بينما هيمنت الدعوة إلى وقف الحرب وجرائم القتل الجماعي في غزة ، وتهجير السكان وتدمير المنشآت المدنية والبنية التحتية ، والتدخل لحماية المدنيين ، على أجندة أعمال القمة الخليجية ال 45 في الكويت، التي التأمت الاحد الماضي ، غابت عنها التطورات الخطيرة في سوريا التي شهدت تصعيدا كبيرا مساء الجمعة الماضية عقب توغل مقاتلي المعارضة في مدينة حلب .


رحبت القمة أيضا بوقف إطلاق النار المؤقت في لبنان، لكنها تجنبت وضع تصور أو خطة لتمويل إعادة إعمار البلاد ،مما أثار تساؤلات حول مدى جدية التعاطي الخليجي مع القضايا اللبنانية.
غياب الملف السوري عن قمة الكويت ، حسب كثير من المرافقين، يعود إلى رغبة خليجية صرفة في تجنب إثارة خلافات بين دول المنظومة الخليجية لاسيما بين السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة ، وقطر من جهة أخرى .فالأخيرة هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تزال تعارض التطبيع مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد ، وتدعم فصائل المعارضة المسلحة المناوئة له.
كان لافتا أن قمة الكويت حملت شعار « المستقبل الخليجي » ، وتأكيد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في كلمته بمناسبة افتتاحها، أن القمة تنعقد في ظل ظروف بالغة التعقيد تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي ، وتهدد تنمية شعوب المنطقة ورخاءهم، « ما يتطلب منا تسريع وتيرة عملنا الهادف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي ».
تحقيق هذه الغاية ، في نظر أمير الكويت ، يتطلب توحيد السياسات وتنويع مصادر الدخل غير التقليدية، وتسهيل حركة التجارة والاستثمار، ودعم الصناعات المحلية ، وتوسيع مجالات الابتكار وريادة الأعمال لا سيما في المجالات المستحدثة مثل الذكاء الاصطناعي ، وذلك لتعزيز تنافسية اقتصاد دول الخليج على الساحتين الإقليمية والدولية.
وكيفما كانت نتائج قمة الكويت، فان انعقادها بحد ذاته يعد بارقة أمل في وضع عربي متهالك ، حيث تظهر أن هناك منظومة عربية خليجية استطاعت أن تصمد وسط أزمات وعواصف وأنواء كثيرة ، كان آخرها الأزمة مع قطر عام 2017، حين أعلنت الدول الثلاث (السعودية، الإمارات، البحرين) ، بالإضافة إلى مصر،قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها.
ورغم انتهاء الأزمة رسميًا، لا تزال هناك تحديات في ترميم الثقة بين الأطراف.وهو ما يبرز الحاجة إلى آليات أكثر فاعلية لإدارة الخلافات في المستقبل.
يبقى الوضع في دول مجلس التعاون الخليجي كوة ضوء في المنطقة العربية ، مقارنة بمنظومة اتحاد المغرب العربي التي تعيش حالة موت سريري منذ فشل انعقاد القمة المغاربية في طرابلس عام 2005 جراء تداعيات الخلاف المغربي – الجزائري حول نزاع الصحراء الذي سيدخل العام المقبل عامه الخمسين.
في الاونة الأخيرة ،ظهر الاتحاد المغاربي متأرجحا بين اتحاد خماسي تأسس في مراكش يوم 17 شباط (فبراير)  1989، ومحاولات جزائرية لإحياء اتحاد بديل من دون المغرب، بيد أن المحاولات باءت بالفشل بعد رفض موريتانيا الانخراط في اتحاد لا يشمل الرباط .لذا ، ولد المشروع المغاربي البديل ميتا بحكم أنه ليس من المنطق استبدال بلد مؤسس للاتحاد بميليشيا انفصالية تقيم »دولة هلامية » فوق تراب دولة أخرى.
وبما أن مجلس دول التعاون الخليجي هو المنظومة الإقليمية الوحيدة التي ما زالت فاعلة في العالم العربي، سعت « قمة الكويت  » إلى كسب رهان تقوية البيت الداخلي الخليجي والتطلع للمستقبل باعتبارهما الحل الأكثر واقعية في مواجهة قضايا المنطقة المعقدة والمتشابكة.
إن التركيز على تقوية البيت الداخلي الخليجي وتحقيق التكامل الاقتصادي كأولوية قد يساعد على إيجاد حلول طويلة الأمد لكثير من القضايا الإقليمية، بشرط معالجة التصدعات الداخلية التي أثبتت أنها أكثر خطورة من أي تحديات خارجية.
لقد اظهرت الأزمة الأخيرة مع قطر  مدى هشاشة العلاقات الخليجية ، وعمق الخلافات بين دول منظومتها ، مما جعل الاهتمام بالقضايا الخارجية يتراجع . وقد بدا الوضع في سوريا قضية أقل أولوية بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي مقارنة بمحاولة تعزيز التكامل الاقتصادي وتقوية الوحدة الخليجية في محيط جد مضطرب وغير مستقر ومقبل على المجهول.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: قمة الکویت

إقرأ أيضاً:

تحركات في اتحاد الكرة للاستقرار على طاقم حكام أوروبي لإدارة القمة

بدأ مجلس إدارة اتحاد الكرة، برئاسة هاني أبو ريدة، تحركاته واتصالات لتجهيز طاقم تحكيم أوروبي لإدارة مباراة القمة بين الأهلي والزمالك، المقرر لها 22 فبراير الجاري، بناءً على طلب النادي الأهلي الذي رفض في وقت سابق تعيين طاقم حكام محليين.

وفتح اتحاد الكرة خطوط اتصال مع 5 اتحادات أوروبية، لتجهيز طاقم تحكيم مميز لإدارة المباراة، وهي إنجلترا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا.

وكان النادي الأهلي طالب اتحاد الكرة بتعيين طاقم تحكيم أجنبي لإدارة مباراة القمة أمام الزمالك، المقرر لها يوم السبت 22 فبراير بالجولة الـ 15 من بطولة الدوري المصري الممتاز.

وحسمت رابطة الأندية المصرية المحترفة الجدل حول إمكانية إقامة مباريات الدوري الممتاز خارج مصر، مؤكدة أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لم يمنح موافقته على هذا الأمر.

و أوضحت الرابطة أنها لم تتلقَّ أي عروض رسمية من دول عربية لاستضافة مباريات الدوري المصري، بما في ذلك مباراة القمة بين الأهلي والزمالك.

كما شددت على أن المواجهة ستقام في موعدها المحدد على ستاد القاهرة الدولي، وفقًا للجدول المعتمد من الجهات المنظمة.

مقالات مشابهة

  • تحركات في اتحاد الكرة للاستقرار على طاقم حكام أوروبي لإدارة القمة
  • الملف السوري كمحدد لتطور العلاقات التركية-الأمريكية في ولاية “ترامب” الثانية..
  • القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل
  • خبير في التكنولوجيا: قمة باريس للذكاء الاصطناعي تجمع قادة العالم لصياغة المستقبل
  • القطاع التكنولوجي يستشرف التحولات ومستقبل الابتكار
  • الإمارات عاصمة المستقبل
  • متحف المستقبل.. مهد استشراف الغد
  • القطاع الخاص يستشرف المستقبل في القمة العالمية للحكومات 2025
  • تفاصيل اتفاقية الترتيبات المالية التي وقعتها اليمن مع الكويت
  • زيارة مرتقبة للرئيسين السوري واللبناني إلى الكويت قريبًا