سلّط العديد من المحللين الفرنسيين الضوء على ما اعتبروه التحوّل الانتهازي التدريجي للمُتمرّدين الإسلامويين شمال غرب سوريا مُمثّلين في هيئة تحرير الشام من أيديولوجية الجهاد والإسلام السياسي إلى محاولة التقرّب من مختلف مُكوّنات الشعب السوري بادّعاء الاعتدال ونبذ التطرّف وإطلاق شعارات القومية.

ووفق الاستخبارات الفرنسية فإنّه لا يزال هناك أكثر من 100 إرهابي فرنسي في صفوف هيئة تحرير الشام، كما أنّ الغالبية العُظمى من المُسلّحين لا يزالون يتبنّون أيديولوجية التشدّد والتطرّف والفكر الإرهابي، لذا فمن الناحية الفكرية لا يوجد تغيير في التوجّهات الحقيقية للهيئة.

نبذ مزعوم للإرهاب!

الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي هيوز مايوت، قال إنّ هيئة تحرير الشام هي وريثة جماعة النصرة السلفية المُرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، وهي تسعى بقيادة زعيمها أبو محمد الجولاني، إلى كسب التقدير ليس فقط على الصعيد الداخلي، بل وطمأنة المُجتمع الدولي إزاء اختلافها عن تنظيم داعش الإرهابي، ونبذها المزعوم للإرهاب.

وحذّر من أنّ أنصار الجولاني باتوا اليوم يُلوّحون بعلم "الثورة السورية"، لكنّه نفس العلم الذي داسوه قبل 10 سنوات، مُعبّرين حينها عن ازدرائهم للقضية القومية في سوريا. وأشار إلى أنّهم بدؤوا في محافظة إدلب، حيث يُهيمنون على السلطة منذ عام 2016، في انتهاج سياسة علنية خادعة.

Les rebelles islamistes du Hayat Tahrir al-Sham ont pris le contrôle de la quasi-totalité d’Alep, deuxième ville de Syrie. Cette avancée fait craindre la reprise d'un conflit généralisé dans un pays ravagé par plus d’un demi-million de morts depuis 2011. pic.twitter.com/2iQwK41yWz

— Le Figaro (@Le_Figaro) December 2, 2024 لا تخلّي عن فكرة الخلافة!

من جهته يؤكد الخبير في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط فابريس بالانش، أنّ جبهة النصرة التي غيّرت اسمها إلى تحرير الشام كانت المسؤولة عن العديد من الهجمات الإرهابية في سوريا، وهي جماعة إرهابية تدعو إلى تأسيس مُجتمعات تعتمد على فكرة إقامة الخلافة في سوريا، وهي فكرة لا تزال مُتجذّرة اليوم لدى قياديي هيئة تحرير الشام الإرهابية".

وبرّر الجولاني تغيير اسم منظمته المُصنّفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وفرنسا بشكل خاص، وقطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة، بالرغبة فيما أسماه "حماية الثورة السورية"، و"إزالة الذرائع التي طرحها المُجتمع الدولي لتصنيف الجماعة على أنّها إرهابية".

ويعلم زعيم هيئة تحرير الشام أنّه بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا منذ عام 2015، أنّه بحاجة ماسّة في الواقع لدعم خارجي لن يحصل عليه في حال بقي مُرتبطاً بتنظيم القاعدة الإرهابي. وقد تمكّن في عام 2017 من توحيد غالبية الفصائل الإرهابية حوله في تنظيمه الجديد.

Les jihadistes et leurs alliés sont arrivés ce vendredi aux portes d'Alep, la deuxième ville de Syrie bombardée pour la première fois en quatre ans. Ils auraient pris le contrôle de plus de 50 localités. pic.twitter.com/nNLlvIVgCW

— Le Figaro (@Le_Figaro) November 29, 2024 إمكانات عسكرية

وعلى الرغم من أنّه أقل اعتماداً على تركيا من الفصائل الإرهابية المسلحة الأخرى المنضوية تحت مظلة ما يُسمّى "الجيش الوطني السوري"، فقد تمكن مع ذلك من الاعتماد على وجود آلاف الجنود الأتراك في محافظة إدلب على شكل نقاط عسكرية، منذ عام 2020، في إطار اتفاق بين موسكو وأنقرة.
وفي الوقت نفسه، فإنّ هيئة تحرير الشام تستثمر بشكل كبير في التطوير العسكري. وقد شكلت قواتها، التي يصل عدد أفرادها لنحو 50 ألفاً، وحدات قوات خاصة وتستخدم معُدّات حديثة مثل النظارات الحرارية والبنادق الدقيقة والطائرات بدون طيار. لكن هذا لا يعني أنهم تخلوا تماماً عن أسلوب عملهم السابق الذي يعتمد بشكل رئيس على الهجمات الانتحارية.

أيديولوجياً، لم يتغيّروا

ويرى خبراء استراتيجيون أنّ أسباب الابتعاد المؤقت عن الإرهاب العالمي للتركيز بداية على القضية الوطنية السورية، تكمن بشكل رئيس في أنّ زعيم هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني، أدرك أنّ الأيديولوجية السابقة لم تكن ناجحة، حيث فقد تنظيمه الكثير من المسلحين والقوات بسبب النتائج السيئة.
ويُحذّرون من أنّه لا يُمكن القول بأنّ هيئة تحرير الشام ليست "إرهابية" لكونها فقط أعلنت نبذ الإرهاب العالمي، إذ أنّها تبقى مجموعة مُتشددة تدعو للعنف والإرهاب، رغم التخلّص من العناصر الأكثر تطرّفاً، لذا تبقى الأيديولوجية الجهادية للهيئة وزعيمها ثابتة لم تتغير.

Syrie : comment l’ex-branche d’Al-Qaida, HTC, tente de lisser son image pour se positionner dans la conquête du pouvoir https://t.co/h2wnf0FAWr

— Le Monde (@lemondefr) December 3, 2024
تحسين الصورة للوصول إلى دمشق

ومن جهتها تؤكد صحيفة "اللو موند" أنّ الفرع السابق لتنظيم القاعدة، يُحاول تحسين صورته ليتمكن من الاستيلاء على السلطة في سوريا. فهيئة تحرير الشام، التي تُصنّف نفسها الآن على أنها حركة "ثورية"، تُريد إعطاء ضمانات لإزالتها من قوائم المنظمات الإرهابية.

????️‘ Hayat Tahrir al-Cham n’est pas là pour faire le djihad international, il est là pour prendre Damas’ Arthur Quesnay

‘Syrie : l’offensive jusqu’où?’ Avec @SimNasr #ParlonsEnFr24 @france24_fr 2/2 pic.twitter.com/B5vj23Yeza

— Pauline Paccard (@PaulinePaccard) December 3, 2024




المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا هیئة تحریر الشام فی سوریا

إقرأ أيضاً:

واشنطن متخوفة من تولي مقاتلين أجانب وجهاديين مناصب بوزارة الدفاع السورية

واشنطن – كشف مسؤول أمريكي عن وجود مخاوف لدى واشنطن بشأن شغل مقاتلين أجانب وجهاديين لمناصب بوزارة الدفاع السورية.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين وصفتهم بالمطلعين، قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن تنوي الإبقاء على التصنيف الإرهابي “للحكام الإسلاميين الجدد في سوريا” طيلة الفترة المتبقية من ولاية بايدن.

وذكرت الصحيفة أن مسألة اتخاذ قرار حاسم بشأن إزالة هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع من قوائم الإرهاب، سيترك لإدارة ترامب القادمة.

ويشكل تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية عقبة رئيسية أمام القدرة الاقتصادية السورية على الاستمرار على المدى الطويل، لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن “المتشددين الإسلاميين “الذين فاجأوا العالم أواخر العام الماضي بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، يجب أن يثبتوا أنهم قطعوا علاقتهم بالجماعات المتطرفة، وخاصة تنظيم القاعدة، قبل رفع التصنيف.

وبهذا الشأن، نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير رفض الإفصاح عن هويته، قوله: “إن الأفعال أبلغ من الأقوال”، مشيرا إلى المخاوف المستمرة لدى واشنطن بشأن “شغل مقاتلين وجهاديين أجانب في مناصب داخل وزارة الدفاع السورية”.

وتذكر الصحيفة أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب، عين “منتقدين متشددين للتطرف الإسلامي” في مناصب عليا بالبيت الأبيض، بما في ذلك سيباستيان غوركا في منصب كبير مديري مكافحة الإرهاب، ومايكل والتز في منصب مستشار الأمن القومي. ومن المتوقع أن يؤدي ترك قرار تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية لترامب، إلى تمديد الجدول الزمني للعقوبات الأمريكية القوية على سوريا بشكل كبير.

وخففت إدارة بايدن يوم الاثنين العديد من القيود الرئيسية على سوريا، مع الإبقاء على تصنيف الإرهاب، بهدف تسريع تعافي البلاد وبناء حسن النية مع الحكومة السورية المؤقتة.

وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصا عاما لمدة ستة أشهر يجيز مجموعة من المعاملات مع الحكومة السورية، ويسمح للمنظمات الإنسانية بتقديم خدمات مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء. كما يسمح بإجراء معاملات معينة مع الحكومة السورية دون خوف من العقوبات، مثل مبيعات الطاقة.

ونتيجة للقرار الأميركي، تخطط حكومات أجنبية مثل حكومة قطر لتمويل أجور القطاع العام لعدد كبير من العمال في سوريا، وفقا لما ذكره مسؤول أميركي لصحيفة “واشنطن بوست”.

المصدر: واشنطن بوست

مقالات مشابهة

  • آلاف العلويين يشيعون مدنيين قتلهم مسلحو تحرير الشام
  • واشنطن: هيئة تحرير الشام ما زالت على قوائم الإرهاب
  • واشنطن: هيئة تحرير الشام لا زالت على قوائم الإرهاب
  • إدارة بايدن تقرر الإبقاء على تصنيف «تحرير الشام» جماعة إرهابية.. وتحيل الملف لترامب
  • واشنطن متخوفة من تولي مقاتلين أجانب وجهاديين مناصب بوزارة الدفاع السورية
  • إطلاق نار كثيف محيط الكلية البحرية بين فصيلين من تحرير الشام
  • بايدن يبقي تصنيف "تحرير الشام" إرهابية.. ويترك القرار لترامب
  • واشنطن بوست: بايدن يبقي على تصنيف تحرير الشام منظمة إرهابية .. ويترك القرار لترامب
  • بايدن يبقي تصنيف "تحرير الشام" إرهابية.. ويترك القرار لترامب
  • المشدد 10 سنوات لـ«خلية أكتوبر الإرهابية»