام 2021.

وتم خلال اللقاء الاتفاق على تعزيز التعاون التجاري عبر ميناء تشابهار الإيراني، وتقديم نيودلهي مساعدات لتحسين القطاع الصحي في أفغانستان، بالإضافة إلى طلب حكومة طالبان تسهيل التأشيرات لرجال الأعمال والطلاب الأفغان لدخول الهند.

وتأتي هذه الخطوة بعد تصريحات رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي التي وصف فيها الحكومة الأفغانية بأنها "غير شاملة"، وذلك في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في طاجيكستان بعد فترة قصيرة من تولي طالبان السلطة، مؤكدا "ضرورة تريث الدول قبل الاعتراف بها".

مصالح

ورغم الموقف الهندي الحازم في البداية، فإنه بدأ في التحول تدريجيا مع مرور الوقت حيث أرسلت نيودلهي "فريقا فنيا" إلى العاصمة كابل، وعينت حكومة طالبان مبعوثا في مومباي، كما التقى الممثل الخاص للهند "جي بي سينغ" مع القائم بأعمال وزارة الدفاع الأفغانية الملا محمد يعقوب.

إعلان

ويعكس هذا التحول، حسب تصريح شري رادها داتا أستاذة العلاقات الدولية بجامعة جيندال جلوبال في الهند، للجزيرة نت، اهتمام نيودلهي بدعم الشعب الأفغاني "في ظل هيمنة حركة طالبان على السلطة"، وفي إطار مزيج من المصالح الاقتصادية والإنسانية والإستراتيجية، خاصة أن الهند حافظت على علاقات وثيقة خلال فترة حكم الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي.

في هذا السياق، قال عرفان يار، مؤسس ومدير معهد أفغانستان للأمن (مركز أبحاث مقره أوتاوا في كندا)، إنه من المنظور الجيوستراتيجي والاقتصادي من الضروري أن تتعاون الهند مع كابل، وأكد للجزيرة نت أن "الواقع في أفغانستان اليوم يتمثل في طالبان، مما يفرض على نيودلهي التعامل مع هذه السلطات الفعلية".

من جهة أخرى، يتفق داتا ويار على أن الهند ليست راضية عن حكومة طالبان. ولكن حسب يار، ليس للهند خيار آخر سوى التعامل مع الحكم الأفغاني الحالي، وتُظهر طالبان تفاؤلا بمثل هذه الاجتماعات، مثل لقاء ميسري مع متقي حيث ترحب بمشاركة الهند في أفغانستان وتسعى لعودتها.

أمن باكستان

وبشأن باكستان التي تواجه قضايا حدودية مع أفغانستان والهند، قالت آمنة خان، الخبيرة الباكستانية في الأمن والعلاقات الدولية، للجزيرة نت، إن إسلام آباد ليست لديها مشكلة في إقامة أي نوع من العلاقات بين كابل ونيودلهي. وشددت على أن "أمن باكستان يجب أن يظل محميا، وأن استقرارها ينبغي ألا يتأثر بتلك العلاقات".

وتأتي تعليقات الخبيرة في سياق وقوع هجمات متبادلة بين الجيش الباكستاني وحركة طالبان الأفغانية، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد استهداف إسلام آباد الأراضي الأفغانية ردا على هجمات الحركة الباكستانية.

وأكدت خان للجزيرة أن شاغل باكستان الأساسي هو ضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتنفيذ أي "أنشطة إرهابية ضدها، في ظل وجود أدلة على تورط الهند في هذه الأنشطة في إقليم بلوشستان الباكستاني".

إعلان

أما الباحث عرفان يار، فلا يعتقد أن الهند تستغل التوتر بين باكستان وأفغانستان لجذب كابل نحو نفوذها، واعتبر أن هذا "التوتر القائم ثنائي وناتج عن الروابط القوية بين طالبان الأفغانية والباكستانية".

من جانبها، ترى الأستاذة داتا أن نيودلهي لم تقم بأي خطوة من شأنها أن تضر بإسلام آباد أو أي دولة أخرى، وأن العامل الباكستاني ليس من العوامل الرئيسية في العلاقة بين الهند وأفغانستان.

علاقات قوية

تم خلال اجتماع ميسري ومتقي في دبي الاتفاق على استخدام ميناء تشابهار الإيراني للتبادل التجاري بين الهند وأفغانستان، علما أن الميناء أُحدث في عهد الشاه الإيراني السابق محمد رضا بهلوي واستثمرت فيه الهند.

وبحسب الباحث يار، تهدف هذه الاتفاقية إلى تجاوز الهند موانئ باكستان وتأسيس علاقات اقتصادية قوية مع أفغانستان عبر إيران، و"كان هذا أحد الأهداف الرئيسية لاستثمار نيودلهي في الميناء".

ورغم أن هناك حاليا تعاونا في القطاع الاقتصادي والمساعدات الإنسانية بين الهند والحكومة الأفغانية، يرى داتا ويار أن هذا لا يُعتبر اعترافا من الهند بحكومة حركة طالبان.

ووفق الخبيرة خان، إذا فقدت باكستان، "التي مدت يد العون لملايين اللاجئين الأفغان"، علاقتها بكابل، فإنها ستصبح محاطة بكل الدول المتنافسة مما سيخلق العديد من المشاكل الدبلوماسية ويدفعها إلى العزلة الدبلوماسية، "ومع ذلك يبقى شاغل إسلام آباد الأكثر أهمية هو الأمن".

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية من مسجد مصر: الخطأ في تكفير ألف كافر أهون من قتل مسلم واحد.. فيديو
  • العراق بالمقدمة .. حصة أوبك ترتفع في واردات الهند من النفط لأول مرة منذ 9 سنوات
  • للمرة الأولى.. أبل من بين أفضل 5 شركات للهواتف الذكية في الهند
  • حسن أبو الروس ومسلم يقتحمان حفلات زفاف حقيقية لتصوير كليب "انتي وبس"
  • محام : زوجة خلعت زوجها بسبب رفض سفرها إلى مصر .. فيديو
  • حسن أبو الروس يعيد إطلاق كليب انتي وبس مع مسلم| فيديو
  • تداعيات تعاون الهند وحركة طالبان الأفغانية على المنطقة
  • سلطان بن أحمد: أنتم صناع الغد والأمل الذي تتطلع إليه أوطانكم
  • العدوان الأمريكي البريطاني في خطابات السيد القائد عبد الملك الحوثي
  • شاهد بالفيديو والصور| هكذا تمت عملية تطهير منطقة حنكة آل مسعود من “داعش” والأماكن التي كانت تتمترس فيها العناصر التكفيرية وطريقة تعامل رجال الأمن مع الأسرى