وضع القوى المدنية في اجتماعات عنتيبي وسط تصاعد الحرب
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
اجتماعات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في عنتيبي، أوغندا، تأتي في ظل واقع سياسي شديد التعقيد، يتسم بتصاعد الحرب الأهلية في السودان وتزايد معاناة الشعب، مما يفرض ضغوطًا كبيرة على التحالفات المدنية للتوصل إلى حلول عملية وفعّالة. هنا نستعرض أبرز الأبعاد المرتبطة بهذه الاجتماعات
السياق السياسي للأزمة
• تصاعد الحرب: الحرب في السودان أفرزت انقسامات سياسية عميقة ومآسي إنسانية، وأضعفت القدرة على تحقيق توافق وطني.
• ضغط دولي وإقليمي: انعقاد الاجتماعات في أوغندا يشير إلى دور إقليمي محتمل في تسهيل الحوارات، خاصة مع الاهتمام الدولي بتحقيق استقرار السودان.
التحديات الداخلية للتحالف
• إصلاح التنظيم: الدعوات المقدمة من الحركة الشعبية (التيار الثوري) ولجان المقاومة تشير إلى مطالب داخلية بالإصلاح، وهي تعكس انقسامات حقيقية داخل التنسيقية قد تهدد تماسكها.
• تمثيل شامل: إضافة أعضاء جدد للهيئة القيادية خطوة تهدف إلى تعزيز التمثيل والشرعية، لكنها قد تواجه صعوبات في تحقيق توافق بين المكونات.
فرص النجاح
• مناقشة المذكرات التصحيحية: استجابة التنسيقية لمطالب المكونات الداخلية مثل لجان المقاومة قد تسهم في تعزيز الوحدة الداخلية وبناء تحالف أكثر قوة.
• الرؤية السياسية المحدثة: العمل على تطوير رؤية سياسية جديدة قد يوفر فرصة لتقديم خطاب متماسك يجذب شرائح أوسع من المجتمع السوداني.
المخاطر المرتبطة بالاجتماعات
• تعثر الاتفاقات الداخلية: إذا فشلت الاجتماعات في استيعاب مطالب الأطراف المختلفة، فقد يؤدي ذلك إلى انشقاقات داخل التنسيقية.
• غياب تأثير حقيقي على الأرض: التحالف المدني قد يواجه تحديات في تحقيق تأثير فعلي إذا لم تقترن الرؤية السياسية بخطوات عملية تعالج الأزمة الميدانية.
توصيات واستنتاجات تعزيز وحدة التحالف - يجب أن تسعى التنسيقية لاستيعاب مطالب المكونات المختلفة لضمان تماسك الجبهة المدنية. ,التركيز على الأولويات الوطنية: تطوير رؤية سياسية تُعطي الأولوية لوقف الحرب وإعادة بناء المؤسسات أمر ضروري. ,الانفتاح على المجتمع الدولي: الاستفادة من الدعم الإقليمي والدولي يمكن أن يعزز موقف التحالف في مواجهة أطراف النزاع المسلح.
اجتماعات عنتيبي تشكل فرصة محورية للقوى المدنية لتوحيد صفوفها وصياغة رؤية متماسكة للمرحلة المقبلة. ومع ذلك، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرتها على معالجة التحديات التنظيمية والسياسية بشكل شامل ومنسق.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
العملية السياسية لوقف الحرب في السودان
د. الشفيع خضر سعيد
نختتم اليوم مناقشتنا للأسئلة الصعبة الستة المكونة لمحتوى رؤية القوى المدنية السودانية حول كيفية وقف الحرب الدائرة في البلاد. ونواصل الإجابة التي ابتدرناها في مقالنا السابق على السؤال السادس/الأخير والذي يقرأ: ما هي تفاصيل العملية السياسية من حيث أجندتها وأهدافها وأطرافها، وكيف يتأتى للقوى المدنية والسياسية السودانية العمل على بناء السلام وقيادة البلاد بعد إنهاء الحر، وهل ستنحصر العملية السياسية في قضايا الانتقال من الحرب إلى السلم، أم ستتوسع لتعالج جذور الأزمة الوطنية العامة في البلاد وقضايا إعادة تأسيس الدولة السودانية؟
إن تصميم وقيادة العملية السياسية، كما ظللنا نكرر، يقعان حصريا على عاتق القوى السياسية والمدنية السودانية، دون أن يعني هذا رفض أي تيسير أو تسهيلات من قبل القوى الدولية والإقليمية، وخاصة الاتحاد الأفريقي. فالمجتمع الدولي والإقليمي عبارة عن إطار كبير جدا ومتداخل لا يمكن أن تتعالج مشاكلنا بمعزل عن وجوده. ولكن التعامل معه يتطلب الحكمة والحذر حتى نضمن الحد من تأثيراته السالبة علينا. وبالنسبة لتصميم العملية السياسية، أقترح استنادها على عدد من المرتكزات، منها: مشاركة كل القوى السياسية والمدنية ماعدا حزب المؤتمر الوطني المحلول. * الشفافية والعلانية في كل مراحلها، وبعيدا عن أي تدخلات دولية أو إقليمية في تفاصيلها. العودة إلى مسار ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، والانطلاق من مبدأ إعادة بناء الدولة السودانية وفق أسس التمسك بوحدة البلاد، واحترام التنوع العرقي والديني والثقافي وضمان العدالة الاجتماعية، وتفكيك الميليشيات المسلحة وبناء جيش قومي موحد، والحكم المدني الديمقراطي. التوافق على آلية/جمعية قومية تضم ممثلين عن القوى السياسية والمجتمع المدني والقوى الشبابية وغرف الطوارئ والعسكريين والشخصيات الوطنية، تلغي الوثيقة الدستورية لعام 2019 وتتولى مهام التشريع والرقابة وفق مراسيم بديلة تؤسس لحكم انتقالي مدني لا يشارك فيه العسكر أو الميليشيات.
مباشرة بعد وقف العدائيات وإطلاق النار، أقترح أن تبتدر الآلية/الجمعية القومية الفترة الانتقالية بإصدار مراسيم يتم بموجبها حل المجلس السيادي وهياكل الحكم الأخرى القائمة، تعيين حكومة مدنية، في المركز والولايات، من شخصيات مستقلة وعلى أساس الأهلية والكفاءة والقدرة السياسية والتنفيذية، وبعيدا عن أي ترضيات أو محاصصات سياسية أو جهوية، وتكوين مجلس الدفاع والأمن القومي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية. ونشدد على أهمية ابتعاد قيادات وكوادر الأحزاب والقوى السياسية عن الجهاز التنفيذي الانتقالي وأن تكتفي بمراقبة أدائه وسير تنفيذ الخطط والبرامج من خلال تواجدها في الآلية/الجمعية القومية، أما القيادات العسكرية فمكانها مجلس الدفاع والأمن القومي.
وفور تكوينها، أقترح أن تنظم الحكومة الانتقالية المدنية مؤتمر مائدة مستديرة تشارك فيه كل القوى السياسية والمجتمع المدني والقيادات الأهلية والشعبية والمنظمات القاعدية كغرف الطوارئ والتكنوقراط والعسكريين والشخصيات الوطنية المجمع عليها، بهدف الخروج برؤية موحدة حول المشروع الانتقالي الذي من الممكن أن ينتشل البلاد من واقع الحرب والتأزم. فصياغة المشروع السياسي البديل والبرنامج الانتقالي لما بعد الحرب هي مهمة تاريخية لا يمكن أن تقوم بها مجموعة بعينها من الفصائل، مثلما لا يمكنها أن تقتصر على النخب والقيادات السياسية وحدها. أما أولويات البرنامج الانتقالي والتي ستنفذها الحكومة المدنية، فتشمل:
الشروع فورا في مباشرة تفكيك تمكين نظام الإنقاذ.
مخاطبة المأساة الإنسانية المتفاقمة، وخاصة مناطق النزوح واللجوء، بالتعاون مع المنظمات الدولية، وبالتنسيق مع لجان الطوارئ ولجان الخدمات والتغيير والمنظمات القاعدية في المحليات.
استعادة الاستقرار وفرض القانون والنظام العام.
إصلاح القضاء والمنظومة العدلية.
تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية.
إصلاح القطاع الأمني، والإشراف على عمليات تنفيذ البنود الخاصة بالجيش الموحد، ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بالتنسيق مع القوات المسلحة السودانية.
مراجعة وتقويم اتفاق سلام جوبا، والعمل على عقد اتفاق سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.
رتق النسيج الاجتماعي من خلال إطلاق مبادرات لتقليل الاستقطاب الاجتماعي والعرقي وللتصالح والتعايش السلمي، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني في بناء الجسور بين المجتمعات المتضررة، وتفعيل دور القيادات الدينية والمجتمعية والتقليدية في تقليل حدة الاستقطاب المجتمعي وإجراء المصالحات المحلية.
إعادة الإعمار وتنفيذ برنامج اقتصادي إسعافي.
عقد المؤتمر الدستوري على أن ينجز أعماله قبل نهاية الفنرة الانتقالية. والمؤتمر الدستوري في جوهره يعني أن يتوافق السودانيون، بمختلف انتماءاتهم الفكرية والثقافية والإثنية والسياسية، على مشروع وطني لإعادة بناء الدولة السودانية، وعلى ثوابت دستورية تشكل مواد الدستور الدائم للبلاد، وذلك من خلال التوافق على إجابات أسئلة التأسيس التي ظلت، ومنذ فجر الاستقلال، إما بدون إجابات أو بإجابات خاطئة كلفتنا تاريخا وحاضرا مرعبين. وأسئلة التأسيس تشمل: أ- شكل الحكم الملائم والذي يحقق مشاركة عادلة في السلطة بين مختلف المكونات القومية والجهوية، ويشمل ذلك إصلاح النظام السياسي بما يضمن إيقاف متوالية الانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية.
ب ـ التوزيع العادل للثروة والموارد بين هذه المكونات. ج ـ الهوية وعلاقة الدين بالدولة. وبحكم طبيعة مهامه هذه، سيظل المؤتمر الدستوري، في دلالاته، أقرب لأن يختط السودان بتعدد كياناته العرقية ومعتقداته الدينية المتعددة وجذوره الثقافية الحضارية المتنوعة، منهجا لحل معضلاته المزمنة كيما يستقر دولة حديثة جديرة بأهله، ورقما ينتزع الاعتراف به في هذا العالم.
التوافق على قانون انتخابات جديد يتجاوز سلبيات التجارب الديمقراطية السابقة المرتكزة على صيغة «وستمنستر» والتي أفرزت نظما ديمقراطية هشة يسهل الانقضاض عليها. والمطلوب من القانون الانتخابي الجديد أن يحقق ممارسة سياسية صحية تستند على صيغة سودانية للديمقراطية التعددية، توائم بين القيم العالمية المطلقة للديمقراطية التعددية والسمات الخاصة ببلادنا، وتربط الديمقراطية بتوفير لقمة العيش ومياه الشرب وخدمات العلاج والتعليم والخدمات الأساسية الأخرى.
نقلا عن القدس العربي