سوريا.. هيئة تحرير الشام من الإرهاب العالمي إلى ادعاء "القومية"
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
سلّط العديد من المحللين الفرنسيين الضوء على ما اعتبروه التحوّل الانتهازي التدريجي للمُتمرّدين الإسلامويين شمال غرب سوريا مُمثّلين في هيئة تحرير الشام من أيديولوجية الجهاد والإسلام السياسي إلى محاولة التقرّب من مختلف مُكوّنات الشعب السوري بادّعاء الاعتدال ونبذ التطرّف وإطلاق شعارات القومية.
ووفق الاستخبارات الفرنسية فإنّه لا يزال هناك أكثر من 100 إرهابي فرنسي في صفوف هيئة تحرير الشام، كما أنّ الغالبية العُظمى من المُسلّحين لا يزالون يتبنّون أيديولوجية التشدّد والتطرّف والفكر الإرهابي، لذا فمن الناحية الفكرية لا يوجد تغيير في التوجّهات الحقيقية للهيئة.
الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي هيوز مايوت، قال إنّ هيئة تحرير الشام هي وريثة جماعة النصرة السلفية المُرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، وهي تسعى بقيادة زعيمها أبو محمد الجولاني، إلى كسب التقدير ليس فقط على الصعيد الداخلي، بل وطمأنة المُجتمع الدولي إزاء اختلافها عن تنظيم داعش الإرهابي، ونبذها المزعوم للإرهاب.
وحذّر من أنّ أنصار الجولاني باتوا اليوم يُلوّحون بعلم "الثورة السورية"، لكنّه نفس العلم الذي داسوه قبل 10 سنوات، مُعبّرين حينها عن ازدرائهم للقضية القومية في سوريا. وأشار إلى أنّهم بدؤوا في محافظة إدلب، حيث يُهيمنون على السلطة منذ عام 2016، في انتهاج سياسة علنية خادعة.
Les rebelles islamistes du Hayat Tahrir al-Sham ont pris le contrôle de la quasi-totalité d’Alep, deuxième ville de Syrie. Cette avancée fait craindre la reprise d'un conflit généralisé dans un pays ravagé par plus d’un demi-million de morts depuis 2011. pic.twitter.com/2iQwK41yWz
— Le Figaro (@Le_Figaro) December 2, 2024 لا تخلّي عن فكرة الخلافة!من جهته يؤكد الخبير في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط فابريس بالانش، أنّ جبهة النصرة التي غيّرت اسمها إلى تحرير الشام كانت المسؤولة عن العديد من الهجمات الإرهابية في سوريا، وهي جماعة إرهابية تدعو إلى تأسيس مُجتمعات تعتمد على فكرة إقامة الخلافة في سوريا، وهي فكرة لا تزال مُتجذّرة اليوم لدى قياديي هيئة تحرير الشام الإرهابية".
وبرّر الجولاني تغيير اسم منظمته المُصنّفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وفرنسا بشكل خاص، وقطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة، بالرغبة فيما أسماه "حماية الثورة السورية"، و"إزالة الذرائع التي طرحها المُجتمع الدولي لتصنيف الجماعة على أنّها إرهابية".
ويعلم زعيم هيئة تحرير الشام أنّه بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا منذ عام 2015، أنّه بحاجة ماسّة في الواقع لدعم خارجي لن يحصل عليه في حال بقي مُرتبطاً بتنظيم القاعدة الإرهابي. وقد تمكّن في عام 2017 من توحيد غالبية الفصائل الإرهابية حوله في تنظيمه الجديد.
Les jihadistes et leurs alliés sont arrivés ce vendredi aux portes d'Alep, la deuxième ville de Syrie bombardée pour la première fois en quatre ans. Ils auraient pris le contrôle de plus de 50 localités. pic.twitter.com/nNLlvIVgCW
— Le Figaro (@Le_Figaro) November 29, 2024 إمكانات عسكريةوعلى الرغم من أنّه أقل اعتماداً على تركيا من الفصائل الإرهابية المسلحة الأخرى المنضوية تحت مظلة ما يُسمّى "الجيش الوطني السوري"، فقد تمكن مع ذلك من الاعتماد على وجود آلاف الجنود الأتراك في محافظة إدلب على شكل نقاط عسكرية، منذ عام 2020، في إطار اتفاق بين موسكو وأنقرة.
وفي الوقت نفسه، فإنّ هيئة تحرير الشام تستثمر بشكل كبير في التطوير العسكري. وقد شكلت قواتها، التي يصل عدد أفرادها لنحو 50 ألفاً، وحدات قوات خاصة وتستخدم معُدّات حديثة مثل النظارات الحرارية والبنادق الدقيقة والطائرات بدون طيار. لكن هذا لا يعني أنهم تخلوا تماماً عن أسلوب عملهم السابق الذي يعتمد بشكل رئيس على الهجمات الانتحارية.
ويرى خبراء استراتيجيون أنّ أسباب الابتعاد المؤقت عن الإرهاب العالمي للتركيز بداية على القضية الوطنية السورية، تكمن بشكل رئيس في أنّ زعيم هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني، أدرك أنّ الأيديولوجية السابقة لم تكن ناجحة، حيث فقد تنظيمه الكثير من المسلحين والقوات بسبب النتائج السيئة.
ويُحذّرون من أنّه لا يُمكن القول بأنّ هيئة تحرير الشام ليست "إرهابية" لكونها فقط أعلنت نبذ الإرهاب العالمي، إذ أنّها تبقى مجموعة مُتشددة تدعو للعنف والإرهاب، رغم التخلّص من العناصر الأكثر تطرّفاً، لذا تبقى الأيديولوجية الجهادية للهيئة وزعيمها ثابتة لم تتغير.
Syrie : comment l’ex-branche d’Al-Qaida, HTC, tente de lisser son image pour se positionner dans la conquête du pouvoir https://t.co/h2wnf0FAWr
— Le Monde (@lemondefr) December 3, 2024تحسين الصورة للوصول إلى دمشق
ومن جهتها تؤكد صحيفة "اللو موند" أنّ الفرع السابق لتنظيم القاعدة، يُحاول تحسين صورته ليتمكن من الاستيلاء على السلطة في سوريا. فهيئة تحرير الشام، التي تُصنّف نفسها الآن على أنها حركة "ثورية"، تُريد إعطاء ضمانات لإزالتها من قوائم المنظمات الإرهابية.
????️‘ Hayat Tahrir al-Cham n’est pas là pour faire le djihad international, il est là pour prendre Damas’ Arthur Quesnay
‘Syrie : l’offensive jusqu’où?’ Avec @SimNasr #ParlonsEnFr24 @france24_fr 2/2 pic.twitter.com/B5vj23Yeza
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا هیئة تحریر الشام فی سوریا
إقرأ أيضاً:
إدارة بايدن تدرس رفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب.. هذا ما تنتظره
نقلت شبكة "إن بي سي" عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدرس رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب، مضيفين أن المناقشات في مراحلها الأولى وإدارة بايدن تتطلع إلى رفعها قريبا.
من جانبه ذكر بيان للبيت الأبيض أن واشنطن تتواصل مع جميع المجموعات السورية بطرق تشمل وسطاء من أجل دعم العملية الانتقالية.
وقال البيان، "نرى أن هيئة تحرير الشام تقول الأشياء الصحيحة الآن وسنرى ما إذا كانت أفعالها تتطابق مع أقوالها"مشيرا إلى أن مستشار الأمن القومي سوليفان، سيجري محادثات خلال زيارته للمنطقة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والوضع في سوريا.
بدورها قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن هيئة تحرير الشام تستخدم الكلمات الصحيحة، لكن سنحكم عليها من أفعالها.
وذكرت أن الوزير انتوني بلينكن يواصل اتصالاته مع نظرائه في المنطقة لمناقشة انتقال السلطة في سوريا، مبينة أن العملية الانتقالية يجب أن يقودها السوريون أنفسهم دون تأثير من الخارج.
وتابعت، أنها ستناقش "مع الإسرائيليين عملياتهم في سوريا ولا نريد أي معوقات للعملية الانتقالية هناك"، مبينة "لا نعتقد أن نقصا في الأسلحة والذخائر هو المشكلة التي تواجه السوريين الآن".
وأشارت إلى أن من يتحكمون بسوريا الآن مسؤولون عن تأمين أي أسلحة كيميائية بقيت وتسهيل الإشراف الدولي عليها.
وأوضحت الوزارة أن واشنطن لا تخطط الآن لفتح سفارتها في دمشق وأوضحت للقيادة الجديدة أن هناك خطوات مطلوبة لذلك.
والاثنين، ذكر غير بيدرسون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا، أنه اتفق مع أطراف فاعلة على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية تحترم جميع الأقليات في البلاد.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن بيدرسون قوله: "اتفقت مع المسؤولين الروس والإيرانيين والأتراك خلال اجتماع في الدوحة على محاولة العمل مع القادة الجدد في سوريا لإنشاء حكومة انتقالية تحترم جميع الأقليات.
وعبر بيدرسون عن أمله في أن تتمكن الجماعات المسلحة من الاتفاق على إنشاء دولة سورية موحدة، "ولا تحاول الاحتفاظ بالسيطرة على أراضيها المختلفة".
وخاطب المعارضة المسلحة: "لا يمكن حكم سوريا مثل إدلب. لا يمكن لأي جماعة مسلحة أو مجتمع احتكار السلطة. نحن بحاجة إلى انتقال شامل يضم جميع المجتمعات".
وبدأ السوريون منذ صباح الأحد عهدا جديدا بدون نظام بشار الأسد، والذي فرّ إلى روسيا، مخلفا وراه حقبة سيئة الصيت، وسجونا مليئة بعشرات الآلاف من المعتقلين.
وأعلن قائد العمليات العسكرية في "ردع العدوان" أحمد الشرع "أبو محمد الجولاني"، عن حكومة انتقالية جديدة يرأسها محمد البشير.
فيما توعد الجولاني ببدء مرحلة محاسبة أركان نظام الأسد، ونشر أسماء القيادات والأشخاص المتورطين في تعذيب المعتقلين.