من خلال اجتماعها هذا الأسبوع في معراب، بحضور رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أطلقت قوى المعارضة حراكها الخاص تحضيرًا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب في التاسع من كانون الثاني، من دون أن تحسم توجّهها الفعليّ في المقاربة، بين خياري التوافق الذي يفضّله الجميع، والتنافس الذي يُطرَح جدّيًا على الطاولة، ولو انطوى على نوعٍ من "التحدّي" في مكانٍ ما.


 
فمن يستمع إلى نواب ووجوه المعارضة بعد الاجتماع، يدرك أنّ كلّ الخيارات لا تزال مفتوحة على أجندتها، وكلّ الاحتمالات بالنسبة إلى طريقة التعاطي مع الجلسة واردة، فالقوى التي سبق أن رفضت مبدأ الحوار أو التشاور، لا تخفي معارضتها لفكرة المرشح "الحيادي أو الوسطي"، استنادًا إلى التجارب السابقة، وتصرّ على أنّ المرشح المدعوم من قبلها، أيًا كان، يجب أن يلبّي تطلعاتها للمرحلة المقبلة، التي تعدّها مرحلة "بناء الدولة".
 
لم يدخل اجتماع "معراب-3" في أسماء المرشحين، أو على الأقلّ لم يتبنّ أيّ اسم، بانتظار اكتمال المشاورات، سواء فيما بين قوى المعارضة نفسها، أو بينها وبين سائر القوى السياسية والكتل النيابية، إلا أنّ التسريبات ضمّت أسماء من كلّ حدبٍ وصوب، حتى إنّ هناك من رمى باسم سمير جعجع نفسه في "البازار"، فكيف يُقرَأ كلّ ذلك في سياقٍ يترك انطباعًا بأنّ جلسة 9 كانون الثاني ستكون مثمرة، ومتى تحسم قوى المعارضة خيارها؟!
 
التوافق ممكن.. بشرط
 
صحيح أنّ هناك من يحمّل قوى المعارضة، وتحديدًا تلك التي شاركت في لقاء معراب، بنسخاته الثلاث، مسؤولية تعطيل التوافق والتفاهم على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، برفضها مبدأ الحوار والتشاور، بكلّ الصيغ التي طُرِحت على مدى الأشهر الماضية، وباختيارها على النقيض نهج "الصدام" مع مكوّن أساسيّ ومؤثّر في البلد، ولو تحت شعار "تطبيق الدستور"، من خلال الاحتكام إلى تنافس ديمقراطي عبر جلسات انتخابية مفتوحة ومتتالية.
 
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ ثمّة مرونة أكبر بدأت تظهر في صفوف المعارضة إزاء منطق التوافق، ولو بصورة مبدئيّة، بحسب ما يقول العارفون، الذين يعزون الليونة المستجدّة إلى عاملين أساسيّين، أولهما مرونة الفريق الآخر في المقابل، الذي تراجع عن تصلّبه إلى حدّ بعيد، وأرسل مؤشّرات عن رغبته بإنجاز الاستحقاق هذه المرّة، وثانيهما شعور المعارضة بأنّ الظروف الموضوعية اليوم لا تشبه ظروف الماضي، وهي تحتّم انتخاب رئيس.
 
إلا أنّ مرونة المعارضة لا تبدو "مجانية" وفق ما يقول المحسوبون عليها، فهي "مشروطة" أولاً بإثبات الفريق الآخر لحسن نواياه، وهو ما يتطلب بادئ ذي بدء التخلّي عن تمسّكه بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، لفتح باب التفاهم، إلا أنّها محكومة في الوقت نفسه بثوابت تقول المعارضة إنها لن تحيد عنها، وأهمّها أنّ الرئيس المقبل لا يمكن أن يكون "حياديًا"، بل يجب أن يكون "سياديًا"، ولا سيما أنه سيدير مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.
 
ماذا عن المرشحين؟
 
لا إجابات محدّدة لدى المحسوبين على المعارضة بشأن المرشح الذي ستتبنّاه في جلسة التاسع من كانون الثاني، أو حتى المرشحين المطروحين للنقاش على طاولتها، فالأمر مرهونٌ بحسب ما يقولون بالمشاورات القائمة حاليًا، وبمدى إمكانية حصول أيّ "تقاطع" على أي اسم جدير بالمنصب بين أكبر عدد ممكن من النواب، خصوصًا أنّ انتخاب الرئيس بشبه إجماع، يبقى أهمّ في الظرف الحالي من حصوله على 65 صوتًا فقط لا غير.
 
وبانتظار اكتمال المشاورات، ثمّة أسماء تُبحَث جدّيًا على الطاولة، من بينها اسم المرشح السابق جهاد أزعور، الذي سبق أن تمّ التقاطع بشأنه مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، والذي تقول أوساط المعارضة إنه لم يُسحَب من التداول بالمُطلَق، لكن ثمّة أسماء أخرى إلى جانبه، بعضها تمّ تسريبه، وبعضها الآخر يحافظ على سريته تفاديًا للحرق، فضلاً عن اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي قيل سابقًا إنه المرشح "المضمر" لهذه القوى.
 
أما بالنسبة لفكرة ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، والتي تناقلتها بعض المصادر الصحافية في اليومين الماضيين، فلا تؤكدها ولا تنفيها أوساط المعارضة، لافتة إلى أنّ مثل هذا الترشيح له ظروفه، وقد يكون مطروحًا إذا ما أصرّ "الثنائي الشيعي" على المضيّ بترشيح فرنجية رغم كلّ شيء، وهو ما ستفهمه المعارضة على أنه إصرار على منطق "التحدي"، وما سيتطلب التعامل معه بالمثل، بعيدًا عن "تكتيكات" ما قبل الحرب.
 
"تتأهّب" المعارضة إذاً لجلسة انتخاب الرئيس في التاسع من كانون الثاني المقبل. بالنسبة إليها، كل الخيارات والسيناريوهات مفتوحة، منها التوافق مع الكتل الأخرى على مرشح "مناسب"، وهو ما يتطلب التخلي عن فرنجية أولاً، أو الذهاب إلى منافسة ديمقراطية بين عدّة مرشحين، وصولاً إلى "التحدي والمواجهة". أما الثابت الوحيد، فأنّ جلسة 9 كانون الثاني يجب أن تكون حاسمة، وأيّ تلاعب بنصابها سيكون بمثابة "انتحار"!
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: قوى المعارضة کانون الثانی

إقرأ أيضاً:

التحالف الليبي لـ”أحزاب التوافق الوطني” يعلن رفضه توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا

أعلن التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني، متابعته ببالغ القلق التقارير المتواترة بشأن انخراط حكومة الوحدة الوطنية في اتفاقيات وتفاهمات لتوطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا.

وأكد التحالف الليبي موقفه الثابت والراسخ برفض أي توطين للمهاجرين غير النظاميين في ليبيا.

ونوه أن ليبيا التي عانت من أزمات وصراعات عديدة، لا يمكن أن تتحمل تبعات السياسات الغربية التي أفقرت القارة الأفريقية وتسعى لحل مشاكلها الداخلية على حساب الليبيين بتحويل بلادنا إلى وجهة للمهاجرين أو ملاذ لهم.

وتابع: “ليبيا ليست إلا بلاد ممر للمهاجرين، ولن نقبل باستغلال حالة الضعف والانقسام السياسي لتغيير هويتها الوطنية والعبث بتركيبتها الديمغرافية”.

ودعا التحالف الليبي السلطة التشريعية والنائب العام، وكذلك المؤسسات العسكرية والأمنية، إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه هذا الوضع الحساس الذي تمر به بلادنا.

وشدد على أهمية التعامل معه كملف طارئ وخطير، يهدد الأمن القومي الليبي واستقرار المجتمع .

وحذر التحالف الليبي جميع السلطات من عواقب وضع ملف الهجرة في إطار المساومات والابتزاز السياسي مع دول الاتحاد الأوروبي كوسيلة للبقاء في السلطة وإعاقة العملية السياسية التي أطلقتها البعثة الأممية للدعم في ليبيا، بهدف الوصول لإنتخابات رئاسية وبرلمانية.

وأشار إلى أن ليبيا تحتاج إلى حلول وطنية حقيقية، وليست مجرد حلول مؤقتة تستجيب لمطالب خارجية، مؤكدًا ضرورة توحيد الجهود الوطنية لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد، ونبذ أي محاولات قد تهدد هويتها وسيادتها.

الوسومليبيا

مقالات مشابهة

  • تأجيل محاكمة بلوجر شهيرة لاتهامها بجريمة مخلة لجلسة 3 أبريل
  • كلمة رئيس الوزراء خلال إطلاق تقرير المتابعة الثاني لمنصة «نوفي» |فيديو
  • السويح: تعديل الإعلان الدستوري ممكن إذا حققت اللجنة الاستشارية التوافق
  • رئيس الوزراء يشهد مراسم التوقيع على عدد من الإتفاقيات على هامش إطلاق تقرير المتابعة الثاني لمنصة نوفي
  • غياب التوافق السياسي يهدد قانون النفط والغاز بالترحيل إلى الدورة المقبلة
  • غياب التوافق السياسي يهدد قانون النفط والغاز بالترحيل إلى الدورة المقبلة - عاجل
  • عبد العاطي يؤكد مواصلة مصر لجهودها في مساعدة الأطراف الليبية على التوافق
  • التحالف الليبي لـ”أحزاب التوافق الوطني” يعلن رفضه توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا
  • حاضنات الابتكار الاجتماعي .. بلورة التوافق وإحداث التأثير
  • "الاقتصاد نيوز" تنشر المقررات الكاملة لجلسة مجلس الوزراء