تستعدُّ دار الإفتاء المصرية، تحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، لعَقد أُولى ندواتها الدولية يومَي 15 و16 ديسمبر الجاري في القاهرة، بمناسبة اليوم العالمي للفتوى الذي يُحتفى به في الخامس عشر من ديسمبر من كل عام.

مفتي الجمهورية: نسعى لوضع قانون يجرِّم الفتوى من غير المختصين المفتي: القيمة الحقيقية للإنسان تُقاس بما يبذله في دنياه من خيرٍ وعمل



تُقام الندوة تحت عنوان: "دَور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري"، بمشاركة علماء ومُفتين ووزراء الشؤون الإسلامية من مختلف دول العالم، ونخبة من أساتذة وعلماء الأزهر الشريف، وتهدُف إلى تسليط الضوء على الأهمية المحورية للفتوى في إرساء دعائم الأمن الفكري والمجتمعي، ومواجهة التحديات الفكرية المعاصرة، بما يُسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.



وأكَّد الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن هذه الندوة تأتي ضمن الجهود المستمرة لتعزيز الأمن الفكري، الذي يُعد أساس استقرار المجتمعات، مشددًا على أن الفتوى ليست فقط مجرد بيانٍ لحكم شرعي، بل هي أداة استراتيجية لتوجيه السلوك الإنساني وحمايته من الانحراف الفكري والتطرف.

وقال: "تعزيز الأمن الفكري مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الدينية والمجتمعية، ويتطلب تعاونًا وتكاملًا بين مختلف الأطراف لتحقيق الأهداف المرجوَّة مضيفًا أننا نعمل على تقديم خطاب ديني مستنير يواجه التحديات الفكرية، ويعزِّز من دَور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري والمجتمعي".
وأشار فضيلته إلى أن الندوة ستتناول عددًا من المحاور الرئيسة، من بينها دَور الفتوى في تعزيز الانتماء الوطني، ترسيخ مبدأ المواطنة، إعلاء قيمة العقل والفكر، ودعم قيم الوسطية والاعتدال. 

كما ستناقش التحديات التي تواجه الأمن الفكري، مثل الفكر المتطرف والفتاوى العشوائية، مع تقديم حلول عملية لمواجهتها.

وتشهد الندوة عددًا من الفعاليات المهمة، منها ورشة عمل نقاشية بعنوان "التصدي للفتاوى العشوائية: نحو تفعيل دَور المؤسسات الإفتائية في مواجهة الفوضى المعاصرة"، وورشة أخرى حول منهجية الردِّ الرشيد على الأسئلة الشائكة، مع التركيز على الإلحاد كنموذج.

كما سيتم إطلاق مركز الإمام الليث بن سعد لفتاوى التعايش، الذي يهدُف إلى تعزيز قِيَم التعايش السلمي بين مختلف الثقافات والأديان، إلى جانب عرض فيلم تسجيلي يوثق جهود المؤسسات الإفتائية بمناسبة اليوم العالمي للفتوى.

وأضاف المفتي: "نتطلع لأن تكون هذه الندوة الأُولى نقطةَ انطلاقٍ نحو مزيد من التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق الأهداف المشتركة، بما يعزز من دَور المؤسسات الدينية في مواجهة التحديات الفكرية ويدعم الدول الوطنية ضد مخططات الفوضى وحروب الجيلين الرابع والخامس".

تأتي هذه الندوة تأكيدًا لدَور مصر الريادي في تعزيز الحوار الفكري والديني على المستوى الإقليمي والدولي، وترسيخ مكانتها كمركز فكري وحضاري يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الإفتاء الأمن الفکری فی تحقیق

إقرأ أيضاً:

دور الحوكمة في تعزيز الشفافية والكفاءة بالمؤسسات

 

 

 

خالد بن حمد الرواحي

في ورقة بحثية نشرت لنا في شهر ديسمبر 2024، بعنوان "دور الحوكمة في تعزيز الشفافية والكفاءة في المؤسسات" في مجلة "أتلانتس" المغربية العلمية المُحكمة، سعينا إلى تسليط الضوء على أهمية الحوكمة في تعزيز الشفافية والمساءلة ورفع الكفاءة في المؤسسات.

وورد في الورقة البحثية أن الحوكمة تُعتبر إحدى الركائز الأساسية لتعزيز الشفافية والكفاءة في المؤسسات، حيث تسهم في تنظيم العلاقات بين الأطراف المختلفة وضمان استخدام الموارد بأعلى قدر من الفعالية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية. يبرز دور الحوكمة من خلال تعزيز معايير المساءلة وتحقيق النزاهة والحد من الفساد الإداري، وهو ما يجعلها عنصرًا حاسمًا في نجاح المؤسسات على المستويات المحلية والدولية. وتُعرّف الحوكمة بأنها مجموعة من القواعد والمعايير التي تهدف إلى توجيه وإدارة المؤسسات بطريقة تضمن تحقيق الأهداف بشفافية وعدالة. ووفقًا للدراسات، تلعب الحوكمة دورًا هامًا في تحسين الأداء المؤسسي من خلال رفع مستوى الشفافية والاعتماد على تقارير مالية دقيقة تُظهر بوضوح الوضع المالي والإداري للمؤسسة. وتشير دراسة الشلفان (2021) إلى أن الحوكمة تمثل إطارًا تنظيميًا شاملاً يُسهم في تعزيز الشفافية المالية وتقليل الفساد الإداري، حيث تمثل الشفافية والمساءلة أساسًا لتحقيق الثقة بين الأطراف المعنية داخل المؤسسة.

وقد أظهرت دراسات دولية عديدة أن الحوكمة تُسهم في تحسين الكفاءة المؤسسية. على سبيل المثال، أكدت دراسة (Armstrong et al., 2016) أن الإفصاح المالي الشفاف يُعزز من مستوى الثقة بين المستثمرين وأصحاب المصلحة، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات مستنيرة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام. كما أشارت دراسة (Nguyen & van Dijk, 2012) إلى أن الالتزام بمبادئ الحوكمة يحد من ممارسات الفساد داخل المؤسسات العامة والخاصة. وفي السياق المحلي، أظهرت دراسات أُجريت على البنوك التجارية في المملكة العربية السعودية أن تطبيق معايير الحوكمة أدى إلى تحسين جودة التقارير المالية وزيادة الشفافية، مما ساهم في تعزيز الكفاءة المؤسسية بشكل عام. (شحور وتكرورت، 2021) ويُعد الفساد الإداري من أكبر التحديات التي تواجه المؤسسات في سعيها لتحقيق الكفاءة والشفافية. وقد أثبتت الدراسات أن تطبيق معايير الحوكمة يُسهم بشكل كبير في مكافحة هذه الظاهرة. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة (Kim, 2023) أن الحوكمة تُعزز من المساءلة والشفافية في العمليات المالية والإدارية، مما يحد من إساءة استخدام السلطة ويضمن توزيعًا عادلًا للموارد.

وعلى الرغم من الفوائد الواضحة للحوكمة، إلا أنَّ هناك تحديات تواجه تطبيقها، أبرزها نقص الوعي بأهميتها، وضعف الأنظمة الرقابية، وصعوبة تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة. وتشير الدراسات إلى ضرورة توفير برامج تدريبية تُعزز من فهم العاملين لمبادئ الحوكمة وآليات تنفيذها. كما أن تبني التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُسهم في تحسين آليات الحوكمة وزيادة كفاءتها. ولتعزيز دور الحوكمة في المؤسسات، توصي الدراسات بتعزيز الشفافية والإفصاح المالي من خلال تقديم تقارير مالية دقيقة ومنتظمة تُظهر كافة التفاصيل المتعلقة بالأداء المالي. بالإضافة إلى ذلك، يجب تفعيل نظم المساءلة عبر وضع آليات رقابية صارمة لضمان التزام الإدارات بمعايير الحوكمة. كما يجب تطوير القدرات البشرية من خلال توفير برامج تدريبية لتعزيز فهم العاملين لمبادئ الحوكمة وآليات تنفيذها. ولا يمكن إغفال دور التكنولوجيا الحديثة التي تسهم الأدوات التكنولوجية مثل أنظمة إدارة البيانات والذكاء الاصطناعي في تعزيز الشفافية وتحسين الكفاءة.

وعليه فإنَّ الحوكمة تُعد وسيلة فعّالة لتحقيق الشفافية والكفاءة في المؤسسات. إنها ليست مجرد إطار تنظيمي؛ بل نهج شامل يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتقليل الفساد، وبناء الثقة بين الأطراف المعنية. ومع تصاعد التحديات الاقتصادية والإدارية في العالم، تزداد الحاجة إلى تطبيق معايير الحوكمة بفعالية لضمان تحقيق الأهداف المؤسسية بأقل تكلفة وأعلى جودة.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الشريعة الإسلامية سبقت كل الشرائع في تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة
  • شيخ الأزهر يطمئنُّ على صحة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق
  • مفتي الجمهورية يلتقي وزير الشئون الدينية والوئام بين الأديان الباكستاني ويبحثان التعاون
  • مفتي الجمهورية يؤكد تعزيزَ التعاون مع باكستان في الجوانب العلمية والعملية
  • تعاون قضائي وأمني في الخوخة: إقرار خطة عمل مشتركة لتنفيذ الأحكام وتعزيز التنسيق
  • مفتي الجمهورية يبحث مع وفد سِنغافوري التعاونَ في تأسيس كُلِّيَّة للدراسات الإسلامية ودعم الفتوى
  • مفتي الجمهورية يبحث مع وفد سِنغافوري تأسيس كلية للدراسات الإسلامية ودعم الفتوى
  • مفتي الجمهورية يبحث مع وفد سِنغافوري التعاونَ في تأسيس كلية للدراسات الإسلامية ودعم الفتوى
  • دور الحوكمة في تعزيز الشفافية والكفاءة بالمؤسسات
  • ندوة بإزكي تناقش تعزيز الأمن الفكري لحماية الهوية