ليس صعبا على المراقبين معرفة ان المعركة الرئاسية التي لم تبدأ فصولها بشكل علني بعد، ستكون معركة قاسية وشديدة التعقيد وليس كما يعتقد البعض انها تحصيل حاصل بعد الحرب وقد رسمت التسوية تفاصيلها بالكامل. ومن الواضح ان اتفاق وقف اطلاق النار لم يشمل ابدا التفاصيل السياسية الداخلية.

قرر رئيس مجلس النواب نبيه بري وكذلك "حزب الله" عدم تعطيل النصاب في اي جلسة جديدة لمجلس النواب لكن هذا الانفتاح لم يشمل التنازل عن اسم الرئيس هناك جهد كبير يُبذل لزيادة حجم الكتلة الداعمة لرئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، علما ان تحصيل نحو ١٥ نائبا اضافيا ليس امرا سهلا بل قد يكون شبه مستحيل وفق  التوازنات الحالية.



في المقابل، يبدو ان المعارضة مقتنعة بشكل كبير بأن التسوية الرئاسية حتمية، لا لانها مفروضة من الخارج بل لان التوازنات النيابية تمنع اي طرف من فرض مرشحه، بالرغم من ذلك بات التوجه العام للمعارضة قائما على فرض معركة حقيقية تؤدي الى تحسين الظروف السياسية.

تعتقد مصادر مطلعة ان "الطبخة" الرئاسية تحصل بعيدا عن الاضواء، اذ ان اطرافا كثيرة تعمل على تنظيم الحملة الانتخابية لبعض الشخصيات التي قد تعد وسطية، ولعل هذه الشخصيات هي افضل الممكن للاطراف كافة لا بل قد تقع تحت عنوان مرشحي الضرورة، وعليه فإن الكباش سيكون كبيرا جدا وسيشمل معظم الاطراف السياسية، بعضها من اجل ايصال مرشحه والبعض الآخر للحفاظ على وجوده.

الواضح ان السقوف السياسية لبعض الاطراف باتت عالية جدا ما يؤكد ان التسوية الرئاسية لن تكون جامعة بل بمن حضر، بمعنى ان تأمين الحد الادنى من التوافق بين الاطراف المتباعدة سيؤدي الى انتخاب رئيس من دون مراعاة هذا الفريق او هذه الكتلة النيابية، لذلك ستكون الانتخابات الرئاسية هذه المرة مختلفة عن سابقاتها لكن الاكيد انها ستكون مقدمة لتبدلات سياسية حقيقية.

المشكلة الاساسية اليوم هي كيفية الانتقال الى نوع من انتظام العمل المؤسساتي، وهل يمكن اعتبار انتخاب الرئيس امرا كافيا للوصول الى هذا الامر؟ الخضة السياسية والامنية التي مرت على لبنان تفتح الباب امام تحولات كبرى لن يستطيع استحقاق دستوري منعها، لذا فإن الاشهر المقبلة ستكون مليئة بالتطورات.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

“الموت تهديد مستمر”: اليونيسف ترسم صورة قاتمة لأطفال السودان في الذكرى الثانية للحرب

بعد عامين من الصراع في السودان، تكشف الأرقام عن واقع مرير يحاصر فيه الموت ما يقرب من 825 ألف طفل في محيط الفاشر وحدها، بينما تحذر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن "الموت تهديد مستمر" يخيّم على حياة هؤلاء الصغار، متحدثة من بورتسودان، نقلت لنا إيفا هندز، رئيسة قسم المناصرة والتواصل في يونيسف السودان صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية، لكنها في الوقت نفسه، أعربت عن أمل ضئيل بإمكانية تحسن الوضع لأطفال السودان الذين دفعوا ثمنا باهظا لحرب لم يكونوا سببا فيها.

شبح الموت يتربص بأطفال زمزم
وقالت هندز لأخبار الأمم المتحدة إن الوضع صعب للغاية في الفاشر والمناطق المحيطة بها وخاصة معسكر زمزم الذي كان قد أعلن عن تفشي المجاعة فيه، حيث قالت: "هذا مكان يمثل فيه الموت تهديدا مستمرا للأطفال، سواء كان ذلك بسبب القتال الدائر حولهم أو بسبب انهيار الخدمات التي يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة".

وتضيف مسؤولة اليونيسف أرقاما مفزعة أخرى، ففي شمال دارفور، قُتل أو أُصيب قرابة 70 طفلا في أقل من ثلاثة أشهر، بينما شهد معسكر زمزم وحده 16% من إجمالي الإصابات المؤكدة بين أطفال الفاشر نتيجة للقصف والغارات الجوية.

لكن التهديد لا يقتصر على القصف والمعارك. فبسبب إغلاق طرق الوصول واستهداف الجماعات المسلحة للقرى، أصبح توصيل المساعدات شبه مستحيل. ونتيجة لذلك، يواجه الأطفال وعائلاتهم نقصا حادا في المياه والغذاء والدواء والإمدادات الغذائية، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار.

وفي ظل انسحاب العديد من المنظمات، تقول إيفا هندز إن الشركاء المتبقين على الأرض يبذلون جهودا مضنية لمواجهة شبح المجاعة وسوء التغذية المتفشي، حيث يقدر عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنحو 457,000، منهم قرابة 146,000 يعانون من النوع الوخيم الذي يجعلهم أكثر عرضة للوفاة بـ 11 مرة.

وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة، تؤكد هندز على الجهود الحثيثة التي تبذلها اليونيسف وشركاؤها على الأرض لمحاولة معالجة سوء التغذية والوقاية منه من خلال توفير فحوصات التغذية وتوزيع المكملات الغذائية وجمع الأمهات للتحدث ومشاركة المعلومات حول ممارسات تغذية الأطفال الصغار.

بالإضافة إلى ذلك، يتم توفير الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم. ولكن سوء التغذية لا يهدد حياة الأطفال على المدى القصير فحسب، بل يترك ندوبا عميقة على مستقبلهم.

وعن ذلك تقول إيفا هندز: "إذا استمر هذا لفترة أطول وتحول إلى شيء مزمن، فإنه يؤثر على نموهم... ويمكن أن يؤثر ذلك على نموهم البدني وكذلك نموهم المعرفي".

مدارس مُدمرة.. وأحلام مُعلقة
وبعيدا عن شبح الجوع والمرض، يحرم الصراع أطفال السودان من حق أساسي آخر: التعليم. وعن ذلك تقول إيفا هندز: "تضررت مئات المدارس منذ بداية الصراع، والعديد منها لا يستخدم كمدارس في الوقت الحالي، وهذا يضع ضغطا هائلا على التعليم وعلى وصول الأطفال إلى التعلم".

واستجابة لذلك، تعمل اليونيسف على توفير الإمدادات للمدارس وتقديم المنح الدراسية وإنشاء مساحات تعليمية آمنة في الأماكن التي لم تعد فيها المباني المدرسية صالحة للاستخدام. هذه المساحات لا توفر التعليم فحسب، بل تقدم أيضا الدعم النفسي الاجتماعي للأطفال الذين عانوا من ويلات النزوح والعنف.

تقول مسؤولة اليونيسف: "إنها أيضا مكان يتلقون فيه غالبا الدعم النفسي الاجتماعي... ومكان يمكنهم فيه مقابلة الأصدقاء واللعب معهم... ومكان يمكنهم فيه أن يبدأوا في الشعور ببعض الإحساس بالعودة إلى شيء من الحياة الطبيعية".

تطعيمات مفقودة.. وأجيال مهددة بالأمراض
كما تواجه جهود التطعيم تحديات هائلة. فقد انخفضت التغطية الوطنية بالتطعيمات من أكثر من 85 بالمائة قبل الحرب إلى 50 بالمائة في بعض الأماكن، وحتى أقل من ذلك في هذه الأماكن المحاصرة بالقتال".

وقالت إيفا هندز إن اليونيسف تعمل بشكل وثيق مع وزارة الصحة والشركاء الآخرين لتنفيذ حملات التطعيم التعويضية وتوصيل اللقاحات بأمان إلى المناطق المحتاجة، حتى تلك التي يصعب الوصول إليها.

نقص التمويل يفاقم الأزمة
ولكن نقص التمويل يمثل عقبة أمام كل هذه الجهود المضنية. وعن ذلك تقول إيفا هندز: "التخفيضات المتفاقمة في التمويل لا تضع قدرتنا فحسب، بل وقدرة شركائنا أيضا على الاستجابة في خطر كبير... وسيدفع الأطفال الثمن في نهاية المطاف بأرواحهم".

وناشدت هندز المجتمع الدولي والجهات المانحة تقديم الدعم العاجل لتمكين المنظمات الإنسانية من الاستمرار في تقديم الخدمات المنقذة للحياة للأطفال السودانيين.

وأضافت: "نحتاج إلى العمل معا لسد أي فجوات تمويلية حرجة. ومن المهم جدا خلال هذه الأوقات الصعبة للغاية ألا ندير ظهورنا، وألا نتخلى عن الأطفال عندما يكونون في أمس الحاجة إلينا. وأعتقد أن السودان مثال رئيسي على سبب أهمية ذلك، وسبب حاجتنا إلى البقاء وتقديم المساعدة".

من بين ركام الحرب ينبت الأمل
حدثتنا هندز عن زيارتها الأخيرة إلى الخرطوم، حيث التقت بمجموعة من الصبيان الذين سبق وأن التقت بهم بعد تعرض مساحتهم الصديقة للأطفال للقصف في آب/أغسطس الماضي حيث قالت: "كان من الرائع أن أرى أنهم يتحسنون، وأن بعض جروحهم الجسدية قد شفيت. العديد منهم يذهبون إلى المدرسة... وقد بدأوا في التعلم، وعادوا إلى لعب كرة القدم".

وتابعت قائلة: "أعتقد أن هناك علامات إيجابية عندما ننظر إلى الأطفال، ويمكن أن يكون ذلك طفلا يذهب إلى المدرسة، ويمكن أن يكون طفلا يبدأ رحلته نحو الشفاء. يمكن أن تكون لقاحات تصل إلى أماكن يصعب الوصول إليها على الرغم من كل الصعاب. لذا، أعتقد أن كل هذا يعطي أملا".  

مقالات مشابهة

  • الكرملين: لا خطوط عريضة واضحة حتى الآن لاتفاق بشأن التسوية في أوكرانيا
  • وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني: نرافق اليوم فخامة الرئيس أحمد الشرع في الزيارة الرئاسية الأولى إلى دولة قطر التي وقفت إلى جانب السوريين منذ اليوم الأول ولم تتخلَ عنهم
  • ارتفاع أسعار النفط عند التسوية إلى 64.88 دولارًا للبرميل
  • سفير الاتحاد الأوروبي: ناقشت مع المنفي العملية السياسية التي تُيسّرها الأمم المتحدة
  • هل تعيد تركيا تشكيل التوازنات بمنطقة السرق الأوسط؟
  • مخابرات الجيش أوقفت سورياً.. إليكم ما فعله بأحد اللبنانيين
  • إيران: الجولة الثانية للمفاوضات مع أمريكا ستكون في أوروبا
  • “الموت تهديد مستمر”: اليونيسف ترسم صورة قاتمة لأطفال السودان في الذكرى الثانية للحرب
  • ترسم خطة لحماية الأمن القومي العربي.. تفاصيل 3 زيارات قام بها السيسي إلى قطر
  • في ذكرى الحرب.. رسالة من رئيس الحكومة إلى اللبنانيين