هل يعود التصعيد العسكري في اليمن مع عودة ترامب؟
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
رافقت عودة الرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى البيت الابيض الكثير من التنبؤات حول السياسة التي سيتبعها في الشرق الاوسط، المنطقة التي تشهد صراعات متتالية وقد تجر المنطقة في أي لحظة إلى حرب اقليمية كبرى، لن تكون فيها القوات الاميركية في مأمن. في حين، ان اختيار ترامب لبعض مستشاريه “المتشددين” وتصريحاته المثيرة للجدل تكشف عن بدء عهد جديد من “الصفقات” التي يهواها الرجل.
لم تفلح ادارة الرئيس جو بايدن في التوصل إلى اتفاق وقف الحرب على اليمن، على الرغم من مساعيها “المحدودة” في ذلك، كما لم تستطع بعد استعانتها “بتحالف دولي” من أن تؤمن الممرات المائية أمام السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال، أو تمنع المسيرات والصواريخ اليمنية من أن تصل إلى يافا وايلات. كل ذلك، ونتيجة لرغبة ترامب في حصد صورة “الانجاز الكبير” الذي لم يفلح بايدن في كسبه، قد يتجه نحو اتباع سياسات أكثر تشدد.
دعم ترامب الحرب التي تقودها السعودية على اليمن خلال إدارته واستخدم حق النقض ضد جهد من الحزبين لسحب الدعم الأميركي للرياض. وبينما كان يغادر منصبه في يناير/كانون الثاني 2021، ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث صنف الحوثيين كمنظمة إرهابية. كان الهدف من هذه الخطوة هو قطع الإغاثة الإنسانية الدولية عن اليمنيين. وتحت ضغط من المنظمات الإنسانية، التي حذرت من أن ذلك قد يجعل الوضع المتردي في اليمن أسوأ، رفعت إدارة بايدن التصنيف. في الوقت نفسه، انتقد ترامب الادارة الحالية لشنها ضربات عسكرية ضد صنعاء، متهماً بايدن بأنه كان “يلقي قنابل في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
هذا النهج المزدوج لترامب يعني من ناحية، أنه كان يريد ان ينتقد كل ما يقوم به بايدن، ومن ناحية أخرى أن يوظف إدارته لتحقيق مكاسب طويلة الامد، كتعزيز موقف حلفائه في الخليج وعلى رأسهم السعودية والامارات بالنسبة للملف اليمني. في حين أن ذلك سيكون دونه تحديات عديدة أولها المصالحة مع إيران، والتي تضطر هؤلاء لعدم الانخراط بانحيازات فاضحة دون مراعاة المصالح المشتركة.
من المتوقع أن يتخذ ترامب عدداً من الاجراءات، يستبعد فيها خبراء مطلعون فرضية التدخل العسكري الأميركي الواسع في اليمن، أو دعم تجدد الحرب كتلك التي كانت في السنوات الاخيرة. وتفترض مجلة نيوزويك الأميركية أن تلجأ إدارة ترامب إلى تغيير التكتيك هذه المرة، وتستبدل التصنيف كجماعة ارهابية، بتصنيف “القراصنة”، بما يفرض هذا التعديل من تداعيات وتبعات قانونية على صعيد المجتمع الدولي. وتقول المجلة أنه “الطريقة الصحيحة للتفكير في الحوثيين هذه الأيام ليست كإرهابيين، بل كقراصنة. هذه تمييز ذو دلالة، لأن القرصنة هي جريمة ذات ولاية عالمية بموجب القانون الدولي، نظرًا لآثارها الضارة على التجارة العالمية. وبهذا، فإن جميع أعضاء المجتمع الدولي لديهم واجب لمواجهة حالات القرصنة عندما تحدث. على أقل تقدير، سيساهم هذا التغيير التعريفي في خلق قاعدة لتشكيل ائتلاف دولي أوسع ضد الحوثيين، وتمكين الدول الإقليمية المتضررة من اتخاذ إجراءات ضدهم بشكل مستقل”.
لكن هذا الامر نفسه يفتح باب النقاش مجدداً حول النتائج المتوقعة، اذ ان الحصار المطبق لأكثر من 8 سنوات -والمستمر بغالبيته الى اليوم- لم يمنع صنعاء من بناء قدراتها، كما أن الدول التي خضعت للعقوبات الاميركية لم تتأخر عن مواكبة الدول الاقليمية الكبرى ويمكن اعتبار ايران نموذجاً أيضاً.
من ناحية أخرى، يعطي اختيار ترامب لبعض الشخصيات المتشددة في إدارته على غرار وزير الخارجية، ماركو روبيو، يعطي طابعاً جدليّاً لشكل المرحلة المقبلة. ويرى مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية أن “المشكلة في تفسير نهج إدارة ترامب الثانية هي أن الرئيس القادم أصبح أكثر تقلباً ولا يمكن التنبؤ به”. ويضيف “إن تأييد ضم إسرائيل للأراضي المحتلة والصراع المباشر مع إيران أمر معقول مثل اتخاذ تدابير لضمان عدم جر إسرائيل واشنطن إلى حرب جديدة تجعل العراق يبدو وكأنه لعبة أطفال. ولكن مرة أخرى من الأفضل أن نركز على الاستمرارية حتى عندما تأتي تحت ستار التغيير. إن وضع مصالح أمريكا أولا، وغالبا على حساب المنطقة وشعوبها، ليس ابتكارا سياسيا قدمه دونالد ترامب”.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الرئيس الصيني يطالب أوروبا بمواجهة التصعيد التجاري الأمريكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وجّه الرئيس الصيني شي جين بينغ دعوة صريحة إلى الاتحاد الأوروبي للوقوف إلى جانب بكين في الدفاع عن النظام الاقتصادي العالمي القائم على التعددية، والتصدي لما وصفه بـ"التنمر الأحادي"، في إشارة واضحة إلى السياسات التجارية الأحادية التي تنتهجها واشنطن بقيادة الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب.
يأتي ذلك في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
الصين تدعو إلى شراكة استراتيجية أوروبية
خلال لقائه برئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، شدد شي على أن الصين والاتحاد الأوروبي يمثلان "ركيزتين أساسيتين" لدعم العولمة الاقتصادية والتجارة الحرة.
وأعرب عن استعداد بلاده لتعميق التعاون مع إسبانيا، وتوسيع مجالات الشراكة لتشمل الطاقة الجديدة، والتكنولوجيا المتقدمة، والمدن الذكية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقلال الاقتصادي الأوروبي، وبناء تكتل مضاد للضغوط الأمريكية.
الرئيس الصيني لم يخفِ قلقه من التصعيد الأمريكي، لكنه في المقابل أكد ثبات الصين وثقتها في قدرتها على الدفاع عن مصالحها، مشيراً إلى أن دور بلاده يتجاوز حماية حقوقها السيادية، ليشمل الدفاع عن العدالة الدولية والنظام القائم على القواعد، في إشارة واضحة إلى محاولات واشنطن تقويض المؤسسات الدولية كمنظمة التجارة العالمية.
إسبانيا تبحث عن التوازن
من جانبه، تبنّى رئيس الوزراء الإسباني موقفاً دبلوماسياً أكثر توازناً، مشدداً على أهمية الحوار والتفاوض لحل الخلافات، ومؤكداً التزام بلاده بدعم علاقات "قوية ومتوازنة" بين الاتحاد الأوروبي والصين. كما أبدى رفضه الصريح للحرب التجارية، معتبراً أن "لا رابح فيها"، في موقف يعكس توجهاً أوروبياً متنامياً يرفض الانجرار خلف الاستراتيجية الأميركية التصعيدية.
سانشيز، الذي وقع خلال الزيارة 4 اتفاقات تعاون مع بكين في مجالات متنوعة، من بينها التعليم والعلوم والصناعات الثقافية والدوائية، بدا مصمماً على استغلال زيارته لتوطيد الروابط السياسية والاقتصادية مع الصين، بما يعزز من مكانة بلاده كجسر بين بكين وبروكسل.
تصاعد الضغط الأمريكي
في المقابل، كانت إدارة ترامب مستمرة في تصعيدها الاقتصادي ضد بكين، حيث أعلن البيت الأبيض عن رفع الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية إلى ما يقارب 145%، في إجراء يهدف إلى كبح النمو الصناعي والتكنولوجي الصيني. كما لوّح ترامب بإعادة فرض الرسوم المجمدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال مهلة 90 يوماً، مؤكداً أنه لا نية لإعفاءات جديدة في الوقت الحالي.
ورغم اللهجة المتشددة، أبدى ترامب رغبة في التوصل إلى اتفاق "يحقق مصالح البلدين"، مما يكشف عن مأزق داخلي تعيشه الإدارة الأمريكية بين رغبتها في احتواء الصين وضرورة الحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل التراجع الذي شهدته الأسواق الأمريكية نتيجة هذه التوترات.