أثارت تعليقات النائب، التي تناولت وضع منطقة أبيي المتنازع عليها، تساؤلات حول الموقف الرسمي لجنوب السودان بشأن الاضطرابات السياسية التي تجتاح جارتها الشمالية

التغيير: جوبا

أثار أحد نواب رئيس جنوب السودان الخمسة، تابان دينج جاي، جدلاً بعد تشكيكه في شرعية الحكومة العسكرية السودانية خلال تصريحات أدلى بها في اجتماع سنوي لحكام الولايات في العاصمة جوبا يوم الجمعة الماضي.

وبحسب منصة “سودان وور مونتير” أثارت تعليقات النائب، التي تناولت وضع منطقة أبيي المتنازع عليها، تساؤلات حول الموقف الرسمي لجنوب السودان بشأن الاضطرابات السياسية التي تجتاح جارتها الشمالية. إذ قال “لا توجد حكومة في الخرطوم، هناك فراغ”.

واستولت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على السلطة في انقلاب في أكتوبر 2021، وأطاحت بحكومة يقودها مدنيون، قبل أن تنقلب على بعضها البعض في أبريل 2023.

والتزمت دولة جنوب السودان، ولكن بعض زعماء البلاد، الذين حاربوا الجيش السوداني لمدة عقدين من الزمان قبل أن يحصلوا على الاستقلال في عام 2011، يريدون استغلال ضعف السودان المجاور لانتزاع تنازلات في النزاعات المستمرة منذ فترة طويلة، بما في ذلك بشأن منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها.

وفي حديثه عن وضع أبيي، انتقد تابان افتقار حكومته إلى القيادة والاهتمام الهادف بالقضية. ورغم أن النزاع الحدودي كان يتفاقم منذ فترة طويلة، إلا أنه لم يحظ باهتمام سياسي يذكر في السنوات الأخيرة، حيث انشغلت كل من جوبا والخرطوم بأولويات أخرى.

وتوصلتا إلى اتفاق مع بعضهما البعض، بُني على تقاسم عائدات النفط المنتج في جنوب السودان ولكن يتم نقله عبر السودان (من خلال خط أنابيب انقطع الآن).

ودعا تابان إلى “الضغط حتى نصل إلى تسوية كاملة”. وأشار إلى أن الأمر أصبح الآن أكثر إلحاحًا، بسبب تدهور الظروف الاقتصادية والإنسانية في المنطقة المتنازع عليها.

وقال “إننا نواجه مشكلة كبيرة للغاية في أبيي. والفراغ الآن واضح للغاية، ولابد أن يدرك أهل جنوب السودان هذا. إن شعب نقوك – الدينكا – هم من أهل جنوب السودان. ولا يمكننا أن نسمح لهم بالمعاناة بالطريقة التي يعانون بها. والآن لا توجد حكومة في الخرطوم. وقد تُرِكوا على هذا النحو”.

وووفقا لـ ” سودان وور مونتير” ينحدر تابان نفسه من ولاية الوحدة، التي تقع على حدود أبيي، لكنه ينتمي إلى قبيلة مختلفة. وتشهد المنطقة أحيانًا قتالًا بين قبيلتي دينكا نقوك والمسيرية العربية.

ويوجد في المنطقة نحو 4000 جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، كجزء من مهمة تعمل هناك منذ عام 2011.

 

الوسومابيي السودان جنوب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ابيي السودان جنوب السودان

إقرأ أيضاً:

الحكومة الموازية والتصدى لخطر تقسيم السودان

١
شهدت البلاد تطورات خطيرة الأيام الماضية بعد إعلان تشكيل “تحالف السودان التأسيسي” الذي يضم قوى سياسية وعسكرية بارزة، بالتزامن مع الحديث عن تشكيل حكومة موازية غير شرعية وخارجة من رحم حكومة انقلابية غير شرعية ، وما يتبعها من مخاطر تقسيم السودان، ويظل الخطر ماثلا رغم العقبات المصاعب في الوصول لرؤية موحدة من طيف القوى السياسية والعسكرية التي تضم تحالف الحكومة الموازية، وتباين الطرح كما في العلمانية من جانب حركة الحلو وتقرير المصير، اضافة لاستمرار جرائم الحرب وتزايد لهيبها مما يعقد الوصول لحل سياسي، يؤدي لعدم الاستقرار، فضلا عن خطر قيام الحكومة الموازية التي تهدد بتقسيم البلاد. لقد ساعد في تصاعد الاحتقان تصرفات حكومة بورتسودان غير العقلانية كما في التمييز بين المواطنين في امتحانات الشهادة السودانية، وتغيير العملة، وإصدار الجوازات،الخ وغير ذلك من تراكم التمييز والمظالم التاريخية والمواطنة من الدرجة الثانية الضار الذي قاد لانفصال جنوب السودان.علما بأن قيام حكومة موازية تؤدي للمزيد من التصعيد واشتداد لهيب الحرب،والمزيد من تفكيك البلاد، فضلا عن خطر الإفلات من العقاب بعد جرائم الحرب التي ارتكبها الدعم السريع مع ميليشيات الكيزان في الجيش.
٢
هذا وترجع جذور فكرة الحكومة الموازية كما أوضحنا في مقال سابق عندما هدد حميدتي بتكوين حكومة عاصمتها الخرطوم (قبل التطورات الأخيرة فيها) في حالة إعلان البرهان حكومة في بورتسودان.. مما يعيد السيناريو الليبي في قيام حكومتين في بلد واحد، الذي يكرس تقسيم السودان في حال استمرار هذه الحرب اللعينة، من طرفين متورطين في جرائم حرب ولا شرعية لأي منهما في التقرير في شأن البلاد، بعد أن فقدا شرعيتها بعد الانقلاب على الوثيقة الدستورية المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر في 25 اكتوبر، مما قاد في نهاية المطاف للحرب اللعينة الجارية الانَ.

٣
اشرنا سابقا الي ضرورة الوقف الفوري للحرب ودرء آثارها، لأن إطالة أمد الحرب وتكوين الحكومة الموازية يهدد وحدة البلاد ، ويهدد أمن البلدان المجاورة له بحكم التداخل القبلي ، فضلا عن مشاكل النزوح ، ويبدو أن الإسلامويين يريدون تكرار تجربتهم الفاشلة التي لم يتعلموا منها في تصعيد الحرب بعد انقلابهم في 30 يونيو 1989م بعد أن طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، وكان الحصاد هشيما وانفصالا للجنوب.

بعد انتفاضة مارس ـ أبريل85 19م كما اشرنا سابقا ، تواصلت الجهود لوقف الحرب، و للحل السلمي لمشكلة الجنوب، فكان إعلان كوكادام الذي وقعة وفد التجمع الوطني لإنقاذ البلاد ووفد الحركة الشعبية لتحرير السودان في 24/ مارس/1986م الذي أشار إلى إلغاء قوانين سبتمبر 1983م وجميع القوانين المقيدة للحريات ، واعتمد دستور 1956م المعدل في 1964م ، مع تضمين الحكم الإقليمي وكافة القضايا الأخرى التي تجمع عليها القوي السياسية ، وكان من ضمن الأجندة التي اتفق عليها في إعلان كوكادام للمؤتمر الدستوري : مسالة القوميات ، المسألة الدينية ، الحقوق الأساسية للإنسان ، التنمية والتنمية غير المتوازنة. الخ
بعد ذلك جاءت مبادرة السلام السودانية (الميرغيي – قرنق) في 16/نوفمبر 1988م والتي تم فيها الاتفاق علي تهيئة المناخ الملائم لقيام المؤتمر الدستوري ، والذي يتلخص في الأتي: ـ

– تجميد مواد الحدود وكافة المواد ذات الصلة المضمنة في قوانين سبتمبر 1983م ، وان لا تصدر إيه قوانين تحتوي علي مثل تلك المواد وذلك إلى حين انعقاد المؤتمر الدستوري والفصل نهائياً في مسالة القوانين.

– كما اتفق الطرفان علي ضرورة عقد المؤتمر الدستوري.
ولكن انقلاب 30/يونيو/1989م الإسلاموي قطع مسار ذلك الحل ، وتم الرجوع للمربع الأول ، وتصاعدت الحرب الأهلية.

3

كان من نتائج المقاومة الداخلية وضغط المجتمع الدولي أن تم توقيع اتفاقية نيفاشا في يناير 2005م، وتوفرت فرصة تاريخية للخروج بالبلاد من نفق الدكتاتورية والشمولية المظلم، بتنفيذ استحقاقات الاتفاقية التي تتلخص في: التحول الديمقراطي، والتنمية وتحسين الاحوال المعيشية وترسيخ السلام ووحدة البلاد القائمة علي اسس طوعية وديمقراطية.
لكن نظام الانقاذ استمر في طبيعته الديكتاتورية والشمولية والتي تقوم علي القمع ونقض العهود والمواثيق مثل: عدم تنفيذ اتفاقية السلام 1997م، و جيبوتي، و القاهرة وابوجا والشرق . الخ، والتي افرغها من مضامينها وحولها لوظائف ومناصب. كما ضرب بعرض الحائط الدستور الانتقالي لسنة 2005م بعدم انجاز التحول الديمقراطي وقمع المسيرات السلمية والرقابة علي الصحف، ولم تذهب عائدات البترول للتنمية في الشمال والجنوب، وتم تتويج ذلك بتزوير الانتخابات، واعادة انتاج الحكم الشمولي والسير في طريق القمع ومصادرة الحريات وزيادة اعباء المعيشة علي الجماهير، وتضخم جهاز الدولة الذي كان يمتص اكثر من 75% من ميزانية الدولة ( 77 وزير مركزي) غير وزراء الولايات والمناصب الأخري في المجالس المركزية والولائية.
كان من نتائج تلك السياسات انفصال الجنوب واندلاع الحرب في جنوب كردفان بعد تزوير المؤتمر الوطني للانتخابات هناك، وبعد احتلال الجيش لابيي، مما ادي الي خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات ونزوح الالاف وقصف المواطنين بالطائرات وحملات التطهير العرقي التي وجدت استنكارا واسعا من الرأي العام المحلي والعالمي.

4

أخيرا ،مهم مواصلة وتوسيع التصعيد الجماهيري داخليا وخارجيا من أجل :
– وحدة البلاد، ورفض تقسيم البلاد والحكومة الموازية بالوقف الفوري للحرب ودرء آثارها ، وعدم اطالة أمدها وتحويلها لحرب عرقية ، بالدعوة للحشد لها من القبائل كما هو جاري في أطراف البلاد والتجنيد للشباب في المعسكرات من طرفي الصراع ، وانضمام بعض أقسام من الحركات المسلحة لطرفي الحرب.
– احباط مخطط طرفي الحرب لتمزيق وحدة البلاد في حالة استمرارها التي تتوسع يوميا في مدن العاصمة الخرطوم كردفان ودارفور وجنوب كردفان النيل الأزرق ، وما يرتبط بها من جرائم حرب ونزوح وقتلي واغتصاب وجرحي، واعتقالات وانتهاكات لحرية التعبير كما حدث في الدمازين وسنجة وبقية المدن ، ونهب وسلب ، وتطهير عرقي.
– عدم تكرار تجربة انفصال الجنوب بعد انقلاب الإسلامويين في 30 يونيو 1989 ، الذي أطال أمد الحرب، وكون مليشيات الجنجويد والإسلاميين، ونتج عن ذلك قيام الحركات المسلحة، وتمددت الحرب من الجنوب الي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق، ومواصلة المعركة لوقف الحرب واسترداد الثورة وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يضمن وحدة البلاد .

alsirbabo@yahoo.co.uk  

مقالات مشابهة

  • نائب:بعض المسؤولين شركاء في عمليات الإبادة التي تعرض لها الايزيديون
  • عطاف: علينا التعامل بجدية مع التحديات التي تمنع إستقرار إفريقيا وتنميتها
  • جائحة مؤامرونا التي تجتاح السودانيين
  • سيدات الخضر يشرعن في التحضير لمواجهة جنوب السودان
  • «الشيوعي السوداني» يدعو لمناهضة محاولات إضفاء شرعية لأطراف الحرب
  • الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
  • الحكومة الموازية والتصدى لخطر تقسيم السودان
  • روسيا تستعيد 64% من الأراضي التي سيطرت عليها أوكرانيا في كورسك
  • ما هي برامج الهجرة التي أوقفها ترامب.. تعرف عليها؟
  • السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»