حسان الحسن

في ضوء الحرب الصهيونية على محور المقاومة، خاصة على لبنان، وقبلها الاعتداءات “الإسرائيلية” شبه اليومية على سورية، والتي اشتدت وتيرتها خلال الحرب الأخيرة على “بلد الأرز”، بهدف محاولة إضعاف المقاومة في لبنان، من خلال ضرب خطوط إمدادها عبر الأراضي السورية، وذلك وفقًا للحسابات الصهيونية، في هذا التوقيت بالذات، وجد النظام التركي الفرصة سانحةً لإعادة “الاستثمار السياسي بالمجموعات التكفيرية الإرهابية المسلحة” المنتشرة في الشمال السوري، من خلال دفع الإرهابيين في اتجاه مدينة حلب وأرياف محافظتي إدلب وحماه، على اعتبار أن روسيا منشغلة في الحرب مع أوكرانيا، وأن المقاومة تولي الشأن اللبناني والدفاع عن لبنان، أولى أولوياتها، في محاولةٍ تركيةٍ لفرض واقعٍ ميدانيٍ جديدٍ في سورية، يعزز موقع أنقرة وأوراقها التفاوضية في سورية والمنطقة، قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، البيت الأبيض، في بداية العام المقبل، كي يكون النظام التركي حاضرًا بقوةٍ في أي تسويةٍ مقبلةٍ قد تنهي مسلسل المأساة الذي تعاني منه المنطقة، وربما إعادة “تشكيلها” مجددًا.

كذلك، لا ريب أن تركيا ستستخدم التمدد الإرهابي التكفيري المستجد في الشمال السوري، للضغط على دمشق، لإعادة تطبيع علاقاتها الثنائية مع أنقرة، وفقًا لشروط الأخيرة، وقبل إنهاء احتلالها لأجزاء من الأراضي السورية، والكف عن دعم المجموعات الإرهابية المسلحة التي تقوّض الاستقرار السوري، الأمر الذي ترفضه الحكومة السورية رفضًا قاطعًا.

ولا ريب أيضًا، أن تمدد التكفيريين المذكور، يشكّل نقطة تقاطعٍ بين النظام التركي والكيان الصهيوني، فكلاهما يحاولان عرقلة “المشروع السياسي المقاوم” في المنطقة، تحت مسمى “نشر الاعتدال”، وذلك من خلال إضعاف الدور السوري في دعم حركات المقاومة في المنطقة، تحديدًا من خلال ضرب خطوط إمداد المقاومة الإسلامية في لبنان، عبر الأراضي السورية، وهذا الأمر عبّر عنه بوضوحٍ رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إثر موافقة حكومتة على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان أواخر الشهر الفائت.

وتتقاطع هنا أيضًا مصلحة الولايات المتحدة التي تقتضي بضرب كل الحركات والتيارات المعادية “لإسرائيل”، والممانعة لهيمنة واشنطن على قرار شعوب هذه المنطقة ومصيرها. بناء على كل ما تقدم، خرجت المجموعات الإرهابية المسلحة التي تأتمر بأمر النظام التركي من جحورها، وتقدمت نحو حلب وأرياف حماه وإدلب. ولم يتنصل هذا النظام منها، وأعطى لنفسه الذريعة

بتحريك هؤلاء الإرهابيين، بعد اتهامه سورية، روسيا، وإيران أنها لم تلتزم بمقرارات “اتفاق آستانا”، لذا كان تركيز الناطق باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشيلي، على العامل الكردي، إذ قال إن بلاده: “تتابع عن كثب التطوّرات التي تدفع إلى توتّرات، يمكن أن يستفيد منها الإرهابيون (الأكراد) الموجودون في منطقتَي منبج وتل رفعت”.

وأضاف أن “اتفاقات آستانا تنصّ على تنظيف المنطقة من الإرهابيين أي (التنظيمات الكردية)، وهو ما لم تطبّقه الجهات الراعية لآستانا، الأمر الذي يضاعف قلقنا”. وكان وزير الخارجية التركية حاقان فيدان قد اعتبر أن “تمدد الإرهابيين في الشمال السوري سينهي الإرهاب في الداخل والخارج”، في إشارةٍ قويةٍ إلى سعي أنقرة للانتهاء من مسألة وجود “قوات سورية الديمقراطية” في شرق الفرات ومناطق تل رفعت ومنبج.

ميدانياً، تنفي مصادر سياسية سورية علمها بالأسباب المباشرة التي أدت إلى سيطرة المجموعات التكفيرية على مدينة حلب. ولكنها تعتبر أن “الانفتاح العربي على دمشق، ومشاركتها في لقاءات آستانا، دفعها إلى تخفيف بعض الإجراءات الحربية، كتسريح عددٍ كبيرٍ من الجنود الاحتياطيين، وبالتالي تراجع عديد القوات المسلحة المنتشرة على الأرض، لذا فقد استغل رعاة الإرهاب هذا الظرف، ودفعوا عدد كبير من الإرهابيين إلى حلب عبر مناطق خفض التصعيد التي تقتصر على نقاطٍ أمنيةٍ مخصصة لمراقبة تنفيذ اتفاق “خفض التصعيد على الأراضي السورية 2017″، برعاية كل من روسيا وإيران وتركيا”. وترى المصادر عينها أن “تخفيف الإجراءات الحربية، قد يكون السبب الذي دفع قوات الجيش والأمن إلى الانسحاب من حلب أيضًا”.

يذكر أن مطار حلب الدولي، والقواعد الجوية في محافظة حلب هي خارجة عن الخدمة في الوقت الراهن.

في الشأن الميداني أيضاً، تؤكد مصادر ميدانية أن الهجوم السوري- الروسي الجوي المعاكس على تجمعات المسلحين وأوكارهم، بدأ فعليًا ليل السبت الفائت. وركزت القوات البرية على تطهير محافظة حماه من الإرهاب”، لافتة إلى أن انسحاب المسلحين من الريف الحموي في اتجاه محافظتي حلب وإدلب، دليل واضح على أن ليس لديهم العديد الكافي للانتشار في الشمال السوري والوسط أي (محافظة حماه).

في النتائج، يبدو أن هناك مصلحةً مشتركةً لغالبية القوى المؤثرة في سورية، مما حدث مؤخراً من تطوراتٍ ميدانيةٍ في الشمال، لعلها تدفع إلى تغيير المشهد الراهن في سورية، من خلال إعادة تحريك المسار السياسي فيها، خصوصًا إذا إتجهت الإدارة الأميركية المقبلة نحو تطبيق خطة سلام في الشرق الأوسط، لذا صار لزامًا عليها التخلص من الإرهابيين. كذلك قد تعيد سورية وروسيا وضع ملف الوجود التكفيري المسلح في إدلب، على طاولة البحث، بعد التمدد التكفيري المذكور آنفًا.

كذلك قد تستغل “إسرائيل” ومن خلفها الولايات المتحدة التطورات الأخيرة في سورية، كي تمارسا الضغط على دمشق، لقطع خطوط إمداد المقاومة في لبنان. ومن النتائج أيضًا، الالتفاف العربي حول سورية، وإن يكن بالموقف، خلافًا لما كان عليه الوضع في العام 2011.

 

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی الشمال السوری الأراضی السوریة النظام الترکی فی سوریة من خلال

إقرأ أيضاً:

اليوم الثاني من الفعالية الثقافية صور من التراث السوري التي تنظمها وزارة الثقافة على مسرح دار الأوبرا بدمشق

الفعالية الثقافية صور من التراث السوري 2025-04-28malekسابق وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني يلتقي السيدة إيزومي ناكاميتسو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لنزع السلاح في نيويورك.آخر الأخبار 2025-04-28الوزير الشيباني يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك 2025-04-28وزير الخارجية يجتمع مع مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة ويؤكد أهمية دعم المجتمع الدولي لجهود الحكومة السورية في تعزيز استقرار البلاد 2025-04-28وزير الخارجية يلتقي المندوب الدائم للصين في الأمم المتحدة ويؤكد على موقف سوريا الثابت في تعزيز العلاقات مع الصين 2025-04-28وزير التعليم العالي يبحث مع رجال أعمال ‏آفاق التعاون الاستثماري في ‏المجال العلمي 2025-04-28حالة الطقس: الحرارة إلى انخفاض وفرصة لهطولات مطرية على بعض ‏المناطق  ‏ 2025-04-28وزير الطاقة يبحث مع السفير السعودي التعاون المشترك في مجالات الطاقة ‏والكهرباء ‏ 2025-04-28الكرامة يعين أبو طوق مدرباً لرجال كرة السلة 2025-04-28وزير الطاقة يبحث مع السفير التركي بدمشق التعاون المشترك في مجالات ‏الطاقة والكهرباء 2025-04-28وزير التعليم العالي يناقش مع رئيسة هيئة البورد الأمريكي تطوير التعليم ‏العالي ورفع جودة مخرجاته ‏ 2025-04-28الوزير الشيباني يلتقي رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة

صور من سورية منوعات صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17 أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • بحجة حماية الدروز.. إسرائيل تتأهب لضرب أهداف سورية
  • عاجل. أردوغان: تركيا لن تسمح بأي كيانٍ آخر غير سوريا موحدة
  • تركيا تعلن أسماء الشركات التي ستقدّم خصومات للشباب المقبلين على الزواج! القائمة تضم 20 علامة تجارية
  • تركيا وإيطاليا تؤكدان وحدة أراضي سوريا وسيادتها
  • باحث إسرائيلي: تصاعد نفوذ تركيا في سوريا أمر غير سار لنا
  • وزير الطوارئ والكوارث يناقش مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه الشعب السوري
  • ‏وزير الخارجية السوري: العقوبات على سوريا تضعف قدرة البلاد على منع النزاعات
  • اليوم الثاني من الفعالية الثقافية صور من التراث السوري التي تنظمها وزارة الثقافة على مسرح دار الأوبرا بدمشق
  • طلاب يحتجون على عدم إجراء الامتحانات الحكومية في شمال شرق سوريا (صور)
  • الشرع يحذر من دعوات “قسد” التي تهدد وحدة البلاد وسلامة التراب السوري