الحرب في سُوريا.. و"صِيغَة أسْتَانا"
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
حققت صيغة أستانا بعض النتائج، خاصة على صعيد اختراق الفصائل وتفكيكها
بشنِّ الفصائل السورية المسلحة هجوماً واسع النطاق، مباغتاً ومفاجئاً، في شمال غرب سوريا ضد الجيش العربي السوري، في السابع والعشرين من نوفمبر(تشرين الثاني) الفائت، تكون سوريا قد عادت إلى ما كانت عليه منذ 2011، أي حين تبنت المعارضة المسلّحة العنف لإسقاط النظام، خاصة وأن هذا الهجوم الأخير يعد أكبر تصعيد عسكري في سوريا منذ عام 2020.
جاء الهجوم في إطار ما سمّي بعملية "ردع العدوان" التي أطلقتها الأربعاء الماضي فصائل إرهابية من هيئة تحرير الشام (هيئة النصرة سابقا)، وتمكنت من السيطرة على معظم مدينة حلب - بما في ذلك المطار الدولي ومطارا كويرس ومنّغ العسكريان ومواقع عسكرية أخرى وطرق رئيسية - وحاولت الزحف جنوباً باتجاه مدينة حماة لكن تقدمها توقف في ريفها الشمالي، ومن خلال ما ستفسر عنه المعارك الأيام المقبلة سيتحدد مصير سوريا ومستقبلها.
وبعيداً، عن النتائج المنتظرة للحرب في سوريا الدائرة بين الحكومة السورية والفصائل الإرهابية المسلحة، والتي ستدخل بعد أشهر عامها الرابع عشر، فإنه يحق وصفها بالحرب الأممية، وإن لم تكن عالمية، حيث تتقاطع فيها مصالح أطراف فاعلة ومؤثرة على الساحة الدولية داعمة إما لبقاء وتثبيت الحكومة بقيادة الرئيس بشار الأسد، أو مساندة للفصائل المسلحة بالمال والعتاد العسكري.
على صعيد محاولة الوصول إلى حل سياسي، أو على الأقل توقيف الاقتتال، تبذل جهودا دولية خجولة، تتزامن مع خطاب التحشيد، الأمر الذي سيعيد سوريا إلى فترة ما قبل 2016 ، ومع ذلك فإن البعض يعول على تلك الجهود، خاصة التي لها مرجعية سابقة، لجهة طرح حل جزئي أو ما قد يؤدي إليه، كما هو الأمر بالنسبة لـ" صيغة أستانا"، التي يأتي ذكرها تحديدا هنا على خلفية ما أشارت إليه في تصريح صحفي المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الثلاثاء الماضي( 3 ديسمبر الجاري)، حيث قالت:" إن العمل يجري حاليا بخصوص مسألة اجتماع الدول المشاركة في صيغة أستانا بشأن سوريا".
وتضمُّ صيغة أستانا ــ كما هو معروف ـ روسيا وإيران وتركيا كدول ضامنة لعملية حل الأزمة السورية، بالإضافة إلى ممثلين عن الحكومة والفصائل السورية والأمم المتحدة والدول المراقبة( الأردن والعراق ولبنان)، وقد بدأت المفاوضات في أستانا، حول التسوية السورية في عام 2017، وتم منذ تلك الفترة عقد 21 اجتماعا لهذه الصيغة.
لقد حققت صيغة أستانا بعض النتائج، خاصة على صعيد اختراق الفصائل وتفكيكها، لكنها لم تُسْهِم في حلِّ الأزمة بشكلها النهائي، لذا يرى بعض المراقبين اليوم أن إعادة طرحها أو احيائها يعتبر محاولة جديدة من روسيا للمحافظة على مصالحها، عبر الإسهام في حل الأزمة السورية، لكن من غير المتوقع أن تسير مجموعة أستانا على نفس توجهها السابق، خاصة تركيا.
من ناحية أخرى، فإن إعادة طرح صيغة أستانا ـ في حال اجتماع الدول المشاركة فيها ـ سيأتي في ظل تطورات جديدة، من أهمها: الأحداث الجارية في الميدان، وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وتغير الأوضاع في المنطقة بشكل عام، وتراجع دور إيران في سوريا، والحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان، وعودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم من جديد، ودعم معظم الحكومات العربية للرئيس السوري في الوقت الرّاهن.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا صیغة أستانا
إقرأ أيضاً:
صراع الـ13 عاما بين «الأسد» والفصائل المسلحة.. تاريخ طويل ضم أطراف دولية
على مدار 13 عامًا من الصراع المحتدم في سوريا، تحولت البلاد إلى ساحة معركة بين الرئيس بشار الأسد، الذي سقط نظامه في 8 ديسمبر 2024 وفر إلى العاصمة الروسية موسكو، والفصائل المسلحة بخلاف وسطاء دوليين، يحمل كل طرف أجندته الخاصة.
تاريخ الحرب الأهلية السوريةوبالعودة إلى تاريخ ظهور الفصائل السورية وتطورها، فيجب الرجوع إلى الاحتجاجات والاضطرابات التي تحولت إلى حرب أهلية في سوريا عام 2011، كامتداد لموجة أكبر شهدتها المنطقة العربية في إطار ما يُعرف بـ«الربيع العربي»، وعلى مدار 13 عامًا صمد فيها نظام الأسد في أجزاء من البلد، لكن في تطور مفاجئ خلال الأسابيع الأخيرة، نجح تحالف من جماعات المعارضة في قلب موازين الصراع، بعد فترة طويلة من الجمود، وتمكنت هذه الفصائل المسلحة من السيطرة على مدن استراتيجية، منها حلب وحماة وحمص، وصولًا إلى العاصمة دمشق ومن ثم السيطرة على جميع مفاصل الدولة وإعلان سقوط نظام الأسد، في واحدة من أسرع العمليات العسكرية منذ سنوات، بحسب ما جاء في «القاهرة الإخبارية».
وأدت الحرب السورية إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين، إذ لجأ النظام إلى استخدام أساليب قمعية مثل الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة، تجاوزت الأزمة حدود سوريا لتخلق أزمة إنسانية عالمية، وسط نداءات مستمرة لإيجاد حل سياسي ينهي المعاناة.
الحرب الأهلية مأساة إنسانيةوتمثل الحرب الأهلية السورية مأساة إنسانية وسياسية معقدة، تعكس صراعات المصالح الإقليمية والدولية. وبينما تسود الفوضى، يبقى مستقبل البلاد غامضًا، وسط تساؤلات حول قدرة الأطراف المتصارعة على تحقيق سلام مستدام يعيد لسوريا استقرارها المنشود.
وقدرت الأمم المتحدة عدد الضحايا في سوريا بين 580 ألفًا و618 ألفًا، منهم 306,887 مدني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، و6.7 مليون نازح داخليا بحلول مارس 2021.
أطراف في الحرب السوريةوفيما يتعلق بالنظام السوري، الذي كان بقيادة الأسد، فهو طرفًا رئيسيًا في الحرب، إذ استند النظام إلى دعم إيراني وروسي قوي لاستعادة أجزاء كبيرة من البلاد، ومع ذلك، أظهرت التحولات الأخيرة ضعف قدرة هذه القوى على تقديم الدعم بالكفاءة السابقة نفسها.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين سوريين وعرب ومصادر مطلعة، أنَّ الحكومة العراقية رفضت طلب نظام الأسد حشد مزيد من القوات، وأن إيران أبلغت سرًا دبلوماسيين عرب أنه من الصعب إرسال قوات لسوريا، والأسد طلب المساعدة من عدة دول دون نتيجة.
ماذا عن الفصائل المسلحة؟أما عن الفصائل المسلحة، فقد تمّ تصنيف بعضها كمنظمات إرهابية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، والهدف الأساسي هو الإطاحة بالنظام السوري، وتحاول الفصائل المسلحة كسب تأييد السكان المحليين عبر تقديم خدمات مدنية في مناطق سيطرتها.
ومن بين النظام السوري والفصائل المسلحة، برزت القوات الكردية، تحت لواء «قوات سوريا الديمقراطية»، كحليف رئيسي للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم «داعش»، فيما أطلقت تركيا سلسلة من العمليات العسكرية عبر الحدود السورية، مركزةً على المناطق الكردية، كما تدعم فصائل مسلحة مثل «الجيش الوطني السوري».
أطراف خارجية في الحرب السوريةوفيما يتعلق بموقف كل من روسيا وإيران من الحرب السورية، فقد أرسلت روسيا قوات ومعدات لدعم النظام السوري، لكن الحرب في أوكرانيا أثرت على قدراتها، أما إيران، فقد لعبت دورًا محوريًا عبر مقاتلي «حزب الله»، لكنها بدأت تخفض وجودها العسكري في سوريا بسبب الضغوط الإقليمية والدولية.
أما الدور الأمريكي في سوريا فقد شهد تطورات عديدة، من دعم الفصائل السورية إلى التركيز على محاربة تنظيم «داعش»، فيما لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بقوات في شمال شرق البلاد لتأمين مناطق النفط ومنع عودة التنظيم الإرهابي.